لجريدة عمان:
2025-04-25@10:44:15 GMT

الشيخ عكرمة صبري والدفاع عن المسجد الأقصى

تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT

«سنظلّ نمارس دورَنا في الدفاع عن المسجد الأقصى من الأخطار التي تواجهه». بهذه الكلمات تحدّث الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى المبارك، تعليقًا على لائحة الاتهام التي قدّمتها النيابة العامة الإسرائيلية ضده، لأنه تحدّث عن «مكانة الشهيد في الإسلام»، وهو ما اعتبرته النيابة الإسرائيلية يندرج في إطار «دعم الإرهاب» على حد زعمها.

وفي الواقع فإنّ تلك العبارة تلخص حياة وفكر الشيخ عكرمة صبري، التي كرّسها كلها للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى.

تعقيبًا على تقديم لائحة الاتهام، أشار خالد زبارقة - وهو أحد محامي الشيخ عكرمة - إلى أنّ جماعات يهودية متطرفة تسعى منذ سنوات وبكلّ قوتها إلى تجريم الشيخ «والهدف من هذا التجريم سياسي، لأنّ هذه الجماعات تتعامل مع الخطاب الديني الإسلامي بشكل تصادمي من جهة، وهي تسعى لإسكات كلّ صوت حر قوي ومؤثر في قضية القدس والأقصى من جهة أخرى».

في ظلّ تساقط الكثير من الدعاة، وتغيير الكثير منهم بوصلتهم مع اتجاهات السياسات العربية الخنوعة، ظلّ الشيخ عكرمة صبري صوت القدس والأقصى المسموع محليًّا وعالميًّا، لانتهاجه خطابًا علميًّا مهنيًّا دينيًّا، يفضح فيه السياسات الإسرائيلية، ويحذّر ممّا يخططه الكيان للمسجد الأقصى؛ لذا فإنّ توجيه اتهام للشيخ عكرمة، جاء في وقت مهم، نالت فيه القضية الفلسطينية تعاطفًا شعبيًّا عالميًّا، مع استمرار طوفان الأقصى منذ عشرة أشهر. وعلى ما يبدو فإنّ لإسكات الشيخ عكرمة «أهدافًا تتعلق بتغييرات جذرية في المسجد والمدينة المقدسة»، كما يقول المحامي خالد زبارقة المختص في قضايا القدس، الذي يصف تقديم لائحة الاتهام بـ«الجريمة»، لأنها «تأتي في هذه المرحلة الخطيرة ضد شخصية اعتبارية بحجم سماحة الشيخ عكرمة صبري».

لم يهتم الكيان الصهيوني بعمر الشيخ عكرمة الذي جاوز الـ 86 عامًا، لأنه - أي الكيان - لا يتحمل أيّ صوت مؤثر يبث للناس وعيًا بخصوص الهوية الفلسطينية، فمن أهدافه أساسًا طمس كلّ ما يتعلق بالهوية الفلسطينية، وبالتالي فإنّ أيَّ شخص يعرقل مشروعه يعتبره خطرًا ولا بد من إزاحته من طريقه. ولكي تضيِّق عليه الخناق، منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الشيخ عكرمة من التواصل مع ثماني شخصيات من الداخل الفلسطيني المحتل، بينها الشيخ رائد صلاح وكمال الخطيب وأحمد سليمان اغبارية.

وإذا كانت إسرائيل تريد عقاب الشيخ عكرمة صبري، فإنها تعاقبه على مجمل مواقفه القديمة والحديثة، وربما موقفه من زيارة الرئيس أنور السادات للقدس عام 1977، وكان الأبرز في تاريخه؛ فما حدث في تلك الزيارة أنّ الرئيس السادات صلى صلاة عيد الأضحى في المسجد الأقصى، وخطب الشيخ عكرمة خطبة العيد، مستغلا الزيارة لأنها أتاحت له أن يتحدّث للمسلمين في العالم للمرة الأولى عبر الأثير وعبر محطات الأقمار الصناعية ومن شاشات التلفاز، فخطب موجِّهًا نظره للرئيس السادات: «تمنينا لو أنك أتيت فاتحًا مثل صلاح الدين الأيوبي»، بل إنّ الشيخ عكرمة ذهب أبعد من ذلك، وكأنه يرى مصير الرئيس السادات بعد ذلك بسنوات قليلة، عندما قال في الخطبة: «من أراد لبيت المقدس سوءا أهلكه الله»، وذكّر الرئيس السادات والرؤساء العرب بأنّ فلسطين عامة والقدس خاصة أمانة في أعناقهم، ووجّه نداء للرئيس السادات من أمهات المعتقلين والمسجونين السياسيين في الأراضي المحتلة، لإطلاق سراح فلذات أكبادهم.

إضافةً إلى أنه خطيب المسجد الأقصى، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، سبق للشيخ عكرمة صبري أن شغل منصب مفتي القدس والديار الفلسطينية، وهو مؤسس هيئة العلماء والدعاة في فلسطين ورئيسها، ورئيس مجلس الفتوى الأعلى في فلسطين وله عدة مؤلفات. وتعود أول خطبة ألقاها في منبر المسجد الأقصى إلى عام 1973، ويواظب للعام الـ51 على التوالي على القيام بهذا الدور، ومن الطبيعي ألا تروق خطبه وكلماته للاحتلال الإسرائيلي، فبدأ بملاحقته منذ عام 2000 مع اندلاع الانتفاضة الثانية. ومنذ ذلك الحين يتعرض للاستدعاء والاعتقال والتحقيق، بالإضافة إلى عقوبتَيْ الإبعاد عن المسجد الأقصى والمنع من السفر، ودهمت المخابرات الإسرائيلية منزله في حي الصوانة في القدس الشرقية بداعي تسليمه أمر إخلاء وهدم للبناية التي له شقة فيها.

وقف الشيخ عكرمة دائمًا ضد الانتهاكات الإسرائيلية التي تطال المسجد الأقصى، وظلّ الصوت الداعي إلى إنقاذه من عمليات التهويد، وتصدى لمحاولات إسكات صوت الأذان في مساجد القدس المحتلة، ووقف ضد القرار غير المسبوق بإغلاق باحات الأقصى أمام المصلين. وقد أصيب يوم 18 يوليو 2017 برصاصة مطاطية، بعد أن هاجمت قوات الاحتلال آلافًا ممن أدوا صلاة العشاء في منطقة باب الأسباط بالقدس المحتلة، عندما تحدى المقدسيون الإسرائيليين الذين نصبوا البوابات الإلكترونية حول المسجد الأقصى، وهي الخطوة التي رفضوها، فكان الشيخ عكرمة في مقدمة المحتجين والرافضين لتلك التدابير الأمنية التي هدفت إلى غلق المسجد الأقصى أمام المصلين، واعتبر - في حديث للجزيرة نت - أنّ الهدف من هذه البوابات هو فرض السيادة على الأقصى المبارك، وحثّ المصلين على الالتزام بالصلاة في المسجد رغم الحواجز الإسرائيلية المؤدية للأقصى، «وأنّ أجر الصلاة خارج الحواجز هو ذات الأجر داخل المسجد الأقصى نظرًا لوجود مانع سببه الاحتلال».

لم يمنع كبر السن الشيخ عكرمة صبري عن مواصلة النضال ضد تهويد المسجد الأقصى؛ فهو دائمًا في مقدمة المحتجين، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات، وعُرف بمشاركته في الكثير من النشاطات والفعاليات المناهضة لتهويد القدس، وتعرّض من جراء ذلك للمضايقة والاستجواب والاعتقال من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ولكنه صامد، ويعطي درسًا للشباب في الثبات، لذا فقد حث المقدسيين على شد الرحال إلى المسجد الأقصى يوم الأحد (الذي وافق) السابع من شهر يوليو الحالي بمناسبة حلول رأس السنة الهجرية الجديدة «1446»، واستثمار ذكرى الهجرة النبوية الشريفة للصلاة والمرابطة بالمسجد الأقصى المبارك، والمشاركة في حلقات الابتهالات والذكر. وكعادته أطلق دعوة للدول العربية والإسلامية أن تكثف من جهودها وتعزز مواقفها لحماية المسجد الأقصى من الأخطار المحدقة به وصون المقدسات الدينية والأملاك الوقفية في مدينة القدس وفلسطين، لكن المؤكد أنّ صيحته ذهبت أدراج الرياح.

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشیخ عکرمة صبری المسجد الأقصى الأقصى من الأقصى ا

إقرأ أيضاً:

السيد القائد يحذر من مخطط صهيوني جديد يستهدف الأقصى


وقال اليد القائد في كلمته اليوم " العدو الإسرائيلي يشن عدوانه بشكل مستمر ومتواصل فيما يتعلق بالاستهداف للمسجد الأقصى
وأضاف .. عمليات الاقتحام للمسجد الأقصى فيما يسمى بعيد الفصح هي أكبر عمليات قد شهدها المسجد الأقصى
وتابع .. وصل عدد المقتحمين للمسجد الأقصى لأكثر من 7 آلاف يهودي مغتصب ويتصاعد من يوم إلى آخر كذلك
وقال السيد القائد.. تم نشر فيديو من جانب الإسرائيليين تحت مسمى العام القادم في القدس يصور عملية نسف المسجد الأقصى وبناء ما يسمونه بالهيكل المزعوم
لافتا الى ان الأسلوب الإسرائيلي تجاه العرب يعتمد على أسلوب الترويض والتهيئة الذهنية والنفسية لتقبل ما لا ينبغي تقبله على الإطلاق
وان العدو الإسرائيلي يريد ان يحول جرائم الإبادة الجماعية إلى حالة معتادة لدى العرب والمسلمين وإلى مشهد روتيني لا يبنى عليه أي ردة فعل
وقال السيد القائد ..في مرحلة من المراحل عندما قام المجرم شارون بالاقتحام لباحات المسجد الأقصى قامت انتفاضة فلسطينية كاملة وكان مستوى التفاعل في الشعوب العربية في تلك المرحلة بمستوى أفضل
منوها الى حالة الأوساط العربية رسميا وشعبيا تجاه انتهاكات الأقصى والاستفزازات لم يعد لها أي اعتبار ولا قيمة ولا يقترن بها أي خطوات عملية
وان حالة الأنظمة العربية راكد وجامدة إما قمة يصدر عنها بيان ولا يترافق معه أي موقف عملي، وإما كذلك بيانات تعلن في وسائل الإعلام بلهجة باردة
مشيرا الى ان من أهم الأهداف العدوانية للعدو الإسرائيلي هو استهداف المسجد الأقصى وهذه قضية أساسية بالنسبة لهم في مخططهم الصهيوني العدواني
وان العدو الإسرائيلي قد عرف النفسية العربية التي ابتعدت عن المسار الصحيح في التعبئة والتربية الإيمانية واتجهت نحو الانحدار
وقال السيد القائد هناك عمل كبير وراءه اليهود وأذرعتهم تعمل في مسار الحرب الناعمة المفسدة التي يستهدفون بها الأمة جمعاء

مقالات مشابهة

  • جماعات الهيكل تطالب بالاحتفال بـيوم القدس العبري داخل الأقصى
  • قائد أنصار الله يهاجم الصمت العربي الرسمي ويحذر من مخططات “إسرائيلية” لاستهداف الأقصى
  • السيد القائد يحذر من مخطط صهيوني جديد يستهدف الأقصى
  • مستوطنون يدنسون المسجد الأقصى المبارك
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
  • الصهاينة يواصلون انتهاكاتهم بحق المسجد الأقصى
  • القدس الدولية”: العدو يوظف السياح غير المسلمين لتغيير هوية المسجد
  • مستوطنون صهاينة يقتحمون باحات المسجد الأقصى
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • خبير: دعوات تفجير المسجد الأقصى تستوجب تحركا عاجلا من المجتمع الدولي