حينما تكون محررًا فى الصفحة الثقافية تحلم طوال الوقت بالتغيير.. تعيش يومك على ان الغد أفضل.. الساعات مبهجة ومتلاحقة
تعيش ألف ألف عام على عمرك وأنت تتنقل بين الأعمال الروائية الرائعة والمؤثرة.. تتشكل قناعاتك وتصوراتك حول الحب والصداقة فهمك العميق لحركة التاريخ لمن سبقك ومن سيخلفك ووجودك بينهما فى دفتر يوميات الحياة، إيمانك الجديد لمعانى الشراكة العاطفية بين الرجل والمرأة.
أيضًا ستحضر وانت محرر فى الصفحة الثقافية ندوة سيتكلم فيها المبدع الجميل خيرى شلبى يتناول فيها عصارة تجربته مع المهمشين وساكنى القبور راصدًا لحظات السعادة القليلة فى يومياتهم التعسة.
حينما تكون محررًا فى الصفحة الثقافية العالم فى عينك رحب.. لم يعد بعد فى عينك أشبه بطابع البوسطة الضيق المسافات والمحدود بثلاثة سنتيمترات عرضا وثلاثة سنتيمترات طولا، بل العالم فى عينيك يصبح جدارية تمد البصر نحوها فلا تطول نهايتها.. جدارية معقدة من المشاعر والأحاسيس الأنسانية التى تجعلك تجد ألف ألف عذر للأنسان.. وتجد أيضًا ألف ألف أدانة لخسته وحقارته.
حينما تكون محررًا فى الصفحة الثقافية تعيد محاكمة العالم من جديد من خلال عشقك لمئات الشرائط السينمائية التى تشاهدها بشغف وتدبر فتصبح أفلام : «يا تحب يا تقب» «وتجيبها كدة هى كدة» «السطوح» «الأرملة العذراء» وغيرها من الأفلام التى تنساها بمجرد خروجك من قاعة العرض، هو تعبير صادق لمرحلة الانفتاح الاقتصادى فى فترة السبعينيات من القرن الماضى فى بر مصر المحروسة، وتأصيل لمفهوم التجارة الحرة وآثار الأخذ به على الدول النامية، كما أطلق عليها مصطلح «أفلام المقاولات»، تلك الأعمال التى تهدف إلى الربح التجارى دون النظر إلى جودة وقيمة العمل، وكان هذا النوع متواجدا ومؤثرا فى بعض الأحيان، حتى وإن لم يكن نقديا وجماهيريا ليأتى فيلم «سواق الأتوبيس» «عودة مواطن» «أهل القمة» وغيرها من أفلام إدانة لهذه المرحلة، شكلت مع مخرجيها تيارا جديدا وواعيا فى السينما المصرية يسمى بالسينما الواقعية..
حينما تكون محررًا ثقافيًا تجدك تتحدث بحماس عن أحدث الأفلام الوثائقية عن الحرب العالمية الثانية، وتدين وتتفهم جنون العظمة فى شخصية القائد الفرنسى «نابليون بونابرت» الذى غزا نصف العالم ومنها حملته الشهيرة على مصر( 1799 ـــــ 1801 ) ثم كانت نهايته منفيًا فى جزيرة «سانت هيلينا» وهى جزيرة تقع فى المحيط الأطلسى تابعة لبريطانيا، وتضحك على الفيلم الوثائقى النادر عن يوميات العالم اليهودى العبقرى أينشتاين صاحب نظرية النسبية وهو يتجول فى حديقة منزله فى أمريكا، وهو يتحدث عن ان ممارسته للزراعة تريحه من صراع الأفكار والنظريات الرياضية المعقدة داخل عقله ولو لساعات قليلة.
ستصبح وأنت محرر فى الصفحة الثقافية مرشدًا مخلصًا لمئات اللوحات الفنية التى شكلت لك حالة من إعادة العالم بالألوان فتصبح متيما بلوحة بنات بحرى للفنان السكندرى الرائع محمود سعيد وتتمنى رشاقة لاعبات الباليه فى لوحات الأخوين سيف وأدهم وانلى وتتكلم بأريحية وإسهاب عن مرحلة الرومانسية فى أوربا فى القرن الثامن عشر فى لوحات رينوار، وكوكو، تيودور جيريكو، ولاكروا.
ثم تحرض القارئ على إدمان جنون المدرسة السريالية فى الفن التشكيلى والتى نشأت فى فرنسا، وازدهرت جدًا فى العقدين الثانى والثالث من القرن العشرين، وتميزت بالتركيز على كل ما يبدو غريبا ومتناقضا ولا شعوريا بشكل ما ولكن كانت تهدف للبعد عن الحقيقة وإطلاق الأفكار المكبوتة والتصورات الخيالية وسيطرة الأحلام.
حيث اعتمد فنانو السيريالية على نظريات فرويد للتحليل النفسي، خاصة فيما له علاقة بتفسير الأحلام. ووصف النقاد اللوحات السيريالية أو الاتجاه السيريالى بأنها تلقائية فنية ونفسية، لأنها تعتمد على التعبير بالألوان عن الأفكار اللاشعورية والإيمان بالقدرة الهائلة للأحلام.
فتتماهى مع فنانى المدرسة السريالية ويصبحون من أفراد شلتك ورفقاء طريق: سلفادور دالى، وماكس إرنست، ورينيه ماغريت، وكاى ساجا.
ثم يأتى ليل المحرر فى الصفحة الثقافية فيصاب وهو يراقب العالم فى الظلام من كهفه الصغير بالاكتئاب لعدة شهور ومزاجه يصبح سوداويا ناقما على الحضور الطاغى للظلم والعدوان راجيًا العدالة الالهية ان تتحقق لعل فى ذلك راحة لضميره الإنسانى، كل ذلك وسط دموعه وأعصابه المحروقة والمستنزفة على مذابح الصهيونية تجاه الشعب الفلسطينى الحر فى صابرا وشاتيلا ودير ياسين وأخيرًا فى قطاع غزة.. وهو من لا حول له ولا قوة.. بضاعته الكلام فى الشعر والادب والتاريخ.. ساحة معاركه هو صفحته الثقافية بين صفوف جيشه من الكتاب والأدباء والباحثين، ينشر ويدافع عن أفكارهم حول الحق والعدل والخير.
هل الكلمات السابقة حديث عن محرر الصفحة الثقافية أم بعض مما عشته كمحررة فى الصفحة الثقافية فى جريدتى الوفد التى عشت وما زلت بداخلها وسط الرفقاء والأحباب أكثر من ثلاثين عامًا ويزيد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حركة التاريخ الرجل والمرأة
إقرأ أيضاً:
عضو اللجنة العامة بالنواب يكشف أبرز مميزات قانون لجوء الأجانب
أكد النائب سيد سمير، عضو اللجنة العامة بمجلس النواب، أن الدولة المصرية تحتضن ملايين اللاجئين، وتتعامل مع هذا الملف بـ"أخلاقية وإنسانية" كبيرة، فهى الدولة الوحيدة فى العالم التى تستضيفهم ولا تقوم بعمل مخيمات فيها،حيث يوجد لديها لاجئين من 52 دولة فى العالم منصهرين فى أوساط الشعب المصرى.
وقال عضو اللجنة العامة لمجلس النواب، في بيان له، إن مشروع قانون لجوء الأجانب، شهد العديد والعديد من المميزات التى تقدم كافة أوجه الدعم والرعاية والخدمات للاجئين في مصر، وأحقيتهم في الحصول على وثيقة سفر تصدرها وزارة الداخلية بعد موافقة اللجنة الدائمة لشئون اللاجئين، وحظر تسليم اللاجئ للدولة التي يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة، مع حرية في الاعتقاد الديني، ويكون لأصحاب الأديان السماوية منهم الحق في ممارسة الشعائر الدينية بدور العبادة المخصصة لذلك.
وأوضح النائب سيد سمير، أن الدولة المصرية تقدم لهم العديد من الخدمات الإنسانية دون المزايدة بهم والزج بهم فى صراعات سياسية إقليمية،موجهاً لشكر إلي لجنة الدفاع والأمن القومي ومكاتب لجان الشئون الدستورية والتشريعية وحقوق الإنسان والتعليم والخطة والموازنة على جهودهم في المناقشة وإعداد هذا التقرير.