أحمد بن خلفان الزعابي
zaabi2006@hotmail.com
في هذا المقال نستكمل ما بدأناه حول إجازة الأمومة التي تستحقها الأم العاملة وإجازة الأبوة التي يستحقها الأب، وكذلك إجازة رعاية الطفل التي يستحقانها معاً بالتنسيق فيما بينهما، وما لها من أهمية في تعزيز صحة الطفل، وتأكيداً على ما تضمنتهُ رؤية "عُمان 2040" من أهمية أن يكون المُجتمع مشمولاً بشبكة أمان اجتماعية فاعلة ومستدامة وعادلة.
لا شك أنَّ عدد أيام إجازة الأمومة 98 يومًا، وإجازة الأبوة التي تعدُّ الأولى على مستوى الإقليم لمدة 7 أيام، تأتي لتمنح ذلك الأب الذي تلقى بشارات السعادة بقدوم ذلك الضيف المنتظر بكل فرح وسرور، ليُسهم بدورهِ في تلبيةِ حاجات الأسرة خلال الأيام الأولى لولادة الطفل ويُساهم كذلك في رعاية الأم والطفل معًا.
وبحسب أحكام المادة (128) من قانون الحماية الاجتماعية، فإنَّ جهة العمل وحدها من يتكفّل بسداد نسبة 1% وهي قيمة الاشتراك المحددة لتمويل فرع إجازات الأمومة، ولا يتطلّب من الأم أو الأب هنا التقديم على طلب الإجازة لدى صندوق الحماية الاجتماعية، بل هي مسؤولية جهة العمل والتي يقع على عاتقها أيضًا صرف أجر الأم المستحقة لإجازة الأمومة بشكل طبيعي على أن تتقدم الأم بشهادة الميلاد لدى جهة العمل التي يقع على عاتقها تقديم طلب التعويض من الصندوق عن إجمالي الأجر، مضافًا إليه حصتها من الاشتراكات؛ أي لو كان أجر الأم 1000 ريال عُماني فنسبة مُساهمتها من الاشتراكات لفروع التأمين الاجتماعي بالصندوق تبلغ 8% أي مبلغ 80 ريالاً؛ وبالتالي هي تستلم فعليًا 920 ريالًا بعد خصم جهة العمل لحصتها، أما الصندوق فسيعوّض جهة العمل مبلغ 1000 قيمة الأجر كاملاً متضمناً مبلغ حصتها هي من الاشتراك، كما أنه لا يوجد عدد ولادات محدودة كما كان في الأنظمة السابقة؛ حيث أتاح قانون الحماية الاجتماعية للأم التعويض عن إجازة الأمومة لكافة ولاداتها، إضافة إلى أن قانون الحماية الاجتماعية وتحديداً في المادة (129) حظر على جهة العمل إلزام المؤمن عليها مباشرة بالعمل خلال فترة تمتعها بإجازة الأمومة.
وتوسَّع المُشرِّع في هذا الجانب؛ حيث أشارت المادة (131) إلى أنه في حال وفاة الأم عند الولادة أو خلال تمتعها بإجازة الأمومة، فإنه يحق للأب التمتع بالفترة المتبقية من إجازة الأمومة بهدف رعاية الطفل، وكذلك في حال وفاة الأم غير العاملة، فإنه يحق للأب المؤمن عليه أي الموظف التمتع بالإجازة المشار إليها.
كذلك فإنَّ المشرِّع العُماني لم يغفل الجانب الإنساني لبعض الأمهات العاملات اللائي يرغبن في العناية بأطفالهن لفترة أطول، لذلك وجُدت إجازة لرعاية الطفل وفقاَ لنص المادة (133) من قانون الحماية الاجتماعية.
وهنا.. فإنَّ الأم بناءً على طلبها يحق لها التمتع بهذه الإجازة والتي تبلغ مدتها 98 يومًا، شرط التقدم بطلبها خلال سنة واحدة فقط من انقضاء إجازة الأمومة، وهي ليست مدفوعة الأجر، وإنما مدفوعة الاشتراكات فقط، أي تدخل هذه الإجازة ضمن فترة الخدمة المحسوبة، ويسدد صاحب العمل الاشتراكات بشكل طبيعي ثم يتقدم بطلب استرداد هذه الاشتراكات من الصندوق، والذي يتكفّل بالسداد لصاحب العمل إجمالي حصص الاشتراكات البالغة 21.5% حصة الأم المؤمن عليها وحصة صاحب العمل، ويجوز هنا تقاسم فترة هذه الإجازة بين الأم والاب بالاتفاق فيما بينهما.
كما كفل قانون الحماية الاجتماعية حق الأم في التمتع بإجازة الأمومة مدفوعة الأجر حتى في حال تعرضها للتسريح القسري من العمل وتوقف سداد أجرها من جهة عملها؛ حيث نصت المادة (134) من القانون على استحقاقها بدل إجازة الامومة بذات قيمة بدل الأمان الوظيفي خلال فترة تمتعها بالإجازة، وتستأنف صرف بدل الأمان الوظيفي بعد انتهاء إجازة الأمومة.
إضافة إلى ما سبق، فإن الأسر البديلة التي تحتضن طفلاً محروم من أسرته الطبيعية، أجاز القانون للأم الحاضنة التمتع بإجازة الامومة في حال تقديم المستندات المؤيدة لذلك على ألا يزيد عمر الطفل على 3 أشهر عند تقديم طلب الإجازة، كما يتمتع الأب الحاضن بإجازة الأبوة كذلك.
يأتي تطبيق تأمين إجازة الأمومة من جانب صندوق الحماية الاجتماعية تحقيقاً لمستهدفات رؤية عُمان 2040 ضمن أولوية الرفاه والحماية الاجتماعية وتجسيدا للتوجه الاستراتيجي لحياة كريمة ومستدامة للجميع.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كوني اكتفاء لها عن العالم
حينما تنظر الإبنة إلي أمها فإنها لا ترى فقط امرأة تقدم لها الطعام وتكون معها في الحياة اليومية بل تنتظر من الأم أن تكون لها مرآتها الأولي وسندها الحقيقي والنموذج الأول والأهم الذي تتعلم منة كيف تكون ومن تكون
من هي صاحبة الفضل الأول والنموذج الأمثل في حياه الفتاة؟
تحتل الأم مكانة لايمكن مقارنتها بأي علاقة أخرى، فالأم ليست مجرد فرد في العائلة، بل هي الأساس الذي تبني علية شخصية الأبنة أو الأبن منذ اللحظة الأولي وهي القلب الذي يمنح الطمانينة لكل أفراد الأسرة حين يضطرب العالم وهي الأيد الممتدة بثبات حين تتزلزل الأرض تحت أقدام الصغار
القدوة التي تصنع الإنسانية
الأم المثالية الحنونة ليست فقط هي الطباخ الماهر ليست فقط تلك التي تحسن تقديم الطعاب والشراب والجلوس بجانب الصغار للحفاظ علي اجسادهم وارواحهم من أي اذي يلحق بهم لست فقط مربية ماهرة بل الام الحقيقية هي التي تدرك تماما أنها تشكل وجدان ومعالم وقلب وشخصية إبنتها لكي تستطيع مواجهة الحياة، إحترامها لذاتها، تصرفتها مع الأخرين، أخلاقها التي تزين وصفها، سلوكها في لحظات الضعف، كرم اخلاقها مع الغير، معرفة مالها وماعليها من إلتزامات، كل هذا ينقش في ذاكرة الإبنة وتتحول تدريجيا إلي ملامح من شخصيتها
فالأم الواعية تعلم أن كل كلمة تقولها وكل موقف تتخذة وكل قيمة تغرسها تشكل رصيدا داخليا في وجدان إبنتها كل هذا يعلم الإبنة كيف تتحمل المسؤلية وكيف تنهض بعد السقوط وكيف تضع كرامتها أولوية حتي في لحظات الإحتياج الام الذكية هي التي تشعل داخل إبنتها شرارة الطموح وتمنحها الأمان الذي يكون طوق نجاه لها في وقت الشدة وفي كل تحدي يلحق بها في الحياة
الإحتواء.. .ليس مجرد كلمة بل هو الإكتفاء الذي يصنع فتاة مميزة عن باقي أقرانها
حين تكون الأم العظيمة حاضرة بروحها ومشاعرها وبقدرتها علي الإحتواء الحقيقي دون إصدار الأحكام فأنها تمنح إبنتها ما لا تستطيع الدنيا بأسرها أن تمنحة لها، الأم القادرة علي أن تكون الصدر الحقيقي الذي تلقي علية الأبنة أحزانها والصوت الذي لا يبخل عليها دائما في إرشادها دون أن يكسرها أو يضعف شخصيتها هي الأم التي تصبح العالم بأسرة لإبنتها
إن وجدت الإبنة في أمها الأمان والحب والحكمة وزرع الثقة بالله والثقة في النفس لن تضيع أبدا في درب الحياة حتي لو واجهتها تحديات مريرة ستنهض دائما ستنجح عن يقين لأنها نشأت في حضن إمرأة وأم زرعت فيها اليقين بأنها تستحق الأفضل دائما
عزيزتي الأم العظيمة إذا رأت إبنتك القوة والنضج والنجاح والقدرة علي بناء عالمك الخاص فتصبح نسخة منك الإبنة التي تجد أمها نموذجا ملهما تكتفي بها عن العالم كله تصبح الأم وطنا وأمنا ودافعا ومرشدا وفي زخم الحياة تصبح الأم إكتفاء حقيقيا
نصيحة من القلب
في زحام الحياة ومع كثرة المغريات والضوضاء الإجتماعية قد ننشغل بأحاديث لا تغني أو بخروجات لا تضيف أو بدوائر نميمة لا تشبهنا في الأصل فلا يصح ابدا ولا من الدين والواجب أن ننغرس في كل هش لا يغني ولايثمن فلا شيء يستحق في هذا الوجود أن يزاحم إهتمامنا الحقيقي بأبنائنا هم الكنز الحقيقي لنا وهم طوق النجاة والفوز بالجنة لنا في نهاية الرحلة
الرعاية الواجبة للأبناء بصفة عامة
الأم العظيمة الواعية الذكية هي التي تدرك أن رعاية الأبناء ليس مجرد واجب بل هي رسالة وبلاغة وأعظم وأهم إستثمار في الحياة فتاتي الأم الحقيقية وتضع رعاية أبنائها فوق إي إعتبار فتضع كل الأولوية لهم تترك ما لاينفع وتتفرغ لما ينبت، تهتم بتغذية عقلها لتستطيع أن تغذي عقولهم، تهذب قلبها دائما ليصبح ملاذا لهم وتملا وقتها بما يبنيهم لا بما يلهيها عنهم
أن الأم التي تدرك أن بناء إنسان صالح في هذا العالم يساوي اعظم الإنجازات، الأم التي تصبح هي الركيزة التي يقوم عليها البيت والمصدر الذي ينهل منة الأبناء حبا ووعيا وكرامة ونجاحا هذه هذ الأم التي يفتخر بها الزمن وتباهي بها الحياة
ومسك الختام.. لماذا قال الله تبارك وتعالي (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ) في سورة الإسراء الاية 24
لم يختتم الله عز وجل الحديث عن بر الوالدين بدعاء عابر، بل وجدت كلمات من الخالق عز وجل تمس وتشرح لنا الجوهر الحقيقي لعلاقة الأبناء بأبائهم حين قال.. (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا )
لأن التربية ليست عملا عابرا بل هي جهاد خفي وتضحية صامتة ومشاعر لا تحصي، هذا الدعاء العظيم ليس فقط تذكيرا بعظمة بر الوالدين بل هو إعتراف إلهي ضمني بإن الرعاية من جانب الأباء في الصغر تقابل برحمة من الأبناء في الكبر
فكل حضن دافيء وكل كلمة طيبة وكل توجية صادق إقتطعناة من راحتنا لأجل بناء الأبناء يكون في ميزان الرحمة الإلهية وطوق النجاة لنا