سرايا - يحاول الاحتلال أن يجد طريقا بين التصعيد والتهدئة للرد على حادثة مجدل شمس التي نفى حزب الله بشكل قاطع مسؤوليته عنها. وفي حين يرى مسؤولون صهاينة أن الحادثة يجب أن تكون ذريعة لتوجيه "ضربة قاسية" لحزب الله، يخشى آخرون من خطورة الخروج عن قواعد الاشتباك التي ستكلف إسرائيل "ثمنا باهظا" أيضا.

وأعلن الجيش الصهيوني السبت مقتل 12 شخصا وجرح العشرات جراء صاروخ قال إنه أطلق من لبنان وسقط في ملعب لكرة القدم ببلدة مجدل شمس بالجولان السوري المحتل، واتهم حزب الله بإطلاقه وتوعده بـ"رد قاس ودراماتيكي".



وجاءت لهجة التصعيد الأقوى من وزير الطاقة والبنية التحتية الصهيوني إيلي كوهين حيث قال إن "لبنان يجب أن يحترق.. علينا أن نقوم بعمل كبير في الشمال، وهو ما سيكلف لبنان وحزب الله ثمنا باهظا".

رغم نفي حزب الله في بيان مسؤوليته عن حادثة مجدل شمس، تشي تصريحات المسؤولين في الاحتلال بتسخين الأجواء لشن حرب واسعة مع حزب الله في لبنان، متخلية بذلك عن قواعد الاشتباك الضمنية التي استمرت طوال 10 أشهر من المعارك الجارية بين الطرفين.

ويشير الكاتب عاموس هاريل في مقال بصحيفة هآرتس (عدد 28 تموز /يوليو ) إلى أن الاحتلال وحزب الله أقرب من أي وقت مضى إلى حرب شاملة، لكنه استبعد وقوعها لاعتبارات مختلفة، مشيرا إلى أن الاحتلال سيرد على الهجوم ولكن ليس بالطريقة التي ستجلب الحرب، وفق تعبيره.

ويشير محللون آخرون إلى أن الحادث قد يكون بالفعل الشرارة التي قد تمهد لمواجهة شاملة، لكن الجانبين لا يرغبان في التصعيد إلى هذه الدرجة على الأقل في الوقت الراهن، كما أن دولة الاحتلال لو كانت معنية بدخول حرب شاملة على الجبهة الشمالية لفعلت ذلك مبكرا -وفق تقديرهم- لأن ما كان يحصل فعليا خلال المعارك الماضية يعد كافيا للذهاب إلى حرب أشمل إذا كانت تريد ذلك.

ومنذ حرب تموز (يوليو) 2006، تحكم معادلة ردع متبادل الصراع بين الطرفين، أفرزت عمليا قواعد اشتباك متفقا عليها ضمنيا، منعت اندلاع حرب شاملة جديدة طوال نحو عقدين، وما زالت تسيّر المعارك الدائرة حاليا.

واتبع حزب الله حدود الحرب المرسومة ضمنيا وفق قواعد الاشتباك التي أفرزتها حرب 2006، حفاظا على التوازنات السياسية الدقيقة في المشهد السياسي اللبناني المنقسم حول دوره وسلاحه، وخشية تحول الحرب إلى عمليات انتقام صهيونية واسعة ودمار هائل قد يطال بيروت ومدنا أخرى وفقا لما يعرف إسرائيليا بـ"عقيدة الضاحية"، التي تعتمد بالأساس على استعمال القوة الهائلة لسلاح الطيران.

وفي المقابل، يخشى الاحتلال أيضا من دمار مماثل وخسائر فادحة ومفاجآت عسكرية غير محسوبة، تبعا للترسانة الكبيرة التي يمتلكها حزب الله من الصواريخ والمسيّرات وخبرات مقاتليه، الذين يصل عددهم إلى نحو 100 ألف، بينهم قوات نخبة متمرسة، وجبهة دعم وإسناد، تضم إيران و"محور المقاومة".

ويعتمد الطرفان في الوقت الراهن مبدأ "الضربة بالضربة"، فعندما زاد الاحتلال من وتيرة عمليات الاغتيال المستهدفة لقيادات من حزب الله خلال الحرب الجارية، كثف الحزب تدريجيا ضرباته الصاروخية ردا على كل عملية اغتيال، لتتجاوز أحيانا 100 صاروخ في الضربة الواحدة وتصل إلى نحو 40 كيلومترا، في العمق الصهيوني.

رغم الإدانات الأميركية والغربية وتماهيهم مع السردية للاحتلال حول الحادث ومسؤولية حزب الله، فإن الطرفين لا يرغبان في التصعيد إلى حرب شاملة، تكون لها عواقب إقليمية وخيمة. من جهتها حذرت وزارة الخارجية الإيرانية الكيان المحتل "من أي مغامرات جديدة من الكيان الصهيوني تجاه لبنان بذريعة حادث مجدل شمس.. يمكن أن تؤدي لتوسيع رقعة الأزمة والحرب بالمنطقة".

وفي مسألة التحول إلى حرب شاملة، لا يتعلق الأمر فقط بقوة الردع التي أثبتها حزب الله في مواجهة الاحتلال أو المحاذير الدولية والإقليمية، فهناك عوامل هشاشة داخلية عسكرية وسياسية في إسرائيل تقيد إمكانية اللجوء إلى حرب واسعة ستجر مخاطر كبيرة عليها، خصوصا مع دروس التعثر في العدوان على غزة جنوبا والمواجهة مع حزب الله شمالا.

فحسب مدير معهد دراسات الأمن القومي ورئيس المخابرات العسكرية الأسبق تامير هايمان في مقال بصحيفة جيروزاليم بوست (عدد 23 تشرين الأول / أكتوبر 2024) "لا ينبغي أن تخوض إسرائيل حربا مع حزب الله إلا بعد معالجة الإخفاقات الحالية، وتثبيت استقرار قيادتها، وتحسين مكانتها الإقليمية والدولية".

ويشير ذلك إلى عوامل ضعف، تجعل من قرار الذهاب إلى الحرب الشاملة في لبنان مغامرة عسكرية وسياسية، ليس الكيان مستعدة لها في الوقت الراهن -وفق المحللين- رغم التصريحات التي تذهب في اتجاه التصعيد.-(وكالات)


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: حرب شاملة مجدل شمس حزب الله إلى حرب

إقرأ أيضاً:

أخطر أزمة أمام حزب الله.. تقريرٌ إسرائيلي يتحدّث عنها

نشر موقع "ماكو" الإسرائيليّ تقريراً جديداً قال فيه إنَّ "حزب الله في لبنان يُواجه إحدى أخطر الأزمات منذ تأسيسه"، مشيراً إلى أنه "بعد فترةٍ من الاغتيالات المُستهدفة والهجمات التي طالت قيادات الحزب، تتزايد الضغوط السياسية والانتقادات ضدّ الحزب في لبنان".   ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنهُ "للمرّة الأولى منذ سنوات، لا يتردّد الجمهور اللبناني في توجيه انتقادات شديدة لحزب الله، على شاشات التلفزيون وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أدت الحرب الأخيرة إلى إضعاف مكانة المنظمة في لبنان، وهي الآن تتعرض لهجوم داخلي من قبل الصحافيين والمعلقين والشخصيات المؤثرة في المجتمع الشيعي، الذين يتحدون قيادتها".   وأكمل: "لا يقتصر النقد العام على الخطاب الإعلامي، فالتدهور الاقتصادي في لبنان وتوقف تدفق الأموال من إيران يؤثر على قدرة حزب الله على تمويل ناشطيه وأنصاره. في المقابل، أفاد صحافيون لبنانيون أن الآلاف من أعضاء الحزب تجنبوا الانخراط في ساحات القتال، بسبب الشعور باليأس وعدم الثقة بالقيادة".   وفي السياق، تقول أورنا مزراحي، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، إنَّه "بعد الحرب الأخيرة، نحن أمام منظمة ضعيفة من حيث قدراتها ومن حيث مصادر دخلها ومن حيث قيادتها".   كذلك، يقول التقرير إنَّ "رياحاً جديدة تهبّ على السياسة اللبنانية"، ويضيف: "الرئيس المنتخب جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام لا يتحالفان مع حزب الله ويقولان ذلك علناً. كذلك، فقد زادت الولايات المتحدة من تدخلها في الأحداث في لبنان، وخاصة في فرض وقف إطلاق النار وفرض القيود على تهريب الأسلحة والأموال إلى حزب الله".   ويضيف: "في ذروة الواقع الحالي، تُطرح أيضاً مقترحات عديدة لتغيير اتجاه العلاقات في المنطقة. هنا، يقترح بعض القادة في لبنان استغلال ضعف حزب الله والانضمام إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، ومن المتوقع أن تكون هذه العملية طويلة ومعقدة، وذلك بسبب المعارضة الكبيرة داخل لبنان. لكن في المقابل، فإنه من الواضح أن الحرب الأخيرة وتداعياتها الداخلية تقوض مكانة حزب الله أكثر من أي وقت مضى".   وهنا، تقول ميرزاحي إن "القيادة الجديدة في لبنان تخلق بالتأكيد نوعاً من الفرصة لتغيير العلاقة بين إسرائيل ولبنان"، وتضيف: "إنهم لا يريدون الحرب بسبب العواقب المترتبة عليها بالنسبة للدولة اللبنانية، ومن الممكن أن تنعكس نتائج هذه التطورات في الانتخابات البرلمانية المقبلة، إذا أجريت في موعدها". المصدر: ترجمة "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • حزب الله: لا اتفاق سري مع إسرائيل وعلى الاحتلال الانسحاب من جنوب لبنان
  • سعد: على الحكومة أن تدرك أن الدبلوماسية وحدها لن تزيل الاحتلال
  • مسؤول عسكري سابق: إذا تجددت الحرب لن تُهزم حماس و”إسرائيل” ستفقد شرعيتها الدولية 
  • إسرائيل تغتال عنصرا لحزب الله في جنوب لبنان
  • إسرائيل تعلن استهداف عنصر من حزب الله جنوب لبنان
  • إسرائيل تتوعد بالعودة لحرب شاملة على قطاع غزة
  • إسرائيل تعلن استهداف مواقع عسكرية لحزب الله في جنوب لبنان
  • أخطر أزمة أمام حزب الله.. تقريرٌ إسرائيلي يتحدّث عنها
  • إلى متى ستبقى إسرائيل في جنوب لبنان؟
  • علي الجابر يروي موقف خطير عاشه أثناء عمله مراسل بحرب لبنان .. فيديو