د. معز عمر بخيت: ما بين التلفزيون وملف شئون العاملين ????
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
سألني صديق ذات يوم قائلاً متى العودة إلى الوطن؟ فقلت له: لقد قررت العودة قبل عدة سنوات وعند زيارتي للسودان في ذلك الوقت من أجل ترتيب تلك العودة حدثت لي واقعة صغيرة حملت على اثرها حقائبي ورحلت مؤجلاً تاريخ عودتي لأجل غير مسمى. عندما استمع صديقي لتلك الواقعة قال لي: هل يمكنني أن أرحل معك بأثر رجعي؟!
وإليكم القصة:
وأنا طالب بالسنة الثالثة بكلية الطب جاءنا أستاذ جديد يحمل رسالة الدكتوراه وبدأ في إكمال دراسة الطب.
تدرج هو في الوظائف .. هاجر وعاد .. ثم أصبح أستاذاً ومديراً لأحدى الجامعات. ومثله سرت في دراساتي وأبحاثي ونجحت بحمد الله وتوفيقه ونلت شهادة الدكتوراه والتخصص ثم درجة الأستاذية.
عند تلك المحاولة للعودة قرأت في الصحف أن أستاذي العظيم قد تم تعيينه وكيلاً لوزارة الصحة فلم أتمالك نفسي من السعادة فذهبت إليه لتحيته وتهنئته ولإحياء ذاكرة قديمة لطالما توهجت به، وأيضاً لأبحث معه ما يمكننا أن نقدمه معاً من أجل هذا الوطن. وجدته وهو في فناء الوزارة .. عرفته بنفسي فتذكرني ورحب بي وقال لي بأنه يبحث عني ويريد لقائي بصورة عاجلة عند الساعة السابعة من صباح الغد بمكتبه. كدت أطير من الفرح ولم أنم ليلتها وأنا أعد لمشاريع يمكننا أن نقدمها سوياً.
منذ الساعة السادسة كنت أمام مكتبه. حضر هو عند السابعة والنصف .. تصافحنا وذهبنا لمكتبه. بادرني القول بأنه شاهد لي لقاءً بالتلفزيون قبل فترة تحدثت فيه عن انجازاتي .. وباختصار طلب مني ما يثبت ذلك!! عبر لي عن إستيائه لظهوري عبر الشاشة لأتحدث عن اكتشافاتي وقال بالحرف أن الأطباء مستاؤون أيضاً لكنهم لا يواجهونك بل يقولون ذلك من ورائك!! ثم استرسل قائلاً:
كيف تدعي بان لك هذا العدد من المنشورات العلمية وأنه نفسه كبروفيسور لم ينشر نصفها!! وإن كنت أنا أملكها حقيقة فماذا أريد بعد ذلك ولماذا أرهق نفسي أكثر في البحث والنشر؟! ذكر لي في الختام بأنه سيوقف مرتبي الأساسي (الهزيل) إلى أن أرسل له من السويد تلك الإثباتات لتوضع في ملف شئون العاملين. وقام بتسجيل هذا المطلب بملفي وهو موجود حتى الآن ان لم تمزقه الحرب.
كنت وأنا أستمع إليه أنزعه حرفاً حرفا من كل خلايا الإعجاب والقدوة وندمت كثيراً لاقترابي منه فصورته كانت أجمل من بعيد .. ثم حملت أشواقي وعدت بها متلفعاً “بالحزن” والصمت.
بالتأكيد لم يعني لي جزء المرتب الموقوف شيئاً يذكر فقد كان 10 جنيهات اي ما يعادل دولار ونصف او اقل في ذلك الوقت، لكنني أرسلت له من السويد مع صديقي الدكتور ابراهيم بدري الله يطراه بالخير أكثر من ستين بحث وقتها وقد فاق المئتين الان، وكان يمكن أن يجدهم على مراكز المنشورات العلمية بالإنترنت ان كان يدري!! وكتبت له قائلاً في الخطاب المرفق:
سعادة وكيل وزارة الصحة،
أرجو أن يسع لهم ملف شئون العاملين لديكم ..
ولم أزد على ذلك حرفاً.
لكم هو خطير هذا الجهاز الإعلامي وشاشته البلورية .. لكن الأخطر منه هو تلك النفس البشرية التي تظل صغيرة مهما كبرت حولها الألقاب والمسميات وسنوات العمر.
التحية لأطباء السودان ولكل العاملين بوزارة الصحة فأنا منهم وإليهم وإن كانت هذه القصة حقيقية 100% إلا أنها تظل واقعة فردية تمس بحرقة حساسية الشاعر وتحبط همم العطاء في وطن تمزقه العداوات الإنسانية.
مدخل للخروج:
آه لدار لم تعد دار المآب .. آه لأرض أكدت حق الغياب .. آه لمن فقد التوازن وارتمى في بؤرة الزمن العذاب.
د. معز عمر بخيت
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
جبران: قانون العمل الجديد يحقق التوازن بين حقوق العاملين وتحفيز الاستثمار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد وزير العمل محمد جبران، أن قانون العمل الجديد يمثل نقلة نوعية في تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، مشددًا على أنه أُعدّ برؤية متوازنة تضمن الأمان الوظيفي للعمال، وفي الوقت ذاته تخلق بيئة تشريعية جاذبة للاستثمار.
القانون الجديد جاء بعد حوار مجتمعي واسعوأوضح، عبر مداخلة هاتفية لقناة "إكسترا نيوز"، أن القانون الجديد جاء بعد حوار مجتمعي واسع ومناقشات مع كل الجهات المعنية، إلى جانب توافقه مع المعايير الدولية، حيث تستند بنوده إلى أكثر من 65 اتفاقية عمل دولية صدّقت عليها مصر.
القانون يعمل على تبسيط الإجراءات وتقليل الرسوم لتسهيل مهمة المستثمرينوأشار جبران إلى أن القانون يعمل على تبسيط الإجراءات وتقليل الرسوم لتسهيل مهمة المستثمرين، كما تواكب مع خطة الدولة للتحول الرقمي، حيث أصبح بإمكان الشركات تقديم تقاريرها إلكترونيًا، بدلًا من النظام الورقي السابق.
"استمارة 6"
وسلط “جبران” الضوء على أحد أهم مواد القانون الجديد، وهي المتعلقة بـ"استمارة 6"، والتي كانت تُستخدم سابقًا لإنهاء خدمة العامل بشكل منفرد، مشيرًا إلى أنه وفقًا للتعديلات الجديدة، أصبح من الضروري اعتماد هذه الاستمارة من مديريات أو مكاتب العمل لضمان عدم استخدامها بشكل تعسفي.
المحاكم العماليةكما نصّ القانون على أن المحاكم العمالية تلتزم بالفصل في قضايا العاملين خلال مدة لا تتجاوز 3 أشهر، في خطوة وصفها الوزير بأنها تعزز العدالة السريعة وتحمي حقوق العمال وأصحاب الأعمال على حد سواء.