جنرال إسرائيلي: هذا الوقت يحتاج قرارات تاريخية وليس خطابات لامعة
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
قال الجنرال الإسرائيلي عاموس جلعاد، اليوم الأحد، إنه "إذا لم توقع في الأيام القريبة القادمة صفقة لإعادة الأسرى والأسيرات، فسيكون في ذلك وصمة عار إلى الأبد"، مشددا على أن الوقت الحالي هو لاتخاذ قرارات تاريخية من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وليس لخطابات لامعة كبديل عن ذلك.
وأضاف جلعاد في مقال افتتاحي بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن "الضرر المتواصل في شمال دولة إسرائيل والذي كانت ذروته في الكارثة الرهيبة في مجدل شمس، تجسد غياب سياسة لدولة إسرائيل ورئيسها.
وتابع قائلا: "يوجد طريقان محتملان لعمل ذلك: صفقة مخطوفين تؤدي إلى تهدئة في قطاع غزة، وبناء على ذلك إلى تهدئة في الشمال؛ أو التوجه الى مواجهة واسعة في توقيت جد غير مريح، وعلى ما يبدو دون تأييد من جانب الولايات المتحدة – والذي هو حيوي لغرض تنفيذ خطوة عسكرية واسعة".
وذكر أن "خطاب رئيس الوزراء أمام الكونغرس، والذي حظي بالتصفيق من جانب كل الحاضرين، يجسد فقط مأساة غياب الزعامة. فقد أجاد الجيش الإسرائيلي في العمل، لكن دون سياسة مرتبة من المتوقع لإسرائيل مسار تدهور شامل – بدون أفق سياسي أو استراتيجي".
وأكد أن "إعادة المخطوفين والمخطوفات – التي حسب المنشورات تؤيدها قيادة جهاز الأمن كحيوية وكممكنة – الى جانب تسوية سياسية – تستهدف السماح للجيش الإسرائيلي ولدولة إسرائيل بتحقيق إنجازات ممكنة وعلى رأسها بناء محور استراتيجي بقيادة الولايات المتحدة في وجه التهديد الإيراني المتعاظم".
وأوضح أن "إقامة محور استراتيجي بقيادة الولايات المتحدة ضرورية بالذات في عهد بايدن – عظيم أصدقاء إسرائيل منذ الازل. اذا لم يصحُ رئيس الوزراء، وواصل التمسك باستراتيجية النصر المطلق – عبارة مبهرة لكنها بلا مضمون حقيقي – فبانتظار إسرائيل الصعود الى مسار ضعف آخذ في التعمق، في جوانب اقتصادية، سياسية وعسكرية أيضا".
وأردف قائلا: "يشبه رئيس الوزراء نفسه بتشرتشل الذي وان كان هو الاخر تميز بخطابات ملتهبة ومفعمة بالإلهام، لكنه أرفق هذا بقرارات زعامية سمحت في نهاية الامر بالنصر الكامل على الطاغية النازي. مع هبوطه في ختام زيارته الى الولايات المتحدة فانه مطالب بحساب نفس عميق. عليه أن يهجر سياسة الطمس، التأجيل، الخطابية والامتناع عن اتخاذ القرارات".
واستكمل جلعاد مقاله: "عليه أن يطرح على الكابينت مشروع شامل لتعزيز إسرائيل على أساس تحرير فوري للمخطوفين والمخطوفات، مع التشديد على أولئك المتبقين على قياد الحياة، إعادة الهدوء لغرض تعاظم القوة قبيل تحديات المستقبل في غزة وفي الشمال، إعادة الإسرائيليين النازحين إلى بيوتهم وإعادة إسرائيل إلى مسار الترميم".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية قرارات نتنياهو نتنياهو الاحتلال قرارات خطابات الصفقة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة رئیس الوزراء
إقرأ أيضاً:
نصوص قبطية وسياقات تاريخية حول اتحاد مملكتي نوباديا (مريس) والمقرة: إعادة قراءة في ضوء المصادر
يُعدّ موضوع اتحاد مملكتي نوباديا (مريس) والمقرة من القضايا المفصلية في دراسة تاريخ السودان الوسيط، خاصة في علاقته بالكنيسة القبطية من جهة، وبالحضور الإسلامي في وادي النيل من جهة أخرى. فمنذ انهيار مملكة مروي في القرن الرابع الميلادي نتيجة للجفاف وتحركات سكانية كبيرة – كما تشير دراسات هيلسون وسامية بشير وهندرسون – برزت ثلاث ممالك نوبية كبرى: نوباديا، المقرة، وعلوة. وقد اعتنقت هذه الممالك المسيحية، وتبعت نوباديا الكنيسة القبطية بينما اتبعت المقرة المذهب الملكاني.
ومع تعدد الروايات حول توقيت وكيفية اتحاد نوباديا والمقرة، يقدم لنا المقال الأخير للدكتور أحمد الياس حسين مادة جديدة ومهمة تُستقى من نصوص قبطية نادرة، تشير إلى وجود توتر بين المملكتين استمر حتى أواخر القرن السابع الميلادي، وتطرح فرضية دقيقة بأن الاتحاد لم يتم قبل نحو عام 700م، وهو ما يخالف الرواية الكلاسيكية التي تضع الاتحاد قبل حملة عبد الله بن سعد على النوبة سنة 31هـ/652م.
في هذا المقال المطوّر، نعيد النظر في هذه الفرضية من خلال مقارنة النصوص القبطية، والمرويات الإسلامية، والدراسات الحديثة (خاصة Hendrickx وVantini)، ونتناول دلالات المصطلحات والمواقف السياسية-الدينية التي وردت في تلك النصوص.
أولاً: السياق السياسي والكنسي بين نوباديا والمقرة
ورد في سيرة البطرك إسحاق التي كتبها أبا منا نحو عام 700م أن ملك المقرة أرسل رسالة إلى بطرك الإسكندرية يشكو فيها من عجز كنسي بسبب منع ملك "موريتانيا" مرور الأساقفة من مصر إلى المقرة. وقد فُسِّر مصطلح "موريتانيا" خطأً على أنه إشارة إلى المغرب، بينما توضح الشروح والهوامش أن المقصود بها هو ملك نوباديا، استنادًا إلى تفسير يوحنا النقيوسي الذي يصف "بربر مديريتي النوبة وأفريقية" بالموريتانيين.
هذا المعطى مهم جداً لأنه يُثبت أن مملكة نوباديا كانت لا تزال قائمة ومتمايزة عن المقرة حتى بعد عام 67هـ/686م، أي بعد أكثر من ثلاثين عاماً من معاهدة البقط. كما أن رسالة البطرك إسحاق التي تدعو إلى المصالحة بين الملكين توضح أن العلاقة بين المملكتين لم تكن ودية في تلك المرحلة، وأن وحدة القرار الكنسي لم تكن ممكنة بعد.
ثانياً: نصوص معاهدة البقط وإشكالية تحديد الطرف الموقع
تشير رواية المقريزي إلى أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح وقّع معاهدة البقط مع "ملك النوبة"، دون ذكر اسم المملكة تحديداً. غير أن النص يشير إلى أن حدود هذه المملكة تصل إلى أسوان، ما دفع العديد من المؤرخين إلى الافتراض بأن نوباديا كانت قد دُمجت فعلياً تحت سلطة المقرة آنذاك. غير أن هذا التفسير يتنافى مع مضمون الرسائل القبطية التي تُظهر بوضوح استمرار وجود ملكين حتى بعد عقد المعاهدة.
ويبدو أن ما حصل لم يكن اتحاداً مؤسسياً نهائياً، بل ربما خضوعاً سياسياً تدريجياً من نوباديا للمقرة، دون أن يفضي ذلك فوراً إلى إلغاء الكيان السياسي لنوباديا، وهو ما يفسر تأخر وحدة الكنيسة والإدارة إلى ما بعد نهاية القرن السابع.
ثالثاً: البُعد الديني والصراع المذهبي كأحد أسباب الانقسام
كان التباين المذهبي عاملاً أساسياً في الفتور بين المملكتين. فقد تبعت نوباديا الكنيسة القبطية، بينما تبعت المقرة الكنيسة الملكانية في بداية الأمر، مما خلق نوعاً من "الازدواجية المسيحية" داخل بلاد النوبة. وبعد أن غادر بطرك الكنيسة الملكانية الإسكندرية في القرن الأول الهجري، خضعت الكنيستان في مصر والنوبة لسلطة البطريرك القبطي، مما مهد تدريجياً لتوحيد الرؤية الدينية، وبالتالي السياسية.
رابعاً: دلالات التسمية "موريتانيا" ومفاهيم الهوية النوبية في النصوص
من أهم الإشارات التحليلية التي تطرق إليها الدكتور أحمد الياس حسين هو استخدام مصطلح "موريتانيا" للإشارة إلى نوباديا. ويُظهر هذا الاستخدام كيف كانت مفاهيم الجغرافيا السياسية في النصوص الكنسية مرتبطة بالرؤية الرومانية القديمة التي تصنّف سكان الجنوب ضمن إطار "البربر"، دون دقة في التفريق بين النوبة وغرب شمال إفريقيا. هذا الفهم يساعد على تفسير الالتباسات في قراءة بعض المصادر البيزنطية والقبطية عن السودان القديم.
خامساً: نحو تأريخ أكثر دقة لاتحاد المملكتين
استناداً إلى الوثائق القبطية التي كتبها أبا منا، وإلى تحليل فانتيني وهندركس، يمكن القول إن الاتحاد الفعلي بين نوباديا والمقرة لم يتم قبل عام 700م، أي بعد عقود من معاهدة البقط. بل إن هذا الاتحاد كان على الأرجح عملية تدريجية امتدت على مدار النصف الثاني من القرن السابع الميلادي، عبر تقارب كنسي ثم إداري، حتى أضحت نوباديا إقليماً شمالياً ضمن مملكة المقرة الكبرى.
خاتمة: المقال الجديد للدكتور أحمد الياس يضيف بعداً مهماً لفهم المرحلة، ليس فقط عبر تقديم النصوص، بل من خلال تأويل دقيق لمفاهيمها وسياقاتها. ويظهر أن التاريخ النوبي في تلك الحقبة لا يمكن اختزاله في مجرد معاهدة سياسية، بل هو صراع مذهبي وجغرافي وهوياتي، انعكس في تأخر الاتحاد بين المملكتين. ومن هنا، تظل إعادة قراءة النصوص القبطية والإسلامية ضرورة لفهم تاريخ السودان المبكر بتوازن واستقلال عن الرواية الرسمية التقليدية.
zuhair.osman@aol.com