بيروت- تعيش عايدة الأحمد حالة من الترقب والقلق خوفا من انقطاع خدمة الإنترنت في لبنان، إذ تعمل بوظيفة مستقلة من منزلها في مجال البرمجة والتصميم، وتعتمد بشكل كبير على الشبكة العنكبوتية لإنجاز أعمالها اليومية والتعاون مع شركات في دول الخليج، في إطار سعيها لكسب قوت يومها.

"كارثة حقيقية" هكذا تصف عايدة الأحمد للجزيرة نت الأنباء عن انقطاع الإنترنت، إذ تعتمد بالكامل عليه لتحقيق دخلها.

وتقول إن "سعر الإنترنت مرتفع جدا وسرعته بطيئة"، وتشير إلى أنها تضطر أحيانا للعمل في ساعات الليل المتأخرة حين يكون الضغط على الشبكة أقل. وإذا حدث انقطاع شامل، فسيعني ذلك أن مصدر رزقها الوحيد انقطع.

ولا تقف معاناة الأحمد هنا، إذ تتساءل عن عدم وجود بدائل أخرى في بلد لم تجد فيه فرصة عمل تتناسب مع مهاراتها وخبراتها، وتضيف بمرارة أن "الاعتماد على الإنترنت هو خياري الوحيد".

وقصة الأحمد تمثل واقعا يعيشه كثير من العاملين المستقلين في لبنان، الذين يعتمدون بشكل أساسي على الإنترنت لكسب لقمة عيشهم، في بلد يعاني أزمة اقتصادية خانقة.

في الآونة الأخيرة، برزت أزمة الإنترنت وخدمات الاتصالات بوصفها إحدى القضايا المثيرة للجدل في الشارع اللبناني. وتواجه هيئة "أوجيرو"، المسؤولة عن قطاع الاتصالات، مشكلات جسيمة بسبب انقطاع الكهرباء المستمر، مما يضطرها للاعتماد الكامل على المولدات لتشغيل مزودات الخدمة من أجل الحفاظ على استمراريتها.

قطاع الاتصالات في لبنان يواجه انقطاعات متكررة منذ 2019 بسبب الأزمة الاقتصادية ونقص السيولة (الجزيرة) مخاوف وحلول

وتتزايد المخاوف من توقف هذه المولدات وتعطّل الخدمات، خاصة أن عديدا من تجهيزات الشبكة أصبحت قديمة ومتهالكة. وبالإضافة إلى ذلك، تعاني الهيئة نقصا حادا في التمويل اللازم لإجراء الإصلاحات والصيانة الضرورية، مما يفاقم من حدة الأزمة ويضع البلاد أمام تحديات جديدة في قطاع الاتصالات.

ويؤكد وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم أن قطاع الاتصالات في لبنان يواجه تحديات كبيرة، موضحا "نعمل بطريقة ترقيعية"، إلا أن انقطاع الإنترنت بشكل كامل "يبقى أمرا مستبعدا".

ويشير القرم، في حديث للجزيرة نت، إلى أن الخلل يكمن في الآلية المعتمدة، ويوضح أن الأموال المجبية من المواطنين لا تعود لوزارة الاتصالات أو لأوجيرو وإنما تذهب لوزارة المال، ومن ثم تُصرف عبر ميزانية لوزارة الاتصالات.

ويقول إن الروتين الإداري يضيف مزيدا من التعقيدات وهو بحاجة إلى تعديل، ويشير إلى وجود طروحات تهدف إلى تحقيق حل مستدام على المدى الطويل.

رغم هذه المعطيات، فإن وزير الاتصالات اللبناني أكد أن وزارته تسلمت الدفعة الأولى من مخصصاتها للصيانة، والتي تتجاوز 3 ملايين دولار من موازنة 2024. وكشف عن اتفاق لتسلم دفعة إضافية بقيمة 8 ملايين دولار خلال الأسبوع المقبل.

وفي ما يتعلق بخطة الوزارة للاستعانة بنظام ستارلينك (الإنترنت الفضائي)، يوضح القرم أن الأمور لم تكتمل بعد لأسباب عديدة، منها المتطلبات الأمنية في لبنان، بالإضافة إلى المتطلبات التقنية الضرورية لمتابعة هذا المشروع. وأكد أنهم يبحثون عن خيارات أخرى تحقق بعضها، ولكنهم لا يزالون يدرسون الخيارات المتاحة.

تأمين التمويل

في المقابل، يقول مدير عام هيئة "أوجيرو" عماد كريدية إن غدا الاثنين (29 يوليو/تموز) سيكون موعدا لتسلم الدفعة الأولى من مستحقات الهيئة، التي ستودع في حساباتها لدى مصرف لبنان.

وأكد كريدية للجزيرة نت أن هذه الدفعة ستتيح للهيئة إمكانية التعامل مع أي أعمال صيانة قد تطرأ، مما سيُسهم في تحسين قدرتها على معالجة الأعطال.

ويشير المسؤول اللبناني إلى أن الانقطاعات المتكررة في خدمة الإنترنت ناتجة عن عدم قدرة الهيئة على إجراء الصيانة اللازمة منذ عام 2019 بسبب الأزمة الاقتصادية ونقص السيولة.

وأوضح أن مشروع الألياف الضوئية الذي أطلقته الهيئة عام 2017 توقف بسبب الأزمة الاقتصادية، وأنها تسعى حاليا لتأمين التمويل اللازم للصيانة واستكمال تحديث الشبكة في المستقبل. وطمأن المواطنين بأن "الأعطال قد تحدث من حين لآخر، لكن يتم التعامل معها بشكل فوري، وعادة لا تستمر لأكثر من 3 ساعات في بعض المناطق".

الأسعار المرتفعة

وتُعد هيئة أوجيرو الجهة الوحيدة المسؤولة عن تقديم خدمة الإنترنت في لبنان، وهي توفر البنية التحتية الأساسية لجميع شبكات الاتصالات، ومن بينها شبكات الهاتف المحمول، وخدمات البيانات، ومزودو الإنترنت.

وفي ما يتعلق بتكاليف الخدمة، يتراوح سعر الإنترنت المنزلي بين 4.7 دولارات لـ80 غيغابايت و70 دولارا لألفي غيغابايت. أما الإنترنت المحمول من شركتي ألفا وتاتش، فتبلغ تكلفة الـ50 غيغابايت 3.5 دولارات، بينما تصل تكلفة 400 غيغابايت إلى 116 دولارا.

وتتفاوت هذه التكاليف بشكل كبير مع معدلات الرواتب في لبنان، حيث لا تتجاوز الرواتب في معظم الأحوال 27 مليون ليرة، أي نحو 300 دولار، وهذا الفارق يجعل أسعار الإنترنت في لبنان من بين الأعلى مقارنة بمستوى الأجور الحالي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإنترنت فی لبنان قطاع الاتصالات

إقرأ أيضاً:

بسبب المهاجرين غير الشرعيين.. أزمات تواجه الولايات المتحدة بعد عودة ترامب

تطورات متسارعة شهدتها دول أمريكا اللاتينية منذ وصول دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، في 20 يناير الجاري، وما صاحبها من إصدار الرئيس 47 لعدة أوامر تنفيذية كان من أهمها المتعلق بالمهاجرين غير الشرعيين وعمليات الترحيل التي نفذتها وكالات إنفاذ القانون الأمريكي.

ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، فجر أزمة اقتصادية بين الولايات المتحدة وكولومبيا، حليف «واشنطن» بالمنطقة، على خلفية رفض حكومة الرئيس جوستافو بيترو، استقبال طائرات عسكرية تحمل مهاجرين غير شرعيين وسط أنباء عن معاملة سيئة تعرضها لها هؤلاء المهاجرين وتكبيلهم بالأصفاد.

أزمة اقتصادية مؤقتة بين الولايات المتحدة وكولومبيا

الأزمة الاقتصادية بين الولايات المتحدة وكولومبيا، التي شهدت فرض تعريفات جمركية متبادلة بنسبة 25%، سرعان ما انتهت مؤقتا بعد موافقة «بوجوتا» على طلبات واشنطن، وإعلان الولايات المتحدة، تعليق قرار فرض الرسوم مؤقتا.

المكسيك، الجارة الجنوبية للولايات المتحدة، هي الأخرى، رفضت في البداية استقبال رحلة جوية تحمل مهاجرين غير شرعية في البداية، وسرعان ما وافقت حكومة الرئيسة كلوديا شينباوم على استقبال الرحلة.

دخول البرازيل على خط أزمة المهاجرين

البرازيل، من جانبها، دخلت على خط الأزمة واستدعت أكبر مبعوث أمريكي في البلاد، جابرييل إسكوبار، على خلفية إساءة معاملة مهاجرين برازيليين، فيما أكد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، إنه سيردّ بالمثل على «واشنطن» في حال قرر نظيره الأمريكي دونالد ترامب زيادة الرسوم الجمركية على منتجات بلاده، وفق لما ذكرته إذاعة «مونت كارلو» الدولية الفرنسية.

وتعليقا على ما يحدث بين الولايات المتحدة ودول فنائها الخلفي، قال الدكتور محمد عطيف، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة شعيب الدكالي، بالمملكة المغربية، والمتخصص في شؤون أمريكا اللاتينية، في تصريحات لـ«الوطن»، إن موافقة الحكومة الكولومبية على قرار ترحيل المهاجرين بعد رفضها في البداية، يتجلى في عدد من الاعتبارات، أولها السياق السياسي والدبلوماسي، مضيفا إن كولومبيا تعتمد بشكل كبير على العلاقات مع الولايات المتحدة.

كولومبيا دولة هشة داخليا

وثالث الاعتبارات، وفق الدكتور محمد عطيف، أن كولومبيا دولة بها نزاعات داخلية مما قد يجعلها على صفيح ساخن بسبب المهاجرين الذين يتم ترحيلهم، خاصة إذا كانوا مرتبطين بجماعات مسلحة أو عصابات إجرامية.

المكسيك والولايات المتحدة تربطهما علاقات اقتصادية معقدة

وفيما يتعلق بالمكسيك، قال الدكتور عطيف، أن المكسيك والولايات المتحدة تربطهما علاقات اقتصادية وأمنية معقدة، ويدل تراجع المكسيك عن رفضها لطائرة عسكرية أمريكية، على أنها قد تكون قد حصلت على ضمانات أمريكية لدعم اقتصادي أو تعاون أمني، مشيرا إلى أن من المحتمل، أن التهديدات الأمريكية بفرض تعريفات جمركية على الصادرات المكسيكية يمكن أن تكون عاملا رئيسيا في تغيير موقف «مكسيكو سيتي».

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعد في وقت سابق، بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا بـ25%، غدا السبت، ورغم قرارات الرئيس 47، بترحيل المهاجرين ونشر تعزيزات لإبعاد المهاجرين وإلغاء كل طلبات اللجوء، غادرت قافلة تضمّ أكثر من 1000 مهاجر جنوب المكسيك في 25 و26 يناير الجاري متجهة إلى الولايات المتحدة، وفق لما ذكرته إذاعة «مونت كارلو الدولية» الفرنسية.

البرازيل متوجسة من تأثيرات الأزمة على استقرار المنطقة

وحول تدخل البرازيلي على خط الأزمة، أوضح عطيف، أن علاقة القوى الصاعدة في منطقة أمريكا اللاتينية على رأسها البرازيل التي لها أهداف استراتيجية تسعى إلى تحقيقها، التي تتمثل في لعب دور قيادي في أمريكا اللاتينية، خاصة في ظل عودة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى السلطة، وأشار المتخصص في شؤون أمريكا اللاتينية،أن قد تكون البرازيل متوجسة من تأثيرات الأزمة على استقرار المنطقة، مما قد يؤثر على مصالحها الاقتصادية والأمنية، بل حتى في القيادة الإقليمية.

مقالات مشابهة

  • أمريكا تضغط لإقصاء حزب الله من الحكومة اللبنانية..ما السبب؟
  • بسبب المهاجرين غير الشرعيين.. أزمات تواجه الولايات المتحدة بعد عودة ترامب
  • ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
  • زوجة تطلب الخلع بسبب حرمانها من الإنترنت
  • تصاعد الصراع في شرق الكونغو: أزمة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي
  • العاصفة الشمسية.. موعدها وتأثيرها على الاتصالات والإنترنت | فيديو
  • «يونيسيف»: مقتل الأطفال فى الهجوم على المستشفى السعودي بالسودان مروع
  • بسبب مماطلة إسرائيل..حماس تهدد بتأخير إطلاق المحتجزين في غزة
  • هل يتعلق بارتفاع الأسعار؟.. تنظيم الاتصالات يكشف سر انتهاء باقة الإنترنت الشهرية بسرعة
  • لماذا تنفد باقات الإنترنت سريعًا؟.. تنظيم الاتصالات يكشف الأسباب