بوابة الوفد:
2025-03-18@07:31:23 GMT

بعض ما يُحمد لثوار يوليو

تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT

لا ظلام دائم، ولا ضياء مطلق. ومهما كانت مواقفنا الشخصية، فإن الضمير الإنسانى لأى باحث يشاغبه، ويلومه، ويدفعه كل يوم لمراجعة أفكاره، وما يتصوره من مسلمات أو أحكام نهائية.

أكتب ذلك، ويعرفنى مَن يعرفنى بأننى أحد ألد أعداء ثورة يوليو 1952. لم أعش صعودها وانحدارها، لكننى استقرأت من التاريخ ما شكل قناعتى بأن الثورة أجهضت مشروعاً حضارياً نهضوياً، ربما كان أبرز دلائل أسماء من عينة طه حسين، أحمد أمين، سلامة موسى، نجيب محفوظ، توفيق الحكيم، محمد عبدالوهاب، أم كلثوم، ومصطفى مشرفة.

فكل هؤلاء نتاج فترة ما قبل يوليو، عندما كانت السلطات موزعة، والآراء متعددة، والأفكار متحررة، ولم يكن هناك توجيه سلطوى، أو توظيف للفكر لخدمة فرد الزعيم. وكما قال نجيب محفوظ يوماً، فإن أسوأ ما أنتهجته ثورة يوليو ورسخته فى مصر، هو ميراث من الديكتاتورية العتيدة، ما جعل أجيالاً تالية على يوليو 1952 تظن أن الأصل فى مصر هو حكم الفرد.

رغم ذلك، فإن روح الإنصاف تدفعنى لتقديم شهادة بشأن هذه الديكتاتورية المكرسة من نظام يوليو، وخلاصتها أن الديكتاتورية المصرية كانت نموذجاً فذاً فى الديكتاتوريات المعروفة فى العالم من حيث درجة السماحة والميل للعفو واستبعاد الحلول الدموية. وأقول برضا: يُحسب لثوار يوليو– وأنا خصمهم– عزوفهم التام عن تصفية خصومهم السياسيين جسدياً، وقد كانوا يستطيعون.

كان المثال أمام شبان يوليو واضحاً وصريحاً، ولابد أنهم قرأوا جميعاً ما حدث يوم 18 يوليو 1917. ففيه وبعد عام من الثورة البلشفية ضد نظام عتيد فى روسيا أيقظ حراس سريون فى سجن بسيبيريا القيصر الأخير نيقولا رومانوف من نومه، واقتادوه هو وزوجته وابنه وبناته الأربع إلى قبو مهجور، ثُم جاء الحراس وأطلقوا عليهم جميعاً الرصاص ليقتلوهم بدم بارد.

لكن ضباط يوليو رفضوا إعدام الملك فاروق، ثُم رفضوا فيما بعد إعدام الزعماء السياسيين، بل رفض بعضهم ومنهم جمال عبدالناصر نفسه محاكمة مصطفى النحاس نفسه، رغم أنه يمثل خصماً محتملاً لزعامته الشعبية العظيمة، وكان رأيه أنه رجل صالح ومن يأتى عليه لا يكسب أبداً.

صحيح أن هناك حالات إعدام جرت لمتظاهرين أو خصوم مثل إعدام خميس والبقرى فى أغسطس 52، وإعدام عبدالقادر عودة ومحمد فرغلى فى 54، لكنها كانت حالات محدودة جدا، وارتبطت بحوادث معينة، وفى ظنى فإنها إذا قيست بتحول سياسى وتاريخى كبير فإنها تمثل حالات محدودة لا سمة عامة لنظام ديكتاتورى جديد.

لا ينسى تاريخ العراقيون مشهد صعود صدام حسين إلى السلطة فى بلدهم، ويؤرخون له بما جرى فى قاعة الخلد فى يوليو سنة 1979. وقتها تنازل الرئيس أحمد حسن البكر عن السلطة لصدام بذريعة اعتلال صحته، وعارض بعض قادة حزب البعث، فجمعهم صدام جميعاً فى القاعة، وجلس منتفخاً، وأعلن عن المؤامرة، وطلب من كل من يسمع اسمه الخروج ليتم القبض عليه. ثم حكم على أكثر من سبعين قيادياً بالإعدام، وأجبر رؤساء وأعضاء الحزب على التجمع فى ساحة الإعدام، لينفذوا الحكم فى رفاقهم.

كانت الديكتاتورية المصرية البازغة مع يوليو ناعمة، ولديها أرضية أخلاقية، وبعض التسامح، حتى إنها اعتمدت السجن والإقصاء والتشويه لخصومها فى معظم الأحيان بدلاً من القتل. صحيح أن الديكتاتورية لا يُمكن أن نرى منها أى خير، لكن مستوى الشر لديها كان أقل من مثيلاتها، اتساقاً مع مسحة الطيبة السائدة فى الشخصية المصرية عموماً.

فى بلدان كثيرة قريبة وبعيدة، كانت الديكتاتوريات دموية، عاتية، وسادية، وتعبث بأرواح البشر، وتفتك بكل مَن تشتم فيه روح معارضة، بينما أنعم الله علينا بديكتاتورية تحمل قدراً من الطيبة. وهذا بلا شك بعض ما يُحمد لثوار يوليو.

والله أعلم

 

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد الضمير الإنساني ثورة يوليو 1952 طه حسين أحمد أمين سلامة موسى

إقرأ أيضاً:

شذى حسون عن خلافها مع أحلام: كانت صديقتي لكنها لم تحترمني .. فيديو

خاص

تناولت الفنانة العراقية شذى حسون تفاصيل خلافها السابق مع الفنانة الإماراتية أحلام الشامسي، مؤكدة أنه كان سوء تفاهم، ولكن أحلام لم تحترمها.

وأوضحت شذى في لقاء حديث مع الإعلامية بسمة وهبة في برنامج “العرافة”، أن الخلاف كان نتيجة سوء تفاهم حدث قبل سنوات، وأن التصريحات الحادة التي تبادلتاها آنذاك كانت بسبب الغضب والعصبية.

وبدأ الخلاف عندما اقترحت شذى على إدارة مهرجان موازين دعوة أحلام للمشاركة في فعالياته، نظرًا للصداقة التي كانت تجمعهما آنذاك.

وقالت شذى: “أنا من طلبت من المهرجان دعوة المطربة أحلام، ولا أقول هذا الكلام تقليلًا منها، ولكني قلت هذا الكلام لأنها صديقتي، وكنت أحبها أن تشارك فيه، فهي قيمة كبيرة”.

إلا أن هذا الاقتراح فُهم بشكل خاطئ، مما أدى إلى توتر العلاقة بينهما.

وأشارت إلى أن التصريحات المتبادلة بينهما في ذلك الوقت كانت نتيجة لحظات غضب، حيث قالت: “في وقت الخلافات الكل يهاجم الآخر بما ليس فيه بسبب الغضب، كلنا نقول أبغض الكلام عن بعض في وقت المشاحنات”.

وأكدت أنها تحترم المسيرة الفنية لأحلام وتقدرها كفنانة كبيرة، مشيرة إلى أن الخلافات السابقة أصبحت من الماضي، وأنها تتمنى لها التوفيق والنجاح في مسيرتها الفنية.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/03/X2Twitter.com_pH7qsCTlYq40QI7-_900p.mp4

اقرأ أيضا:

شذى حسون: السجادة الحمراء لمهرجان كان صارت لمن هب ودب

مقالات مشابهة

  • حنان شومان عن شباب امرأة: تحية كاريوكا لو عايشة كانت ماتت
  • واشنطن: الطبيبة المرحلة إلى لبنان كانت متعاطفة مع حزب الله
  • لصوص دقلو في كرب شديد، أياً كانت جحورهم
  • رئيس الوزراء: افتتاح المتحف المصري الكبير 3 يوليو بحضور عالمي رفيع المستوى
  • العراق.. أحكام إعدام وسجن مؤبد في قضايا قتل وتجارة مخدرات
  • شذى حسون عن خلافها مع أحلام: كانت صديقتي لكنها لم تحترمني .. فيديو
  • لويزيانا..رفع حظر الإعدام بغاز النيتروجين
  • تأمين طبي إلزامي في جميع المرافق الصحية الحكومية بدءًا من يوليو
  • عاجل - تأمين طبي إلزامي في جميع المرافق الصحية الحكومية بدءًا من يوليو
  • البعاتي كانت عيناه تتحركان بشكل آلي (ومخيف نوعا ما)