29 يوليو، 2024

بغداد/المسلة: تعاني مدن العراق من أزمة كهرباء مستمرة، تتفاقم مع مرور الوقت، حيث كشفت وزارة الكهرباء مؤخرًا عن فجوة كبيرة بين الإنتاج المتحقق والحمل المطلوب، مع فارق يزيد عن 17 ميغاواط. وعلى الرغم من أن الإنتاج الحالي للشبكة الوطنية يبلغ 27 ميغاواط، إلا أن هذا لا يكفي لتلبية الطلب المتزايد، مما يثير تساؤلات عديدة حول الأسباب الفعلية وراء هذه الأزمة.

وتشير أصابع الاتهام إلى مشاريع المجمعات الاستثمارية التي تُمنح لها الطاقة الكهربائية على حساب المواطنين. حيث يعتبر الكثيرون أن هذه المجمعات، التي غالباً ما تعود إلى أثرياء وشخصيات متنفذة، تساهم في نقص الكهرباء الموجهة للمواطنين.

المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، صرّح قائلاً: “أحد الضوابط التي ينص عليها قانون الاستثمار هو أن لا تكون المدن الجديدة أعباء زائدة على شبكات المواطنين”. وأضاف موسى: “المجمعات السكنية عليها إنشاء محطات كهربائية تسد حاجتها، وبأقل تقدير محطات تحويلية، لضمان استقلاليتها في الطاقة”.

تأثيرات سياسية وتجاهل للشروط

من جانبه، يرى الباحث بالشأن الاقتصادي، علاء العقابي، أن هيئة الاستثمار الوطنية تشترط على المجمعات السكنية بناء محطات مياه وكهرباء خاصة بها، إلا أن هذه الشروط غالباً ما يتم التغاضي عنها نتيجة للتأثيرات السياسية. يقول العقابي: “بعد استكمال المشروع وبناء المجمع السكني، يتم تزويده بالطاقة على حساب المواطنين، مما يعكس فسادًا إداريًا وظلمًا اجتماعيًا”.

معاناة المواطنين

محمد الجبوري، أحد سكان بغداد، يقول: “نعيش في ظل انقطاع مستمر للكهرباء، بينما نرى المجمعات الاستثمارية تتمتع بالكهرباء دون انقطاع. هذا ليس عدلاً”. ويضيف الجبوري: “نشعر بأن حقوقنا كمواطنين تتعرض للانتهاك من قبل الأثرياء والمتنفذين”.

في البصرة، يروي أحمد العزاوي تجربته: “أعمل في مصنع صغير يعتمد على الكهرباء بشكل كبير. انقطاع الكهرباء يعني توقف العمل وفقدان الدخل اليومي. نحن نعاني بشكل كبير بسبب سوء توزيع الكهرباء”.

خطط مستقبلية وحلول مقترحة

تسعى الحكومة العراقية إلى تنفيذ مشاريع سكنية ضخمة من نوع المجمعات العمودية، مثل مدينة علي الوردي السكنية الجديدة، وتشييد خمس مدن حديثة. لكن المخاوف تتزايد حول تأثير هذه المشاريع على توفير الكهرباء للمواطنين.

في محاولة للتخفيف من الأزمة، يقترح البعض فرض بناء محطات كهربائية على المجمعات السكنية كأحد الحلول. يقول أحمد موسى: “المجمعات سواء كانت صناعية أو استثمارية مطالبة بالاستقلالية في الطاقة لتخفيف العبء عن الشبكة الوطنية”.

و أزمة الكهرباء في العراق تعكس تحديات كبيرة تواجهها الحكومة في إدارة وتوزيع الطاقة بشكل عادل. وبينما تظل المجاملات والمحاباة للمجمعات الاستثمارية إحدى العقبات، يبقى الحل في تطبيق الشروط بصرامة وإنشاء بنية تحتية قوية تضمن توفير الكهرباء للجميع دون تمييز.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: المجمعات السکنیة

إقرأ أيضاً:

انطلاق الاستثمار في بطاريات تغذية شبكات الكهرباء

تريليون دولار للطاقة النظيفة

انطلاق الاستثمار في بطاريات تغذية شبكات الكهرباء

التخلص من الكربون في إمدادات العالم بالكهرباء يحتاج إلى ما هو أكثر من ألواح الخلايا الكهروضوئية وتوربينات الرياح والتي تعتمد على سطوع الشمس وانتظام حركة الهواء في توليد الكهرباء. تخزين هذه الكهرباء على نطاق الشبكة (بهدف تغذية شبكة الكهرباء العامة) يقدم حلا لمشكلة عدم انتظام توليدها بهاتين التقنيتين. لكن لا توجد سعات تخزينية كافية لها حتى الآن.

بحسب وكالة الطاقة الدولية، سيلزم ارتفاع السعة العالمية المتاحة لتخزين الكهرباء في البطاريات من أقل من 200 جيجاواط في العام الماضي إلى أكثر من تيراواط (1000جيجاواط) بنهاية هذا العقد وما يقرب من 5 تيراواط في عام 2050 لكي يظل العالم في المسار الذي يقود إلى الحياد الكربوني.

لحسن الحظ بدأت صناعة تخزين الطاقة التي تستهدف تغذية شبكات الكهرباء أخيرا في الانتعاش.

تقليديا، اعتمد تخزين الكهرباء لأغراض الشبكة على الأنظمة الكهرومائية التي تنقل الماء إلى خزَّانين عند أعلى وأسفل منحدر (يحدث هذا التخزين بتحويل الكهرباء الفائضة إلى طاقة كامنة في شكل مياه مخزَّنة في أعلى المنحدر ثم تحويلها إلى كهرباء مرة أخرى عند الحاجة وذلك بضخها عبر توربينات موجودة في أسفل المنحدر- المترجم).

هذه الأيام الطريقة المفضلة باطِّراد هي وضع بطاريات عملاقة في صفوف داخل حظائر. فوفقا لوكالة الطاقة الدولية تم تركيب بطاريات تخزين تبلغ سعتها الإجمالية 90جيجاواط على نطاق العالم في العام الماضي. هذا يساوي ضعف السعة المركبة في عام 2022 والتي خُصِّص ثلثاها للشبكة والباقي لتطبيقات أخرى مثل الطاقة الشمسية المنزلية.

الأسعار تنخفض ويتم تطوير مكوِّنات كيماوية جديدة للبطاريات. ووفقا لتقدير شركة "بَيْن" الاستشارية يمكن أن تنمو القيمة السوقية لتخزين الكهرباء في الشبكة من حوالي 15 بليون دولار في عام 2023 إلى ما بين 200 بليون إلى 700 بليون دولار بحلول عام 2030 وتريليون إلى ثلاثة تريليونات دولار في عام 2040.

الهبوط الحاد في سعر بطاريات ايونات الليثيوم يحفز على استخدامها في تغذية شبكات الكهرباء. وحسب مجموعة الأبحاث "بلومبيرج ان أي اف" انخفض متوسط سعر بطاريات الليثيوم الثابتة لتخزين واحد كيلوواط ساعة بنسبة حوالي 40% في الفترة بين 2019 و2023. لقد قاد التباطؤ العالمي في تبني السيارات الكهربائية التي تدار بواسطة تقنية شبيهة شركاتِ تصنيع البطاريات إلى الاهتمام أكثر بتخزين الكهرباء لتغذية الشبكة.

في عام 2019 كانت بطاريات ايونات الليثيوم الثابتة أغلى بما يقرب من 50% من تلك التي تستخدم في السيارات الكهربائية. وتقلص هذا التفاوت في السعر إلى أقل من 20% مع تدافع المنتجين لتصنيعها.

ووفقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية تنافس الآن الطاقةُ الشمسية إلى جانب البطاريات توليدَ الكهرباء بواسطة الفحم الحجري في الهند. وهي في سبيلها إلى أن تكون أرخص من توليد الكهرباء بالغاز في أمريكا بعد سنوات قليلة.

حاليا الصين مركز الإنتاج العالمي للبطاريات. فهي مقرُّ ستّ من بين أكبر عشر شركات في العالم بما في ذلك شركتا كاتل وبي واي دي. في الصين ارتفع إنتاج البطاريات المخصصة لشبكات الكهرباء من لا شيء تقريبا في عام 2020 إلى حوالي الخُمس (20%) متفوقا على الحصة التي تُستخدم في الإلكترونيات الاستهلاكية. ساعدت على هذا النمو السياسات الداخلية التي أوجبت على مشروعات توليد الكهرباء من طاقة الشمس والرياح تركيب سعاتٍ تخزينية أيضا.

شركات البطاريات الصينية تكثف جهود الابتكار. فشركة "كاتل" زادت إنفاقها على البحث والتطوير بحوالي ثمانية أضعاف منذ عام 2018 إلى 2.5 بليون دولار في العام الماضي. وشركة "بي واي دي" التي استثمرت بشدة في الروبوتات والذكاء الاصطناعي شيدت مصنعَ بطاريات "مؤتْمَتَا" كله تقريبا في مدينة هيفي.

لكن صناعة البطاريات تسبح في بحر من فائض الإنتاج. فحسب "بلومبيرغ ان إي اف" تنتج الصين لوحدها بطاريات ليثيوم تكفي لمقابلة الطلب العالمي على كل أنواعها. وأعلنت صناعتها عن خطط لإنتاج سعة إضافية تبلغ 5.8 تيراواط ساعة بحلول عام 2025 أو أكثر من ضعف السعة العالمية الحالية والتي تصل إلى 2.6 تيراواط ساعة. وسيكون ذلك كارثيا لشركات عديدة في صناعة البطاريات بما في ذلك تلك التي تنتجها لشبكات الكهرباء.

حسب "بينشمارك مينرال انتيليجينز" وهي شركة أبحاث أخرى، تم إلغاء أو تأجيل إنشاء 19 مصنعا ضخما لبطاريات السيارات الكهربائية وتخزين الطاقة في الصين في أول سبعة أشهر من هذا العام. الانهيار في الأسعار أضر أيضا بشركات بطاريات غربية ناشئة. أحد الأمثلة لذلك شركة "نورثفولت" السويدية والتي اعتبرها البعض ردَّ أوروبا على شركات الصين.

ففي العام الماضي أبلغت عن ارتفاع خسائرها إلى 1.2 بليون دولار من 285 مليون دولار في عام 2022. ومن المرجح أن تكون نتيجةَ ذلك موجةُ اندماج بين الشركات على نحو ما توقع روبين زينج الرئيس التنفيذي لشركة كاتل في وقت مبكر من هذا العام.

مع ذلك "مذبحة" شركات صناعة البطاريات يمكن أن تساعد في تبني تخزين الكهرباء في البطاريات بدلا من أن تؤذيه. فالأسعار قد تهبط أكثر مع حصول الشركات الأكثر إنتاجا على حصة أكبر من السوق. واقع الحال، المنافسة الطاحنة تحفز سلفا على الابتكار مع سعي الشركات وراء تقنيات جديدة تعينها على تقديم الأفضل.

في هذا الجانب، بطاريات أيونات الصوديوم أحد البدائل الواعدة. فهي لا تتطلب استخدام مادة الليثيوم الغالية الثمن. وعلى الرغم من أن كثافة الطاقة التي تقدمها أقل من كثافة طاقة بطاريات ايونات اللوثيوم إلا أن ذلك ليس مشكلة كبيرة للبطاريات الثابتة مقارنة بتلك التي تُستخدَم لتشغيل محركات السيارات الكهربائية.

تسارع الشركات الحالية لتطوير تقنية بطاريات لاستخدامها في إمداد شبكات الكهرباء وتراهن عدة شركات ناشئة على هذه التقنية بقدر كبير. فشركة "ناترون" الأمريكية التي تدعمها شركة شيفرون النفطية العملاقة تستثمر 1.4 بليون دولار في تشييد مصنع لإنتاج بطاريات ايونات الصوديوم في ولاية كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة. ومن المقرر افتتاحه في عام 2027.

لاندون موسبورغ الرئيس التنفيذي لشركة "بيك انيرجي" وهي شركة ناشئة أخرى لتصنيع بطاريات ايونات الصوديوم يقول إنه يريد أن تكون شركته "كاتل أمريكا". (كاتل شركة صينية لصناعة وتقنية البطاريات، تأسست في عام 2011 وهي أكبر شركة لصناعة بطاريات ايونات الليثيوم للسيارات الكهربائية. كما تتخصص أيضا في أنظمة تخزين الطاقة - المترجم).

يعتقد توم جينسن الرئيس التنفيذي لشركة "فراير" وهي شركة ناشئة أخرى أن شركات البطاريات الغربية يمكنها المنافسة فقط بالتقنيات الجديدة. في الواقع يزداد طول قائمة المقاربات الابتكارية. فشركة "انير فينيو" الناشئة أيضا تسوِّق بطارية النيكل -الهيدروجين. لقد جمعت 400 مليون دولار وستشيد مصنعا في ولاية كنتاكي الأمريكية وتأمل في استخدامه لإنتاج بطاريات رخيصة يمكنها تخزين الكهرباء لفترات طويلة.

هذه التقنيات ملائمة جدا للوفاء بالطلب المتزايد على الطاقة من مراكز البيانات والتي تتلهف شركات التقنية العملاقة لتشغيلها بالطاقة المتجددة. (مراكز البيانات منشآتٌ حاسوبية تتولى إدارة وتخزين ومعالجة كميات ضخمة من البيانات- المترجم) وحقيقة أن بطاريات ايونات الصوديوم أقل تعرضا للحريق من البطاريات التي ترتكز على الليثيوم تجعلها جذابة على نحو خاص لشركات التقنية ليس أقله لأنها تقلل تكلفة التأمين، بحسب جيف شامبرلين الرئيس التنفيذي لشركة "فولتا انيرجي تكنولوجيز" والتي تركز على الاستثمار في تخزين الطاقة.

يشير كولين ويسيل الرئيس المشارك لشركة ناترون أن شركته الناشئة تخطط إلى حد كبير لتزويد مراكز البيانات بالبطاريات.

كما يقود التدشين السريع لمراكز البيانات إلى فجوات في البنية التحتية المستخدمة لتوليد ونقل الكهرباء والتي يمكن سدَّها ببطاريات أطول عمرا من النوع الذي تأمل شركة "انير فينيو" في إنتاجه.

يتوقع آرون زوباتي الرئيس التنفيذي لشركة تطوير الطاقة المتجددة "ايوليان" ازدهارا في حلول تخزين الكهرباء لمدة أربع إلى ثماني ساعات لمقابلة الطلب المتزايد لشبكات الكهرباء خلال العقد القادم.

إذن تخزين الكهرباء لتغذية الشبكات يتقدم بسرعة. يقول محلل مخضرم لازدهار الطاقة الشمسية "البطاريات حققت خلال خمس سنين ما احتاجت الطاقة الشمسية إلى 15 عاما لإنجازه". ولخّص فاتح بيرول رئيس وكالة الطاقة الدولية ذلك بقوله "البطاريات تغيِّر اللعبة أمام أعيننا".

مقالات مشابهة

  • قطع الكهرباء عن 6 قرى بالمنيا غدًا لمدة 5 ساعات.. التوقيت والأماكن
  • ما هو أكبر سد مائي في العالم لتوليد الكهرباء؟
  • تشكيل لجنة توعية دائمة للأمن والسلامة بمحطات الوقود في الإمارات
  • «براكة».. نقلة نوعية تعزز استدامة الطاقة والنمو الاقتصادي
  • انطلاق الاستثمار في بطاريات تغذية شبكات الكهرباء
  • بوتين يوجه بضرورة زيادة محطات الطاقة النووية داخل روسيا
  • الإمارات.. «نووية سلمية» لتحقيق أمن الطاقة
  • إنجاز تاريخي للإمارات.. «براكة النووية» بكامل طاقتها
  • رئيس الدولة: سنواصل إعطاء الأولوية لأمن الطاقة واستدامتها لما فيه خير الإمارات وشعبها
  • إنجاز تاريخي برؤية قائد المسيرة