صاروخ مجدل شمس.. شرارة جديدة في المواجهة بين حزب الله وإسرائيل
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
بيروت- يترقب اللبنانيون بقلق وتتجه أنظارهم نحو الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد حادثة سقوط الصاروخ على ملعب كرة قدم بقرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، حيث سارعت تل أبيب إلى اتهام حزب الله بالمسؤولية، وتوعدت بردّ قاس عبر تصريحات مسؤوليها السياسيين والعسكريين.
وتشير التطورات الأخيرة إلى أن حادثة مجدل شمس قد تكون نقطة تحول في المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، إذ تعد الأخطر منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، عقب يوم واحد من عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد المستعمرات الإسرائيلية في منطقة غلاف غزة.
وفيما سارع حزب الله لإصدار بيان نفى فيه بشكل قاطع الادعاءات الإسرائيلية بمسؤوليته عن الحادثة، ووصفها بأنها "كاذبة"، فإن حركة الاتصالات الدبلوماسية على كافة المستويات لم تهدأ لمنع انزلاق التطورات إلى حرب شاملة في المنطقة.
ردود رسمية محذرةمن جهتها أصدرت الحكومة اللبنانية بيانا أعربت فيه عن إدانتها لكل أعمال العنف والاعتداءات ضد المدنيين، ودعت إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية على جميع الجبهات، وأكدت أن "استهداف المدنيين يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي ويتعارض مع مبادئ الإنسانية".
وحذر وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب من أن شن إسرائيل أي هجوم كبير ضد لبنان سيؤدي إلى "حرب إقليمية"، وأضاف أن لبنان طلب من الولايات المتحدة حث إسرائيل على ضبط النفس، بينما طلبت الولايات المتحدة من الحكومة اللبنانية "كبح جماح" حزب الله.
في المقابل، توالت التهديدات من المسؤولين الإسرائيليين، وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن حزب الله "سيدفع ثمنا باهظا لم يدفع مثله حتى الآن"، وأكد وزير الخارجية يسرائيل كاتس أن "هجوم حزب الله تجاوز كل الخطوط الحمراء وسيكون الرد وفقا لذلك".
بدوره، توعد وزير الدفاع يوآف غالانت بضرب الحزب "في كل مكان نحتاج لضربه فيه" حسب وصفه، وطالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير رئيس الوزراء بشن حرب على حزب الله فورا.
وفي ظل هذه التهديدات، أعرب المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان أندريا تيننتي للجزيرة نت، عن قلق "اليونيفيل" من إمكانية توسع الصراع في جنوب لبنان بعد حادثة مجدل شمس، وأشار إلى أن التواصل مستمر مع الجانبين اللبناني والإسرائيلي بهدف خفض التوتر عند الخط الأزرق.
ويرى محللون أن هذه التطورات تنذر بمواجهة جديدة قد تكون الأعنف بين الطرفين، مما يثير القلق في المنطقة ويضعها على حافة تصعيد خطير، ويوضح المحلل السياسي إبراهيم حيدر أن هناك اتصالات دبلوماسية دولية مكثفة تهدف إلى خفض التصعيد ومنع تفاقم الوضع على الحدود الجنوبية، وتسعى هذه الجهود إلى تجنب الانزلاق إلى مواجهة واسعة النطاق.
ويقول حيدر للجزيرة نت، إن الصورة الحالية للوضع في الجنوب اللبناني تشير إلى أن نتنياهو يحاول استغلال حادثة مجدل شمس إلى أقصى حد، وهو يسعى إلى تسليط الضوء على الجبهة الشمالية مع تصاعد لهجة وزراء حكومته لشن حرب على حزب الله في لبنان، على الرغم من نفي الحزب أي علاقة له بالحادثة.
ومع أن حادثة مجدل شمس قد تكون الشرارة التي قد توسع الحرب الإسرائيلية، حسب ما يرى المحلل، لكنها ليست السبب الرئيسي لشن حرب ضد حزب الله، ويضيف "بات واضحا أن جبهة الجنوب لن تعود إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فهي إما حرب أو اتفاق".
وينتظر الجميع ما ستؤول إليه المواجهات، سواء كان ذلك عبر تغيير جذري لقواعد الاشتباك بتحقق احتمال ضرب إسرائيل مواقع حيوية في لبنان، أو عبر فرض واقع جديد من خلال القصف العنيف وتكثيف الاغتيالات، خصوصا بعد تعثر التسوية وتعليق وساطة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، حسب ما يؤكد المحلل السياسي حيدر.
ولفت إلى أن نتنياهو يسعى لتنفيذ خطة، متخذا من صاروخ مجدل شمس عنوانا للتصعيد، على الرغم من أن الحادثة أخذت بعدا إقليميا ودوليا، ويقول المحلل إن إسرائيل تحاول الضغط من خلال اعتبارها أن حزب الله يساوي لبنان، مما يعني أن الحرب المقبلة قد تأخذ منحى مختلفا مع احتمال ضرب منشآت ومواقع حيوية خارج منطقة العمليات على الحدود.
ويرى حيدر أن كل المؤشرات تدل على أن إسرائيل ستذهب بعيدا في عملياتها ضد حزب الله، لكنها ما زالت تواجه "فيتو" أميركيًّا، إذ ترفض إدارة الرئيس جو بايدن إعطاء نتنياهو الضوء الأخضر للحرب واجتياح الجنوب، ومن جهة أخرى حذرت الخارجية الإيرانية إسرائيل من أي مغامرة جديدة ضد لبنان قد تؤدي إلى توسيع نطاق عدم الاستقرار والحرب في المنطقة.
أخيرا، يؤكد حيدر أن الميدان لا يمكن التحكم به، وأن الأمر يرتبط أيضا بحزب الله الذي لديه حسابات أخرى لتكريس معادلة جديدة تسبق أيَّ تفاوض مقبل أو ربما، حربًا واسعة، لافتا أنه استخدم أسلحة جديدة وذهب إلى ضرب مواقع إسرائيلية ومستوطنات لم تكن على لائحة الأهداف، وآخرها إطلاق مسيّرة نحو حقل كاريش الإسرائيلي.
تبرير للعدوانويعتبر الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير أن إسرائيل مصرة على اتهام حزب الله في حادثة مجدل شمس، وذلك لإيجاد تبرير للقيام بعملية عسكرية واسعة ضد لبنان وحزب الله، وللحصول على دعم دولي وإقليمي لهذه العملية.
ويوضح قصير للجزيرة نت، أن نتنياهو يسعى للهروب إلى الأمام عبر تصعيد العمليات على الجبهة الشمالية، ولاسيما بعد زيارته لأميركا والضغوط التي تعرض لها لوقف الحرب والقبول بالمفاوضات.
ويشير قصير إلى "أننا في مرحلة تصعيد عسكرية، وكل الاحتمالات واردة، رغم أن خيار الحرب الواسعة ليس سهلا وستكون له تداعيات خطيرة، ومع ذلك، فإن حزب الله مستعد لكل الاحتمالات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حادثة مجدل شمس حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
صيغة وسط بين “حماس” وإسرائيل لوقف دوامة الدم.. مبادرة مصرية جديدة لإحياء الهدنة.. وترامب يقرر مصير غزة
البلاد – القاهرة
تسابق مصر الزمن لوقف دوامة الدم في غزة، في وقت بلغت فيه آلة الحرب الإسرائيلية ذروتها، وسط معاناة إنسانية بالغة القسوة لأهل القطاع بفعل القصف والتجويع والحصار. وفي تطور جديد، كشفت مصادر متطابقة عن تقديم القاهرة – مرة أخرى – مقترحًا معدّلًا لاستعادة التهدئة بين إسرائيل وحركة “حماس”، يعيد الأمل بإمكانية وقف إطلاق النار، فيما يبدو أن ذلك مرهون بمدى تدخل وضغط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتنص المبادرة المصرية، التي سُرّبت خطوطها العريضة خلال الساعات الأخيرة، على إطلاق سراح 8 رهائن أحياء تحتجزهم “حماس”، بينهم إسرائيلي يحمل الجنسية الأمريكية، مقابل إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، ووقف لإطلاق النار لمدة تتراوح بين 40 و70 يومًا، وإفراج إسرائيل عن أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين، في إطار صفقة تبادلية تمهّد لمرحلة تفاوضية أوسع.
وتُعد هذه المبادرة نقطة وسط بين الموقفين المتباعدين للجانبين؛ إذ طالبت إسرائيل بالإفراج عن 11 رهينة، فيما عرضت “حماس” إطلاق سراح اثنين فقط، على أن يُبحث مصير الرهائن الآخرين ضمن مفاوضات المرحلة الثانية، المشروطة بدورها بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي شامل من القطاع.
وتعكس طبيعة المبادرة المصرية إدراكًا لحراجة اللحظة وضرورة كسر الجمود، خصوصًا أن الأوضاع الإنسانية في القطاع باتت تضغط بشدة على صانع القرار داخل “حماس”، وسط دمار واسع ونقص حاد في الإمدادات. وفي المقابل، يبدو أن حظوظ تمرير المبادرة ستتوقف إلى حد كبير على قدرة الرئيس ترامب على ممارسة ضغط فعلي على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي ما زال يراوغ في الالتزام بتعهداته السابقة.
وأبدى ترامب مؤخراً رغبته في وقف الحرب على غزة، وذلك خلال استقباله نتنياهو في البيت الأبيض، وقال: “أود أن أرى الحرب تتوقف، وأعتقد أنها ستتوقف في وقت ما، ولن يكون ذلك في المستقبل البعيد”، لكنه أضاف أن “سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وامتلاكها له” سيكون أمرًا جيدًا، مجددًا اقتراحًا طرحه مرات عدة خلال الأسابيع الأولى من ولايته.
ويُشار إلى أن “حماس” كانت قد رفضت في وقت سابق مقترحات قدمها المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بدعم إسرائيلي، تتضمن إطلاق سراح رهائن إضافيين قبل الدخول في مفاوضات تثبيت الهدنة، ووصفت تلك المقترحات بأنها منحازة بالكامل لإسرائيل.
وحقيقة الأمر أن العقدة الأبرز لوقف الحرب تظل في ملف سلاح “حماس”، إذ تصر كل من إسرائيل والولايات المتحدة على نزع سلاح الحركة كشرط أساسي لأي اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار والانسحاب الشامل من القطاع.
وترفض “حماس” بشكل قاطع أي طرح يتضمن نزع سلاحها، معتبرة أن السلاح هو جزء من أدوات المقاومة الشرعية، ولا يمكن مناقشة مصيره إلا بعد زوال الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. في المقابل، تتمسك تل أبيب وواشنطن برؤية تقوم على جعل غزة منطقة منزوعة السلاح وخارجة عن سيطرة “حماس”، ما يضع الحركة أمام خيارين مصيريين: إما الدخول في تسوية سياسية شاملة تتخلى خلالها عن سلاحها، أو مواجهة حرب استنزاف شاملة تستهدف تصفيتها عسكريًا وتنظيميًا، بما في ذلك تنفيذ عمليات اغتيال خارج القطاع.
ويبلغ عدد الرهائن الذين تحتجزهم “حماس” منذ عملية السابع من أكتوبر نحو 59 شخصًا، يُعتقد أن 24 منهم على قيد الحياة. وانتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار مطلع مارس الماضي، لتعاود إسرائيل شن ضرباتها، وتغلق المعابر، وتمنع تدفق المساعدات إلى القطاع المنكوب.