لم يستطع الطالب "ناصر"، أحد الطلاب المتفوقين الالتحاق بثانوية جمال عبدالناصر النموذجية في صنعاء، عقب قرار رفع الرسوم الدراسية من قبل القيادات الحوثية المسيطرة على وزارة التربية والتعليم.

يقول ناصر: "كنت أحلم بأن ألتحق بثانوية جمال عبدالناصر، لكونها إحدى أفضل المدارس الحكومية في اليمن، والتعليم فيها متميز؛ ولكن مع قرار رفع الرسوم الدراسية إلى 300 ألف ريال يمني، اضطررت إلى ترك الثانوية والتوجه لمدرسة حكومية أخرى".

ويعيش القطاع التعليمي وضعاً مزرياً في ظل سيطرة الميليشيا الحوثية، وسط انعدام مرتبات المعلمين للعام التاسع على التوالي، ناهيك عن فرض الرسوم المتكررة على الطلاب في المدارس الحكومية وتحت مسميات دعم التعليم والمعلم والفعاليات والمهرجانات الطائفية التي يجري إقامتها على مدار العام الدراسي.

وبحسب تقرير أخير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن أكثر من 4.5 مليون طفل يمني لم يلتحقوا بالمدارس في العام 2023، بينما تضررت أكثر من 2426 مدرسة وأصبحت غير قادرة على استقبال الطلاب بسبب استخدامها كمأوى أو لأغراض أخرى غير تعليمية. كلما طالت فترة انقطاع الطلاب عن التعليم، زادت صعوبة تعويض خسارة التعلم، مع تجارب التأثير عبر المجتمعات.

ولي أمر الطالب "ناصر" قال إنه يجد صعوبة في توفير بيئة تعليمية مناسبة لابنه الذي يعد من الطلاب المتفوقين، موضحاً أنه "بعد سيطرة الحوثيين على التعليم أصبح الأهالي يخافون من إرسال أطفالهم للمدارس، خوفاً من عمليات التطييف ونشر المعتقدات الخاطئة التي تروج لها هذا الجماعة، أو إجبارهم على الانخراط في عمليات التحشيد والتجنيد التي تقوم بها القيادات الحوثية داخل المدارس".

وأعاد والد الطالب "ناصر" التذكير بمجانية التعليم: "أنا أحد خريجي ثانوية جمال عبدالناصر في سنة 2003- 2004، وحينها كانت الثانوية تقدم تعليمياً نموذجياً بالمجان، ولكن بعد العام 2015 وسيطرة الحوثيين على الوزارة أصبحت تفرض الثانوية رسوماً باهظة على الطلاب تحت مبررات عدم وجود مرتبات للمعلمين والمساهمة في تهيئة البيئة التعليمية المناسبة وغيرها".

بالمقابل، يواجه طلاب المدارس الحكومية الأساسية والثانوية معاناة مستمرة مع الإتاوات وفرض الجبايات بحجة استمرارية التعليم. ومع تدشين العام الدراسي الجديد 2024- 2025، قامت إدارات المدارس بفرض رسوم مرتفعة لالتحاق الطلاب والطالبات، كما أجبرت أولياء الأمور على شراء الكتب المدرسية من السوق السوداء كون وزارة التربية والتعليم لا تقوم بتوفيرها. إلى جانب المطالبة بتقديم مساهمات ومعونات لصالح دعم صندوق التعليم والمعلم.

ويقول أحد التربويين في صنعاء: "يأتي العام الدراسي الجديد وقطاع التعليم يزداد سوءاً في ظل سيطرة الحوثيين على هذا القطاع الذي أصبح ينفر الطلاب ولا يجذبهم"، مضيفاً: "المعلمون بلا مرتبات، والطلاب بلا كتب دراسية، والتعليم أصبح بالملازم الطائفية وليس الدروس العلمية".

يؤكد الناشط الحقوقي أنس القباطي، أن ما يحدث في المدارس الحكومية في مناطق سيطرة الحوثيين تجهيل متعمد، فلم يعد هناك تعليم حقيقي، بل أصبح التعليم لمن يمتلك المال فقط.

وأضاف: "المعلم بدون مرتب والأطفال في اليمن أصبحوا مهددين بالتجهيل في الألفية الثالثة في ظل ارتفاع الرسوم الدراسية". وأشار إلى أن الوضع التعليمي صعب في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: المدارس الحکومیة سیطرة الحوثیین

إقرأ أيضاً:

تحقيق العدالة في الجامعات.. استيقاظ “التعليم العالي” ضرورة ملحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تستمر المنشورات المتداولة حول عضو هيئة تدريس في كلية الزراعة بجامعة سوهاج، الذي أساء التعامل مع الطلاب بأسلوب غير لائق، في إثارة الجدل واستنكار المجتمع الأكاديمي.

قد يعتقد البعض أن هذه الواقعة حالة فردية، لكن الحقيقة أن ما يحدث يشير إلى خلل عميق في النظام التعليمي الذي يعاني من غياب الرقابة والمحاسبة الفعّالة.

هذه الواقعة ليست مجرد تصرف شخصي، بل هي بمثابة جرس إنذار لوزارة التعليم العالي.. المشكلة ليست في سلوك فرد واحد، بل في ظاهرة قد تتكرر في جامعات عديدة، نتيجة لغياب آليات المراقبة والرقابة الحقيقية من قبل الجهات المعنية.

ورغم أن الجامعات تتحمل جزءًا من المسؤولية في حل هذه الأزمات، يبقى دور الوزارة في إدارة هذه الملفات غائبًا أو متأخرًا بشكل يثير القلق.

في النظام التعليمي الحالي، يصبح الطلاب ضحايا لإهمال بعض الأساتذة الذين يفتقرون إلى القيم الأخلاقية والاحترام الواجب لهم.. وفي وقت تشهد فيه بعض الجامعات ضعفًا في القيادة، لا يمكن أن يُحمل اللوم فقط على المؤسسات التعليمية؛ بل يقع العبء الأكبر على وزارة التعليم العالي التي يبدو أنها غافلة عن هذه التجاوزات أو تتعامل معها بطريقة غير جادة.

المؤسف أن هذه المشكلات لا تقتصر على التصرفات الفردية لبعض الأساتذة، بل تتسع لتشمل قضايا أخرى تهدد استقرار النظام التعليمي.. من ذلك ما حدث في جامعة جنوب الوادي، حيث تم استغلال المرضى في المستشفيات الجامعية لصالح مراكز طبية خاصة بهدف تحقيق الأرباح على حساب صحة المواطنين.. وفي حادثة أخرى، تم إحالة مسؤولين في المعهد القومي للأورام بجامعة القاهرة إلى المحاكمة الجنائية بتهمة اختلاس أجهزة طبية بقيمة 8 ملايين جنيه، وهي قضية تشكل تهديدًا حقيقيًا لأرواح المرضى وتكشف عن حجم الفساد في بعض المؤسسات الجامعية.

المنظومة التعليمية بحاجة إلى إصلاح جذري:

لا تقتصر المشكلات في الجامعات على التصرفات الأخلاقية غير المقبولة فقط، بل تشمل العديد من القضايا التي يجب معالجتها بشكل فوري.. مثل المشاكل المستمرة لطلاب مدارس STEM وطلاب التكنولوجيا التطبيقية، التي تتعلق بطريقة قبول الطلاب في الجامعات بناءً على معايير غير واضحة أو غير عادلة خاصة في الجامعات الأهلية، مما يفتح المجال للتساؤلات حول العدالة والمساواة في الفرص الأكاديمية.

كل هذه القضايا تشير إلى أن وزارة التعليم العالي إما غافلة أو متقاعسة عن معالجة المشكلات الحقيقية التي تهدد جودة التعليم في مصر.

هل يعقل أن تظل الوزارة في حالة تقاعس بينما تتفاقم الأزمات في العديد من الجامعات؟.. هل سيستمر هذا الوضع المتراخي في التعامل مع القضايا الأكاديمية والإنسانية على حد سواء؟

أما فيما يتعلق بالمعيدين والمدرسين الذين يتجاوزون المدة القانونية لتقديم بحوث الترقية، فإن تساهل الكليات في التعامل مع هذه التجاوزات يعد أحد أكبر الأخطاء التي تؤثر مباشرة على جودة التعليم.

 إذا كان النظام الأكاديمي غير قادر على محاسبة موظفيه المتجاوزين، فكيف له أن يحقق التميز الأكاديمي ويعزز من مهنية طلابه؟ 

إن التساهل مع مثل هذه التجاوزات يضر بمصلحة الطلاب والنظام الأكاديمي بشكل عام.

إن الواقع المؤلم الذي نشهده اليوم يتطلب من وزارة التعليم العالي تحركًا حقيقيًا وإجراءات ملموسة لحل هذه الأزمات.. لا بد من تشكيل لجان فاعلة من الوزارة، بالتعاون مع مستشارين أكفاء، لمراجعة القضايا العالقة وتطبيق حلول عملية تضمن بيئة تعليمية صحية وآمنة.

يجب أن تكون هناك محاسبة حقيقية للمسؤولين عن الإهمال أو التجاوزات.. لقد أصبح ذلك ضرورة ملحة لضمان مستقبل أكاديمي يتسم بالعدالة، الاحترام، والمهنية!

"كفاية نوم في العسل"، إذا أردنا تحقيق العدالة الأكاديمية وتقديم تعليم يتناسب مع تطلعات الطلاب ويخدم مصلحة الوطن في النهاية، فإن الوقت قد حان لتصحيح المسار وتطبيق إصلاحات جذرية في النظام التعليمي!

مقالات مشابهة

  • جريمة بشعة في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين: عصابة تقتل رب أسرة أمام زوجته وأطفاله
  • تفعيل مبادرة "ساعة خير" لتقديم مراجعات مجانية لطلاب الشهادة الإعدادية بالشرقية
  • التعليم العالي تحدد امتحان الكيمياء لطلاب السنة التحضيرية في الجامعات ‏الحكومية ‏بالخامس من شهر نيسان القادم ‏
  • “يجب أن تسقط رؤوس كبيرة”.. الكونغرس ينفجر غضبا بسبب تسريب سري خطير لإدارة ترامب حول ضرب الحوثيين
  • بمناسبة عيد الفطر.. وزير التعليم يصدر قرارا بمنح المدارس إجازة أسبوعًا
  • أسيوط.. إعادة تدوير الرواكد بورش المدرسة الثانوية الزخرفية
  • تحقيق العدالة في الجامعات.. استيقاظ “التعليم العالي” ضرورة ملحة
  • لم تسقط الخيار العسكري.. هذه سُبل إيران لمواجهة تهديدات ترامب
  • تمكين القيادات المدرسية.. ”التعليم“ تطلق آلية تقييم جديدة لمديري المدارس
  • عاجل | تمكين القيادات المدرسية.. ”التعليم“ تطلق آلية تقييم جديدة لمديري المدارس