الفرص الضائعة في تاريخنا الوطني ..(1)
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
بعد حرب إكنوبر بين مصر وإسرائيل 1973 وإستخدام النفط كورقة مؤثرة في الحرب ، وإرتفاع أسعار النفط التي جعلت الدول الخليجية تراكم فوائض ضخمة في إحتياطاتها النقدية ، فكرت في إستثمار هذه الفوائض لتأمين أمنها الغذائي ، وقع الإختيار علي السودان ليكون سلة غذاء العالم…
وفي عام 1975 قررت القمة العربية المنعقدة في الأردن إنشاء الهيئة العربية للإستثمار الزراعي ومقرها الخرطوم ، وكذلك المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، وفي نفس الإطار تم إنشاء شركة سكر كنانة كشراكة بين الحكومة السودانية والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت .
وقام الصندوق العربي للإنماء الإقتصادي والإجتماعي بوضع خطة لتطوير القطاع الزراعي في السودان تمتد من العام 1976 إلي العام 2000 وتنفذ علي مرحلتين ، والهدف منها تحقيق الإكتفاء الذاتي من الغذاء للسودان مع إنتاج فائض للتصدير ، وكانت تقديرات حجم الإستثمار الكلي لهذا البرنامج 6 مليار دولار أمريكي …
لم يستفد السودان من هذه الفرصة نتيجة لسوء الإدارة والتشوهات في هيكل الإقتصاد ٠٠
كيف ؟؟؟
بدأ نظام مايو مسيرته بإصدار قرارات التأميم غير المدروسة التي مما أدي لهجرة رؤوس الأموال الأجنبية ، وتدمير القطاع الخاص والجهاز المصرفي ، بجانب تحميل الدولة أعباء إضافية لإدارة المؤسسات المصادرة التي تفشي فيها الفساد وسود الإدارة ..
في العام 1972 إتخذ مجلس الوزراء أخطر قرار منذ إستقلال السودان ( في رأيي الخاص ) وهو السماح للوزاء بجلب القروض الخارجية لمشروعاتهم دون الرجوع لوزارة المالية ، في ذلك الوقت ومع إرتفاع أسعار النفط وتراكم الإحتياطات كان السماسرة الدوليون يجوبون البلدان بحثا عن دول يقرضونها ، ( الوزراء وقعوا في المؤسسات الخارجية وهاك يا ديون ) لمشاريع غير مدروسة ( هل تعرف إنو في قرض جابوهو لإعادة تعمير الفندق الكبير ؟!!! ) ..
لابد من ملاحظة هامة هنا وهي أن السودان قد سيق للوقوع في شرك الوقوع فى مصيدة المؤسسات المالية الدولية ، والدخول في نادي الديون ، والتوقيت مهم جدا وهو تاريخ توجه مايو نحو المعسكر الغربي وبداية تنفيذ إتفاقية أديس أبابا للسلام ..
النتيجة أن جملة القروض النقدية فقط بلغت 2.654.9 مليون دولار أمريكي ، وهي قروض قصيرة ومتوسطة المدي ، ولأنها غير مدروسة وذهب معظمها لمشاريع إما أنها لم تنفذ مطلقا ( مشروع مصنع نسيج قدو ، مصنع بورتسودان ، سكر ملوط ) أو وظفت في مشاريع فاشلة ، حل أجلها وفشلت الحكومة في سدادها ، ومن هناك بدأ تراكم خدمة الديون التي تبلغ اليوم حوالي 60 مليار دولار أمريكي!!!!!
والنتيجة الأخري لذلك القرار الخطير هو أن البلاد لم تستطع الإستفادة من توقف الحرب بموجب إتفاقية أديس أبابا حيث إستمر عجز الميزانية منذ العام 1972 وإلي 1983 ، كما استمر إختلال الحساب الخارجي مما أدى إلى فجوة في ميزان المدفوعات ..
في عام 1977 ، تقدم وزير المالية بمذكرة لرئيس الجمهورية يعلن فيها أن الدولة علي حافة الإفلاس ، فتولي رئيس الجمهورية وزارة المالية بنفسه ، وعلي الرغم من تنفيذ مشاريع كبيرة خلال تلك الفترة إلا أن ( الكبوات الكبري) للإقتصاد السوداني بدأت جذورها عندئذ …
ونتيجة لذلك الفشل وسوء الإدارة فوت السودان فرصة توجه الدول العربية ليكون السودان سلة غذاء العالم حقيقة ، بينما بقي الشعار كلاما تلوكه الحكومات المختلفة ونتغني به في أناشيدنا المدرسية ، الله المستعان …
( إعتمدت في هذا المقال علي كتاب الدكتور عبدالوهاب عثمان ، منهجية الإصلاح الإقتصادي ، وكتاب د علي عبدالقادر من التبعية إلي التبعية ) ..
ياسر يوسف
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حكم أمريكي على وزير مالية أسبق بموزامبيق في قضية مرتبطة بشركة إماراتية
أصدر قاضٍ أمريكي، الجمعة، حكما بالسجن لمدة ثمانية أعوام ونصف العام على وزير مالية موزامبيق الأسبق، مانويل تشانج، بعد إدانته في قضية احتيال كبرى تتعلق بقروض بلغت قيمتها ملياري دولار.
حصلت على هذه القروض ثلاث شركات مملوكة للدولة لتطوير صناعة صيد الأسماك وتعزيز الأمن البحري، لكنها تحولت إلى فضيحة فساد عُرفت باسم "سندات التونة".
وأدانت هيئة محلفين في بروكلين تشانج (69 عامًا) في آب /أغسطس الماضي بتهم التآمر لارتكاب عمليات احتيال عبر الإنترنت وغسيل أموال، وذلك بعد محاكمة استمرت أربعة أسابيع.
وأوصى القاضي الأمريكي، نيكولاس جارافيس، الذي أصدر الحكم، باحتساب السنوات الست التي قضاها تشانج في الاحتجاز منذ اعتقاله، ما يجعله مؤهلا للإفراج عنه وترحيله إلى موزامبيق خلال عامين ونصف.
وبحسب ممثلي الادعاء، دفعت شركة "بريفينفست" الإماراتية اللبنانية لبناء السفن رشاوى بقيمة سبعة ملايين دولار لتشانج، مقابل موافقته على تقديم حكومة موزامبيق ضمانات للحصول على القروض من مؤسسات مالية، منها بنك "كريدي سويس". إلا أن المشاريع المزعومة انهارت، وتخلفت الشركات عن السداد، مما أدى إلى تكبد المستثمرين خسائر بملايين الدولارات.
تم القبض على تشانج في جنوب إفريقيا عام 2018، قبل أن يتم تسليمه إلى الولايات المتحدة في العام التالي لمواجهة الاتهامات. ورغم نفي تشانج للتهم الموجهة إليه، فقد وُصفت القضية بأنها واحدة من أكبر فضائح الفساد في إفريقيا.
وتجدر الإشارة إلى أن موزامبيق كانت قد طالبت بإعادة تشانج لمحاكمته على أرضها بدلًا من الولايات المتحدة.