لجريدة عمان:
2025-11-22@11:23:56 GMT

السلطان قابوس وتفاصيله

تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT

بزغ فجر 23 يوليو 1970 وبزغ معه فجر جديد على عُمان ونهضت فيه عُمان قاطبة بتولي السلطان قابوس -طيب الله ثراه- مقاليد الحكم، فكان يوم النهضة بامتياز، اليوم الذي «تحطمت فيه أصفاد وأزيح ظلام بل ظلمات وتهادت ألوان المجد فيه، صافحنا الفجر بأجفان ورفعنا الأعناق صعادا - قابوس للمجد تبادى فابنوا معه الأمجادا يا أبناء عمان الأجواد».

كما جاء في نشيد صوت النهضة للمرحوم عبدالله الطائي.

«رحم الله السلطان قابوس كان على حق» عبارة يرددها العمانيون عندما تلوح في الأفق مناسبة أو حدث كان للسلطان الراحل رأي فيه. عندما أستمع لتلك العبارة أسترجع عبارة أخرى قالها السلطان الراحل وظلت حاضرة بقوة تؤرق ذاكرتي وكنت أرددها على لساني حتى دون وعي بدلالتها.

كان ذلك في بداية السبعينيات وكنت صغيرا، عندما سمعت السلطان يقول (إن الأيام في حياة شعبنا لا تقاس بوحدات الزمن). في الحقيقة سمعتها أول مرة في الإذاعة العُمانية وعلى ما أعتقد كانت تستخدم كمقدمة لبرنامج كان يذاع. ظل السؤال عالقا في ذهني، أريد أن أعرف حكاية وحدات الزمن وما هي القياسات التي أرادها السلطان قابوس لقياس الأيام في حياة الشعب العُماني؟ أهي أرقام كالتي نتعلمها في المدارس أم هي معادلات رقمية أو عمليات حسابية؟ وكانت الإجابة على هذا السؤال تأخذني إلى أقاصي ومتاهات وأروقة بعيدة، لا أدري أبعد فلسفي يكمن خلف تلك الكلمات أم شيء آخر. لاحقا عرفت، كان ذلك في 18 نوفمبر 1974 والعبارة وردت في خطاب جلالته في العيد الوطني الرابع. وأدركت ساعتها أن وحدات الزمن التي يقصدها السلطان هي مقاسات وأوزان وضعها السلطان ببعده الفلسفي ويعني بها تلك الآفاق التي تُفتح والأفكار الملهمة التي تحول الآمال إلى واقع حي ليأخذ الشعب العُماني مكانه بين طلائع الشعوب السائرة من أجل التقدم والسلام والرخاء.

لا تزال صورة ذلك الشاب الثلاثيني يجوب ببدلته العسكرية سهول عُمان، تشاهده مرة على قمة جبل أو يقود سيارته في أحد البراري أو تراه في حضرة مجموعة من المواطنين أو يفاجئ بدخوله إحدى المؤسسات، شاب مفعم بالنشاط يتدفق حيوية وطموحا. وكان ذلك في بداية السبعينيات وهو في خضم معركة البناء يجوب أرض عُمان، أراد أن يبني وفق أساس قوي ومتين، وكان ذلك الأساس كما ورد في خطابه «كان إلزامًا علينا أن نبتدئ من الأساس ومن واقعنا» وكان يقصد بالأساس هو الشعب العُماني وقد اختار أن يسلك أصعب السبل ليُخرج ذلك الشعب من عزلته ويأخذ بيده إلى طريق العزة والكرامة، كما قال، وفي الوقت نفسه تحمَّلنا مسؤولية حمايته من التمزّق، والضياع، وإحياء حضارته، واستعادة أمجاده، وربطه ربطًا وثيقًا بالأرض ليشعر بعمق الوطنية، ومدى التجاذب بين الإنسان العُماني وأرض عُمان الطيبة. لا أجد في ذلك غرابة أو تعجب، فقد كانت للسلطان ميزات وصفات تتحلى بها شخصيته.

جانب آخر من شخصية السلطان قابوس. يُعرف عن السلطان بأنه ملهم في التفاصيل الصغيرة ولا يترك شاردة ولا واردة إلا وتوقف عندها. كان سلطان وملك التفاصيل بامتياز. ربما كان حدسه قاده إلى أن الكثير من الأشياء كانت آيلة للزوال والاندثار والضياع، فعمل جاهدا على بث الروح فيها من جديد. أحيا أشياء كثيرة وأعاد لها رونقها وتجليها. فعملية البناء التي قادها وكانت عمان ليست «على الصفر» كما يقال، بل كانت «على السالب» فلم يشغله بناء عمان وإقامة صرحها ونظر إلى كل الأمور عظيمها وصغيرها. التفاصيل الصغيرة التي آمن بأهميتها وقوتها ومقدرتها على نسف والإطاحة بالأشياء الكبيرة فإذا كان معظم النار من مستصغر الشرر فإن ذلك الشرر الصغير هو ما ينبغي الالتفات له والالتفاف عليه حتى لا يستفحل ويأخذ مداه في اتساع الخرق. وما كان ينبغي لها أن تترك.

ومن تلك الأشياء التي التفت إليها السلطان قابوس ودافع عنها بكل قوة هي الهُوية العمانية وكيف استطاع أن يرسخ مفهومها وخصوصيتها ومميزاتها وتمكن وبجدارة أن يغرس في نفوس العمانيين ليس حب الوطن فقط، ولكن حب تلك التفاصيل الصغيرة التي أماط اللثام عنها. تجلى ذلك من خلال العديد من مظاهر حفظ الهوية ومنها المحافظة على الزي الوطني والخنجر العماني وألزم الموظفين بزي وطني «دشداشة بيضاء اللون وعمامة»، في المناسبات خنجر وبشت. وأوجد بروتوكولات خاصة يطلق عليها البروتوكولات السلطانية ورسخها وضبط إيقاعها وأصبحت هوية سلطانية خاصة يمتاز بها السلاطين ومؤسسة الحكم. وكان محبا للموسيقى والفنون فأنشأ دار الأوبرا السلطانية وهي أول دار أوبرا في الخليج العربي وإذاعة خاصة تبث موسيقى كلاسيكية تعمل على مدار الساعة، واهتم بالتراث وأنشأ أول وزارة تعنى بالتراث فأسدى توجيهاته في وضع خطط استراتيجية بالنهوض بالتراث والثقافة العُمانية فعمل على طباعة الكتب والمخطوطات العمانية والاهتمام بالمباني الأثرية كالقلاع والحصون، وفي هذه المناسبة أتذكر كيف جالت فرق في بداية السبعينيات أرجاء عُمان بحثا عن المخطوطات والكتب والكنوز العُمانية. وكان مولعا بالبيئة والمحافظة عليها، وأنشأ جائزة السلطان قابوس لصون البيئة، وأطلق محمية جدة الحراسيس لحفظ حيوان المها العربي. كان همه عُمان وإعادة أمجادها وكانت له وقفات مهمة ومثرية في تفاصيل صغيرة جدا ربما لا تخطر على بال الإنسان العادي فما بالك بحاكم.

السمت العُماني من الأشياء التي حافظ عليها السلطان ورسخها وهي منظومة من الأخلاق والعادات والتقاليد المتوارثة والتي لا يحيل عنها العُمانيون ويحرصون عليها، وهي جزء من الهوية المترسخة الجذور. تحلى السلطان بهيبة عسكرية وقوة ضبط وربط، فقد كان الرجل عسكريا بمعنى الكلمة، تشرّب أبجدياتها، ملهمًا بتفاصيلها، جادًا، حازمًا وانعكست حتى على حياته الخاصة، يتجلى ذلك في طريقته في الكلام وحديثه مع زواره وابتسامته وإنصاته باهتمام لمحدثيه، وتلك الكاريزما والجلادة والصبر وقوة الشكيمة. لكن أشد ما يميزه تلك الجلسة التي يتفرد بها، وهنا أستذكر ما قاله الدكتور صالح الفهدي بأنه سأل ذات يوم أحد المسؤولين السابقين عن سر تلك الجلسة التي تميز بها السلطان إذ إن لديه القدرة على الجلوس بوضعية واحدة دون أن يغيرها ولا يستطيع أحد مجاراته في ذلك، وينقل الدكتور صالح عن ذلك المسؤول قوله «بأنه سأل السيدة ميزون والدة السلطان الراحل -طيب الله ثراهما ورحمهما- فقالت له «كان والده السلطان سعيد بن تيمور يعوّده على ذلك ورباه على الجلادة والتّحمّل، إذ كان يجلسه وهو طفل على أرضية القصر لساعات طويلة دون أن يسمح له بتغيير جلسته، وكان أيضًا يرسله إلى مجالس التقاضي ويجلس هناك لساعات دون أن يتكلم، فقط ليتعوّد على الجلسة وآدابها». ما يدهشني في شخصية السلطان هو قراءته الواقع والمشهد بشكل مغاير ومختلف ولديه حصافة في استشراف المستقبل وبعد نظر، ما يذهلك في الرجل الذي رحل في العاشر من يناير 2020م هو ذكاؤه والحذاقة التي تميزه، وقدرته على ضبط إيقاع السياسة ودوزنة أوتارها، لديه ملكة عجيبة في الوصول بالأشياء إلى حافة الهاوية، لا يتدخل إلا بعد أن تصل الأشياء إلى مداها ورمقها الأخير ساعتها فقط تجده وقد وقف وغيّر الاتجاه كما ربان السفينة الماهر يقود سفينته في خضم تضارب الأمواج والعواصف وبكل أريحية وهدوء يوصلها إلى بر الأمان. تثبت بعض الحوادث عمق نظرة السلطان ومواقفه وقراراته بشأنها، وقد نتعجب من تلك الصلابة في الموقف وكأنه يرى ما لا يراه الآخرون، بل يبدو أمامه ماثلا قريبا. كان بحق سيد الحياد، يقف بين بين، لا يتأذى من موقفه أحد، وكأن نهجه في ذلك الحفاظ على شعرة معاوية. رحل السلطان قابوس الذي مرت قبل أيام ذكرى توليه مقاليد الحكم في الثالث والعشرين من يوليو ولكن تفاصيله الصغيرة والمحببة ما زالت باقية ولا ترحل.

بدر الشيدي قاص وكاتب عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السلطان قابوس الع مانی کان ذلک ذلک فی

إقرأ أيضاً:

هيثم الهمام وعُمان السلام

 

سالم البادي (أبو معن)

يأتي عام 2025، وله أهمية وطنية ومحورية واستراتيجية مختلفة عن بقية الأعوام السابقة، كونه يأتي مواكبًا لاحتفاء سلطنة عُمان لأول مرة في التاريخ بيومها الوطني الـ281 في 20 نوفمبر المجيد، وهي ذكرى تأسيس الدولة البوسعيدية على يد الإمام المؤسّس أحمد بن سعيد عام 1744م.

ومنذ ذلك الحين، ظلّت الأسرة البوسعيدية حاضرةً في قيادة مسيرة الدولة ومواكبة نهضتها عبر السنين، محافظةً على توازنها واستقرارها الداخلي، ومواجهةً للتحديات والمتغيرات الخارجية، مُكرّسةً ثوابتها الراسخة وقيمها ومبادئها وسياستها الانفتاحية على العالم، مواصلةً مسيرة البناء والتجديد.

ونحن إذ نحتفي بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا نتذكر الحقب الزمنية السابقة التي مرت بها بلادنا العزيزة، ونتذكر بطولات الأبرار الذين رووا بدمائهم الطاهرة أرضنا الطيبة الغالية الزكية شجرة الحرية والكرامة، لينعم بظلها كل أبناء الوطن.

إن واقع الحاضر وتباشير المستقبل ينبئان بأن بلادنا  عُمان مقبلة على مستقبل زاهر، وأن تباشير الخير قادمةٌ لا محالة، التي سينعم بها الوطن والمواطن وكل من يعيش على تراب هذا الوطن الطاهر رغم التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها العالم من حولنا، والمتغيرات الجيوسياسية التي تطرأ على النظام الدولي بفعل العوامل المتغيرة مثل الاقتصاد والقوة العسكرية ونشوب نزاعات إقليمية، وعوامل المناخ، فضلًا عن التنافس التكنولوجي في ظل الثورة الصناعية الرابعة، والتي تتميز باختراق التكنولوجيا الناشئة في مجالات متعددة مثل الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا النانو، والحوسبة الكمومية، والتكنولوجيا الحيوية، وإنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والمركبات المستقلة وغيرها، وتغيرات في موازين القوى التي تؤثر بطبيعة الحال بشكل كبير على الأمن والسلم الدوليين، وبلا شك أن هذه المتغيرات نحن جزء منها.

سلطنة الحكمة والسلام

“الحكمة والسلام” كلمتان التصقتا بسياسة سلطنة عُمان دوليًا وإقليميًا وعالميًا منذ قرون تاريخية خلت، وأصبحتا مقرونتين بسلطنتنا العزيزة على مر التاريخ.

سلطنة عُمان لم تكتسب سمة الحكمة حتى أصبحت شعارًا تتصف به بين الدول، بل هي جزء من إرثها الحضاري والتاريخي، وجزء من قيمها ومبادئها وسياستها منذ الأزل، وهي فطرة فُطر عليها أئمة وسلاطين بلادنا العزيزة على مر العصور.

الإمبراطورية العُمانية لما كانت في أوج ذروتها وتوسعها في إحدى الحقب الزمنية، والتي امتدت عبر الخليج العربي والمحيط الهندي، لها تاريخ بحري طويل، وازدهار تجاري واقتصادي وثقافي. جسّدت سلطنة عُمان من خلال هذا التاريخ سمعةً ومكانةً دولية عالمية جعلتها في مقدمة دول العالم في السياسة الحكيمة المعتدلة، وفي بناء أطر السلام وتعزيز التعاون، ونشر ثقافة التسامح وتعزيز قيمة الاختلاف والتعايش السلمي واحترام الآخرين من خلال الحوار والتعامل بحكمة وعفو واحترام الثقافات المختلفة.

نهج ثابت وفكر راسخ

وفي العصر الحديث أرسى  السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه - نهجًا للتعايش السلمي وحسن الجوار. وتميّزت السياسة الخارجية العمانية بمبدأ التعايش السلمي وحسن الجوار والاحترام المتبادل، والذي أصبح مثالًا ونموذجًا دوليًا وعالميًا يُحتذى ويُشاد به.

وسار حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- على هذا النهج السليم والحكيم، والذي أكّد في خطابه الأول لتسلّم الحكم على تعزيز التعايش السلمي وترسيخ مبدأ السلام في المنطقة، ونبذ الخلافات وحلّها بالطرق السلمية، واللجوء إلى وسائل الحوار والتفاوض والوساطة بدلًا من المواجهة أو العنف، خاصة في ظل هذه الظروف القاسية من الحروب والتوترات الإقليمية والدولية المتسارعة.

عهد هيثم

شهدت عُمان في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- وخلال السنوات الخمس السابقة تحولات كبيرة وشاملة مستندة إلى رؤية “عُمان 2040” التي حققت إنجازات متعددة في كل القطاعات، مع التركيز على إصلاحات شاملة ونعرّج إلى بعضها:

أولًا: تمت مراجعة هيكلة مجلس الوزراء، وتعيين قيادات شابة.

ثانيًا: عُززت اللامركزية في إدارة المحافظات ومنح المحافظين صلاحيات أوسع.

ثالثًا: تمت إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة لزيادة الكفاءة والشفافية وتقليل البيروقراطية.

رابعًا: عُزز النظام القضائي بإنشاء مجلس أعلى للقضاء لتعزيز العدالة والنزاهة والشفافية.

خامسًا: تم تحديث التشريعات لتتماشى مع رؤية “عُمان 2040”.

سادسًا: تنفيذ مشاريع استراتيجية مثل تشغيل ميناء الدقم، ومجمع لوى للصناعات البلاستيكية، ومصفاة الدقم، ومشاريع الطاقة المتجددة.

سابعًا: تحسّن كبير في مؤشرات الدين العام، حيث انخفض إلى نحو 34% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2024.

ثامنًا: تحسّن تصنيف السلطنة الائتماني وفقًا لمؤسسات دولية مثل “ستاندرد آند بورز” و”فيتش”.

تاسعًا: تطوير التعليم من خلال بناء مبانٍ مدرسية جديدة وتحديث النظام التعليمي بما يتواكب ومتطلبات العصر الحديث.

عاشرًا: تطوير قطاع الصحة بإنشاء مستشفيات جديدة وتوسعة أخرى وتطوير مؤسسات الرعاية الصحية الأولية.

أحد عشر: تشجيع المشاريع السكنية مثل مدينة السلطان هيثم كأول مشروع ذكي ومستدام في سلطنة عُمان، وتوسيع باب الاستثمار في المدن الذكية في جميع محافظات السلطنة.

اثنا عشر: تعزيز البنية التحتية للاتصالات الرقمية، وتشمل شبكات اتصالات متقدمة ومتكاملة وشاملة، مع التركيز على توسيع تغطية شبكات الجيل الخامس والألياف البصرية والربط الدولي، لدعم التحول الرقمي وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية.

ثلاثة عشر: وضع حجر الأساس لـ”مجمع عُمان الثقافي” الذي يضم المسرح الوطني والمكتبة الوطنية وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.

أربعة عشر: الاستمرار في سياسة الحياد الإيجابي وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.

خمسة عشر: تعزيز الشراكات مع دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية.

ستة عشر: المساهمة في حل النزاعات الإقليمية والدولية بالطرق السلمية، مثل الأزمة اليمنية والجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في غزة.

سبعة عشر: الانضمام إلى اتفاقيات دولية جديدة لتعزيز حقوق الإنسان، مثل اتفاقية مناهضة التعذيب.

زيارات سلطانية

ومنذ تسلّمه مقاليد الحكم في البلاد، جسدت الزيارات الدولية التي قام ويقوم بها جلالة السلطان هيثم بن طارق الرؤية السامية الثاقبة لفكر جلالته في بناء جسور التعاون والترابط بين الدول لما لها من أهمية كبرى على الصعيدين المحلي والدولي.

وتكتسب هذه الزيارات السامية لجلالته أهمية بالغة للأسباب التالية:

أولًا: تعزيز العلاقات الثنائية وتوطيد أواصر الصداقة والتعاون مع مختلف دول العالم، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.

ثانيًا: تهدف إلى بناء شراكات استراتيجية في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والتجارية والعلمية والثقافية والاستثمارية.

ثالثًا: تسعى سلطنة عُمان إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتنويع مصادر الدخل القومي بما يتماشى مع “رؤية عُمان 2040”.

رابعًا: زيادة التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والدول المضيفة من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم.

خامسًا: تعزز هذه الزيارات مكانة السلطنة إقليميًا ودوليًا، وتجسد الرؤية العُمانية للعلاقات الدولية القائمة على السلام والتعاون وحسن الجوار، مما يعزز مكانة السلطنة كدولة محورية في المنطقة.

وقد شملت قائمة الدول التي زارها السلطان هيثم بن طارق منذ توليه مقاليد الحكم في 2020، دولًا مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، المملكة المتحدة، المملكة الأردنية الهاشمية، جمهورية الهند، جمهورية تركيا، مملكة هولندا، جمهورية مصر العربية، جمهورية ألمانيا الاتحادية، مملكة بلجيكا، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، جمهورية بيلاروسيا، جمهورية سنغافورة، ومملكة إسبانيا، بالإضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي العربي.

تحديات متنوعة

بالرغم من أن الاقتصاد العُماني شهد خلال الخمس أعوام من حكم جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه تطورات كبيرة تعكس نجاح جهود التنوع الاقتصادي والاستدامة المالية للدولة، ولكن ما زالت الحكومة تواجه بعض التحديات، ومنها:

أولًا: الاعتماد على النفط، يجعل الاقتصاد العماني عرضة لتقلبات الأسعار العالمية ويؤثر على الميزانية العامة، مما يتطلب تنويع مصادر الدخل.

ثانيًا: التباطؤ في القطاع الخاص؛ تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة صعوبات في النمو والوصول إلى المناقصات الكبيرة وتوفير الضمانات اللازمة.

ثالثًا: تحديات سوق العمل؛ تشمل نقص العمالة الوطنية في القطاع الخاص، وتزايد العمالة الوافدة والمنافسة على الوظائف، ومشكلة الإحلال، والطلب على مهارات جديدة لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة.

التحديات الاجتماعية

تكاليف المعيشة: يواجه المواطنون بعض التحديات المتعلقة باستمرار ارتفاع أسعار بعض الخدمات والسلع الأساسية بسبب موجة الغلاء المستمرة، فضلًا عن رفع الدعم الحكومي عن بعض الخدمات الضرورية، واستمرار فرض الرسوم والضرائب التي أصبحت تؤرّق المستثمرين والمواطنين.

وتُمثل أزمة الباحثين عن عمل مشكلة عالمية تتفاقم بسبب عوامل اقتصادية وتقنية وتعليمية، وتشمل أسبابها وجود فجوة في المهارات، وغياب خطط استراتيجية للتوظيف، وتفضيل العمل في القطاع العام، وتزايد أعداد خريجي الجامعات بشكل يفوق حاجة السوق، وغيرها من العوامل المتغيرة التي بحاجة إلى وقفة جادة وإرادة حقيقية من قبل المعنيين للتقليل من زيادة معدلات الباحثين وإيجاد حلول سريعة ودائمة وليست وقتية حتى لا تخرج عن السيطرة.

وأخيرًا.. نهنئ أنفسنا ونبارك لسلطاننا المفدى، ولكل من يعيش على تراب هذا الوطن الغالي عدد ذرات رماله الطاهرة، ولكل صانعي أمجاده الأبطال البواسل الذين بنوا بأفكارهم وعلمهم وبأيديهم بلادنا العزيزة، بذكرى مرور 281 على تأسيس الدولة البوسعيدية.

ونحن ما زلنا على العهد باقون، وعلى درب العلا والرفعة ماضون،

وكل عام وبلادنا العزيزة الغالية رايتها خفاقة ودام عزها وفخرها ومجدها على طول الزمان.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • اليوم الوطني لسلطنة عُمان
  • هيثم الهمام وعُمان السلام
  • افتتاح مشروع ازدواجية وصلة لوى الرابط بين طريق السلطان قابوس وطريق الباطنة السريع
  • عرض أزياء للملابس العُمانية التقليدية في واشنطن
  • همس وطني
  • عُمان والعرس الوطني
  • ارفع رأسك.. أنت عُماني؟!
  • هكذا هي عُمان
  • جلالة السلطان يصدر مرسوما ساميا
  • جامعة السلطان قابوس والتنمية الاجتماعية تبحثان تفعيل التعاون المشترك