«مدارس الحياة» تثري المهارات بفنون السرد البصري
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
دبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلة «موارد دبي» تُصدر تقرير «استشراف مستقبل الموارد البشرية» طرق دبي ترسي عقد مشروع توسعة المداخل المؤدية لمول الإمارات بتكلفة 165مليون درهمجلسات مُلهمة وأنشطة تفاعلية مبتكرة تقدمها هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» لزوار مكتبات دبي العامة وكافة فئات المجتمع، عبر أندية «السينما» و«التصوير» و«الفن» و«الشطرنج»، التي تندرج تحت مظلة مشروع «مدارس الحياة» الهادف إلى تنمية مهارات الكبار والصغار وإثراء معارفهم حول أساليب السرد البصري وصياغة القصص المؤثرة، وتمكينهم من توثيق ذكرياتهم باستخدام فنون التصوير الفوتوغرافي والسينمائي.
فن الكولاج
تحت عنوان «لحظات وذكريات: التصوير الفوتوغرافي والسينما»، تطل «مدارس الحياة» خلال أغسطس المقبل، حيث يكون رواد مكتبة الصفا للفنون والتصميم على موعد مع تشكيلة من ورش العمل ضمن فعاليات «نادي الفن»، ومن بينها ورشة «صندوق الذكريات: كولاج» وفيها يتعلم الأطفال فن الكولاج وكيفية دمج الصور الفوتوغرافية لتصميم صندوق ذكرياتهم الخاصة، فيما يتعرفون في ورشة «إبداع من قصاصات الصور» على تقنيات الوسائط المتعددة، وكيفية جمع الصور لتكوين قصاصات على شكل فسيفساء واستخدام الزخرفة المختلفة، كما يتمكنون في ورشة «الرسم على أطباق الخزف» من ابتكار مجموعة من التصاميم الأنيقة.
«نادي السينما»
في المقابل، يتيح «نادي التصوير» لزوار مكتبة الصفا للفنون والتصميم، فرصة تعلم فنون رواية القصص باستخدام التصوير الصحافي، إلى جانب التعرف على تقنيات التصوير المتقدمة وتطبيقها بشكل عملي بهدف تطوير مهارات السرد القصصي لدى المشاركين، حيث يتولى تقديم ورش التصوير نخبة من أعضاء جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي.
وخلال أغسطس المقبل تستضيف مكتبة المنخول العامة فعاليات «نادي السينما»، لتدريب المشاركين على كيفية تحليل الأفلام الكلاسيكية واستكشاف التكوين البصري، كما تقدم ورشة «أساسيات تحريك الكاميرا في السرد القصصي» مفاهيم واستراتيجيات دمج إطار الكاميرا والحركات المستخدمة التي تساهم في إبراز الجوانب البصرية وتعزيز تجربة المشاهد، بينما تمثل ورشة «دمج التأطير والحركة» مدخلاً لتعليم المشاركين حركات الكاميرا وطرق السرد البصري وإنتاج القصص المؤثرة، حيث يتمكن المشاركون في الورش من توظيف مهاراتهم في التعبير البصري لإنتاج مشروع سينمائي يتم عرضه ضمن فعاليات النادي.
«عدسة الذكريات»
تهدف ورشة «وتجمعنا صورة: من القلب إلى العدسة» إلى تعريف رواد نادي ذخر الاجتماعي على تقنيات إنشاء الصور العائلية، وكيفية تحديد الأماكن والإضاءة لالتقاط جوهر الروابط العائلية وتوثيق اللحظات بأساليب إبداعية ومميزة، كما تمنح ورشة «عدسة الذكريات» رواد مكتبة حتا العامة فرصة اكتشاف قوة التصوير الفوتوغرافي ودورها في سرد القصص المرتبطة بالتراث والثقافة المحلية والهوية الوطنية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: هيئة الثقافة والفنون دبي الفنون مكتبات دبي العامة
إقرأ أيضاً:
الصورة والعمى .. كأن شيئًا ما قد مات!
« أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصرُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ»
من سورة الحج، الآية 64.
تعاظم اهتمامي بموضوع الصورة خلال الحرب على غزة، فقد كانت هذه الحرب الإبادية المدمرة في جهة منها مختبرًا حقيقيًا موحشًا للصور، هذا لمن يرقب المشهد من خارجه وليس لمن هو جزء من الحدث. الزخم الهائل للصور الوحشية وتدفقها السريع على مدار الساعة جعلني أتبيَّن حقيقةَ أننا واقعون -لا محالة- في أسر ما نراه على التلفزيونات والهواتف. ولا شك أننا، هذه المرة بالذات، بعد الحرب على غزة، ندخل في صراع حاسم مع البَصَريّ؛ فإما أن نسمح للصور التي تحتلُ المساحات العظمى من نظرنا بأن تمعن في تدجيننا أكثر مما فعلت طيلة أكثر من قرن منذ اختراع التصوير، وإما أن نجتهد قليلًا في مقاومتها عبر إمعان النظر واختراق طبقات الصورة المُجَمَّدة، كي نخضعها بوعينا إلى قراءة جديدة، غير حصرية ولا منتهية.ذلك يعني أن عصرًا جديدًا في تاريخ الصورة لا بدَّ أن يبدأ، عصرًا ننتقل فيه من مرحلة «الفُرجة» السلبية الكسولة الضجرة، حيث تعتاش الذاكرة على تلقي العيون إلى حد الإشباع، ومن دون تدخل، إلى مرحلة القراءة التي تغدو فيها الصورةُ نصًا. قراءة الصورة، مرةً ومرتين وثلاثًا، إلى أن يتمكن الرائي في اختراق تحصينات الصورة وأغشيتها السميكة، هي الحيلة. هكذا في اعتقادي بأنه يمكننا أن نقاوم العمى وهيمنة خطاب الصورة الدامغ والمضلل. من هنا يصبح بوسعنا أن نعطي الصورة أكثر مما نأخذ منها. لكن الاعتياد يبقى الخطر الأكبر الذي يشوب علاقتنا بالصورة ويعطّل حوافز التفكير فيها ويحد من قراءتها بوصفها نصًا لا ينضب. لم يكن تطبيق إنستجرام موجودًا، ولا شبكة الإنترنت التي نعرفها اليوم، حينما ألَّفت سوزان سونتاغ كتابها الشهير «حول الفوتوغراف» عام 1977، حيث كتبت عن اعتيادنا للصور إن «طبيعة المشاعر، بما فيها الغضب الأخلاقي، التي يستطيع الناس تجميعها كردِّ فعل على الصور الفوتوغرافية للمقموع، المُستَغلّ، الجائع، والمذبوح تعتمد أيضًا على درجة اعتيادهم على هذه الصور». فورًا تضرب سونتاغ مثالين من ذاكرة النصف الثاني للقرن العشرين: «صور دون ماكولين للبيافريين الهزيلين، في نيجيريا، بدايات السبعينيات، كان لها تأثير أقل في بعض الناس من صور ورنر بيشوف لضحايا المجاعة في الهند، بدايات الخمسينيات، لأن هذه الصور غدت عادية. ولا بدَّ أن صور عوائل الطوارق، المعرضين للموت جوعًا، والتي ظهرت في المجلات في كل مكان عام 1973، بدت للعديد من الناس لقطات لا تحتمل لمعرض صار مألوفًا من الوحشية». حين تتوقف سوزان سونتاغ، في سبعينيات القرن الماضي، للاستشهاد بصور تحكي هزال البيافريين في نيجيريا أو مأساة الطوارق الجوعى في الصحراء الإفريقية، فإن أمثلة سحيقة كهذه بمقايس اليوم، والتي التُقطت على الأغلب بجودة متواضعة يحدها تطور عدسات ذلك الزمان، وأغلب الظن أنها لم تكن ملونة، ستقودنا حتمًا لنتساءل عمَّا تبقى منها في ذاكرة الألم الإنساني، وعن مدى تأثيرها اليوم في الحساسية العامة بعد أن طُمِرت، خلال خمسين سنة من التصوير، تحت صور أكثر فحشًا وجرأة وفظاعة. يمكننا في البلاد العربية المعذبة أن نلتفت إلى أرشيفنا البصري المعاصر فحسب، الحافل بصنوف مختلفة من أشكال التعذيب والقتل والاغتيال والدمار والجوع والسغب والمرض والهزال وسوء التغذية، في ملايين من الصور ذات الجودة العالية ولقطات الفيديو الجريئة التي تقفز بجنون خارج أسوار اللغة ونعوتها واستعداداتها التقليدية للوصف والمجاز، فأين ستتبخر تلك الصور الوحشية من الحرب الأهلية اللبنانية، والتي حاول روبرت فيسْك كتابتها في كتابه «ويلات وطن» مستعينًا بالصور حين تُخفق اللغة؟ أين ستتخبر مشاهد سوق العرب العُمانيين جماعات إلى حُفر الذبح الكبيرة في ذلك الفِيلم المرتجل الذي سرَّبه مصور إيطالي إلى العالم عام 1964؟ وتحت أي طبقات من النسيان ستختفي الصور الفاحمة لمذبحة دير ياسين عشية النكبة؟ وفي أي درج ستخفي الولايات المتحدة تلك الصور المسربة من حفلات التعذيب في معتقل أبو غريب؟ وغيرها وغيرها من الفظاعات المصورة، هل يسعها كلما قشَّرنا بصلة الذاكرة أن تستفز غضبنا الأخلاقي اليوم أمام هول الإبادة المبثوثة بأعلى التقنيات وأفقع الألوان؟
من شريط الإبادة الطويل، على مدى عام ونصف العام، أريد فقط أن أحتفظ بالصورة الأخيرة للجسد، الطفل، العليل حتى الموت في سرير بمستشفى أبي يوسف النجار في رفح.. أريد فقط أن أحتفظ بصورة يزن الكفارنة الذي قتله الإسرائيليون عطشًا لرائحة الجلوكوز في الدم. تكفي صورة واحدة لكي أتذكر، وصور يزن كانت درسي لتجاوز النظر في الصورة إلى قراءتها نصًا أحفوريًا يتكشَّف كلما جددت النظر وأطلت التأمل.
كأن شيئًا ما قد مات.. أجل، من المؤكد أن شيئًا فطريًا في تكويننا الطينيّ الأول قد انتُهك مرارًا حتى الموت بفعل الكاميرات وإشعاع الصور المُحرق، وكأن حواسنا أصبحت على حين غفلة أقل ذكاءً مما كانت عليه بالأمس، لذا لا بدَّ أن أوصي أصدقائي المصورين بضرورة قراءة كتاب «حول الفوتوغراف» لسوزان سونتاغ، كي يدركوا على الأقل أي أسلحة فتَّاكة تلك التي يصوبونها نحونا في المحافل والأوقات السعيدة.
سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني