حادثة مجدل شمس.. التداعيات والمواقف
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
استحوذت حادثة “مجدل شمس” في الجولان السوري المحتل يوم السبت، اهتماماً واسعاً في الأوساط الإعلامية العالمية.
وبعد الهجوم على المدينة بساعات سارع الإعلام العبري، ومحللوه، وكل قادة الكيان إلى تحميل حزب الله اللبناني مسؤولية هذا الهجوم، وتم توجيه الاتهام له باستهداف المدنيين.
وأمام حجم التصريحات الإسرائيلية، والمعلومات المغلوطة، ورفع السقف تهديداً بالحرب، جاء بيان حزب الله، ليوضح المشهد، وينفي استهداف “مجدل شمس” كاشفاً بدوره عن نوايا العدو، وتستره على حماقته، واستغلاله الموقف للتهرب من الكارثة التي أدّت لعدد من القتلى والجرحى المدنيين من سكان هذه المنطقة.
عندها سارعت بعض وسائل الإعلام العبرية إلى الحديث عن فتح تحقيق أولي للإشارة إلى أن أنظمة الدفاع الجوي واجهت صعوبة في اعتراض الصواريخ في “مجدل شمس” بالجولان السوري المحتل، إضافة إلى إعلان المتحدث باسم الجيش الصهيوني عن فحص إمكانية أن تكون القبة الحديدية أصابت عن طريق الخطأ هذه المنطقة ما يؤكد من حدوث خطأ تقني في القبة الحديدية.
طبيعة الاستهداف ومنطقة الحادث:
في الوقت الذي لم تطلق فيه صفارات الإنذار في “مجدل شمس” كما تطلق عادة في المناطق التي تتعرض للقصف مثل “كريات شمونة” و”نهاريا”، وغيرها من المناطق المستهدفة من قبل المقاومة الإسلامية في لبنان، ولم تطلق القبة الحديدية أي صاروخ باتجاه الصاروخ الذي انفجر كما هي العادة عندما تستهدف مستوطنات الشمال.
إلا أن الناطق الإسرائيلي وصف الضحايا بأنهم اسرائيليون؛ فيما يعرف الجميع أن أهالي “مجدل شمس” يفتخرون من كونهم عرب، بل ورفضوا الجنسية الإسرائيلية، وتمسكوا بجنسيتهم السورية، ورأى مراقبون أن “إسرائيل تريد أن تستغل هذا الهجوم من أجل استرضاء “الدروز” في الجيش والشرطة”.
الرواية الصهيونية وأبرز ما ورد في التحليلات العبرية:
ركز الإعلام العبري، وكل من يتساوق معه في تغطيته للحادث على ضخ هائل للمعلومات المغلوطة، وتبني سردية تحريضية وعدوانية على لبنان، ومقاومتها بشكلٍ غير مسبوق.
وقال: “لم يعد بإمكان وزير الجيش غالانت أن يقول إن الخط الأحمر قد تم تجاوزه – لقد تم تجاوزه الليلة بشكل كبير”.
مراسل إذاعة الجيش “دورون كادوش” قال: “بعد حوالي ساعة سيجري رئيس الوزراء من واشنطن مشاورة هاتفية مع وزير الجيش وكبار المسؤولين في “كيريا” في “تل أبيب”، مضيفاً أن “الحدود الشمالية، يجب أن يكون هناك رد قوي”.
وعلقت الوزيرة الصهيونية “هيليل بيتون روزين”، أن “الصور من مجدل شمس، هذه صور لم نراها منذ 7/10.. لقد حان الوقت لتنفتح النار على كل لبنان”.
وعلق وزير الخارجية الإسرائيلي “يسرائيل كاتس” بقوله إن “حزب الله تجاوز الخطوط الحمراء”.
وفي بيان لمكتب “نتنياهو” أشار إلى أنهُ “تم إطلاع رئيس الوزراء نتنياهو على تفاصيل الحادث الذي وقع في “مجدل شمس”، ويجري الآن مشاورة أمنية مع سكرتيره العسكري، وسيجري لاحقاً تقييماً للوضع الأمني مع قادة المنظومة الأمنية”.
بدوره؛ الصهيوني “ليبرمان” قال: إن “المسؤول عن مقتل العديد من الأطفال في مجدل شمس هو نصر الله، وقد حان الوقت ليدفع الثمن”.
وأضاف: “حادث مجدل شمس، سيؤدي إلى تحول دراماتيكي في القتال مع حزب الله”.
زعيم المعارضة الصهيوني “يائير لابيد” قال: إن “حزب الله المدعوم من إيران قتل إسرائيليين أبرياء، وعلينا مسؤولية الدفاع عن مواطنينا واستعادة الأمن، إن الوضع في الشمال لا يمكن أن يستمر على هذا النحو، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تضع حداً لهذه الفوضى، وعلى العالم أن يقف إلى جانب إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.
من جهتها، رئيس لجنة الأمن القومي – عضو الكنيست “تسفيكا فوغل” قالت: “أريد أن أرى لبنان مغلقاً وحزب الله يحترق- سيدي رئيس الوزراء كفى احتواء – حكم الجليل والجولان كحكم تل أبيب – هيا للهجوم”، “حان الوقت لإبرام صفقة تبادل وتوجيه التصعيد إلى الجبهة الشمالية”.
وعلق الصهيوني “سموتريتش” بالقول: “يجب أن يدفع لبنان كلّه ثمن ما حدث في مجدل شمس”، “يجب اغتيال نصر الله رداً على هجوم مجدل شمس”.
وكان وزير الداخلية الصهيوني “موشيه أربيل” قد أكد أن الرد على قصف الجولان لا يمكن أن يكون أقل من الرد على قصف الحوثيين لتل أبيب” على حد تعبيره.
الموقف اللبناني من السردية الصهيونية:
وفي سياق تبني الرواية الإسرائيلية وتوسيع سرديتها سارعت ما يسمى بجهات التحقيق والتحليلات العسكرية، بتحميل حزب الله مسؤولية الحادث، وأشار محقق عسكري بالجيش للقناة 14 العبرية إلى أن “الصاروخ الذي سقط في مجدل شمس هو من طراز فلق1”.
في السياق؛ جاء بيان حزب الله ليكذَب هذه الادعاءات بالقول: “تنفي المقاومة الإسلامية في لبنان نفيًا قاطعًا الادعاءات التي أوردتها بعض وسائل إعلام العدو ومنصات اعلامية مختلفة عن استهداف مجدل شمس”.
وأكد أن “لا علاقة للمقاومة الاسلامية بالحادث على الإطلاق، وتنفي نفياً قاطعاً كل الادعاءات الكاذبة بهذا الخصوص”.
وضمن المواقف الرسمية اللبنانية أشار “وئام وهاب” إلى أن “مجدل شمس” البلدة التي حافظت على هويتها وعروبتها وتمسكها بسوريا تدفع اليوم ثمناً كبيراً.. تحية لأهلنا في مجدل شمس، والعزاء لأهالي الشهداء، ولنتبين بالبداية ماذا حصل؟ دمنا ليس رخيصاً ونطالب بتحقيق مستقل تشارك فيه الأمم المتحدة لكشف ملابسات مذبحة مجدل شمس”.
وأعلنت الحكومة اللبنانية، في بيان، إدانتها “كل أعمال العنف والاعتداءات ضد جميع المدنيين”، ودعوتها إلى “الوقف الفوري للأعمال العدائية على كل الجبهات”.
وشدد البيان على أن “استهداف المدنيين يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ويتعارض مع مبادئ الإنسانية”.
بدوره؛ قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق، “وليد جنبلاط”: “يجب على الجميع التنبه لـِما يعمل عليه العدو من فِتَن”، داعياً الجميع في لبنان والجولان المحتل إلى الحذر من “أيّ انزلاق أو تحريضٍ في سياق مشروع العدو التدميري”.
وأشار جنبلاط إلى أنّ الاحتلال يعمل، منذ زمن بعيد، على إشعال الفتن وتفتيت المنطقة واستهداف مكوّناتها، مضيفاً: “لقد أسقطنا المشروع الإسرائيلي في السابق”، لكنه “يُطل برأسه من جديد، ونحن له بالمرصاد إلى جانب المقاومة وكل المقاومين”.
آراء المحللين والجهات ذات الاختصاص
وعلى صعيد متصل تعددت الآراء والتحليلات حول ملابسات الحادث، منها ما لفت إليه الصحفي “فراس الشوفي” إلى أن “ما حصل في “مجدل شمس” المحتلة غير واضح بعد، والضحايا هم من سكان البلدة، وليسوا من المستوطنين ومن المؤكد أن المقاومة اللبنانية لا يمكن أن تستهدف السكان السوريين عن عمد”.
من جانبه أكد الخبير العسكري “عمر معربوني” في مداخله مباشرة على إحدى القنوات العربية بالقول: “أولا.. لا يوجد للمقاومة أهداف في مجدل شمس وإن وجدت فلا قرار باستهداف أهداف مدنية حتى اللحظة فكيف إذا كانت الأهداف ضمن أهلنا العرب السوريين”.
وتابع، “ثانياً.. إن أقرب هدف عسكري إسرائيلي يبعد عن مجدل شمس حوالي ٣ كلم، ولا مجال لرماة صواريخ المقاومة المحترفين أن يخطئوا بالرمي هذا القدر من المسافة”.
وقال: “ثالثاً.. من المرجح بنسبة عالية جداً أن يكون الانفجار حصل بسبب صاروخ اعتراضي من القبة الحديدية الإسرائيلية، أو أن العدو نفسه عمد إلى قصف المكان، وفي تاريخ هذا العدو الكثير من الممارسات المشابهة بهدف استغلال الموضوع للتصعيد”، ورابعاً.. وبمعزل عما حصل فإن العدو سيستغل ما حصل بما يعني أننا في الساعات القادمة سنكون أمام وضعية مختلفة”.
وكتب الـصـحـافـي “حـسـن عـلـيـق”، معلقاً أنه “في حرب العام ٢٠٠٦م، سقطت صواريخ من حزب الله، بالخطأ، على بلدة عربية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أدت إلى استشهاد فلسطينيين، حينذاك، لم ينفِ حزب الله مسؤوليته، بل أكّدها واعتذر عن الخطأ غير المقصود، وتحدّث السيد عن الأمر في خطاب له إبان الحرب ووجه التعازي لأهالي الشهداء”.
وتابع عليق: “أذكّر بتلك الحادثة لأقول إن الحزب يملك من الشجاعة ما يجعله يعترف بالخطأ.. وهذا مما يمنح صدقية لنفيه اليوم المسؤولية عن سقوط صاروخ في بلدة مجدل شمس السورية المحتلة”.
كما رجح المحلل العسكري اللواء “فايز الدويري” بالقول: “يرجح أن يكون صاروخ قبة حديدية سقط بالخطأ نظرًا لطبيعة ونمط سقوطه”.
الكاتب والمحلل العربي “بيير أبي صعب” بدوره علق وقال: “لم تعلن المقاومة أنها استهدفت الجولان المحتل في الساعات الماضية، ويبدو أن خللًا في القبة الحديدية التي أثبتت فشلها، من وراء سقوط أكثر من عشر ضحايا في مجدل شمس”.
بدوره؛ أكد موقع “مونيتور وار” العالمي، أنهُ “وبما أن حزب الله نفى مسؤوليته عن الهجوم على مجدل شمس، فإن الجهة المسؤولة هي إما صاروخ أطلق من سوريا، أو أن القبة الحديدية معطوبة”.
فشل الصواريخ الاعتراضية خلال طوفان الأقصى:
في الـ 12/ 2/2023م، القناة 12 العبرية قالت: “فشل في أحد صواريخ القبة الحديدية أثناء عملية الاعتراض يؤدي إلى سقوطه”.
في الـ 5/ 11/2023م، قال جيش الكيان: إن “سقوط صاروخ اعتراضي من صواريخ القبة الحديدية، في مدينة “ريشون لتسيون” قرب “تل أبيب”، ناتج عن خطأ تقني”، وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى أنه لم ينجم عن سقوط الصاروخ الاعتراضي في “ريشون لتسيون”.
وفي الـ 23/4/2024م، أكدت القناة 13 العبرية أن “أضرار واشتعال النيران بمستودع منزل في “سديروت” جراء شظايا اعتراضية”.
في الـ 25/6/2024م، أشارت القناة 12 العبرية إلى أن “5 طواقم إطفاء تعمل على إخماد حريق في منطقة مفتوحة نتيجة شظايا صواريخ اعتراضية سقطت في الساعة الأخيرة بمنطقة “ديشون”.
وفي الـ 20/7/2024م، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: إنهُ “على إثر الإنذارات من تسلل طائرات معادية تم تفعيلها في شمال البلاد، أطلقت صواريخ اعتراضية على عدد من الأهداف الجوية المشبوهة التي عبرت الأراضي اللبنانية، ورصدت عدداً من حوادث السقوط في منطقة “زعورة”, ونتيجة للسقوط، أصيب جنديان من الجيش الإسرائيلي بجروح متوسطة وطفيفة وتم نقلهما إلى المستشفى لتلقي العلاج الطبي، وتم إبلاغ عائلاتهما”.
تقييم نهائي إلى ما ستؤول إليه الأمور:
وبناءً على المعطيات السابقة يبدو أن العدو الصهيوني كما هو دأبه يحاول التستّر على أخطائه واستغلالها من أجل تبرير أي خطوة مقبلة تصعيدية تجاه لبنان و”حزب الله”، واستغلال الحادثة ونشر الصور لتحصيل التعاطف الدولي، ما يؤكد سعي العدو وإصراره على تحميل حزب الله المسؤولية.
وهو ما اعتبره مراقبون استعداداً من جانب الكيان لعمليات تصعيدية ضد لبنان، يحاول التمهيد لها والحصول على الشرعية الدولية بعد أن أخذها من الإدارة الأمريكية، وذلك من خلال استغلاله لضحايا “مجدل شمس”.
في السياق؛ أكّد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” في البرلمان اللبناني، “محمد رعد”، أنّ نهاية الكيان الإسرائيلي “ستكون في ذهابه إلى خيار شن حرب واسعة ضد لبنان”.
وقال: إنّ “أهداف العدو سقطت في غزّة نتيجة صمود شعب غزّة، وبطولة مقاوميها، والدعم والإسناد اللذين توفّرا من جهات محور المقاومة”.
بدوره، قال وزير الخارجية اللبناني، “عبد الله بو حبيب”: إنّ شن “إسرائيل” أيّ هجومٍ كبير على لبنان “سيؤدي إلى حربٍ إقليمية”، مضيفاً أنّ “الحرب ستكون مدمرة للجميع، وليس فقط للبنان كما يعتقد البعض، لذلك من الأفضل ضبط النفس”، داعياً إلى “تشكيل لجنة دولية للتحقيق في مصدر الهجوم على مجدل شمس في الجولان المحتل، ويُمكن التعاون مع اليونيفيل (قوات حفظ السلام الدولية على الحدود)”
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القبة الحدیدیة فی مجدل شمس حزب الله أن یکون فی الـ إلى أن
إقرأ أيضاً:
خط السكة الحديدية البصرة- شلامجة ، هو ارتباط استراتيجي بين السعودية والصين في قلب غرب آسيا
مشروع خط السكة الحديدية البصرة-شلامجة يُعتبر تحولًا جيوسياسيًّا واقتصاديًّا وتجاريًّا في غرب آسيا. هذا الممر لا يعمل فقط كجسر للتواصل بين إيران والعراق، بل يمكن أن يتحول إلى طريق تجاري مهم في مبادرة الحزام والطريق الصينية.
في العقود الأخيرة، شهد غرب آسيا تحولاتٍ عميقةً في مجالات الجيوسياسة والجيوإكونوميكس. واحدةٌ من أهم هذه التحولات هي ظهور الصين كلاعبٍ رئيسيٍّ في هذه المنطقة، وسعيُ دولِ غربِ آسيا لتنويع علاقاتها الدولية، خاصةً في المجال الاقتصادي. وفي هذا السياق، تلعب المملكة العربية السعودية، بصفتها واحدةً من أكبرِ اقتصادياتِ المنطقةِ وأيضًا كقوةٍ مؤثرةٍ في العالمِ الإسلامي، دورًا محوريًّا في هذه التحولات.
تسعى السعوديةُ في السنواتِ الأخيرةِ لتوسيعِ علاقاتها الاقتصاديةِ مع الصين، التي تُعتبر ثانيَ أكبرَ اقتصادٍ في العالم. هدفُ السعوديةِ من هذا التطورِ في العلاقات، بجانبِ تنويعِ أسواقِها النفطية، هو الاستفادةُ من الاستثماراتِ الكبيرةِ والدعمِ السياسيِّ من الصين. كما تسعى الصينُ للاستفادةِ من المواردِ النفطيةِ والسوقِ الكبيرةِ في السعوديةِ لتوسيعِ اتصالاتِها التجاريةِ مع هذا البلد، دونَ الهيمنةِ الأمريكيةِ وبعيدًا عن الممراتِ البحريةِ الحالية.
في الواقع، تسعى الصينُ لإنشاءِ مساراتِ سككٍ حديديةٍ وطرقاتٍ بينها وبينَ دولِ منطقةِ غربِ آسيا، وخاصةً المملكةَ العربيةَ السعودية؛ لأن المساراتِ الحاليةَ تحتَ السيطرةِ الأمريكية، وتشعرُ الحكومةُ الصينيةُ بالقلقِ من الاحتمالاتِ التي قد تؤدي إلى عدمِ أمنِ هذه المساراتِ في حالِ حدوثِ أيِّ توترٍ بين الطرفين. واحدٌ من أهمِّ الطرقِ لدخولِ الصينِ إلى غربِ آسيا، وكذلك الاتصالِ بالمملكةِ العربيةِ السعودية، هو مسارُ آسيا الوسطى - إيران - العراق - السعودية.
رسم بياني لتجارة السعودية مع الصين
لذلك، يمكنُ للعراق، من خلال موقعهِ كحلقةِ وصلٍ للصينِ إلى السعوديةِ عبرَ آسيا الوسطى وإيران، أن يتحولَ إلى لاعبٍ رئيسيٍّ. يتوقفُ تحقيقُ هذا الهدفِ على إنشاءِ اتصالاتِ سككٍ حديديةٍ وطرقٍ ملائمةٍ مع إيران، والتي يمكنُ أن يساعدَ فيها حاليًّا خطُّ السككِ الحديديةِ شلامجة-بصرة.
في هذه التحولات، يُعتبرُ خطُّ السككِ الحديديةِ شلامجة-بصرة، الذي من المقررِ أن يربطَ إيرانَ بالعراق، مشروعًا بنيويًّا بين البلدين منذ أكثر من عقدين. هذا المشروعُ يتطلبُ إنشاءَ 33 كيلومترًا من السككِ الحديديةِ وبناءَ جسرٍ، وهذا العملُ جارٍ حاليًّا. من المتوقعِ أن يتحولَ هذا الخطُّ الحديديُّ إلى مسارٍ حيويٍّ كجزءٍ من مبادرة الحزام والطريق (BRI) الصينية، وهو ليس فقط مشروعًا بنيويًّا مهمًّا، بل يُعَدُّ أيضًا رمزًا لتقاربِ المصالحِ الاقتصاديةِ والاستراتيجيةِ بين السعوديةِ والصين.
هذا الخطُّ الحديديُّ، عندَ اكتمالهِ، لن يُسهِّلَ فقط نقلَ البضائعِ والمسافرين بين إيرانَ والعراق، بل يمكنُ أن يعملَ أيضًا كجسرِ تواصلٍ بين الصينِ وأكبرِ شريكٍ تجاريٍّ لها في غربِ آسيا. إضافةً إلى ذلك، في ظلِّ تعرضِ العلاقاتِ السعوديةِ مع بعضِ الدولِ الغربيةِ لتحدياتٍ، فإن تعزيزَ العلاقاتِ مع الصينِ واستخدامَ هذا المسارِ الحديديِّ يمكنُ أن يُعتبرَ استراتيجيةً لتنويعِ العلاقاتِ الدوليةِ للسعودية.
تقليديًّا، كانت المملكةُ العربيةُ السعوديةُ تعتمدُ على الطرقِ البحريةِ لنقلِ البضائعِ والطاقة، لكن خطَّ السككِ الحديديةِ شلامجة-بصرة يوفرُ مسارًا أرضيًّا بديلاً، مما قد يساعدُ في تقليلِ اعتمادِ البلادِ على الطرقِ البحريةِ الخطرة. إن إقامةَ مثلِ هذه الاتصالاتِ ستجعلُ العراقَ لاعبًا رئيسيًّا في العلاقاتِ بين السعوديةِ والصين، ومع الاستفادةِ الاقتصاديةِ الكبيرةِ التي ستعودُ على العراقِ من الاتصالِ بين الصينِ والسعودية، سترتفعُ مكانةُ العراقِ في سياستهِ الخارجيةِ أيضًا. لذا، من الضروريِّ الإسراعُ في تشغيلِ هذا الخطِّ الحديديِّ حتى لا تُضحى مصالحُ البلادِ أكثرَ من ذلك.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام