خلاسية في المكتب البيضاوي
بقلم عمر العمر
بعد انسحاب بايدن من سباق البيت الأبيض خرجت انتخابات الرئاسة الأميركية عن نسقها التقليدي. فالتنافس لم يعد بين ممثلي الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بل صارت نتيجة المعركة بين رِبحُ ترامب وخسارته. فبينما كان فوز الجمهوريين مسألة محسومة مقابل بايدن أربك اقتحام كاملا هاريس الحلبة الحسابات.
*****
فمع برق نجم هاريس تصاعدت أرقام قياسية في مساهمات تمويل حملة الديمقراطيين وارتفاع استطلاعات الرأي العام بتضييق الفارق خلف ترامب ، بل تجاوزه.ذلك حصاد ايقاع عجول إبان فترة وجيزة .ذلك الإيقاع لايزال يتواتر على مدارات اجتماعية متباينة.لعل أبرزها بريقا مساندة كوكبة زاهية من نجوم هوليود.فالفن السابع يشكل أحد الروافد ذات التأثير النافذ في صناعةالاعلام (الميديا ) - هو الإعلام الأكبر في العالم -لا يُصنّع الرأي العام ، يُشكّل المزاج العام فقط بل يتحكّم في صوغ الوعي .لكن مؤسساته العملاقة تعمل تحت مظلة مهيمنة تفردها شركات مالية، اقتصادية، عسكريةقابضة. لذلك فالمؤسسات الإعلامية هي وسيط بين طبقة متنفذة وقطيع يخضع لغسل الدماغ والترويض حسب رؤية تشومسكي.فلا تنوع في مؤسسات أميركا ولا حرية في إعلامها.
*****
منذ عقدين يتعرض المجتمع الأميركي إلى هزات من الداخل حتى فقد التنوع الديمغرافي سمته كرأس مال يساهم في ثراء ذلك المجتمع .ثمة موجة من القلق آخذة في التصاعد من قبل أقليات متباينة وشبابية ترفض مراكز القوى المحتكرة وهيمنة السردية السياسية التقليدية ،بل تطالب بالتكافوء في التعليم والتوظيف والمساواة بغض النظر عن العرق والجنس،،،مطالبة تبلغ حد الصدام كما في حوادث السود والشرطة وصداماتها مع المهاجرين اللاتينيين واشتباكاتها مع الطلاب داخل حرم الجامعات .هذه احتجاجات مكرسة ضد سياسات البيت الأبيض تلهب موجات الرفض و ترفع سقف المطالب بالتغيير. انتخابات 2020 فضحت شرخا عميقا آخر وسط الطبقة العليا ليس ناجما عن ارتدادات اجتماعية واقتصادية فقط بل تجسد في حد ذاتها قضية سياسية بعد اقتحام رعاع مبنى الكابيتول.
*****
هذا المشهد يكاد يماثل ان لم يطابق ما حدث قبل نحو خمسة عقود. أميركا في الأصل ملاذ مهاجرين ومجتمعها هجين متعدد الأعراق. لذلك تلجأ الادارات الحكومية إلى الوعود السياسية بغية الحفاظ على تجانسه.الحملات الانتخابية تمثل مواسم لترويج وبيع تلك الوعود وكثيرٌ منها خادعةٌ زائفة. رونالد ريغان اقتحم حلبة السياسة على نحو مباغت وقتذاك متسللا من الفن السابع. مراكز الهيمنة التقليدية وجدت في الممثل غير المتألق رمزا للتبشير بوعود التشافي من آلام نخرت المجتمع بدءً من اغتتيال جون كنيدي ثم كابوس فيتنام وتوابيتها، ردفعل الشباب الطلابي عليها ،ففضيحة ووترغيت ثم مأزق رهائن السفارة في طهران. مع صعود ريغان بدأ مابات يعرف بعهد المحافظين الجدد (المتشددون) لاسترداد الحلم الأميركي واعادة وسم (أرض الأحلام).الآن تبدو كاملا هاريس فرس رهان لكسب جولة جديدة لصانعي النجوم في مواسم بيع الوعود الزائفة.
*****
تصعيد السيدة الخلاسية إلى البيت الأبيض ربما يستهل عصر (اللبراليين الجدد).فكامالا هاريس ليست إمرأة أميركية عادية إذ هي أيقونة أعراق جامعة يضج قوامها الفارع بثقافات آسيوية -إفريقية- لاتينية.فهي ابنة استاذاقتصاد وافد من جمايكا ينحدر من ملاك الرقيق ووالدتها تنتمي إلى ذوي البشرة الداكنة في مدينة مدراس بولاية تاميل الهندية.كما دأبت كامالا على ارتياد كنيسة السود في مدينة بركلي بكاليفورنيا حيث نشأت قبل الإنتقال ألى مدينة مونتريال الكندية مع والدتها ثم عادت إلى كاليفورنيا حيث استانفت حياتها.في سيرتها شهادات في الاقتصاد والعلوم السياسية ودكتوراه في القانون بالإضافة إلى مناصب حقوقية عدة قبل فوزها بمنصب المدعي العام للولاية.لها طموح سياسي معززبالنجاح إذ شغلت مقعدا في مجلس الشيوخ عن كاليفورنيا كما خاضت جولات الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية داخل الحزب الديمقراطي قبل اختيارها لمنصب نائب الرئيس.
*****
بالإضافة إلى نجوم الفن السابع تحظى كامالا هاريس بدعم سخي من أقطاب الحزب الديمقراطي وعلى نحو استثنائي غير مسبوق يكاد يشارف الإجماع . سيل التبرعات المتدفق فوق المألوف شاهد شاخص على سخاء الدعم .لدى السيدة من مؤهلات الكاريزما ما يعينها على استقطاب قاعدة عريضة من النساء ،خاصة (الملونات )،كتلة كبيرة من الأقليات الإثنية -سود ومهاجرين جدد،شباب الجامعات(التقدميين) ،عدد من الولايات غير المصنفة حزبيا ب(المتأرجحة).هذه السيدة الخلاسية تبدو كذلك أيقونة محببة لماكينة الثقافة الاستهلاكية القابضة في المجتمع الأميركي.على قدر جهد الإعلام لصالحها تتآكل كتلة ترامب .فهي كتلة تبدو صلبة لكنها تتعرض لعوامل تعرية عدة -بعضها بيده وسلوكه - تساهم في تناقص أطرافها . بحكم ثقافته العدوانية سيلجأ ترامب حتماً إلى إبقاء هاريس في موقع الدفاع دوماً.كلما أفلحت حملة المرشحة الديمقراطية في الإنتقال من الدفاع إلى الهجوم كلما اقتربت من البيت الأبيض.
aloomar@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: البیت الأبیض
إقرأ أيضاً:
عاجل - انتخابات أمريكا 2024.. هاريس تحذر: ترامب سيفكر في الانتقام إذا عاد إلى البيت الأبيض
ذكرت وسائل إعلام أمريكية، نقلًا عن كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، أنها حذرت من أن الرئيس السابق ترامب إذا وصل إلى البيت الأبيض مجددًا، فإنه سيفكر في قائمة أعدائه ويخطط للانتقام.
وأكدت هاريس: "حال انتخابي رئيسة للولايات المتحدة، سأعمل منذ اليوم الأول على قائمة المهام الخاصة بي نيابة عن الشعب الأمريكي".
اقرأ أيضًا.. انتخابات أمريكا 2024.. السباق نحو البيت الأبيض بين ترامب وهاريس (تغطية مباشرة لحظة بلحظة)
بدء ظهور النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة الأمريكية والكونجرس بعد إغلاق مراكز الاقتراعوبدأ ظهور النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة الأمريكية والكونجرس بعد إغلاق مراكز الاقتراع في عدد من الولايات، في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء 6 نوفمبر 2024 (بتوقيت القاهرة)، وسط منافسة حامية بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس.
ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت 230 مليون ناخب، ولكن نحو 160 مليونا منهم فقط مسجلون، ومع ذلك تسمح نصف الولايات الـ50 تقريبا في الولايات المتحدة بالتسجيل في يوم الانتخابات، في حين يستطيع المواطنون التصويت دون تسجيل في ولاية داكوتا الشمالية. كما صوت أكثر من 80 مليون شخص بالفعل عبر البريد أو بالتصويت الحضوري المبكر.
وتمتد الولايات المتحدة عبر 6 مناطق زمنية. ووفقا لتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، يبدأ التصويت في وقت مبكر من الساعة 5 صباحًا (10:00 بتوقيت جرينتش) يوم الثلاثاء، ويستمر حتى الساعة 1 صباحًا (06:00 بتوقيت جرينتش) يوم الأربعاء.
كما يصوت الناخبون أيضا لاختيار 34 عضوا بمجلس الشيوخ الأمريكي (من أصل 100) وجميع أعضاء مجلس النواب الأمريكي البالغ عددهم 435 عضوا، وستجرى انتخابات حاكم الولاية في 11 ولاية ومنطقتين (بورتوريكو وساموا الأمريكية).