سودانايل:
2024-09-08@13:40:20 GMT

خلاسية في المكتب البيضاوي

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

خلاسية في المكتب البيضاوي
بقلم عمر العمر

بعد انسحاب بايدن من سباق البيت الأبيض خرجت انتخابات الرئاسة الأميركية عن نسقها التقليدي. فالتنافس لم يعد بين ممثلي الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بل صارت نتيجة المعركة بين رِبحُ ترامب وخسارته. فبينما كان فوز الجمهوريين مسألة محسومة مقابل بايدن أربك اقتحام كاملا هاريس الحلبة الحسابات.

ثمة من يرى تفوقها على ترامب لن يشكل مفاجأة،بل حقيقة تتبدى للعيان مع تصاعد الحملة الإنتخابية. فهذه المرأة الخلاسية تجسد أيقونة تختزل أخلاط الاعراق المائجة في قماشة المجتمع الأميركي.هي سانحة للتعويض عن اجهاض فرصة الانتصار للمرأة الاميركية المضاعة بقص الديمقراطيين جناحي هيلاري كلينتون في المدرات التمهيدية لانتخابات2008. هذه السانحة تمنح ماكينة الإعلام وقودا بغية تحريك المزاج الأميركي العام لصالح سيدة سيرتها أنقى من صحيفة رجل أعمال ملتبسة بخطايا سياسية وخطيئات اجتماعية.
*****

فمع برق نجم هاريس تصاعدت أرقام قياسية في مساهمات تمويل حملة الديمقراطيين وارتفاع استطلاعات الرأي العام بتضييق الفارق خلف ترامب ، بل تجاوزه.ذلك حصاد ايقاع عجول إبان فترة وجيزة .ذلك الإيقاع لايزال يتواتر على مدارات اجتماعية متباينة.لعل أبرزها بريقا مساندة كوكبة زاهية من نجوم هوليود.فالفن السابع يشكل أحد الروافد ذات التأثير النافذ في صناعةالاعلام (الميديا ) - هو الإعلام الأكبر في العالم -لا يُصنّع الرأي العام ، يُشكّل المزاج العام فقط بل يتحكّم في صوغ الوعي .لكن مؤسساته العملاقة تعمل تحت مظلة مهيمنة تفردها شركات مالية، اقتصادية، عسكريةقابضة. لذلك فالمؤسسات الإعلامية هي وسيط بين طبقة متنفذة وقطيع يخضع لغسل الدماغ والترويض حسب رؤية تشومسكي.فلا تنوع في مؤسسات أميركا ولا حرية في إعلامها.
*****

منذ عقدين يتعرض المجتمع الأميركي إلى هزات من الداخل حتى فقد التنوع الديمغرافي سمته كرأس مال يساهم في ثراء ذلك المجتمع .ثمة موجة من القلق آخذة في التصاعد من قبل أقليات متباينة وشبابية ترفض مراكز القوى المحتكرة وهيمنة السردية السياسية التقليدية ،بل تطالب بالتكافوء في التعليم والتوظيف والمساواة بغض النظر عن العرق والجنس،،،مطالبة تبلغ حد الصدام كما في حوادث السود والشرطة وصداماتها مع المهاجرين اللاتينيين واشتباكاتها مع الطلاب داخل حرم الجامعات .هذه احتجاجات مكرسة ضد سياسات البيت الأبيض تلهب موجات الرفض و ترفع سقف المطالب بالتغيير. انتخابات 2020 فضحت شرخا عميقا آخر وسط الطبقة العليا ليس ناجما عن ارتدادات اجتماعية واقتصادية فقط بل تجسد في حد ذاتها قضية سياسية بعد اقتحام رعاع مبنى الكابيتول.
*****

هذا المشهد يكاد يماثل ان لم يطابق ما حدث قبل نحو خمسة عقود. أميركا في الأصل ملاذ مهاجرين ومجتمعها هجين متعدد الأعراق. لذلك تلجأ الادارات الحكومية إلى الوعود السياسية بغية الحفاظ على تجانسه.الحملات الانتخابية تمثل مواسم لترويج وبيع تلك الوعود وكثيرٌ منها خادعةٌ زائفة. رونالد ريغان اقتحم حلبة السياسة على نحو مباغت وقتذاك متسللا من الفن السابع. مراكز الهيمنة التقليدية وجدت في الممثل غير المتألق رمزا للتبشير بوعود التشافي من آلام نخرت المجتمع بدءً من اغتتيال جون كنيدي ثم كابوس فيتنام وتوابيتها، ردفعل الشباب الطلابي عليها ،ففضيحة ووترغيت ثم مأزق رهائن السفارة في طهران. مع صعود ريغان بدأ مابات يعرف بعهد المحافظين الجدد (المتشددون) لاسترداد الحلم الأميركي واعادة وسم (أرض الأحلام).الآن تبدو كاملا هاريس فرس رهان لكسب جولة جديدة لصانعي النجوم في مواسم بيع الوعود الزائفة.
*****

تصعيد السيدة الخلاسية إلى البيت الأبيض ربما يستهل عصر (اللبراليين الجدد).فكامالا هاريس ليست إمرأة أميركية عادية إذ هي أيقونة أعراق جامعة يضج قوامها الفارع بثقافات آسيوية -إفريقية- لاتينية.فهي ابنة استاذاقتصاد وافد من جمايكا ينحدر من ملاك الرقيق ووالدتها تنتمي إلى ذوي البشرة الداكنة في مدينة مدراس بولاية تاميل الهندية.كما دأبت كامالا على ارتياد كنيسة السود في مدينة بركلي بكاليفورنيا حيث نشأت قبل الإنتقال ألى مدينة مونتريال الكندية مع والدتها ثم عادت إلى كاليفورنيا حيث استانفت حياتها.في سيرتها شهادات في الاقتصاد والعلوم السياسية ودكتوراه في القانون بالإضافة إلى مناصب حقوقية عدة قبل فوزها بمنصب المدعي العام للولاية.لها طموح سياسي معززبالنجاح إذ شغلت مقعدا في مجلس الشيوخ عن كاليفورنيا كما خاضت جولات الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية داخل الحزب الديمقراطي قبل اختيارها لمنصب نائب الرئيس.
*****

بالإضافة إلى نجوم الفن السابع تحظى كامالا هاريس بدعم سخي من أقطاب الحزب الديمقراطي وعلى نحو استثنائي غير مسبوق يكاد يشارف الإجماع . سيل التبرعات المتدفق فوق المألوف شاهد شاخص على سخاء الدعم .لدى السيدة من مؤهلات الكاريزما ما يعينها على استقطاب قاعدة عريضة من النساء ،خاصة (الملونات )،كتلة كبيرة من الأقليات الإثنية -سود ومهاجرين جدد،شباب الجامعات(التقدميين) ،عدد من الولايات غير المصنفة حزبيا ب(المتأرجحة).هذه السيدة الخلاسية تبدو كذلك أيقونة محببة لماكينة الثقافة الاستهلاكية القابضة في المجتمع الأميركي.على قدر جهد الإعلام لصالحها تتآكل كتلة ترامب .فهي كتلة تبدو صلبة لكنها تتعرض لعوامل تعرية عدة -بعضها بيده وسلوكه - تساهم في تناقص أطرافها . بحكم ثقافته العدوانية سيلجأ ترامب حتماً إلى إبقاء هاريس في موقع الدفاع دوماً.كلما أفلحت حملة المرشحة الديمقراطية في الإنتقال من الدفاع إلى الهجوم كلما اقتربت من البيت الأبيض.

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: البیت الأبیض

إقرأ أيضاً:

البيت الأبيض: مقتل الرهائن جعل التوصل لوقف للنار بغزة أكثر صعوبة

البيت الأبيض: مقتل الرهائن جعل التوصل لوقف للنار بغزة أكثر صعوبة

مقالات مشابهة

  • سناريوهات العودة إلى البيت الأبيض.. نجاح «ترامب» يثير مخاوف أوروبا والناتو
  • واشنطن بوست: خبراء يحذرون من أن خطط ترامب قد ترفع الدين العام الأميركي
  • البيت الأبيض: نعمل على مدار الساعة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة
  • البيت الأبيض: نعمل على مدار الساعة للتوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة
  • ما رد البيت الأبيض على تصريحات بوتين عن كامالا هاريس؟
  • «مناظرة الحسم» تمهد الطريق إلى البيت الأبيض
  • البيت الأبيض: مقتل الرهائن جعل التوصل لوقف للنار بغزة أكثر صعوبة
  • البيت الأبيض يرد على إعلان بوتين "دعم" هاريس ضد ترامب
  • البيت الأبيض يرد على إعلان بوتين "دعم" هاريس ضد ترامب
  • البيت الأبيض يدعو بوتين إلى “التوقف عن التدخل” في الانتخابات الأميركية بعدما دعم هاريس