لجريدة عمان:
2025-03-04@07:23:08 GMT

الشيخ عكرمة صبري والدفاع عن المسجد الأقصى

تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT

«سنظلّ نمارس دورَنا في الدفاع عن المسجد الأقصى من الأخطار التي تواجهه». بهذه الكلمات تحدّث الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى المبارك، تعليقًا على لائحة الاتهام التي قدّمتها النيابة العامة الإسرائيلية ضده، لأنه تحدّث عن «مكانة الشهيد في الإسلام»، وهو ما اعتبرته النيابة الإسرائيلية يندرج في إطار «دعم الإرهاب» على حد زعمها.

وفي الواقع فإنّ تلك العبارة تلخص حياة وفكر الشيخ عكرمة صبري، التي كرّسها كلها للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى.

تعقيبًا على تقديم لائحة الاتهام، أشار خالد زبارقة - وهو أحد محامي الشيخ عكرمة - إلى أنّ جماعات يهودية متطرفة تسعى منذ سنوات وبكلّ قوتها إلى تجريم الشيخ «والهدف من هذا التجريم سياسي، لأنّ هذه الجماعات تتعامل مع الخطاب الديني الإسلامي بشكل تصادمي من جهة، وهي تسعى لإسكات كلّ صوت حر قوي ومؤثر في قضية القدس والأقصى من جهة أخرى».

في ظلّ تساقط الكثير من الدعاة، وتغيير الكثير منهم بوصلتهم مع اتجاهات السياسات العربية الخنوعة، ظلّ الشيخ عكرمة صبري صوت القدس والأقصى المسموع محليًّا وعالميًّا، لانتهاجه خطابًا علميًّا مهنيًّا دينيًّا، يفضح فيه السياسات الإسرائيلية، ويحذّر ممّا يخططه الكيان للمسجد الأقصى؛ لذا فإنّ توجيه اتهام للشيخ عكرمة، جاء في وقت مهم، نالت فيه القضية الفلسطينية تعاطفًا شعبيًّا عالميًّا، مع استمرار طوفان الأقصى منذ عشرة أشهر. وعلى ما يبدو فإنّ لإسكات الشيخ عكرمة «أهدافًا تتعلق بتغييرات جذرية في المسجد والمدينة المقدسة»، كما يقول المحامي خالد زبارقة المختص في قضايا القدس، الذي يصف تقديم لائحة الاتهام بـ«الجريمة»، لأنها «تأتي في هذه المرحلة الخطيرة ضد شخصية اعتبارية بحجم سماحة الشيخ عكرمة صبري».

لم يهتم الكيان الصهيوني بعمر الشيخ عكرمة الذي جاوز الـ 86 عامًا، لأنه - أي الكيان - لا يتحمل أيّ صوت مؤثر يبث للناس وعيًا بخصوص الهوية الفلسطينية، فمن أهدافه أساسًا طمس كلّ ما يتعلق بالهوية الفلسطينية، وبالتالي فإنّ أيَّ شخص يعرقل مشروعه يعتبره خطرًا ولا بد من إزاحته من طريقه. ولكي تضيِّق عليه الخناق، منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الشيخ عكرمة من التواصل مع ثماني شخصيات من الداخل الفلسطيني المحتل، بينها الشيخ رائد صلاح وكمال الخطيب وأحمد سليمان اغبارية.

وإذا كانت إسرائيل تريد عقاب الشيخ عكرمة صبري، فإنها تعاقبه على مجمل مواقفه القديمة والحديثة، وربما موقفه من زيارة الرئيس أنور السادات للقدس عام 1977، وكان الأبرز في تاريخه؛ فما حدث في تلك الزيارة أنّ الرئيس السادات صلى صلاة عيد الأضحى في المسجد الأقصى، وخطب الشيخ عكرمة خطبة العيد، مستغلا الزيارة لأنها أتاحت له أن يتحدّث للمسلمين في العالم للمرة الأولى عبر الأثير وعبر محطات الأقمار الصناعية ومن شاشات التلفاز، فخطب موجِّهًا نظره للرئيس السادات: «تمنينا لو أنك أتيت فاتحًا مثل صلاح الدين الأيوبي»، بل إنّ الشيخ عكرمة ذهب أبعد من ذلك، وكأنه يرى مصير الرئيس السادات بعد ذلك بسنوات قليلة، عندما قال في الخطبة: «من أراد لبيت المقدس سوءا أهلكه الله»، وذكّر الرئيس السادات والرؤساء العرب بأنّ فلسطين عامة والقدس خاصة أمانة في أعناقهم، ووجّه نداء للرئيس السادات من أمهات المعتقلين والمسجونين السياسيين في الأراضي المحتلة، لإطلاق سراح فلذات أكبادهم.

إضافةً إلى أنه خطيب المسجد الأقصى، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، سبق للشيخ عكرمة صبري أن شغل منصب مفتي القدس والديار الفلسطينية، وهو مؤسس هيئة العلماء والدعاة في فلسطين ورئيسها، ورئيس مجلس الفتوى الأعلى في فلسطين وله عدة مؤلفات. وتعود أول خطبة ألقاها في منبر المسجد الأقصى إلى عام 1973، ويواظب للعام الـ51 على التوالي على القيام بهذا الدور، ومن الطبيعي ألا تروق خطبه وكلماته للاحتلال الإسرائيلي، فبدأ بملاحقته منذ عام 2000 مع اندلاع الانتفاضة الثانية. ومنذ ذلك الحين يتعرض للاستدعاء والاعتقال والتحقيق، بالإضافة إلى عقوبتَيْ الإبعاد عن المسجد الأقصى والمنع من السفر، ودهمت المخابرات الإسرائيلية منزله في حي الصوانة في القدس الشرقية بداعي تسليمه أمر إخلاء وهدم للبناية التي له شقة فيها.

وقف الشيخ عكرمة دائمًا ضد الانتهاكات الإسرائيلية التي تطال المسجد الأقصى، وظلّ الصوت الداعي إلى إنقاذه من عمليات التهويد، وتصدى لمحاولات إسكات صوت الأذان في مساجد القدس المحتلة، ووقف ضد القرار غير المسبوق بإغلاق باحات الأقصى أمام المصلين. وقد أصيب يوم 18 يوليو 2017 برصاصة مطاطية، بعد أن هاجمت قوات الاحتلال آلافًا ممن أدوا صلاة العشاء في منطقة باب الأسباط بالقدس المحتلة، عندما تحدى المقدسيون الإسرائيليين الذين نصبوا البوابات الإلكترونية حول المسجد الأقصى، وهي الخطوة التي رفضوها، فكان الشيخ عكرمة في مقدمة المحتجين والرافضين لتلك التدابير الأمنية التي هدفت إلى غلق المسجد الأقصى أمام المصلين، واعتبر - في حديث للجزيرة نت - أنّ الهدف من هذه البوابات هو فرض السيادة على الأقصى المبارك، وحثّ المصلين على الالتزام بالصلاة في المسجد رغم الحواجز الإسرائيلية المؤدية للأقصى، «وأنّ أجر الصلاة خارج الحواجز هو ذات الأجر داخل المسجد الأقصى نظرًا لوجود مانع سببه الاحتلال».

لم يمنع كبر السن الشيخ عكرمة صبري عن مواصلة النضال ضد تهويد المسجد الأقصى؛ فهو دائمًا في مقدمة المحتجين، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات، وعُرف بمشاركته في الكثير من النشاطات والفعاليات المناهضة لتهويد القدس، وتعرّض من جراء ذلك للمضايقة والاستجواب والاعتقال من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ولكنه صامد، ويعطي درسًا للشباب في الثبات، لذا فقد حث المقدسيين على شد الرحال إلى المسجد الأقصى يوم الأحد (الذي وافق) السابع من شهر يوليو الحالي بمناسبة حلول رأس السنة الهجرية الجديدة «1446»، واستثمار ذكرى الهجرة النبوية الشريفة للصلاة والمرابطة بالمسجد الأقصى المبارك، والمشاركة في حلقات الابتهالات والذكر. وكعادته أطلق دعوة للدول العربية والإسلامية أن تكثف من جهودها وتعزز مواقفها لحماية المسجد الأقصى من الأخطار المحدقة به وصون المقدسات الدينية والأملاك الوقفية في مدينة القدس وفلسطين، لكن المؤكد أنّ صيحته ذهبت أدراج الرياح.

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشیخ عکرمة صبری المسجد الأقصى الأقصى من الأقصى ا

إقرأ أيضاً:

حماس تدعو لشد الرحال إلى الأقصى برمضان

دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم السبت، الفلسطينيين إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى في القدس المحتلة والرباط والاعتكاف، وذلك مع تزايد تضييقات الاحتلال لتقييد وصول المصلين في المسجد خلال شهر رمضان.

وقالت الحركة في بيان بمناسبة حلول الشهر الفضيل، "ندعو جماهير شعبنا في عموم الضفة والقدس والداخل المحتل إلى حشدّ كلّ الطاقات في هذا الشهر عبر شدّ الرّحال إلى المسجد الأقصى والرّباط والاعتكاف فيه".

وأضافت الحركة "لتكن أيام رمضان ولياليه المباركة طاعة ورباطا ومقاومة للعدو وقطعان مستوطنيه، وذودا وحماية للقدس والأقصى حتى تحريرهما من دنس الاحتلال".

كما طالبت حماس الفلسطينيين في كافة المناطق حول العالم بإطلاق أوسع المبادرات والفعاليات التضامنية مع أهلهم في قطاع غزة والضفة والقدس.

وكانت حماس دانت -الثلاثاء الماضي- اعتزام إسرائيل تقييد وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، ودعت إلى التصدي لكل محاولات "تدنيسه وفرض السيطرة عليه".

أدانت حركة حـ.ـماس -أمس الثلاثاء- اعتزام إسرائيل تقييد وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، ودعت إلى شد الرحال إليه والتصدي لكل محاولات "تدنيسه" و"فرض السيطرة عليه".

وقالت الحركة -في بيان- "ندين بأشد العبارات ما أوصت به شرطة الاحتلال ومخططاتها لتقييد وصول المصلين… pic.twitter.com/2CmqgI0k91

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) February 26, 2025

إعلان

 

ومساء أمس الجمعة، قال خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، إن سلطات الاحتلال فرضت طوقا أمنيا مشددا على القدس، بزعم أن ذلك لأغراض أمنية، بينما الهدف الحقيقي هو تقييد وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى.

وخلال شهر رمضان في كل عام تفرض إسرائيل إجراءات للتضييق على وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، في القدس الشرقية المحتلة.
ويعتبر الفلسطينيون تلك التضييقات ضمن إجراءات إسرائيل المكثفة لتهويد القدس والسيطرة عليها، بما فيها المسجد الأقصى، في ظل تسارع الاستيطان والتهجير، بموازاة تصعيد عسكري في الضفة الغربية وفي أعقاب حرب إبادة على قطاع غزة.

 

وفي وقت سابق أمس، قال مركز معلومات وادي حلوة الحقوقي في القدس إن قوات الاحتلال وضعت "الحواجز والسواتر الحديدية في الطرقات المؤدية إلى الأقصى وعلى أبوابه".

كما حذرت اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين من قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بفرض واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان.

وأضافت اللجنة في بيان أن "إعلان الاحتلال مضاعفة إجراءاته القمعية خلال شهر رمضان، وتحديد أعداد المصلين وقرارات الإبعاد، هدفه إفراغ المسجد الأقصى، وعزله عن محيطه الفلسطيني والاستفراد به، لاستكمال مشروعه التهويدي لمدينة القدس ومقدساتها".

وفي وقت سابق أمس، قالت القناة 14 الإسرائيلية إن الشرطة تعتزم نشر قوات إضافية في القدس، خاصة في محيط المسجد الأقصى، مع بداية شهر رمضان.

وقدرت القناة زيادة أعداد عناصر الشرطة بنحو ألفين، مشيرة إلى أن الانتشار الأمني المكثف سيكون في أماكن واسعة بمدينة القدس ومداخلها ومخارجها وعلى مفترقات كثيرة حولها.

ليلة الأول من رمضان..

قوات الاحتلال تنصب الحواجز والسواتر الحديدية في الشوارع المؤدية للمسجد الأقصى.#فلسطين pic.twitter.com/b9ia46AGan

— palgraph (@palestine_graph) February 28, 2025

إعلان

والأحد الماضي، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن الشرطة وضعت قواتها في حالة تأهب قصوى استعدادا لشهر رمضان، وتعتزم نشر 3 آلاف شرطي يوميا على الحواجز المؤدية إلى مدينة القدس وصولا إلى المسجد الأقصى.

وتأتي هذه التعزيزات الأمنية بعد أن قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقييد وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، وسط تقارير عن أنها لن تسمح لأكثر من 10 آلاف من فلسطينيي الضفة بالوصول إليه خلال أيام الجمعة من رمضان.

مقالات مشابهة

  • 80 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى رغم إجراءات الاحتلال
  • 80 ألفا فلسطينيا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
  • 80 ألف مصل بالمسجد الأقصى في صلاتي العشاء والتراويح
  • 80 ألف مصل يؤدون صلاتي العشاء والتراويح بالمسجد الأقصى
  • 75 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى المبارك.. صور
  • نحو 75 ألف مصل يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
  • 70 ألف مصل يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
  • الاحتلال يشدد القيود في القدس والمسجد الأقصى خلال رمضان
  • القدس في فبراير.. الاحتلال يستهدف الأقصى وإبعادات بالجملة
  • حماس تدعو لشد الرحال إلى الأقصى برمضان