بعد حادثة مجدل شمس .. هل تغامر إسرائيل بحرب شاملة في لبنان؟
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
سرايا - يحاول الاحتلال أن يجد طريقا بين التصعيد والتهدئة للرد على حادثة مجدل شمس التي نفى حزب الله بشكل قاطع مسؤوليته عنها. وفي حين يرى مسؤولون صهاينة أن الحادثة يجب أن تكون ذريعة لتوجيه "ضربة قاسية" لحزب الله، يخشى آخرون من خطورة الخروج عن قواعد الاشتباك التي ستكلف إسرائيل "ثمنا باهظا" أيضا.
وأعلن الجيش الصهيوني السبت مقتل 12 شخصا وجرح العشرات جراء صاروخ قال إنه أطلق من لبنان وسقط في ملعب لكرة القدم ببلدة مجدل شمس بالجولان السوري المحتل، واتهم حزب الله بإطلاقه وتوعده بـ"رد قاس ودراماتيكي".
وجاءت لهجة التصعيد الأقوى من وزير الطاقة والبنية التحتية الصهيوني إيلي كوهين حيث قال إن "لبنان يجب أن يحترق.. علينا أن نقوم بعمل كبير في الشمال، وهو ما سيكلف لبنان وحزب الله ثمنا باهظا".
رغم نفي حزب الله في بيان مسؤوليته عن حادثة مجدل شمس، تشي تصريحات المسؤولين في الاحتلال بتسخين الأجواء لشن حرب واسعة مع حزب الله في لبنان، متخلية بذلك عن قواعد الاشتباك الضمنية التي استمرت طوال 10 أشهر من المعارك الجارية بين الطرفين.
ويشير الكاتب عاموس هاريل في مقال بصحيفة هآرتس (عدد 28 تموز /يوليو ) إلى أن الاحتلال وحزب الله أقرب من أي وقت مضى إلى حرب شاملة، لكنه استبعد وقوعها لاعتبارات مختلفة، مشيرا إلى أن الاحتلال سيرد على الهجوم ولكن ليس بالطريقة التي ستجلب الحرب، وفق تعبيره.
ويشير محللون آخرون إلى أن الحادث قد يكون بالفعل الشرارة التي قد تمهد لمواجهة شاملة، لكن الجانبين لا يرغبان في التصعيد إلى هذه الدرجة على الأقل في الوقت الراهن، كما أن دولة الاحتلال لو كانت معنية بدخول حرب شاملة على الجبهة الشمالية لفعلت ذلك مبكرا -وفق تقديرهم- لأن ما كان يحصل فعليا خلال المعارك الماضية يعد كافيا للذهاب إلى حرب أشمل إذا كانت تريد ذلك.
ومنذ حرب تموز (يوليو) 2006، تحكم معادلة ردع متبادل الصراع بين الطرفين، أفرزت عمليا قواعد اشتباك متفقا عليها ضمنيا، منعت اندلاع حرب شاملة جديدة طوال نحو عقدين، وما زالت تسيّر المعارك الدائرة حاليا.
واتبع حزب الله حدود الحرب المرسومة ضمنيا وفق قواعد الاشتباك التي أفرزتها حرب 2006، حفاظا على التوازنات السياسية الدقيقة في المشهد السياسي اللبناني المنقسم حول دوره وسلاحه، وخشية تحول الحرب إلى عمليات انتقام صهيونية واسعة ودمار هائل قد يطال بيروت ومدنا أخرى وفقا لما يعرف إسرائيليا بـ"عقيدة الضاحية"، التي تعتمد بالأساس على استعمال القوة الهائلة لسلاح الطيران.
وفي المقابل، يخشى الاحتلال أيضا من دمار مماثل وخسائر فادحة ومفاجآت عسكرية غير محسوبة، تبعا للترسانة الكبيرة التي يمتلكها حزب الله من الصواريخ والمسيّرات وخبرات مقاتليه، الذين يصل عددهم إلى نحو 100 ألف، بينهم قوات نخبة متمرسة، وجبهة دعم وإسناد، تضم إيران و"محور المقاومة".
ويعتمد الطرفان في الوقت الراهن مبدأ "الضربة بالضربة"، فعندما زاد الاحتلال من وتيرة عمليات الاغتيال المستهدفة لقيادات من حزب الله خلال الحرب الجارية، كثف الحزب تدريجيا ضرباته الصاروخية ردا على كل عملية اغتيال، لتتجاوز أحيانا 100 صاروخ في الضربة الواحدة وتصل إلى نحو 40 كيلومترا، في العمق الصهيوني.
رغم الإدانات الأميركية والغربية وتماهيهم مع السردية للاحتلال حول الحادث ومسؤولية حزب الله، فإن الطرفين لا يرغبان في التصعيد إلى حرب شاملة، تكون لها عواقب إقليمية وخيمة. من جهتها حذرت وزارة الخارجية الإيرانية الكيان المحتل "من أي مغامرات جديدة من الكيان الصهيوني تجاه لبنان بذريعة حادث مجدل شمس.. يمكن أن تؤدي لتوسيع رقعة الأزمة والحرب بالمنطقة".
وفي مسألة التحول إلى حرب شاملة، لا يتعلق الأمر فقط بقوة الردع التي أثبتها حزب الله في مواجهة الاحتلال أو المحاذير الدولية والإقليمية، فهناك عوامل هشاشة داخلية عسكرية وسياسية في إسرائيل تقيد إمكانية اللجوء إلى حرب واسعة ستجر مخاطر كبيرة عليها، خصوصا مع دروس التعثر في العدوان على غزة جنوبا والمواجهة مع حزب الله شمالا.
فحسب مدير معهد دراسات الأمن القومي ورئيس المخابرات العسكرية الأسبق تامير هايمان في مقال بصحيفة جيروزاليم بوست (عدد 23 تشرين الأول / أكتوبر 2024) "لا ينبغي أن تخوض إسرائيل حربا مع حزب الله إلا بعد معالجة الإخفاقات الحالية، وتثبيت استقرار قيادتها، وتحسين مكانتها الإقليمية والدولية".
ويشير ذلك إلى عوامل ضعف، تجعل من قرار الذهاب إلى الحرب الشاملة في لبنان مغامرة عسكرية وسياسية، ليس الكيان مستعدة لها في الوقت الراهن -وفق المحللين- رغم التصريحات التي تذهب في اتجاه التصعيد.-(وكالات)
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: حرب شاملة مجدل شمس حزب الله إلى حرب
إقرأ أيضاً:
عشرات النواب البريطانيين يطالبون بفتح تحقيق حول دور حكومتهم بحرب غزة
وقع 37 نائبًا برلمانيًا بريطانيًا، بينهم 10 من حزب العمال، على رسالة موجهة إلى رئيس الوزراء كير ستارمر يدعون فيها إلى فتح تحقيق مستقل حول دور الحكومة البريطانية في الحرب على غزة.
وجاءت الرسالة التي بادر بها زعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربين، مطالبة بإجراء "تحقيق شامل يتمتع بصلاحيات قانونية لكشف الحقيقة".
ومن بين الموقعين على الرسالة، التي اطّلعت عليها شبكة "سكاي نيوز"، نواب العمال الجدد بريان ليشمان وستيف وذرين اللذان فازا في الانتخابات التشريعية الأخيرة في تموز/يوليو الماضي، إلى جانب نواب اليسار داخل الحزب مثل ديان أبوت وزارا سلطانة وناديا ويتوم.
كما حظيت الرسالة بدعم نواب من أحزاب أخرى مثل الحزب الوطني الاسكتلندي وبلاد كامري وشين فين، إضافة إلى أعضاء في مجلس اللوردات.
ويأتي هذا التحرك في وقت يواجه فيه الاحتلال الإسرائيلي اتهامات بـ"الرقابة والمنع" بعد رفضها دخول نائبتين من حزب العمال ثم ترحيلهما، وكانتا ضمن وفد برلماني يزور الأراضي المحتلة.
وقد برر الاحتلال قراره بالاشتباه في أن النائبتين تهدفان إلى "تحريض نشطاء معادين لإسرائيل" ونشر "خطاب كراهية". بينما أكدت النائبتان أنهما كانتا في زيارة لمشاريع إغاثة إنسانية في الضفة الغربية، وحظيتا بدعم وزير الخارجية ديفيد لامي الذي وصف القرار بـ"غير المقبول".
من جهة أخرى، يواجه الاحتلال الإسرائيلي اتهامات بعد حادثة مقتل 15 عاملاً في المجال الإنساني قرب مدينة رفح جنوبي قطاع غزة في 23 آذار/مارس الماضي، ودفن جثثهم في "مقبرة جماعية"، وفقاً لمسؤول الأمم المتحدة جوناثان ويتول.
بينما أفادت تحقيقات أولية لجيش الاحتلال أن القوات أطلقت النار على مجموعة مركبات، بينها سيارات إسعاف، بسبب "شعورها بتهديد محتمل بعد مواجهات سابقة في المنطقة"، مشيرة إلى أن ستة من القتلى "تم تحديد هوياتهم كإرهابيين من حماس" دون تقديم أدلة٬ بحسب قناة سكاي نيوز البريطانية.
وفي سياق متصل، كشفت الرسالة عن انقسامات داخل حزب العمال حول موقفه من الحرب على غزة، خاصة بعد تصريحات ستارمر التي اعتُبرت داعمة للاحتلال الإسرائيلي في حربه على القطاع، والتي تراجع عنها لاحقاً مؤكداً حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها فقط.
واتهم كوربين، الذي يجلس في البرلمان كمستقل بعد منعه من الترشح باسم العمال، الحكومة البريطانية بـ"التعتيم والتجاهل" في الرد على استفساراته حول استمرار مبيعات مكونات طائرات إف-35 للاحتلال ودور القواعد العسكرية البريطانية، والتعريف القانوني للإبادة الجماعية.
وحذر من أن "التاريخ قد يعيد نفسه" في إشارة إلى تقرير تشيلكوت حول حرب العراق الذي كشف اعتماد بريطانيا على "معلومات استخباراتية خاطئة" قبل غزو العراق عام 2003، وانتقد دور رئيس الوزراء العمالي السابق توني بلير في تلك الحرب.