أميركا وإيران تحذّران بعد حادث مجدل شمس
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
أثار الحادث الذي وقع في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل أمس السبت وأسفر عن مقتل 12 شخصا، ردود فعل دولية وإقليمية عديدة تراوحت بين الإدانة والدعوة لضبط النفس والتحذير من توسع رقعة الحرب في المنطقة.
ورغم نفي حزب الله مسؤوليته عن الحادث وقوله إن صاروخا اعتراضيا إسرائيليا سقط على مجدل شمس وأنه أبلغ الأمم المتحدة بذلك، فإن تل أبيب تصر على تحميل الحزب المسؤولية وتوعدته ولبنان بـ"دفع ثمن باهظ".
وأعلنت فرنسا إدانتها للهجوم، ودعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب أي تصعيد عسكري.
وجددت وزارة الخارجية الفرنسية دعوتها للمواطنين الفرنسيين لعدم الذهاب إلى لبنان وإسرائيل والأراضي الفلسطينية.
بدورها، دانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك اليوم الأحد ما وصفته بـ"الهجوم المروع" على مجدل شمس.
ودعت في تدوينة نشرتها بحسابها على منصة إكس، إلى وقف القتال والتصرف بهدوء وضبط النفس.
وقالت إن "عددا كبيرا من الناس قتلوا في هذا النزاع"، وإن "الهجمات الغادرة يجب أن تتوقف فورا"، فيما يبدو أنه إشارة إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ أكثر من 9 أشهر، وتهدد بالتوسع أكثر في المنطقة.
واشنطن: لا نريد توسع الصراع
من جهته أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الأحد أن واشنطن لا تريد للصراع أن يتوسع، وقال "نجري حوارا مع إسرائيل" بهذا الشأن.
وأضاف بلينكن أن "كل الدلائل تشير إلى أن الصاروخ الذي ضرب الجولان كان من حزب الله".
وأكد التزام بلاده بدعم حق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها ضد ما وصفها بـ"الهجمات الإرهابية".
وقال وزير الخارجية الأميركي إن وقف إطلاق النار في غزة سيكون فرصة لتحقيق هدوء دائم على طول الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان.
تهديدات خطيرةوفي السياق نفسه، نقلت شبكة "سي إن إن" عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي قوله تعليقا على الحادث إن إسرائيل ما زالت تواجه تهديدات خطيرة لأمنها، وفق تعبيره.
وأضاف كيربي "سنواصل دعم الجهود الرامية لإنهاء الهجمات الرهيبة على طول الخط الأزرق".
إيران تحذرومع تصاعد التهديد والوعيد الإسرائيلي لحزب الله اللبناني، والغارات التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على البقاع وجنوب لبنان مساء أمس وفجر اليوم، حذرت إيران إسرائيل اليوم الأحد من مغبة مهاجمة لبنان.
وقالت الخارجية الإيرانية في بيان أصدره المتحدث باسمها ناصر كنعاني إن طهران "تحذر من تداعيات غير متوقعة لأي مغامرات جديدة من الكيان الصهيوني تجاه لبنان بذريعة حادث مجدل شمس".
وأضاف البيان أن "أي خطوة حمقاء من جانب الكيان الصهيوني يمكن أن تؤدي لتوسيع رقعة الأزمة والحرب بالمنطقة".
وتابعت الخارجية الإيرانية أن إسرائيل تسعى عبر طرح سيناريوهات وهمية إلى تشويش الرأي العام بشأن جرائمها في غزة، مشيرة إلى أن حزب الله اللبناني نفى مسؤوليته عن قصف قرية مجدل شمس في الجولان المحتل.
دعوة لضبط النفسمن جهتها، دعت الأمم المتحدة الأحد إلى "أقصى درجات ضبط النفس"، وذلك في بيان مشترك للمنسقة الخاصة للبنان جينين هينيس بلاسخارت ورئيس قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) أرولدو لازارو.
وجاء في البيان أن "التبادل المكثف والمستمر لإطلاق النار قد يشعل صراعا أوسع نطاقا من شأنه أن يغرق المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن تصورها".
ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يتبادل حزب الله وفصائل فلسطينية من جهة، والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى، قصفا يوميا متبادلا على الجبهة الشمالية، أسفر عن قتلى وجرحى بين الطرفين، أغلبهم في لبنان.
ويشن حزب الله والفصائل الأخرى هجمات ضد الجيش الإسرائيلي تضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لحرب إسرائيلية مدمرة بدعم أميركي، خلفت أكثر من 40 ألف شهيد وعشرات آلاف الجرحى أغلبهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة بالقطاع المحاصر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مجدل شمس حزب الله
إقرأ أيضاً:
حفريات في الأدب والنفس
حين يتساءل امرؤ عن الخلود، فإنني أفهمه باعتباره المثول الدائم في الألسن والذاكرة والحياة؛ وكما خص الله أنبياءه باصطفائه لهم، فقد انبرى للتاريخ رجال لا قبيل لهم بالنبوة الإلهية ولا نسب، بل كان خلودهم خلود من اقتبس من الشعلة الإلهية قبسا ظل ينير الدجى رغم تعاقب الأحقاب وتصرّف الدهور. ومتى ذكرنا الخلود -في غير الأنبياء- نجد الشعراء ينبرون حاملين شعلة خلافة الأنبياء، كيف لا! وهم الذين إذا ما أراد امرؤ أن يستشهد بقول بعد قول الأنبياء والكتب السماوية، نجد أقوالهم وأشعارهم تتصدر الذاكرة والمشهد. في الفرح والبهجة والسرور، وفي المصائب والفواجع والنوازل.
وإذا ما ذكر الشعر كموضوع يومي، وحاجة يومية نعيش بها، لن نستطيع أن نذكره دون ذكر المتنبي، سيِّد الشعر والشعراء. وأقول هذا لأنني لم أجد شاعرا يستشهد به الإنسان البسيط والمثقف على السواء في أفراحهم، وفي أتراحهم، وفي تفاؤلهم وتشاؤمهم، وفي سخريتهم حتى!؛ أكثر كما يفعلون مع أبيات المتنبي وقصائده. فقوله:
ما مقامي بأرضِ نخلةَ إلا
كمقامِ المسيحِ بين اليهودِ
يثير الفكاهة والضحك، مع الاعتراف ببراعة التوصيف. ولكنني وفي مشروع بدافع البحث الذاتي والاستكشاف، مستعينا بالأدوات التقنية الحديثة؛ تساءلت عما قد أجده عند المتنبي حين يتعلق الأمر بالعلوم الحديثة كعلم النفس -وهو الذي كتبت حوله مقالة سابقة في جريدة عمان بعنوان بين المتنبي وكارل روجرز!، في العام المنصرم- وقد حاولت حصر الأبيات الشعرية التي تتعلق بعلم النفس بشقيه في الأفعال، الإرادي، واللاإرادي. بعبارة أخرى، تلك الأفعال الظاهرة البيّنة التي نفعله بقصد وعن وعي حر كامل، والأخرى التي نفعلها بغير قصد وإرادة منا، وإنما دوافعها داخلية قد نستطيع رصدها، وقد تتمنع عن الرصد. ومن فائق براعته، أنه جمع الأفعال الإرادية واللإرادية في بيت واحد حيث يقول:
إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍ
تبين من بكى ممن تباكى
فقد جمع بين الفعل اللإرادي السمح وهو البكاء ابتداء ودون تكلّف، ثم يذكر الفعل الإرادي وهو التكلف بالبكاء. وفي ذات الموضوع يقول:
فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها
إِذا كُنَّ إِثرَ الظاعِنينَ جَوارِيا
فإن المرء يغالب نفسه ويحاول إلجامها عن أن تغدر به وتخون إرادته ومشيئته، ولكنه لا يمسكها وتنفلت منه انفلاتا غير مقصود. وقد قارنت بين نسختين لديوان المتنبي، إحداهما نسخة عبدالرحمن البرقوقي، والأخرى لرهين المحبسين، أبي العلاء المعري وهو شرحه الكبير «مُعجِز أحمد»؛ وقد وجدت له أكثر من ستة آلاف بيت نرصد فيها التشابهات والتقاطعات مع علم النفس الحديث، وربط تلك الأبيات بالمدارس النفسية الحديثة والمشهورة، بل إن عدة الأبيات التي وجدتها تقارب السبعة آلاف بيت في رصد أوليٍّ. فمن علم النفس التحفيزي، إلى علم النفس القيادي، إلى علم النفس الوجودي والسلوكي والاجتماعي، فضلا عن علم النفس الإيجابي الذي تحدثت عنه في مقالتي السابقة في المقارنة بينه وبين كارل روجرز.
إن هذا البحث البسيط، وبأدوات أولية؛ يجعلنا نقارب العلوم العربية وأعلامها ونعيد اكتشافهم واكتشاف آثارهم بعدسة جديدة وغير معتادة. وقد تحدثت غير ما مرة عن كتاب مسكويه «تهذيب الأخلاق» وتلك العبقرية النفسية التي فيه وتلك التوصيفات والعلاجات التي يذهل المرء من عبقرية راصدها في وقت مبكر جدا. ومما يذكرني بكتاب مسكويه -يسميه البعض ابن مسكويه- هو كتاب الشيخ الرئيس ابن سينا. فقد وجدت في كتاب ابن سينا «القانون» في الطب توصيفه لأمراض نفسية حديثة كالاكتئاب الذي يفرد له فصلا في موسوعته البديعة «فصل في المالنخوليا»، ونجد اتفاقه مع مسكويه في بعض الآراء والتوصيفات والعلاجات. وفي العموم، فإن زهد الناس في تراثهم العريق، زهد نابع من إحساس بالنقص ومن جهل متجذر، ولا نجد أمة ارتفعت وعلا شأنها وشأوها إلا برفعها لعلمائها وكبارها والاعتراف بفضلهم ومكانتهم والاهتمام بآثارهم ودراستها مرة تلو مرة؛ فقد تتغير الأسماء وتتبدل التوصيفات، لكن حقيقة الأشياء وجوهرها هي هي، وكأنما هي نظرية العود الأبدي تشير إلى جهلنا بسخرية العارف البصير، وحكمة القديم القدير.