لم يستطع كثيرون اعتبار ما حدث فى أوليمبياد باريس، من محاكاة مثليين وعراة ومتحولين جنسيًّا للوحة العشاء الأخير، من قبيل التشابه غير المقصود، فتوالت ردود الفعل الغاضبة، ليس فقط من فنانين وإعلاميين ورياضيين وسياسيين وشخصيات عامة، ولكن أيضًا من فرنسيين اعتذروا للعالم عبر منصات التواصل الاجتماعي، ولم تخلُ تغريداتُهم من هجوم على اليسار الفرنسي واتهامات لأمريكا!.

وتمثل لوحة الفنان الإيطالي ليوناردو دافينشي العشاء الأخير للسيد المسيح مع تلامذته وحوارييه في مناسبة عيد الفصح اليهودي. ويأتي تشابه ما تم تقديمه في الأوليمبياد مع اللوحة الأصلية في المائدة التي اصطف خلفها المثليون والمتحولون، ووقفت في منتصفها سيدة ممتلئة الجسم حول رأسها تاج، أشار المعترضون إلى أنها وقفت في مكان السيد المسيح، بينما بدت حركات المشاركين في العرض أقرب إلى المشهد في اللوحة الأصلية.

واعتبر محبو الفن أنها إهانة بالغة للوحة صاحب لوحة الموناليزا، واعتبر آخرون أن ما حدث تأكيد للهيمنة الأمريكية على العالم ونوع من العفن الثقافي، وأن الترويج للمثلية تسلل بشكل فج إلى أحد أهم الأحداث الرياضية! ودون شك سيمر الحدث مهما أثار من سخط، أو قيل إن هذا أسوأ افتتاح لدورة أوليمبية، فلن يُحاكَم أحد بتهمة ازدراء الأديان، أو تشويه عمل فني كبير، أو الإساءة لملايين المسيحيين، فالأمر يتم فرضه بمختلف الوسائل التي أبرزها ازدواجية المعايير.

الازدراء المباح

في بلاد تدَّعي الحريات يمكنك أن ترسم صورًا تجرح مشاعر المسلمين أو تسبَّ نبيَّهم، تحرق القرآن، تصنع مشهدًا تمثيليًّا يجرح مشاعر المسيحيين، هذا أمر يمر، لكن أمورًا أخرى لا تمر ويعاقَب بسببها مفكرون ومواطنون. ولعلنا نعرف جميعًا أن ادعاء «معاداة السامية» يشكل جريمة لها عقوبات في معظم دول العالم، وأبرز مَن تمت محاكمته بتلك التهمة هو المفكر الفرنسي الراحل روجيه جارودي «رجاء جاروديه» الذي أثار الجدل بكتابه «الأساطير المؤسِّسة للسياسة الإسرائيلية» عام 1996، لأنه شكك في تعرُّض اليهود للإبادة على يد النازية، وأدانته محكمة فرنسية عام 1998 وحكمت عليه بالسجن مع إيقاف التنفيذ.

وتمت محاكمة المؤرخ البريطاني ديفيد إيرفينج في فيينا بالنمسا لاتهامه أيضًا بإنكار المحرقة، إلا أنه استطاع بالاستئناف أن يحصل على ثُلثَي المدة التي كانت ثلاث سنوات مع وضعه تحت المراقبة، فخرج بعد سجنه لأكثر من 13 شهرًا! ومؤخرًا أصبحتِ المثلية أيضًا منطقة محظورة، فعلى سبيل المثال قامت شركة «نايكي» للملابس والأحذية الرياضية بفسخ التعاقد مع الملاكم ماني باكويو الذي هاجم المثليين، وهو ما أثار بلبلة كبيرة، قبل أن يعتذر إلى مَن أساء إليهم!

مَنْ يُحِلُّ المثلية؟!

تحرِّم الديانات السماوية كلها المثلية الجنسية، واستنكر القرآن الكريم الفعلة مؤكدًا أنها فاحشة وأن مَن يرتكبونها «عادون» وذلك في عدة آيات، ففي سورة الشعراء: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ١٦٥﴾، ﴿وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ١٦٦﴾ وفي سورة الأعراف: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ ٨٠﴾. ويرى معظم الطوائف المسيحية أن الممارسة المثلية خطيئة، ومنها: الكنيسة الكاثوليكية، والكنائس الأرثوذكسية المشرقية والشرقية، وغالبية الكنائس البروتستانتية.

وفي الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس ذكر بولس الرسول أن الذين يمارسون المثلية الجنسية لا يرثون ولا يدخلون ملكوت الله «الجنة»، ويقول السيد المسيح: «من بدء الخليقة ذكرًا وأنثى خلقهما الله، من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته» (إنجيل مرقس 7، 6:10). اليهودية تعتبر المثلية فاحشةً وخطيئةً، وعقوبة المخالف هي القتل، وقد ذُكر في العهد القديم قصة هلاك سدوم وعمورة بسبب خطايا أهلها، ومنها سلوكهم المثلي (سفر التكوين، الإصحاح 19)، إذ دمَّرها وأحرقها الله بالكامل وجعل السماء تمطر نارًا وكبريتًا.

وعلى الرغم من تحريم المسيحية واليهودية للمثلية فقد أقر الفاتيكان زواج المثليين، بينما دولة الكيان الصهيوني التي قامت «بحسب ما يدعيه المحتلون» على أساس ديني، تتشدق بأنها ترعى الحريات وتفتح أبوابها للمثليين في محاولة لاستغلالهم في الترويج لتقدمية إسرائيل!

مَنْ يدير العالم؟

نشر فكرة أن المثلية أمر عادي وإعطاء المثلي كافة حقوق الشخص الطبيعي بدأته أسماء كبيرة. لقد كانت أمريكا تجرِّم الشذوذ في القرن التاسع عشر، وكانت عقوبته الإعدام في بعض الولايات الأمريكية وفي ولايات أخرى كانت السجن، وقبل ما يقرب من 25 عامًا كان يمكن فصل المثلي من العمل. لكننا الآن في مواجهة صريحة مع آليات النشر سواء بإلزام بعض الفرق الرياضية بارتداء شارات المثلية أو بفوز الأفلام السينمائية المضمَّنة في مهرجانات السينما أو بتضمُّن أفلام الكرتون والأطفال إشارات واضحة ومنها وضع عَلَم المثليين في خلفيات المشاهِد.

ومن المؤكد أن توقيع بايدن على قانون المثلية في أمريكا لم يكن نهاية المطاف، كما لم يكن دعم أوباما لقرار المحكمة فى 2015 بقبول زواج المثليين بدايةَ المطاف.

وطبقًا لعلماء نفس فإنّ الإلحاح في نشر مشاهد هذه الممارسات يجعل المتلقي يتقبلها، وصناعة السينما في أمريكا يهودية بأكملها،

كما يسيطر اليهود على المسرح، وعلى أكبر شبكات التليفزيون الأمريكية، وكبريات دور النشر العالمية، ووسائل الإعلام، وهو ما يجعل وسيلةَ الترويج معلومة، خاصة مع تبني منظمات حقوقية الدفاع عن المثليين وتبني قضيتهم من قِبل الأمم المتحدة ومؤتمرات الصحة والسكان وغيرها من وسائل النشر.

وتمثل الحريات الجنسية ورقةً من أوراق الضغط التي تُمارَس عند اللزوم على الحكومات العربية والدول الإسلامية التي تقاوم ذلك، وكان أبرز المواقف ما حدث في كأس العالم في قطر عندما رفضت قطر أن تضع الفرق الرياضية شارات المثليين. إن تصور أن البلاد العربية والإسلامية هي الوحيدة المستهدفة بتفكيك الأسرة وإحداث صدع اجتماعي يؤدي الى ضياع العقائد التي هي صلب تماسكها، يبدو تنقصه الدقة، فالاستهداف لا يشمل عالمنا فقط، وإلا ما أثار الأمرُ حفيظةَ وغضبِ الكثيرين ممَّن يرفضون أن يكون مَن يمثل العالم الحر حفنةً من الشواذ والمتحولين جنسيًّا يمسكون بطفل بينهم، وإلا ما رأينا مالك منصة إكس إيلون ماسك يَعتبر أن ابنه المتحول جنسيًّا قد مات، وما رأينا تلك الغضبة التي تؤكد أننا قد لا نعلم الكثير عمَّن يديرون هذا العالم.

اقرأ أيضاًمنظمو أولمبياد باريس 2024 يعتذرون عن إساءات في حفل الافتتاح

أولمبياد باريس 2024.. إيطاليا تفوز على أمريكا في منافسات كرة الماء للرجال

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الدين الصهيونية أوليمبياد باريس

إقرأ أيضاً:

الأرجنتين تضرب تشيلي بثلاثية في تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم 2026

اكتسح منتخب الأرجنتين نظيره التشيلي بثلاثية نظيفة وذلك ضمن منافسات الجولة السابعة من تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم 2026.

وبهذه النتيجة، يتصدر منتخب راقصي التانجو الترتيب العام للتصفيات برصيد 18 نقطة بينما يحتل منتخب تشيلي المركز التاسع في التصفيات برصيد 5 نقاط ويتواجد خارج المراكز المؤهلة لمونديال 2026.

الشوط الأول

 انتهى الشوط الأول من اللقاء بالتعادل السلبي، حيث شهد سيطرة من جانب منتخب الأرجنتين ولكن دون خطورة حقيقة تشيلي لينتهي الشوط الأول بالتعادل السلبي. 

وفي الشوط الثاني، نجح المنتخب الأرجنتيني في خطف الهدف الأول في الدقائق الأولى تحديدا في الدقيقة 48 عندما مرر جوليان ألفاريز نجم الأرجنتين الكرة إلى زميله أليكسيس ماك أليستر الذي سددها في الزاوية اليمنى السفلية من داخل منطقة الجزاء في مرمى منتخب تشيلي ليعلن عن تقدم منتخب التانجو بهدف.

القنوات الناقلة لمباراة الأرجنتين وتشيلي في تصفيات كأس العالم 2026 تشكيل منتخب الأرجنتين المتوقع أمام تشيلي في تصفيات كأس العالم

بعد هدف الأرجنتين، حاول لاعبو منتخب تشيلي تعديل النتيجة لصالحهم ولكن دون جدوي. واصل منتخب التانجو هجماتهم على تشيلي حتى تمكنوا من تسجيل الهدف الثاني في الدقيقة 84 عن طريق جوليان ألفاريز الذي نجح في السيطرة على الكرة على حدود منطقة الجزاء وأطلق تسديدة صاروخية لتسكن الكرة شباك تشيلي وتعلن عن الهدف الثاني.

وقبل نهاية اللقاء، تحديدا في الدقيقة 91 سجل باولو ديبالا نجم الأرجنتين الهدف الثالث عندما استغل تمريرة سحرية من زميله أليخاندرو جارناتشو داخل منطقة الجزاء ليسدد الكرة في مرمى منتخب تشيلي وينتهي اللقاء بفوز نجوم التانجو بثلاثية نظيفة.

مقالات مشابهة

  • "الشعبية": تقرير الأمم المتحدة حول مجاعة غزة يكشف خطورة الأوضاع الإنسانية التي يسببها الاحتلال
  • تقرير يكشف عن أهم الشخصيات في العالم التي من الممكن أن تصل إلى لقب “تريليونير”
  • تردد قناة الرابعة الرياضية Iraqi Sport TV HD 2024 الناقلة مباريات تصفيات كأس العالم
  • بالأرقام.. حجم الأموال التي أنفقتها أمريكا على إنتاج القذائف!
  • عضو بـ«الشيوخ»: «حماقة» نتنياهو تقوده إلى نهاية مأساوية
  • فن لعالم مضطرب.. معرض في باريس عن السريالية في مئويتها
  • الأرجنتين تضرب تشيلي بثلاثية في تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم 2026
  • وزارة الأوقاف اليمنية تعلن موقفها من الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى المبارك
  • ما العقبات التي تحول دون عودة زخم الحركة الاحتجاجية في جامعات أمريكا؟
  • أكاديمية مهد الرياضية تفتتح أولى المدارس التعليمية التي يشهدها القطاع الرياضي ‏