العُمانية: قامت البعثة الأثرية الفرنسية «بحر العرب» خلال السنوات العشر الماضية، بالتنقيب على امتداد سواحل محافظة ظفار بالتعاون مع المديرية العامة للتراث والسياحة بمحافظة ظفار، حيث تم اكتشاف العديد من المواقع الأثرية التي يتجاوز عددها 400 موقع.

ومن ضمن هذه المواقع المكتشفة «كهف ناطف» الذي يُعد من المواقع المهمة والاستثنائية التي تعود إلى العصر الحجري القديم المتأخر (10.

350 ـــ 10.700) قبل الميلاد، واكتشفه الفريق الفرنسي عام 2013م ضمن «مشروع دراسة شواطئ بحر العرب» ونقّب فيه لمواسم مختلفة خلال الأعوام (2013 - 2016) وأُعيد النظر فيه عام 2024م لإكمال التوثيق.

ودلّت التنقيبات والدراسات الأثرية على أن الاستيطان في «كهف ناطف» تعود إلى 10000 آلاف سنة وهو أقدم مجتمع صيد في شبه الجزيرة العربية، وهذا ما أكدته المكتشفات الأثرية من بقايا الأسماك والسلاحف داخل هذه الكهوف، إضافة إلى العثور على قطعة من حبل في أحد كهوف ناطف وقد يكون أقدم حبل اكتُشِف على مستوى العالم، كما عُثر على الكثير من الأدوات الصوانية والخرز وحبات اللبان. وقال علي بن مسلم المهري رئيس قسم المسوحات والتنقيبات الأثرية بالمديرية العامة للتراث والسياحة بمحافظة ظفار ومشرف فريق العمل، في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: تعكف البعثة الفرنسية على دراسة الآثار البشرية في العصر الحجري الحديث وتقوم بجمع كل الآثار التي خلّفها الإنسان منذ ذلك العصر؛ حيث عثرت على مجموعات كثيرة من رؤوس السهام الحادة المصنوعة من حجر الصوان وبقايا عظام وقواقع بحرية مثقوبة كانت تستخدم للزينة وحلي النساء.

ووضّح رئيس قسم المسوحات والتنقيبات الأثرية بالمديرية العامة للتراث والسياحة بمحافظة ظفار أن موقع «كهف ناطف» المعروف محليًّا بـ «كهف خنشروتن» الذي يقع بنيابة حاسك بالقرب من شلالات ناطف هو أحد تلك المواقع الأثرية التي عملت فيها البعثة الفرنسية وقد أثبت فريق البحث بقيادة الدكتور فنسنت شاربنتير (Vincent Charpentier ) - عالم آثار فرنسي من معهد ( INRAP ) - أن المكتشفات الأثرية في الموقع تعود لأزمنة تاريخية مختلفة مثل: العصر الحجري القديم المتأخر (9.500 - 11.000) والعصر الحجري الحديث ( 5.000 ـــ 8.500) والعصر البرونزي (3.000 -5.000) والعصر الإسلامي.

وأشار إلى أن الفريق عثر على آثار لأقدم صياد في تاريخ شبه الجزيرة العربية منذ 10.500 عام؛ حيث تم العثور على بعض الأصداف ومنها «الصفيلح»؛ ما يدل على أن المنطقة تعد أول مكان مُورِس فيه الصيد منذ العصر الحجري، مؤكدًا أن امتداد اليابسة نحو البحر كان أكبر مما هو عليه الآن. وأكد أن من أهم الأدوات التي عثر عليها فريقُ التنقيب في كهف ناطف أدوات حجرية من صنع البشر استخدمت في العديد من الأنشطة مثل القطع والحفر والكشط وهي عبارة عن «رؤوس من حجر الصوان» تسمى أحيانًا «رؤوس السهام» كانت تستخدم لاصطياد الغزلان وغيرها من الحيوانات البرية، إضافة إلى بعض أدوات صيد السمك المصنوعة من عظم السمك، وكذلك بعض أشكال الخرز والثقوب التي وجدت في الأصداف والقواقع البحرية التي استخدمها البشر لصنع القلائد والأساور أو تزيين الملابس والشعر، موضحًا أنه في أثناء التنقيب عُثر كذلك على عدة عظام من أسماك السردين وسمك السلور وكذلك سمك القرش، وحبل مكون من ألياف الأشجار يقدر عمره بـ( 9000 سنة).

وعن خطوات التنقيب في المواقع الأثرية؛ وضّح رئيس قسم المسوحات والتنقيبات الأثرية بالمديرية العامة للتراث والسياحة بمحافظة ظفار أن هناك خطوة أولى قبل القيام بعملية التنقيب، إذ يقوم الفريق بإكمال عملية المسح والتوثيق الطبوغرافي للكهوف، بما في ذلك نموذج ثلاثي الأبعاد ثم يتم تنظيف سطح الموقع، بعدها يرسم الفريق مربعًا ذا /4/ أضلاع، ويُحفر فيه ببطء مع مراعاة فوارق مستويات الطبقات الأرضية التي تشكلت خلال 11.000 عام بواسطة الأدوات الحديدية الخفيفة كأدوات البناء والملاعق والفرش. واستطرد قائلاً، ثم تبدأ أعمال التنقيب الفعلية بإزالة طبقات التربة والكشف عن القطع الأثرية والهياكل، بعدها يقوم علماء الآثار بتسجيل وتوثيق كل اكتشاف بدقة، مع الإشارة إلى موقعه وتفاصيله، ومع ظهور القطع الأثرية يتم تحليلها وتأريخها باستخدام أساليب علمية مختلفة ودقيقة، وتساعد هذه المعلومات المجمعة في معرفة أسرار الحياة في أزمنة ما قبل التاريخ كما تعد نافذة يطل من خلالها أبناء الحاضر على عالم الأسلاف وحضارات الأمم الغابرة. وحول عملية فرز وتصفية المواد الأثرية من الرمل المستخرج من قاع مربع الحَفْرية؛ أشار رئيس قسم المسوحات والتنقيبات الأثرية بالمديرية العامة للتراث والسياحة بمحافظة ظفار إلى أنه - بعد التنقيب البطيء - تتم غربلة كل طبقة من الرواسب المزالة بشبكة معدنية بقطر 2/3 ملمتر لإزالة الغبار والرمل وعزل الأصداف والعظام وبقايا الفحم من الحرائق الماضية والأدوات الحجرية، ثم يتم جمع عينات المستكشفات لدراستها ومعرفة المدة الزمنية التي عاشتها تلك الأشياء. وأكد على أنه يوجد في نيابة حاسك العديد من المواقع الأثرية الأخرى التي ستعمل الوزارة على استكشافها في المستقبل القريب.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المواقع الأثریة العصر الحجری الحجری ا

إقرأ أيضاً:

بقيمة 840 ألف ريال.. إنتاج 56 طنًا من العسل في ظفار

 

صلالة- العُمانية

بلغت كمية إنتاج العسل في ولايات محافظة ظفار خلال عام 2024 حوالي 56.5 طن مقارنة ب 39 طنًّا خلال عام 2023، فيما تقدّر قيمتها السوقية بأكثر من 840 ألف ريال عُماني.

وتولي وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه اهتمامًا كبيرًا بتربية نحل العسل عن طريق تعزيز المجالات البحثية والتنموية والإنتاجية والتصنيعية لزيادة مساهمتها في تنمية الاقتصاد الوطني ودورها في عملية التنمية الزراعية والبيئية.

وقال المهندس رضوان بن عبدالله آل إبراهيم مدير دائرة التنمية الزراعية بالمديرية العامة للثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بمحافظة ظفار إنّ عدد النحّالين المسجّلين بالمديرية حتى نهاية عام 2024 بلغ 130 نحّالًا يمتلكون 10272 خلية نحل، مبينًا أن أبرز أنواع العسل في المحافظة تتمثل في أعسال (اللبان - الصمغ العربي – السدر - الزهور – السمر).

وأشار إلى جهود المديرية في تنمية هذا القطاع خلال السنوات الماضية منها مستلزمات النحل وإقامة برامج تدريبية للنحّالين، مشيرًا إلى سعي المديرية لإيجاد منافذ تسويقية خارجية وإقامة معارض للعسل وتشجيع المربين للمشاركة في المحافل الإقليمية والدولية.

ويُسهم النحل في التنمية الزراعية عن طريق التلقيح الخلطي للأشجار والشجيرات والمحاصيل الزراعية المزهرة إلى جانب منتجاتها المتنوعة من العسل وحبوب اللقاح وسم النحل، والغذاء الملكي، ومادة البروبليس "العكبر" الطبيعية، والصناعات المرتبطة ذات القيمة المضافة.

وحول تجربة تربية نحل العسل في محافظة ظفار، يقول النحّال أحمد بن سهيل المعشني إنّه يمتلك مناحل متعددة لإنتاج العسل ويَسْتخدمُ طرقًا حديثة في تربية النحل منها الفرازات الطاردة المركزية، وخلايا "لانجستروث" التي توفّر مزايا عديدة تسهّل إدارة المناحل وتحسين إنتاج العسل، مؤكدًا أن جودة العسل تعتمد على عناصر متعددة منها التجهيز الجيّد قبل دخول الموسم من خلال إعداد طائفة نحل قوية، وضمان تصفية الخلية من أي كمية عسل، بالإضافة إلى جودة استخدام الأدوات أثناء الفرز والإنتاج وضمان حفظ العسل بعيدًا عن الحرارة والضوء.

وأشار إلى بعض التحديات التي تواجه النحّالين من بينها تغيّر المناخ أثناء الموسم وتأثيرات الأنواء المناخية، وتعرض بعض خلايا العسل للهجوم والتخريب من قِبل حيوان غرير العسل إلى جانب بعض السلبيات في مجال نقل النحل بين المحافظات بسبب عدم التزام بعض النحّالين بلوائح وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه التي يفترض ألا تتجاوز نقل 200 خلية فقط لكل نحّال حتى لا تتسبب في ازدحام بعض المواقع في المواسم الطبيعية المختلفة مما يقلل من إنتاجية العسل.

من جانبه، يقول النحّال مسعود بن سالم الكثيري إنّ محافظة ظفار تتمتع بطبيعة جغرافية وبيئية مثالية لتكاثر النحل وإنتاج العسل الطبيعي ذو الجودة العالية وهو ما دفعه للبدء في مهنة تربية النحل منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي، مؤكدًا أن سلطنة عُمان تشتهر بجودة أعسالها وتنوّعها نتيجة اتساع رقعتها الجغرافية وانتشار الغطاء النباتي وتنوع تضاريسها واختلاف ظروفها المناخية.

وأوضح أن محافظة ظفار تشتهر بإنتاج أنواع متعددة من الأعسال بفضل كثافة أشجارها وتنوعها البيئي مثل اللبان والسدر والصمغ العربي إلى جانب عسل الصرب والسقوت، فضلًا عن عسل آروت المتبلور (المجرى الأبيض) الذي يعتمد على نبتة عشبية معمّرة تتواجد تحت الأشجار في الجبال والوديان وكذلك عسل الطلح أو الحرض، وجميع هذه الأنواع ممتازة ومن أشجار طبيّة وعلفيّة عالية الجودة.

وبيّن أن العسل العُماني يُعدّ من أجود أنواع الأعسال في المنطقة ويتمتع بسمعة طيبة لكنه يواجه بعض الصعوبات والتحديات منها ضعف التسويق المؤسسي، وقلة وجود منافذ تسويقية لاستقبال العسل من النحّالين، بالإضافة إلى المنافسة القوية من الأعسال المستوردة والمصنعة التي تتميز بانخفاض سعرها وقيمتها الغذائية، فبعض المستهلكين وكذلك التجار لا يعيرون للجودة أية اهتمام بقدر حصولهم على منتجات رخيصة الثمن.

يُشار إلى أن سلطنة عُمان تشتهر بوجود نوعين من نحل العسل هما النحل البري الصغير "أبو طويق" والنحل المستأنس الكبير المحلي، وينتقل النحل البري صغير الحجم من مكان إلى آخر حسب الظروف البيئية الملائمة لحياته، ويمتاز بقلة إنتاج خليته وعددها على مستوى المحافظات بينما يعد النوع الثاني هو السائد في سلطنة عُمان وله تاريخ قديم مع النحّال العُماني، وتنتشر تربيته في جميع المحافظات.

مقالات مشابهة

  • التنقيب عن الكنز يقود إلى اعتقالات بالرحامنة
  • عمرها نحو مليوني عام.. اكتشافات أثرية تذهل العلماء في العراق
  • وزارة الثقافة والسياحة تُحيي ذكرى سنوية الشهيد القائد والرئيس الصماد
  • وزارة الثقافة والسياحة تقيم فعالية خطابية بذكرى سنوية الشهيدين القائد والرئيس الصماد
  • مجلس الشورى يناقش ويقر تقرير لجنة البيئة والسياحة حول السياحة الداخلية
  • الاحتفال بافتتاح مركز الحلانيات الصحي بمحافظة ظفار
  • بالصور.. افتتاح مركز الحلانيات الصحي بمحافظة ظفار
  • وكيل وزارة الثقافة والسياحة لـ “الثورة “: السياحة في اليمن تستعيد هويتها بروحٍ إيمانية ونهجٍ جديد
  • بقيمة 840 ألف ريال.. إنتاج 56 طنًا من العسل في ظفار
  • السجن 3 سنوات لـ 4 أشخاص بتهمة التنقيب عن الآثار فى قنا