بعد حرب 1967 احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان بما فيها مجدل شمس، حيث أن القرية ما زالت خاضعة للاحتلال، علماً أنه وبحسب القانون الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، تحسب مجدل شمس قرية سورية تحت الاحتلال الإسرائيلي، حيث يعتبر الحكم الإسرائيلي والقانون الإسرائيلي المطبّق في القرية غير شرعيّ ومخالف للقوانين الدوليّة، ويشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان.



حاولت سلطة الاحتلال عام 1982، وبعد سن قانون ضم الجولان في الكنيست الإسرائيلي، فرض الجنسية الإسرائيلية بالقوة على سكانها وسكان القرى الأخرى في الجولان ولكنها فشلت بسبب «انتفاضة الهويّة» التي تعرف بالاضراب الكبير ضد هذا القرار. حيث قام سكّان القرية باعلان الاضراب المفتوح وبدأت المواجهات العنيفة بين جيش الاحتلال الذي استعمل أسلحة ثقيلة لقمع التظاهرات، وواجهه سكّان القرية بأجسادهم وبالحجارة والعصي. التفّ السكان آنذاك حول القيادة الروحية في الجولان، التي أصدرت فتوى بمقاطعة كل من يقبل الجنسية الإسرائيلية. وعلى الرّغم من الحصار الاسرائيلي على مجدل شمس، واصل سكّانها رفع العلم السّوري وأصدروا يومذاك وثيقة رسمية باسم جميع السكان يعلنون فيها تمسكهم بجنسيتهم العربية السورية ورفضهم للاحتلال. سميت هذه الوثيقة "الوثيقة الوطنية للمواطنين السّوريين في مرتفات الجولان السوريّة المحتلّة".

في 14 كانون الاول عام 1981، أقرّ الكنيست الإسرائيلي ما يسمى بـ"قانون الجولان" الذي تم بموجبه فرض "القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية" على المنطقة المحتلة، ولكن مجلس الأمن الدولي سرعان ما رد على الخطوة الإسرائيلية باتخاذ القرار 497 بعد 3 أيام فقط، والذي اعتبر فيه أن "قرار إسرائيل ضم الجولان لاغٍ وباطل وليس له أي أثر قانوني على الصعيد الدولي".

وفي كانون الاول 2020، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية أعضائها، قرارًا يُجدد المطالبة بضرورة انسحاب إسرائيل من الجولان السوري المحتل، إذ حظي القرار بتأييد 88 دولة ومعارضة 9 دول وامتناع 62 عن التصويت، مؤكدًا عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة وفقًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وعدم مشروعية بناء المستوطنات والأنشطة الأخرى. واستمر الوضع على ما هو عليه حتى عام 1991، عندما بدأت محادثات السلام بين سوريا وإسرائيل في مؤتمر مدريد برعاية أميركية، وكانت عودة الجولان السوري موضوعًا رئيسيًا فيه، لكن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض إسرائيل الانسحاب الكامل.

ما تقدم يؤكد النيات الاسرائيلية في استهداف مجدل شمس سواء كان الامر عن سابق تصور وتصميم وتخطيط أو عبر محاولة استغلال دماء الشهداء، حيث سارع إلى الادعاء أن حزب الله أطلق الصاروخ على البلدة، في محاولة لتأليب الرأي العام لا سيما الدرزي ضد حزب الله والمقاومة من جهة، ولتوجيه ضربة قاسية لحزب الله من جهة أخرى.

يقول المختص بالملف السوري والشأن الدولي العام الاستراتيجي مهند الحاج علي :لطالما اعتمدت إسرائيل إسلوبين في التعاطي مع أزماتها

الأول: افتعال حدث ما ثم تركيب بعض السيناريوهات عليه لكي تخدم مصالحها .

الثان : استثمار حدث ما وقع دون تخطيط وتركيب بعض المجريات عليه وتهيئة الماكينة الإعلامية فورا للهجوم على الخصم .

يضع الحاج علي ما حدث في مجدل شمس في الخانة الاولى ومرد ذلك أسباب عدة وهي:

1- الماكينة الإعلامية الإسرائيلية كانت جاهزة فوراً لتوجيه الاتهام لحزب الله وإيران حتى دون انتظار نتائج التحقيق الأولية وفحص عينات الصاروخ، وهذا يعني أنه كان هناك تنسيق مسبق بين المؤسسة الإعلامية والعسكرية لحدث ما .

2- قوة الانفجار وعدد الضحايا يشيران إلى أن العمل مقصود وليس خطأ بشريا حيث كان هدف الرمي إيقاع أكبر عدد ممكن من الشهداء والجرحى لاستفزاز الرأي العام في البلدة العربية السورية .

ويبين الحاج علي أن الصاروخ الذي سقط في مجدل شمس ليس صاروخا من الصواريخ التي يطلقها حزب الله أو يمتلكها ويتظهر ذلك من خلال

- اعتراف جنرالات العدو أن حزب الله يملك رماة ماهرين وبالتالي نسبة الخطأ في إصاباتهم قليلة جدا .

- اخلاقيات المقاومة تمنعها من استهداف المدنيين اينما كانوا،وهذا ما أثبتته التجربة منذ عملية "طوفان الأقصى" حتى الآن ،على عكس العدو الذي يملك سجلا إجراميا حافلا .

- أقرب نقطة عسكرية للمكان المستهدف تبعد ٣ كم وبالتالي هذه نسبة خطأ كبيرة بالمقارنة مع الأسلحة الدقيقة التي يستخدمها حزب الله .

- حزب الله يملك من الإرادة والجرأة للاعتراف باي خطأ قد يحدث ولكنه نفى كل ذلك كونه لم تكن النقاط العسكرية في مجدل شمس في ذلك اليوم تحت الاستهداف .

لماذا مجدل شمس

مجدل شمس هي قرية عربية سورية منتمية بكليتها للوطن السوري وهي رافضة للهوية الإسرائيلية حتى الآن وشبابها يرفضون الإنخراط في صفوف جيش الاحتلال ، كما أنهم يرفضون إملاءات الإحتلال في انتخابات المجالس المحلية، وبالتالي فهي منطقة محتلة ولكن خارج سيطرة للاحتلال .

ويشدد الحاج علي في هذا السياق، على أن العدو لديه الأهداف التالية من استهداف مجدل شمس .

- يريد اللعب على الوتر الطائفي والمذهبي وتجنيد شباب مجدل شمس للعمل في صفوف جيشه وخاصة أنه يعيش مشكلة تجنيد حقيقية فالكثير من الإسرائيليين يحجمون عن الخدمة بالإضافة إلى مشكلة تجنيد الحاريديم ، التي بقيت بدون حل ومحل سجال حتى الآن .
-يحاول استغلال بعض الاحتجاجات في الجنوب السوري من أجل تأجيج الموقف تحضيرا لنشر الفوضى وسلخ الجنوب السوري ليكون مقراً للعرب الفلسطينيين( بعد تهجيرهم) كما كان مخططاً له في صفقة القرن، ولكن قيام الحكومة السورية بالتعاطي بذكاء مع هذا الملف وكشفها للعملاء ، أدى إلى توقف حركة الاحتجاجات أو تهدئتها كون أبناء السويداء يرفضون أن يكون هناك أي تدخل من أي أحد وخاصة الجانب الإسرائيلي في مطالبهم المحقة .
وفيما يأتي هذا الاستهداف في محاولة لإستثارة المشاعر الطائفية والمذهبية وتجييشها ضد حزب الله والمقاومة، بهدف ضرب المقاومة من الخلف، أتى الوعي الجماهيري في مجدل شمس فضلا عن وعي بعض المسؤوليين السياسيين في لبنان لإفشال هذا المخطط .

ويشدد الحاج علي على أن سورية تتعامل بدقة وبروية مع هذه الازمات والاحتجاجات في الجنوب، علماً أنه يظن أن العدو ليس في وارد القيام بأي اجتياح بري سواء في سوريا أو في جنوب لبنان لسببين:

- الاول أن محور المقاومة ليس بصدد الحرب المفتوحة وأن حرب الاستنزاف تنهك العدو أكثر وتحقق الاهداف الاستراتيجية لعملية "طوفان الأقصى" .

- الثاني أن جيش الاحتلال هو في أسوء حالاته ،منذ نشأته حتى الآن، ولا يملك العديد الكافي من المدرعات أو المشاة ليقوموا بعملية برية في لبنان وهذا باعتراف جنرالات العدو .

ويختم الحاج علي بالتأكيد أن سورية لا تريد حربا قد تتسع دائرتها لتكون حربا إقليمية أوحتى نواة لحرب عالمية ولكن إذا فرضت عليها، فهي مستعدة للمواجهة، فالجيش العربي السوري جاهز لصد أي عدوان وخاصة مع هيكليته الجديدة التي تنقله من الكلاسيكية إلى الاحتراف . المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی مجدل شمس الحاج علی حزب الله حتى الآن

إقرأ أيضاً:

«مقابر الأرقام».. الصندوق الأسود لجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين

«مقابر الأرقام».. مصطلح يُطلق على المقابر التي يدفن فيها جثث الفلسطينيين الذين قتلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي، بطريقة غير منظمة، حيث يجري دفنهم وفقًا لأرقام ملفاتهم الأمنية.

تفاصيل مقابر الأرقام

وبحسب آخر الأرقام يحتجز الاحتلال الإسرائيلي 552 شهيدا، ويوجد 256 شخصًا في مقابر الأرقام وثلاجات خاصة، فيما تحتجز إسرائيل جثامين 296 شهيدًا منذ عام 2015، ومحتجز أيضًا 44 شهيدًا من محافظة القدس.

أصغر الجثامين المقدسية المحتجزة يعود للطفلين وديع عليان وخالد الزمعانين اللذان يبلغان من العمر 14 عامًا، بينما يعود أقدم جثمان للشهيد جاسر شتات الذي استشهد في عام 1968 ويحتجز الاحتلال جثمانه في «مقابر الأرقام».

ومن بين مجموع الجثامين المحتجزة في «مقابر الأرقام»، 9 نساء و55 طفلا وفتي دون 18 عامًا و32 أسيرًا و5 شهداء من داخل أراضي 1948، و6 شهداء من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وصعد الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 سياسية احتجاز الجثامين إذ بلغ عددها 149 جثمانًا، وهذا العدد أكثر من نصف الشهداء المحتجزين منذ عام 2015 علمًا بأن هذا الرقم لا يشمل الشهداء المحتجزين من قطاع غزة.

نبش المقابر

ولا يوجد تقدير حقيقي لعدد القبور التي جرفها ونبشها الاحتلال لكن التقرير الأخير الصادر في 7 يناير 2024 عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان كشف عن اعتداء الجيش الإسرائيلي على 12 مقبرة عبر تجريفها ونبشها وسرقة عشرات الجثامين منها.

بنك الجلود البشرية الإسرائيلي

وتمتلك إسرائيل أكبر بنك للجلود البشرية في العالم، وهو منشأة طبية تخزن الجلود البشرية لاستعمالها لاحقا في معالجة الحروق والسرطانات الجلدية، وتعود فكرة إنشاء البنك إلى ما بعد حرب أكتوبر 1973 وجرى تدشينه عام 1986 بإشراف من قطاع الطب العسكري التابع للجيش الإسرائيلي ويقدم خدماته على مستوى دولي.

ولجأ الاحتلال الإسرائيلي إلى إضفاء صبغة قانونية لاحتجاز الفلسطينيين وسرقة أعضائهم منها، بقرار المحكمة العليا في إسرائيل عام 2019 الذي يتح احتجاز الجثث في «مقابر الأرقام»، كما شّرع الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) نهاية عام 2021 قانون يسمح لشرطة وجيش الاحتلال الإسرائيلي بالاحتفاظ برفات جثث الفلسطينيين.

استمرار المفاوضات

وتسعى المفاوضات برعاية أمريكية مصرية قطرية بين قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية إلى وقف إطلاق النار بين الطرفين المستمر منذ 11 أشهر ولم يتوقف إلا مرة واحدة لمدة أسبوع واحد في شهر نوفمبر الماضي حيث تم تبادل إطلاق بعض الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية مقابل هدنة إسرائيلية وعدم إطلاق نيران لساعات والسماح بإدخال المساعدات، واستشهد منذ 7 أكتوبر الماضي منذ بداية طوفان الأقصى في الضفة الغربية أكثر من 682 شخصًا، فيما استشهد في قطاع غزة أكثر من 40 ألف شخص أغلبهم من الأطفال والسيدات.

مقالات مشابهة

  • كاريكاتير.. الصمت الدولي على جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الأسرى الفلسطينيين
  • وكالة الأنباء اللبنانية: غارات للطيران الإسرائيلي تستهدف 3 بلدات في الجنوب
  • الاحتلال الإسرائيلي يقتحم قرية في رام الله ويطلق قنابل الصوت تجاه الفلسطينيين
  • عاجل| تهديدات إسرائيل باجتياح الجنوب متكررة والمجتمع الدولي شريك في جرائمها
  • إصابة عشرات الفلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على شمال قطاع غزة
  • الاستعدادات انطلقت.. الجيش الإسرائيلي: قواتنا ستتحرك لهجوم داخل لبنان
  • «مقابر الأرقام».. الصندوق الأسود لجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين
  • أذكار مساء اليوم الجمعة.. كما وردت في السنة
  • من الجولان.. إقرأوا ما أعلنه مسؤولٌ إسرائيليّ عن حزب الله!
  • بالصورة.. العدوّ الإسرائيلي يستهدف منزلاً في الجنوب