موقع بريطاني: الإمبراطورية الأميركية عمياء لدرجة أنها تحمي نتنياهو
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
يصبح انهيار الإمبراطورية حتميا بمجرد أن يفقد حكامها كل إحساس بمدى عبثية وفظاعة ما أصبحوا عليه، ولا يوجد الآن بلد واحد في العالم سوى الولايات المتحدة، تصفق الغالبية العظمى من ممثليه المنتخبين بحرارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خضم مذبحة يرتكبها جيشه في قطاع غزة.
ذلك ما شدد عليه تقرير جوناثان كوك بموقع ميدل إيست آي البريطاني، مستغربا أن يُستقبل نتنياهو -الذي أشرف خلال الأشهر العشرة الماضية على مذبحة قضى فيها نحو 40 ألف فلسطيني نصفهم تقريبا من النساء والأطفال- بالترحيب في الكونغرس الأميركي باعتباره بطلا.
وأضاف أن نتنياهو هذا هو الذي دمر موطن نحو 2.3 مليون فلسطيني، وقد يستغرق إعادة إعماره 80 عاما بتكلفة لا تقل عن 50 مليار دولار، وهو ذاته الذي دمر كل مستشفى وجامعة في غزة، وقصف كل مدارسها، والذي يسعى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى اعتقاله بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
كما أنه هو نفسه الذي وجدت محكمة العدل الدولية أن حكومته كانت تعمل على تكثيف حكم الفصل العنصري، وتقف وراء ما وصفته المحكمة بأنه "إبادة جماعية"، ومع كل ذلك لم يكن هناك سوى محتج واحد مرئي في قاعة الكونغرس.
مجرم ومذنبجلست رشيدة طليب، المشرعة الأميركية الوحيدة من أصل فلسطيني، صامتة ممسكة بلافتة سوداء صغيرة، كتب على أحد جانبيها: "مجرم حرب"، وعلى الجانب الآخر: "مذنب بالإبادة الجماعية".
كان المشهد قاتما، إذ بدا الأمر وكأنه ليس زيارة من زعيم أجنبي، بل كان بمثابة ترحيب بجنرال كبير مخضرم في مجلس الشيوخ بروما القديمة.
وهكذا أصبح نتنياهو -كما يقول الموقع- الزعيم الأجنبي الأكثر تكريما في تاريخ الولايات المتحدة، وهو الذي يظهر وكأن وحشيته من صنع أميركا بالكامل، وكأنه كذلك تذكير بأن عالمنا -على الرغم من مزاعمنا الأنانية بالتقدم والإنسانية- لا يختلف كثيرا عن وضعه منذ آلاف السنين.
حرب هيمنة كاملةوفوق ذلك كان استقبال نتنياهو -حسب الموقع- تذكيرا بأن هذه ليست "حربا" بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ناهيك عن كونها، كما يريد نتنياهو أن نصدق، معركة من أجل الحضارة بين العالم اليهودي المسيحي والعالم الإسلامي، بل هي مجرد حرب إمبريالية أميركية، وجزء من حملتها العسكرية من أجل "الهيمنة العالمية الكاملة".
وبدا -كما يقول الكاتب- أن الإبادة الجماعية هي إبادة جماعية أميركية بالكامل، مسلحة وممولة ومغطاة دبلوماسيا من قبل واشنطن، أو كما قال نتنياهو في لحظة من الصراحة غير المقصودة أمام الكونغرس: "أعداؤنا هم أعداؤكم، ومعركتنا هي معركتكم، ونصرنا سيكون نصركم".
كانت هناك لحظة صغيرة أخرى من الحقيقة غير المقصودة وسط فيض من الأكاذيب التي أطلقها نتنياهو، وذلك حين صرح بأن ما يحدث في غزة كان "تصادما بين البربرية والحضارة"، ولم يكن مخطئا، يوضح الكاتب.
وتابع أن نتنياهو لم يكن مخطئا لأن همجية الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية المشتركة الحالية مستمرة ضد شعب غزة، وهي امتداد للحصار الإسرائيلي الدرامي للقطاع الذي دام 17 عاما، والذي سبقته عقود من الحكم العدواني في ظل نظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات
إقرأ أيضاً:
كاتبة إسرائيلية: الإسرائيليون شركاء في حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة
شددت المحاضرة والناشطة الاجتماعية الإسرائيلية، أوريت كمير، على مشاركة الإسرائيليين في حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال ضد الفلسطينيين في غزة، من خلال صمتهم وتجاهلهم، مشبهة موقفهم بموقف الألمان الذين وقفوا مكتوفي الأيدي خلال "ارتكاب الفظائع بحق اليهود في أوروبا".
وقالت كمير، في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، إنه "ليس لمعظم الإسرائيليين أي حق في توجيه الاتهامات إلى الألمان الذين وقفوا متفرجين"، موضحة أنه "لو كانوا مكانهم، لتصرفوا مثلهم، لأنهم الآن يصمتون بينما دولتهم تترك عشرات الإسرائيليين للموت تحت التعذيب، وفي المقابل تدمر حياة مليوني فلسطيني في قطاع غزة".
وأضافت الكاتبة الإسرائيلية أن "الإسرائيليين لا يملكون حتى العذر الذي كان لدى بعض الألمان بعدم العلم أو الإدراك، لأننا نعيش في عصر فائض المعلومات"، منتقدة استمرار "الحياة الروتينية للإسرائيليين رغم المآسي الجارية، وعدم تحركهم للتظاهر أو حتى توقيع عريضة".
وشددت على أن "معظم الإسرائيليين يواصلون حياتهم بينما يُترك المخطوفون يعانون، وأطفال غزة يتضورون جوعا"، لافتة أن "هذا الجوع الذي ينهش أرواحهم لا يزعج أحدا بما يكفي للتحرك".
وأشارت كمير إلى أن "الألمان كانوا يواجهون خطر التصفية إذا عبّروا عن مواقف إنسانية، أما في إسرائيل فلم يُخفَ أحد بسبب موقفه"، معتبرة أن "الأعذار المنتشرة بين الإسرائيليين غير مبررة وتشبه ما كان عليه الحال في ألمانيا النازية من حيث التجاهل والانشغال بالحياة اليومية".
وأضافت: "على غرار الألمان، يقول الإسرائيليون: ‘هذا لا يفيد’، أو ‘أنا لست سياسيا’، أو ‘لا أحب التجمهرات’. لديهم أفراح، حفلات، ضغوط عمل، أطفال"، مؤكدة أن "هذه التبريرات تمكن الشر من الانتصار".
وانتقدت الكاتبة ما قالت إنه "تمييز واضح في التعاطف بين المخطوفين في غزة وسكان القطاع"، مضيفة "صحيح أنه لا شيء أهم من إنقاذ المخطوفين، ولكن حيوات مليوني إنسان في غزة لا تقل أهمية".
وشددت على أن "الاعتراف بقيمة الإنسان يفرض الدفاع عن الجميع، لا عن البعض فقط"، مردفة بالقول إن "حفنة فقط من المتظاهرين يرفعون شعار ‘كل طفل بريء’ و’كفى للحرب’، بينما يصمت الغالبية، حتى ممن يتظاهرون من أجل المخطوفين".
وأشارت الكاتبة الإسرائيلية إلى أن "العقاب الجماعي ضد الأبرياء هو إستراتيجية نازية"، مضيفة "كيف يمكن النظر إلى الأطفال الأيتام، والآباء الذين يحملون جثامين أبنائهم المتفحمة، ثم الاستمرار في تناول الوجبة التالية؟ فما الفرق إذًا أننا لا نقتلهم في معسكرات؟".
وختمت كمير مقالها بدعوة الإسرائيليين إلى "التماهي مع معاناة سكان غزة"، وشددت على أنه "يجب على كل إسرائيلية وإسرائيلي أن يشعروا وكأنهم في غزة… ثم من هذا المكان يصرخوا: كفى للحرب!”، مضيفة "كما نتذكّر، كل ما يلزم لانتصار الشر هو أن تواصلوا التزام الصمت".