أحمد موسى: طفرة تنموية من أجل تنشيط الحركة السياحة في مصر (فيديو)
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
قال الإعلامي أحمد موسى، إن الشواطئ المصرية تتميز بالسحر والجمال وتجذب ملايين السياح، موضحا أن الساحل الشمالي يعمل طوال العام بداية من مارينا وحتى مرسى مطروح.
وأضاف أحمد موسى، خلال تقديمه برنامج "على مسئوليتي"، المُذاع عبر فضائية "صدى البلد" أن هناك طفرة تنموية من أجل تنشيط الحركة السياحة في مصر، موضحا أن مصر بها جميع أنواع السياحة سواء علاجية أو ترفيهية وهو ما يتناسب مع كل الفئات.
وتابع أحمد موسى أن مصر فيها أجمل منتجعات سياحية في العالم وتناسب كل فئات السياح، لافتا إلى أن مصر بها العديد من أنواع السياحة المختلفة سواء العلاجية أو الدينية أو الترفيهية وغيرها من أنواع السياحة.
وأوضح أن سيوة تعتبر من أجمل المناطق السياحية في العالم، مشددا على أنه يجب الترويج للمقاصد السياحية الخلابة في مصر لجذب السائحين، منوها بأن مصر تحتاج إلى 400 ألف غرفة سياحية ودعم صناعة السياحة، خصوصا أننا نستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح للاستفادة من المقاصد السياحية.
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا، اليوم؛ لاستعراض المسودة الأولى لاستراتيجية عمل وزارة السياحة والآثار خلال الفترة المقبلة، وذلك بحضور شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، ويمنى البحار، نائب وزير السياحة والآثار.
وأكد رئيس الوزراء، الاهتمام بملف السياحة والآثار، والعمل على اتاحة المزيد من التيسيرات التى من شأنها أن تسهم فى تحقيق الأهداف المرجوة من هذا القطاع الواعد.
وخلال الاجتماع، أشار شريف فتحي، إلى أن استراتيجية عمل الوزارة خلال المرحلة القادمة تستهدف جعل مصر المقصد السياحي الأكثر تنوعاً على مستوى العالم، وذلك بالنظر لما نمتلكه من كنوز أثرية وتاريخية زاخرة، فضلا عن المقومات والامكانات الطبيعية، التى تجذب السائحين من مختلف انحاء العالم.
ونوه الوزير إلى أن الاستراتيجية تتضمن العمل على قيادة صناعة السياحة لتحقيق الأمن الاقتصادي والسياحي، فضلا عن الجهود الخاصة بدعم وتحسين وتعزيز مناخ الأعمال، ووضع الخطط والرؤى التى من شأنها تنمية الموارد البشرية بهذا القطاع الحيوي، هذا إلى جانب ما يتعلق بالرقابة والحوكمة لمختلف منظومات العمل بقطاع السياحة.
وتناول شريف فتحي المعدلات الخاصة بحركة السياحة الوافدة من مختلف دول العالم، والتوقعات خلال الأعوام القادمة، لافتا فى هذا الصدد إلى جهود التوسع فى إقامة المزيد من الغرف الفندقية، وذلك بما يسهم فى استيعاب اعداد السائحين المستهدف استقبالهم خلال الأعوام القادمة.
وأوضح شريف فتحي أنه سيتم العمل على تنمية الاستثمار السياحي، من خلال اتاحة المزيد من التيسيرات والمحفزات، والعمل على تذليل أى عقبات من الممكن أن تواجه المستثمرين، وذلك جذباً لمزيد من الاستثمارات لهذا القطاع الحيوي، هذا فضلا عن تنويع المعروض من أماكن الإقامة، وتوفير بنك الاراضى على مستوى الجمهورية، للتوسع فى إقامة المزيد من المشروعات السياحية.
وأكد شريف فتحي أن استراتيجية العمل تتضمن تحقيق الاستدامة فى القطاعين السياحي والأثري، والتوسع والتنويع للأسواق السياحية المستهدفة، إلى جانب تنويع الأنماط السياحية، وذلك بما يلبي مختلف الاحتياجات، وجذباً لمزيد من الحركة السياحية، هذا فضلا عن اهتمام الاستراتيجية بالسائحين من ذوى الهمم والعمل على اتاحة كافة السبل التى من شأنها زيادة حجم حركة السائحين منهم على المستويين الداخلي، أوالخارجى، منوها إلى الاهتمام بالتوسع فى مشروعات الاستدامة البيئية، وكذا ما يتعلق بمشروعات حفظ وصيانة وتعظيم الاستفادة من الآثار.
كما لفت وزير السياحة والآثار إلى أن الاستراتيجية تهتم بملف التحول الرقمي، وذلك من خلال العمل على ميكنة خدمات تراخيص شركات السياحة والمنشآت الفندقية والسياحية، وخدمات شراء تذاكر/ تصاريح دخول المواقع الأثرية والمتاحف، والربط مع الجهات الخارجية (حكومية / قطاع خاص) لتوفير قواعد بيانات شمولية، إلى جانب تحفيز مطوري البرمجيات في مجال السياحة والسفر، ورفع كفاءة بنية الاتصالات في المنشآت الفندقية والمواقع الأثرية والمتاحف، واتاحة نظام معلومات مركزي لتسجيل القطع الأثرية.
وتطرق شريف فتحي إلى ما تتضمنه الاستراتيجية من استكمال لجهود الاصلاح التشريعي، وكذا ما يتعلق بتطبيق نظام علمي لقياس مستوى رضاء السائحين والزائرين، فضلا عما يتعلق بتحديث آليات الرقابة على المنشآت الفندقية والسياحية، ومراجعة تصنيف المنشآت الفندقية.
كما أكد وزير السياحة والآثار اهتمام الاستراتيجية ببناء القدرات، من خلال تحديث الهياكل التنظيمية وتحديد المسئولية والمساءلة، وتحديث الشكل المؤسسي للتمثيل السياحي خارج البلاد، وتطبيق الأسلوب العلمي في إدارة ومتابعة كافة برامج ومشروعات وأنشطة الوزارة باستخدام البرمجيات المتخصصة، إلى جانب تدريب فرق العمل المختصة على الأساليب العلمية لوضع وتطبيق خطط إدارة الأزمات والكوارث، وتنفيذ خطط تدريبية للارتقاء بمهارات العاملين في قطاع السياحة في مختلف التخصصات، فضلا عن إنشاء "منصة السياحة والآثار المصرية" لتنفيذ الخطط التدريبية الخاصة بالارتقاء بمهارات العاملين في قطاع السياحة والمتعاملين في القطاع الأثري في مختلف المواقع الأثرية والمتاحف.
وعن تعظيم الاستفادة من الموارد، أشار شريف فتحي إلى أن الاستراتيجية تستهدف التخطيط للتسويق السياحي بفكر اقتصادي يراعي موسمية حركة السياحة، والتعاون مع الجهات المعنية لتوفير الطاقة الجوية الناقلة إلى مصر، إلى جانب التوسع في عقد الشراكات مع القطاع الخاص لتقديم وتشغيل الخدمات بالمواقع الأثرية والمتاحف.
وصرح المستشار محمد الحمصانى، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء، بأن الاجتماع شهد استعراضاً للموقف التنفيذي لمشروع المتحف المصري الكبير والمنطقة المحيطة، حيث تمت الإشارة إلى نسب ومعدلات انجاز الأعمال داخل المتحف، سواء ما يتعلق بالبهو والدرج العظيم، وقاعات الملك توت عنخ آمون، ومتحف الطفل وقاعة العرض بالدورين الاول والثاني، وكذا أنظمة الاتصالات الذكية والتأمين، والأعمال الخاصة بمبنى مراكب الشمس، هذا إلى جانب العرض المتحفى لمختلف القطع الآثرية، من خلال قاعات العرض الرئيسية.
كما تناول العرض الموقف التنفيذي لمشروعات المنطقة المحيطة، وما تتضمنه من أعمال تطوير ورفع كفاءة للطرق المحيطة، وإقامة ممشي سياحى، فضلا عن تطوير الصورة البصرية للطريق الدائري.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أحمد موسى السياحة تنشيط السياحة العلمين بوابة الوفد وزیر السیاحة والآثار الأثریة والمتاحف أنواع السیاحة شریف فتحی المزید من أحمد موسى العمل على إلى جانب ما یتعلق فضلا عن من خلال أن مصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
البروفيسور حسن أحمد إبراهيم (1938- 14 مارس 2025): عاصفة على تاريخ الحركة الوطنية السودانية
رحل عنا إلى دار البقاء الأسبوع الماضي مؤرخ فحل للسودان الحديث هو البروفيسور حسن أحمد إبراهيم، رئيس شعبة التاريخ في كلية الآداب بجامعة الخرطوم (1976-1978) وعميد الكلية (1984-1990)، وشغل وظائف منوعة في الجامعة العالمية الإسلامية بماليزيا وانتهى مديراً للمعهد العالي لوحدة الأمة الإسلامية (1995-2007) وعميد كلية الدراسات العليا في جامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم لاحقاً. ومن بين كتاباته ذات الخطر مؤلفه عن الإمام عبدالرحمن المهدي (1885-1960) زعيم جماعة أنصار والده محمد أحمد المهدي (توفي عام 1885) التي سوى صفها بدأب ونباهة بعد أن شتتها الغزو الإنجليزي عام 1898 إلى الجهات الأربع بعد القضاء على دولتها. وصدر الكتاب بالإنجليزية عن دار بريل (2004) بعنوان "السيد عبدالرحمن المهدي دراسة في المهدية الجديدة في السودان" (1899-1956) بعد صدوره باللغة العربية عام 1998. وجرؤ حسن في كتابه على مراجعة ذائعة عن الإمام بين خصومه دمغته كمتعاون مع الاستعمار الإنجليزي وخائن لوطنه في صوره الذائعة المتطرفة، في حين هم من قاوموه.
مهندس الاستقلال
وجاءت هذه المراجعة على لسان إبراهيم نفسه بمثابة انعتاق شخصي له من وزر هذه الذائعة التي ترعرع في بيئاتها، ويريد بهذه البيئات الدوائر السياسية التي دعت بفرقها الكثيرة وأهوائها إلى الوحدة مع مصر بعد استقلال السودان بينما كان نهج الإمام هو استقلال السودان برعاية بريطانيا، مستبعداً مصر التي لم تكُن من أزال والده المهدي حكمها على السودان فحسب، بل سعت دولته من بعده إلى غزوها من غير طائل أيضاً. فقال إنه جاء لتأليفه عن الإمام من بيئة اتسمت "بالعصبية والتشيع لدرجة وصمت الإمام عبدالرحمن المهدي بممالأة (الإنجليز) على أقل تقدير، ووصلت المبالغة بوصفه خائناً وتابعاً ذليلاً لبريطانيا المستعمرة". فعركته ميادين دراسة التاريخ عركاً اطلع فيه على وثائق التاريخ السوداني الحديث في مظانها بدت له منها "سذاجة وبطلان وتعسف تلك التهم". وبعد التحليل اتضح لإبراهيم أن الدوائر البريطانية في السودان ومصر وبريطانيا كانت تنظر إلى الإمام بالشك، بل كادوا له وحذروا في وقت باكر من أنه هو من سيطوي صفحة الإنجليز. وفعلها لحكمته، في قول إبراهيم، بطريقته الخاصة في الدهاء والمناورة حتى عده "مهندس الاستقلال"، على غير ما يزعم من أعطى الرتبة لغيره.
وحال إبراهيم في الانعتاق من حزازته على الإمام مما قال عنها أحدهم إن الإنسان كمن يولد من جديد متى بان له عوار فكرة أنس لها طويلاً ما وثابر على التخلص بقوة منها.
مرحلة التكوين
عرض إبراهيم للعلاقة بين الإمام والإنجليز منذ نجاته صبياً شريداً بعد هزيمة المهدية من حملة إنجليزية تعقبت أسرة المهدي وقضت على اثنين من إخوانه إلى استقلال السودان عام 1956، وسمى فترته التي جمع فيها الأنصار من شتاتهم وإدارة شأنهم وإنشاء مؤسسته الاقتصادية "دائرة المهدي" بحرفية وطول بال في أوضاع سياسية وطنية واستعمارية متقلبة، "المهدية الجديدة". واستنفد مصادر هذه الفترة في دور الوثائق في كل من السودان ومصر وبريطانيا. وأعانه على الخوض الصعب في هذا التاريخ المراجع أنه كان كتب رسالته للدكتوراه عن اتفاق عام 1936 الذي عقد بين دولتي إنجلترا ومصر، الحكم الثنائي على السودان، والذي وعد السودانيين بالحكم الذاتي في 20 عاماً وبأن تكون رفاهيتهم موضع نظرهما. فأحسن إبراهيم في مراجعته لتاريخ الحركة الوطنية من فوق علمه الدقيق بذلك الاتفاق المحوري في تاريخ تلك الحركة.
يطلق ذائعة تعاون الإمام مع الإنجليز من لم يتوقف ويسأل إن كان أولئك الإنجليز أمة واحدة لا تشوبها شائبة خلاف. وخلافاً لذلك يقف قارئ إبراهيم على أن الإنجليز لم يكونوا دائماً ذلك الكيان الواحد الصمد ويخرج بأنهم بفضله أنهم كانوا في الأربعينيات وقت اشتداد الحركة الوطنية فئتين متشاكسين. فلا يعرف المرء إن كان ولاء الإمام لأي منهما هو ما جاء له بذائعة ممالأة الاستعمار. وأظهر ما كان ذلك الخلاف بين شيع الإنجليز حول الموقف من مصر الذي دار حول اتفاق رئيس وزراء مصر إسماعيل صدقي ورئيس وزراء بريطانيا إرنست بيفن (صدقي-بيفن) (1946). فكانت مصر، الشريك اللدود مع إنجلترا في حكم السودان الثنائي، حظيت في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وتحت حكم حزب العمال بمنزلة مرموقة في استراتيجية الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط أرخت بريطانيا بها أذنها لمطلب مصر بالسيادة التاريخية على السودان كما لم تفعل من قبل.
وأزعج ذلك لا الإمام وحده، بل حكومة السودان في الخرطوم نفسها. ففي ذلك الاتفاق اعترفت بريطانيا لمصر بحقوقها التاريخية في السودان. وكان بيفن نفسه رأى أن أفضل وضع للسودان هو أن يكون في وحدة مع مصر، مما لم تتفق حكومة السودان معه فيه. وخرج هوبرت هدلستون، حاكم السودان العام، يزري بالخارجية البريطانية وينتقدها لأنها تسمع من الاتحاديين لا من حلفائها الاستقلاليين الذين سيعارضون ذلك الجنوح لمصر كما فعلوا دائماً بثمن فادح. وفي السابع من نوفمبر أعطى بيفن إسماعيل صدقي اعتراف بريطانيا بوحدة وادي النيل مع حق تقرير المصير للسودان، على ما بين الحقين من تناقض. ورأى هدلستون في موقف حكومته خذلاناً للإمام وجماعته ممن كان يسميهم "أصدقاءنا". وكان رأي حكومته في لندن أن أصدقاءه أولئك إنما يريدون التخلص من بريطانيا بمثل ما أردوا التخلص من مصر في وقتهم المناسب. وضاقت الخارجية بهدلستون وطلبت منه الاستقالة عام 1947 ليحل محله روبرت هاو وهو من موظفي وزارة الخارجية.
"مقاومة الاستباحة المصرية"
ولم يـتأخر الإمام في المقاومة ضد ما رآه استباحة مصرية للسودان من الحكومة البريطانية ممن ظن فيها الخير، فشكّل الجبهة الاستقلالية وقاطع جلسات المجلس الاستشاري لشمال السودان (1946) الذي أذنت به الحكومة لتعطي السودانيين صوتاً في إدارة شأنهم، وعقد الندوات السياسية والتظاهرات لإدانة بريطانيا على تساهلها مع مصر في شأن السودان، بل طالب بإنهاء الحكم الثنائي وترك السودانيين لتكوين حكومة ديمقراطية، والتحم الاتحاديون والاستقلاليون في تظاهراتهم مما اضطر الحكومة إلى منع النشاطات السياسية. وقللت بريطانيا من خطر مقاومة الإمام ورأت فيه رجلاً تبددت أحلامه في مملكة تمناها بالبلد على غرار الملك فيصل في الجزيرة العربية. ولما عاد صدقي في الـ26 من أكتوبر 1946 لمصر وقال مقولته المشهورة "جئتكم بالسيادة على السودان"، طلب الإمام الذهاب إلى بريطانيا ليطلع الحكومة والشعب على موقفه من استقلال السودان، وقبلت بريطانيا على مضض على أن يغشى القاهرة في طريقه إلى إنجلترا حتى لا تنزعج مصر، ورفض صدقي أن يلتقي الإمام.
وواصل الإمام معركته لاستقلال السودان وبدعم من حكومة السودان ضد اتفاق صدقي-بيفن. وفي بريطانيا عبّر الإمام عن نفسه بمصطلح متعارف عليه بين قادة حركات التحرر الوطني، فنفى أن تكون لمصر حقوق تاريخية في السودان لأن من كانت له تلك الحقوق بالفعل هي الدولة العثمانية التي حكمت مصر والسودان معاً، وأطاح بها السودانيون بثورة جبت كل زعم. كما قال إن ميثاق الأمم المتحدة أعطاهم الحق في تقرير المصير ككل مستعمرة أخرى، مذكراً بجهود السودانيين في دعم المجهود الحربي لبريطانيا في الحرب العالمية الثانية باشتراك قوة دفاع السودان في تحرير الحبشة.
ولوّح بأنه إذا لم توقف بريطانيا مصر عند حدها فقد تنفجر الأوضاع كما في فلسطين التي أثارها وعد "بلفور" من جانب واحد لليهود. وطلب من بريطانيا أن تلتزم بحق السودان في تقرير مصيره واستقلاله خلال 10 أعوام وأن ترعى ذلك الالتزام في كل عهد توقعه مع مصر وإلا تحملت عاقبة الأمور. ووجد الإمام من استمع إليه وميّز قوله بين المحافظين والصحافة.
اجتماعات نيويورك
وواصل الإمام المؤتمرات الدولية عن السودان بمندوبين يعرضون سبيله لاستقلال السودان، فعقد اجتماع للأمم المتحدة في نيويورك دعت إليه للنظر في المسألة السودانية بعدما سمعت مصر من الحكومة البريطانية قولاً عن حقها في السودان لم يطابق ما تريده تماماً. فرتب الإمام وفداً ليكون حاضراً في المؤتمر يذيع وجهة نظرهم التي جاءت ضمن مذكرة عنوانها "قضية استقلال السودان" جددوا فيها حججهم التي تطرقنا إليها أعلاه عن فساد زعم أن لمصر حقوقاً في السودان. فالحكم الثنائي نفسه عام 1898، بحسب المذكرة، أبطل زعم مصر بحق تاريخي في السودان لأنه صار بالاتفاق مستعمرة مستقلة. ولم تنتهِ اجتماعات نيويورك إلى شيء مما هو كسب سلبي لبريطانيا التي كانت مصر طالبتها بمغادرة السودان. ولقي وفد الإمام من ناصره في القضية فطمأنه على عدالة قضيته. ولكن وضح للمهدي من اجتماعات نيويورك أن سياسة المواجهة مع بريطانيا منزلق صح تجنبه، فبريطانيا مهما قال عنها هي التي تملك الأوراق في السودان، فعاد للتعاطي معها في ما بعد.
واضح من كتاب إبراهيم المُراجع عن الإمام المهدي أنه من الصعب وغير المفيد استمرار هذا الأخدود في تاريخ الحركة الوطنية بين "الوطنيين"، من مثلهم الاتحاديون ممن طلبوا الاستقلال "تحت التاج المصري" و"المتعاونون" مع الاستعمار من مثلهم الإمام ورهطه. فعلاوة على جعله هذا التاريخ قراءة مملة، فهو كما رأينا لا يرى في الإنجليز شيعاً لم يتهيب الإمام مقاومة طرف منها هو الحكومة البريطانية بجلالة قدرها حين استباحت السودان لمصر على رغم اعتراض حكومة السودان نفسها على نهج مركزها الإمبراطوري. ومن طريف ما جاء في الكتاب أن وفد الإمام من المتعاونين إلى لندن سعى إلى عرض مسألته حتى على منظمة الجامعة الأفريقية التي كانت تعبأت لتأمين حق تقرير المصير للمستعمرات الأفريقية بعد الحرب مما ربما لم يبلغه الاتحاديون. وإذا كانت الأمور بخواتيمها فالمعلوم أن استقلال السودان وقع على حافر خطة الإمام لا خطة الاتحاديين. فقرر اتفاق عام 1953 للحكم الذاتي للسودانيين متى نالوا الحكم الذاتي استفتوا أنفسهم إن كانوا مع الوحدة مع مصر أو الاستقلال. ولم يحتج السودانيون لأي من ذلك، فتعاقدوا على الاستقلال من دون حاجة إلى الاستفتاء في ما عرف بـ"إعلان الاستقلال" من داخل البرلمان الذي كانت الغلبة فيه للاتحاديين الأشاوس من دون الاستقلاليين المتعاونين.
ibrahima@missouri.edu