الحق والسيف: حوار عن طبيعة القوة
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
السيف (بتألق لامع): أهلًا، أيها الحق. هانحن نلتقى مجددًا. نعم، أنت دائمًا ثابت على مبادئك، ولكن دعنى أسالك: ما فائدة الحق إن لم يكن مدعوما بالسلاح؟ القوة والقدرة هما ما يشكّلان عالمنا ويصوغان أحداثه.
الحق ( بهدوء ورزانة الواثق): قد يقطع السيف اللحم، لكن لا يمكنه اختراق جوهر ما هو حقيقى. الحقيقة تدوم بعد أن تضع الحرب أوزارها.
السيف: صحيح، ولكن عندما تنشأ النزاعات وتكون القوة مطلوبة، من سينتصر؟ يمكنك الكشف عن الحقيقة، لكن بدون وجودى، ما الحماية التى توفرها؟ أنا أشكّل وأؤمّن المستقبل؛ فى حدّى الحدّ بين الجدّ واللعب - كما يقول أبو تمّام.
الحق (بإيماءة هادئة): ومع ذلك، بدونى، ماذا تكون سوى سلاح يستخدمه كل معتد وظالم. قد تكسب المعارك، ولكن هل يمكنك تأمين السلام الدائم إذا لم تُحترم الحقوق؟ قوتى تكمن فى قدرتى على الإرشاد والتغيير، لا مجرد الحماية.
السيف ( متأملا): قد تكون محقًا. ولكن فكّر فى هذا: أنا أفرض الحلول لانّ الكلمات وحدها غير كافية لفرضها.
الحق: ألا تخشى أن تتحول إلى أداة للقمع بدلًا من التحرير؟ قوتى تكمن فى الوضوح الذى أقدمه، والذى يلهم التغيير ويعزز الفهم. قد تكون قوة السيف فى السيطرة، لكن الحق هو الذى يحرّر بنى البشر.
السيف: ربما، إذًا، تتداخل قوتنا. السيف بدون الحق أعمى، والحق بدون السيف عرضة للضياع.
الحق: بالفعل. القوة والوضوح يكملان بعضهما البعض. السيف يشكّل العالم، ولكن الحق يعطى معنى لشكل العالم. معًا، يشكلان مستقبلًا حيث تكون القوة موجهة بالحكمة.
السيف: صحيح، فكثير من الثورات بدأت بالأفكار ولكنها تطلبت القوة لتحقيق النجاح. الثورة الأمريكية، الثورة الفرنسية - هذه الثورات أُشْعِلَت بالأفكار ولكنها تحقّقت من خلال قوة السلاح.
الحق: الثورات، نعم، ولكن اعتبر ما تلاها. الإرث الدائم لتلك الثورات يكمن فى الوثائق التى أنتجتها - إعلان الاستقلال، إعلان حقوق الإنسان. إنها الكلمة المكتوبة، النبراس الذى أضاء طريق الأجيال التالية.
السيف: كلماتك صحيحة، أيها الحق. ولكن فى النهاية، هل يمكن أن تزدهر الأفكار حقًا فى عالم بدون نظام، وهو ما أساعد فى الحفاظ عليه؟ هل يمكن أن تُسمع كلماتك فى أرض تمزقها الفوضى؟
الحق: وهل يمكن لنظامك أن يستمر بدون الشرعية التى تأتى من رضا المحكومين، وهو رضا يتشكل غالبًا بتأثيري؟
السيف: ربما المسألة ليست أيّنا أقوى، بل أيّنا أكثر أهمية فى لحظة معينة. الحق ليُلهم ويُرشد، والسيف ليحمى الاوطان.
الحق: اتفقنا، أيها السيف. معًا، نملك توازن القوة الذى يشكّل التاريخ. فى تداخلنا تكمن القوة الحقيقية لتحقيق العدل بين بنى البشر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السيف الحق الحرب
إقرأ أيضاً:
رحلة البرنامج مع صندوق النقد بدأت... ولكن بأيّ شروط؟
كتبت سابين عويس في" النهار": بعد توقف دام لنحو 3 أعوام، عاد صندوق النقد الدولي إلى لبنان في أول خطوة معنوية يرمي من خلالها إلى تجديد تأكيد الموقف الثابت للصندوق بدعم لبنان.وجاءت زيارة رئيس بعثة الصندوق إرنستو راميرز ريغو على رأس وفد لبيروت ولقاءاته مع رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة ووزيري المال والاقتصاد والفريق الاقتصادي، لتفتح الطريق مجدداً أمام إطلاق التفاوض بين لبنان والصندوق حول البرنامج الجديد المرتقب، وليس استئناف المفاوضات من حيث توقفت، بناءً على رغبة مشتركة لدى الحكومة والصندوق على السواء لسببين رئيسيين، أولهما أن لدى الحكومة الجديدة توجّهات ومقاربات مالية ونقدية ومصرفية قد لا تلتقي مع تلك التي وضعتها الحكومة السابقة في خطتها، ما يعني أنه ستكون هناك خطة جديدة كما ورد في البيان الوزاري لحكومة سلام. أما السبب الثاني فيكمن في أن التطورات الأمنية والعسكرية وحتى الاقتصادية والمالية في الأعوام الثلاثة الماضية قد أدت إلى تغيير كبير في المعطيات المالية والاقتصادية والاجتماعية، ما يستدعي عملية إعادة تقويم لكل الأرقام. وعلى رغم الإيجابية التي عبّر عنها بيان البعثة بنهاية زيارتها، فهي لم تغفل الإشارة إلى أن الإجراءات المتخذة سابقاً غير كافية لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المستمرة التي تستدعي وضع استرتيجية جديدة.
ليس واضحاً بعد ما هي الاستراتيجية الجديدة التي سيعتمدها الصندوق في الإعداد للبرنامج المرتقب، وسط أسئلة أساسية تحتاج إلى أجوبة واضحة حيال عملية إعادة هيكلة المصارف، هل ستتم وفق القانون الموضوع أم ستكون هناك إعادة قراءة فيه؟ وماذا عن مسألة ردّ الودائع التي تشكل أولوية مطلقة للبنانيين، هل ستتم وفق مبدأ الشطب أم ستكون هناك مراعاة حقيقية للمودعين الصغار وماذا عن مصير المصارف، في ظلّ القرار بإعادة هيكلتها؟ وهل الحكومة ستضع خطتها وتعرضها على الصندوق أم ستلتزم خطة الصندوق وبرنامجه، وما الشروط السياسية التي ستُفرض على الحكومة لقاء تأمين الدعم المالي الدولي عبر الصندوق، وما مدى ارتباطها بالشروط السياسية المتصلة بتطبيق القرارات الدولية؟
مواضيع ذات صلة لبنان يبلور نقاط اتفاق "مجدّد" مع صندوق النقد الدولي Lebanon 24 لبنان يبلور نقاط اتفاق "مجدّد" مع صندوق النقد الدولي