لجريدة عمان:
2025-02-02@04:00:38 GMT

الشيخ عكرمة صبري والدفاع عن المسجد الأقصى

تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT

«سنظلّ نمارس دورَنا في الدفاع عن المسجد الأقصى من الأخطار التي تواجهه». بهذه الكلمات تحدّث الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى المبارك، تعليقًا على لائحة الاتهام التي قدّمتها النيابة العامة الإسرائيلية ضده، لأنه تحدّث عن «مكانة الشهيد في الإسلام»، وهو ما اعتبرته النيابة الإسرائيلية يندرج في إطار «دعم الإرهاب» على حد زعمها.

وفي الواقع فإنّ تلك العبارة تلخص حياة وفكر الشيخ عكرمة صبري، التي كرّسها كلها للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى.

تعقيبًا على تقديم لائحة الاتهام، أشار خالد زبارقة - وهو أحد محامي الشيخ عكرمة - إلى أنّ جماعات يهودية متطرفة تسعى منذ سنوات وبكلّ قوتها إلى تجريم الشيخ «والهدف من هذا التجريم سياسي، لأنّ هذه الجماعات تتعامل مع الخطاب الديني الإسلامي بشكل تصادمي من جهة، وهي تسعى لإسكات كلّ صوت حر قوي ومؤثر في قضية القدس والأقصى من جهة أخرى».

في ظلّ تساقط الكثير من الدعاة، وتغيير الكثير منهم بوصلتهم مع اتجاهات السياسات العربية الخنوعة، ظلّ الشيخ عكرمة صبري صوت القدس والأقصى المسموع محليًّا وعالميًّا، لانتهاجه خطابًا علميًّا مهنيًّا دينيًّا، يفضح فيه السياسات الإسرائيلية، ويحذّر ممّا يخططه الكيان للمسجد الأقصى؛ لذا فإنّ توجيه اتهام للشيخ عكرمة، جاء في وقت مهم، نالت فيه القضية الفلسطينية تعاطفًا شعبيًّا عالميًّا، مع استمرار طوفان الأقصى منذ عشرة أشهر. وعلى ما يبدو فإنّ لإسكات الشيخ عكرمة «أهدافًا تتعلق بتغييرات جذرية في المسجد والمدينة المقدسة»، كما يقول المحامي خالد زبارقة المختص في قضايا القدس، الذي يصف تقديم لائحة الاتهام بـ«الجريمة»، لأنها «تأتي في هذه المرحلة الخطيرة ضد شخصية اعتبارية بحجم سماحة الشيخ عكرمة صبري».

لم يهتم الكيان الصهيوني بعمر الشيخ عكرمة الذي جاوز الـ 86 عامًا، لأنه - أي الكيان - لا يتحمل أيّ صوت مؤثر يبث للناس وعيًا بخصوص الهوية الفلسطينية، فمن أهدافه أساسًا طمس كلّ ما يتعلق بالهوية الفلسطينية، وبالتالي فإنّ أيَّ شخص يعرقل مشروعه يعتبره خطرًا ولا بد من إزاحته من طريقه. ولكي تضيِّق عليه الخناق، منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الشيخ عكرمة من التواصل مع ثماني شخصيات من الداخل الفلسطيني المحتل، بينها الشيخ رائد صلاح وكمال الخطيب وأحمد سليمان اغبارية.

وإذا كانت إسرائيل تريد عقاب الشيخ عكرمة صبري، فإنها تعاقبه على مجمل مواقفه القديمة والحديثة، وربما موقفه من زيارة الرئيس أنور السادات للقدس عام 1977، وكان الأبرز في تاريخه؛ فما حدث في تلك الزيارة أنّ الرئيس السادات صلى صلاة عيد الأضحى في المسجد الأقصى، وخطب الشيخ عكرمة خطبة العيد، مستغلا الزيارة لأنها أتاحت له أن يتحدّث للمسلمين في العالم للمرة الأولى عبر الأثير وعبر محطات الأقمار الصناعية ومن شاشات التلفاز، فخطب موجِّهًا نظره للرئيس السادات: «تمنينا لو أنك أتيت فاتحًا مثل صلاح الدين الأيوبي»، بل إنّ الشيخ عكرمة ذهب أبعد من ذلك، وكأنه يرى مصير الرئيس السادات بعد ذلك بسنوات قليلة، عندما قال في الخطبة: «من أراد لبيت المقدس سوءا أهلكه الله»، وذكّر الرئيس السادات والرؤساء العرب بأنّ فلسطين عامة والقدس خاصة أمانة في أعناقهم، ووجّه نداء للرئيس السادات من أمهات المعتقلين والمسجونين السياسيين في الأراضي المحتلة، لإطلاق سراح فلذات أكبادهم.

إضافةً إلى أنه خطيب المسجد الأقصى، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، سبق للشيخ عكرمة صبري أن شغل منصب مفتي القدس والديار الفلسطينية، وهو مؤسس هيئة العلماء والدعاة في فلسطين ورئيسها، ورئيس مجلس الفتوى الأعلى في فلسطين وله عدة مؤلفات. وتعود أول خطبة ألقاها في منبر المسجد الأقصى إلى عام 1973، ويواظب للعام الـ51 على التوالي على القيام بهذا الدور، ومن الطبيعي ألا تروق خطبه وكلماته للاحتلال الإسرائيلي، فبدأ بملاحقته منذ عام 2000 مع اندلاع الانتفاضة الثانية. ومنذ ذلك الحين يتعرض للاستدعاء والاعتقال والتحقيق، بالإضافة إلى عقوبتَيْ الإبعاد عن المسجد الأقصى والمنع من السفر، ودهمت المخابرات الإسرائيلية منزله في حي الصوانة في القدس الشرقية بداعي تسليمه أمر إخلاء وهدم للبناية التي له شقة فيها.

وقف الشيخ عكرمة دائمًا ضد الانتهاكات الإسرائيلية التي تطال المسجد الأقصى، وظلّ الصوت الداعي إلى إنقاذه من عمليات التهويد، وتصدى لمحاولات إسكات صوت الأذان في مساجد القدس المحتلة، ووقف ضد القرار غير المسبوق بإغلاق باحات الأقصى أمام المصلين. وقد أصيب يوم 18 يوليو 2017 برصاصة مطاطية، بعد أن هاجمت قوات الاحتلال آلافًا ممن أدوا صلاة العشاء في منطقة باب الأسباط بالقدس المحتلة، عندما تحدى المقدسيون الإسرائيليين الذين نصبوا البوابات الإلكترونية حول المسجد الأقصى، وهي الخطوة التي رفضوها، فكان الشيخ عكرمة في مقدمة المحتجين والرافضين لتلك التدابير الأمنية التي هدفت إلى غلق المسجد الأقصى أمام المصلين، واعتبر - في حديث للجزيرة نت - أنّ الهدف من هذه البوابات هو فرض السيادة على الأقصى المبارك، وحثّ المصلين على الالتزام بالصلاة في المسجد رغم الحواجز الإسرائيلية المؤدية للأقصى، «وأنّ أجر الصلاة خارج الحواجز هو ذات الأجر داخل المسجد الأقصى نظرًا لوجود مانع سببه الاحتلال».

لم يمنع كبر السن الشيخ عكرمة صبري عن مواصلة النضال ضد تهويد المسجد الأقصى؛ فهو دائمًا في مقدمة المحتجين، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات، وعُرف بمشاركته في الكثير من النشاطات والفعاليات المناهضة لتهويد القدس، وتعرّض من جراء ذلك للمضايقة والاستجواب والاعتقال من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ولكنه صامد، ويعطي درسًا للشباب في الثبات، لذا فقد حث المقدسيين على شد الرحال إلى المسجد الأقصى يوم الأحد (الذي وافق) السابع من شهر يوليو الحالي بمناسبة حلول رأس السنة الهجرية الجديدة «1446»، واستثمار ذكرى الهجرة النبوية الشريفة للصلاة والمرابطة بالمسجد الأقصى المبارك، والمشاركة في حلقات الابتهالات والذكر. وكعادته أطلق دعوة للدول العربية والإسلامية أن تكثف من جهودها وتعزز مواقفها لحماية المسجد الأقصى من الأخطار المحدقة به وصون المقدسات الدينية والأملاك الوقفية في مدينة القدس وفلسطين، لكن المؤكد أنّ صيحته ذهبت أدراج الرياح.

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشیخ عکرمة صبری المسجد الأقصى الأقصى من الأقصى ا

إقرأ أيضاً:

انتهاكات الاحتلال في القدس خلال يناير

القدس المحتلة- لم تختلف بداية عام 2025 عن نهاية العام المنصرم، ففي أول شهر منه أعدم الاحتلال الفتى آدم صب لبن (18 عاما) قرب حاجز قلنديا العسكري شمال القدس، وذلك برصاص قنّاص إسرائيلي كان يتحصن داخل البرج العسكري الملاصق للحاجز.

وفي يناير/كانون الثاني أيضا اقتحم نحو 6 آلاف متطرف ومتطرفة ساحات المسجد الأقصى، وبدأ الشهر باقتحاماتهم الاحتفالية في يومين من عيد الأنوار اليهودي، وانتهى باحتفالهم برأس الشهر العبري الذي اقتحم المسجد خلاله 636 مستوطنا، وكتب أحد ناشطي الهيكل بأن هذا الشهر هو "شهر الخلاص".

في المسجد رقص المستوطنون وغنّوا وصلّوا بشكل جماعي وأدوا طقس السجود الملحمي بحماية من شرطة الاحتلال، وحرص أحدهم على أداء السجود الملحمي أمام باب المجلس، كم أقدم على تعليق العلم الخاص بجماعات الهيكل المتطرفة على بوابة دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية.

ومن الانتهاكات التي وثقتها الجزيرة نت خلال هذا الشهر نشر منظمة "بيدينو" المتطرفة صورة من المسجد الأقصى وكتبت عليها "فوزنا جميعا سيكون على جبل الهيكل"، كما طالت الانتهاكات ساحة البراق الملاصقة للجدار الغربي للمسجد، حيث تنفذ مؤسسة "تراث الحائط الغربي" أعمال توسعة وتطوير في هذه الساحة المسلوبة.

الاحتلال أعدم الفتى آدم صب لبن (18 عاما) قرب حاجز قلنديا العسكري شمال القدس (الأناضول) صفقة طوفان الأحرار

وفي إطار انتهاك الحريات اعتقلت قوات الاحتلال في محافظة القدس أكثر من 130 مقدسيا، بينهم 12 امرأة و7 قاصرين، كما أصدرت محاكم الاحتلال 10 أوامر اعتقال إداري.

إعلان

وتحرر في المرحلة الأولى وعلى 3 دفعات في صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) 63 أسيرا وأسيرة من محافظة القدس.

وفي الدفعة الأولى تحرر 16 مقدسيا بينهم 7 قاصرين و9 نساء، أما في الدفعة الثانية فتحرر 27 مقدسيا، بينهم 19 أسيرا محكومون بالسجن المؤبد أبعد 15 منهم إلى خارج فلسطين، إلى جانب 8 أسرى من أصحاب الأحكام العالية.

وشملت الدفعة الثالثة 20 أسيرا مقدسيا من قرى محافظة القدس وأحيائها، بينهم 4 قاصرين أصغرهم 15 عاما، وأسير محكوم بالسجن مدى الحياة، و15 أسيرا محكومون لفترات متفاوتة، أعلاها 19 عاما وأدناها 7 سنوات، علما أن الاحتلال قرر إبعاد أسيرين محررين منهم إلى خارج فلسطين.

وبالإضافة لإبعاد المحررين في الصفقة وعددهم 17 أسيرا، فإن 4 مقدسيين آخرين تسلموا أوامر إبعاد، بينهم 3 قاصرين تحرروا في الصفقة وتم إبعادهم عن البلدة القديمة، وتجديد إبعاد المرابطة خديجة خويص عن الضفة الغربية.

هدم للمقدسيين وحدائق للمستوطنين

وفي إطار عمليات الهدم، نُفذت في محافظة القدس 30 عملية هدم، بينها 17 عملية هدم ذاتية قسرية، وتركزت عمليات الهدم في كل من بلدة سلوان وجبل المكبر وصور باهر التي هُدم فيها مسجد "التقوى"، وهو المسجد الثالث الذي تهدمه جرافات الاحتلال خلال شهرين.

ولم تتوقف إعلانات المصادقة على مشاريع استيطانية جديدة أو مصادرة مئات الدونمات، فضلا عن إعلان رئيس بلدية الاحتلال افتتاح حديقة جديدة للمستوطنين بمستوطنة جيلو الواقعة جنوب القدس.

وعلى مدار الشهر تمت المصادقة على بناء مدرسة دينية يهودية بحي الشيخ جرّاح، ومصادرة 262 دونما من أراضي الرام ومخماس وجبع وكفر عقب شمال القدس لصالح شارع استيطاني، كما صودر 15 دونما في محيط حاجز الزعيّم شرقي القدس، ومئات الدونمات من أراضي قرية قلنديا شمال المدينة المحتلة.

إعلان

وليس ببعيد عن الاستيطان، أُخطرت 18 عائلة في حي بطن الهوى ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى بإخلاء منازلها لصالح المستوطنين، بادعاء ملكية اليهود للأراضي التي أُقيمت عليها المنازل قبل عام 1948.

عبر وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقبل إيتمار بن غفير عن غضبه من صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة في غزة وإسرائيل، والتي ضمت أسيرا اتهم بمحاولة اغتياله قبل أن يصبح وزيرا في الحكومة الحالية.
وقال بن غفير: إطلاق سراح رشيد الرشق الذي خطط لاغتيالي وزكريا زبيدي وغيرهما شهادة على… pic.twitter.com/BQaNRm4eWb

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) January 31, 2025

تهديدات

ومع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في غزة أطلق وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير تصريحات استهدف فيها الفلسطينيين، ومن بينها مطالبته وزير الداخلية الإسرائيلي بتفعيل قانون طرد عائلات منفذي العمليات إلى قطاع غزة، وأورد أسماء 3 مقدسيين لتنفيذ هذه العقوبة بحقهم.

وفي إطار الهجمة غير المسبوقة التي يتعرض لها المقدسيون منذ اندلاع الحرب الأخيرة، أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل عن سحب حق الإقامة في القدس من الأسير المقدسي محمد عبيدات.

ولم يسدل الستار عن يناير/كانون الثاني قبل أن يضيق جيش الاحتلال الخناق على المدينة المقدسة من خلال تضييقات غير مسبوقة على الحواجز المؤدية إليها وإغلاق بعضها بشكل مفاجئ.

ولمواجهة التضييقات الاستثنائية على حاجز قلنديا وجبع المؤديين إلى المدينة نفذ أهالي كفر عقب إضرابا أطلقوا عليه "إضراب الكرامة"، وشمل الامتناع عن الذهاب إلى العمل داخل القدس، احتجاجا على "الأوضاع التي باتت تمتهن كرامتهم وإنسانيتهم كمواطنين وعاملين، ولأن إغلاق الطرق وحصار البلدات لا يعيق فقط تحركاتهم اليومية بل يعكس استهدافا مستمرا لحقوقهم الأساسية"، وفق تعبيرهم.

إعلان

مقالات مشابهة

  • خطيب المسجد الأقصى يُشيد بدعم الجزائريين لأهل القدس
  • انتهاكات الاحتلال في القدس خلال يناير
  • الجزائر تؤكد موقفها الثابت في دعم القضية الفلسطينية خلال استقبال الشيخ عكرمة صبري
  • أبرز المساجد والكنائس التي دمرها الاحتلال في غزة
  • نحو 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى​
  • أوقاف القدس: 40 ألف مصلٍ أدوا صلاة الجمعة فى رحاب المسجد الأقصى
  • 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • عشرات المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى المبارك بحماية جيش العدو الصهيوني