الجزيرة:
2025-03-16@23:28:47 GMT

هل يؤدي صاروخ عين شمس إلى حرب؟

تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT

هل يؤدي صاروخ عين شمس إلى حرب؟

فتحت حادثة سقوط صاروخ على ملعب للأطفال في قرية عين شمس في الجولان السوري المحتل، البابَ على تحديات سياسية وميدانية على إثر اتهام إسرائيل لحزب الله بإطلاق الصاروخ من قرية "شبعا" الحدودية، وذلك على الرغم من نفي الحزب للقيام بالعملية، واعتبار أن ما حصل هو نتيجة سقوط صاروخ من القبة الحديدية المضادة للصواريخ الآتية من لبنان.

من هنا فإنّ ما حصل يمكن قراءة تداعياته بشكل أوسع من خطأ صاروخي، أو عملية مخطط لها، على اعتبار أن ما جرى يتزامن مع المفاوضات الحاصلة في روما بين أطراف الوساطة الدولية؛ لوقف الحرب في غزة، وذلك بالتوازي مع تحضير إسرائيل لورقة عمل سيجري طرحها في الاجتماعات التفاوضية مع الولايات المتحدة، وقطر، ومصر.

من هنا فإن التداعيات المباشرة للعملية ظهرت مباشرة للمتابعين والمحللين، إن كانت تداعيات في لبنان، أو في إسرائيل، أو حتى في الإطار الإقليمي الواسع المتخوّف من تدحرج الأمور لتشمل الدخول في مسارات حربية خطرة.

الموقف الأميركي بعد عملية "عين شمس" بدا أكثر تصلبًا برفض مسار الحرب الواسعة، على اعتبار أنه لا يستطيع ضبط إيقاع أي تطور ميداني، وأن هناك أخطارًا من إمكانية تحولها إلى حرب

والتداعي الأهم في لبنان، هو تكريس حالة النزاع والانقسام الداخلي اللبناني مع الحدث، والذي هو استمرار لحالة الانقسام الأكبر المتعلق بالموقف المؤيد والمعارض لفتح جبهة الجنوب المساندة لغزة منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهذا الانقسام انسحب على حلفاء حزب الله أنفسهم والذين باتوا يصرّحون بشكل لافت بضرورة وقف العمليات العسكرية والدخول في المسارات التفاوضية المباشرة والتي تحاط برعاية إقليمية ودولية ظهرت من خلال حركة الموفدين الأجانب منذ بداية الحرب منعًا للتصعيد.

بالمقابل فإن الانعكاس الأهم لهذه الضربة هو حالة التمايز الحاصلة بين المكونات "الدرزية" في المنطقة، وتحديدًا بين الحالة السياسية التي يمثلها دروز لبنان بزعامة وليد جنبلاط، وبين دروز إسرائيل المنخرطين مباشرة في مساندة إسرائيل في المعركة الجارية في غزة، والجنوب من خلال شيخ الطائفة موفق طريف.

وبدا أن الضغط المتزايد على وليد جنبلاط الذي كان يرتبط بعلاقات واسعة مع دروز إسرائيل والجولان بات يثير تخوفات من انقسام مذهبي داخلي للحالة الدرزية ما يزيد الضغط أولًا على جنبلاط كزعامة تاريخية، وثانيًا على حزب الله الذي استفاد لسنوات من وحدة القرار الدرزي في لبنان وسوريا؛ لتغطية موقفه السياسي والميداني منذ العام 2006 إلى اليوم.

لكن الأهم واللافت كان تصريح الحكومة اللبنانية والتي أظهرت ببيانها المقتضب حالة من الخوف والخشية من انفلات الأمور جنوبًا، عبر تأكيدها على رفض استهداف المدنيين، والمطالبة بوقف الحرب الحاصلة في غزة والجنوب، بعد أكثر من تسعة أشهر من حالة الاطمئنان السياسي والعسكري.

وهذا الاطمئنان والذي كان يثير الريبة على المستوى الداخلي، ارتبط أولًا بالتنسيق الجاري بين رئيسها نجيب ميقاتي، وحزب الله على ضبط إيقاع الحرب وعدم تمددها، والثاني من خلال رسائل الطمأنة الأميركية والغربية من أن إمكانية للسماح بحرب واسعة بين الحزب وإسرائيل، على الرغم من الرغبة الإسرائيلية الجامحة للحرب مع حزب الله وتوجيه ضربات موجعة له.

على المستوى الإسرائيلي فإن اللافت أن وزير الدفاع الإسرائيلي في حكومة نتنياهو غالانت، والذي استبق عودة نتنياهو من واشنطن، أجرى تقييمًا للوضع العسكري مع قادة الأجهزة الأمنية، وحدد طبيعة الرد العسكري على حزب الله، وهذا يعني تفريغ اجتماع مجلس الحرب برئاسة نتنياهو ظهر اليوم من أي محاولة لنتنياهو للإمساك بزمام الحرب ومداها وطبيعتها، ما يثبت نظرية أساسية أن غالانت ملتزم بالضوابط الأميركية تجاه لبنان.

لكن السؤال الأبرز من كل ما يجري: "هل ستؤدي ضربة عين شمس إلى حرب" وبدا أن الجواب المنطقي هو لا، لكن الأكيد أنّ ما حصل سيترتب عليه ضربة إسرائيلية بالعمق اللبناني قد تكون من أكثر الضربات الموجعة لحزب الله، لكن قد يبرز هنا سؤال أهم، وهو: "كيف سيتعاطى حزب الله مع أي ضربة بالعمق"؟ على اعتبار أن حزب الله لايزال ملتزمًا بأداء ميداني عنوانه "ضربة مقابل ضربة".

أما على المستوى الأميركي، فإن واشنطن التي استقبلت نتنياهو منذ أيام باحتفالية استعراضية في الكونغرس، أعادت التأكيد أمامه على رفضها خيار الحرب مع لبنان لاعتبارات متعددة، من هنا برزت قبيل العملية بساعات تصريحات المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين الذي أعاد خلال مقابلة له تثبيت فكرة التّرابط بين جبهة لبنان، وجبهة غزة.

وهو ردّ مبطن على محاولة إسرائيلية للفصل بين الجبهتين، إما من خلال حل دبلوماسي يسبق وقف الحرب في غزة، وهذا المسار مرفوض من قبل حزب الله، وإما من خلال ما اقترحه نتنياهو خلال زيارته لواشنطن بشنّ عملية عسكرية محدودة ضد لبنان تفرض عليه التفاوض لوقف النار قبل انتهاء الحرب في القطاع.

بالمقابل فإن الموقف الأميركي بعد عملية "عين شمس" بدا أكثر تصلبًا برفض مسار الحرب الواسعة، على اعتبار أنه لا يستطيع ضبط إيقاع أي تطور ميداني، وأن هناك أخطارًا من إمكانية تحولها إلى حرب، وهذا الموقف جرى مواكبته من خلال اتصال هوكشتاين أمس بالزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وتعمد البيت الأبيض لتسريب مضامين المكالمة.

وإلى جانب مواقف هوكشتاين لا تزال مؤشرات التخوف الأميركية قائمة، وتجلى ذلك بالقرار الذي اتخذه بايدن حول السماح ببقاء اللبنانيين المنتهية تأشيراتهم في الولايات المتحدة الأميركية؛ بسبب تطورات الوضع بين حزب الله وإسرائيل، وثمة اعتقاد أن الأميركيين يعتبرون ما حصل أمس في "عين شمس" فرصة مواتية لفرض المسار التفاوضي عبر فصل الساحات من خلال إبراز حالة التوتر المحتملة من الجانب الإسرائيلي.

بالمقابل برزت زيارة نائب وزير الخارجية الأميركية لشؤون الموارد البشرية إلى لبنان، وهي كانت بدافع البحث في كل خيارات عمليات الإجلاء للأميركيين القاطنين في لبنان والاطلاع على الوضع بشكل مباشر في حال تطورت الأوضاع، وهذا يعني أن واشنطن غير واثقة تمامًا مما يمكن أن يقدم عليه بنيامين نتنياهو.

لكن وعلى المديين المتوسط والبعيد يعزز ما حصل أمس سردية الكيان الإسرائيلي أن حزب الله بات مشكلة أمنية إستراتيجية يجب الغوص في تفاصيل إبعاد خطرها عن الحدود، مع خروج الأمر من كونه أزمة نزوح لأكثر من مئة ألف مستوطن في الشمال، وتحول الخطر بالنسبة لإسرائيل باتجاه مناطق أخرى، وتحديدًا مناطق الجولان المحتل، وهنا تختلط التحديات باعتبار أن حل هذا الأمر مرتبط أولًا بانقشاع غبار المعركة الرئاسية الأميركية وانعكاساتها على الداخل الإسرائيلي، وطبيعة علاقة أي إدارة مستقبلية في واشنطن مع ايران.

من هنا يمكن أن يفهم خطاب كامالا هاريس خلال استقبالها نتنياهو في محاولة لمخاطبة مشاعر الشباب الأميركي الممتعض من موقف بايدن، حيث جرى إلغاء الكلمة المشتركة بين بايدن ونتنياهو بعد لقائهما، وترك الموقف الرسمي لنائبته المرشحة الرئاسية أن تعلن هذا الموقف.

لكن الأكيد أن لبنان كما كل المنطقة، في حالة انتظار لما ستسفر عنه هذه الضغوط والتي في حال لم تنجح فإن مؤشرات التصعيد ستكون أكبر، وخاصة أن حادثة عين شمس ستفتح الباب على محاولات نتنياهو للتسرب داخل حالة الفراغ والصراع الممتد من واشنطن إلى الشرق الأوسط.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات على اعتبار أن فی لبنان حزب الله من خلال إلى حرب عین شمس فی غزة ما حصل من هنا

إقرأ أيضاً:

خبير: نتنياهو وطواقم اليمين المتطرف لا يرغبون في أن تنتهي الحرب

تتبنى القيادة العسكرية الجديدة لجيش الاحتلال الإسرائيلي التوجهات اليمينية المتطرفة في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فيما يتعلق باستئناف الحرب على قطاع غزة والمخاطرة بحياة المحتجزين المتبقين في القطاع، هذا ما أوردته صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية في تحليل لها.

قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية، إن  نتنياهو وطواقم اليمين المتطرف لا يرغبون في أن تنتهي هذه الحرب، بل يهدفون إلى إشعالها بشكل دوري، وأشار إلى أن كل المحاولات العربية للتوصل إلى حل أو لتجاوز التصعيد، ومنها الجهود الكبيرة التي بذلتها القاهرة خلال الشهور الماضية، لم تجد نفعا، حيث يصر الاحتلال على نفس الأسلوب المتبع في التصعيد والتسخين.

وأضاف الرقب- خلال تصريحات لـ "صدى البلد": "أما نتنياهو، فيريد لهذا الصراع أن يستمر، لأنه يعلم تمامًا أنه في اللحظة التي ينتهي فيها هذا الصراع، قد تنتهي أيضا الخيارات السياسية التي تدعمه. وبالتالي، فإنه يتهرب من الوصول إلى اتفاق يمكن أن يساهم في حل النزاع".

وأشار الرقب: "أما بالنسبة للمصالح الأمريكية، فإنها ترتبط بالعالم العربي بشكل أقوى من ارتباطها بإسرائيل، لكن ذلك لا يمنعها أبدا من الاستمرار في دعم الاحتلال".

وأشارت الصحيفة إلى أن قائد المنطقة الجنوبية الجديد في الجيش الإسرائيلي، يانيف آسور، حدد الهدفين الرئيسيين من الحرب المستمرة في غزة، و الهدف الأول هو تدمير حركة حماس بالكامل، بينما يتمثل الهدف الثاني في إعادة المحتجزين المتبقين في القطاع.

 وكما كان متوقعا، أثارت هذه التصريحات جدلًا واسعًا، حيث واجه آسور اتهامات بالتركيز على الهدف الأول على حساب الثاني، مما قد يؤدي إلى إهمال حياة المحتجزين.

وفي الوقت نفسه، يعمل رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد، أيال زامير، على صياغة خطة عسكرية لاستئناف الحرب على قطاع غزة، في حال تعثرت محادثات وقف إطلاق النار. 

وتتابع الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي تحت قيادة زامير، يختلف عن سلفه هرتسي هاليفي في استعداده لإمكانية إقامة حكم عسكري في القطاع، بما في ذلك السيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية للسكان.

وحذرت الصحيفة من المخاطر التي قد تترتب على التصعيد العسكري من جانب الجيش الإسرائيلي على حياة المحتجزين المتبقين في غزة، وشككت في قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها المعلنة، قائلة: "لا أحد يضمن ذلك". وأضافت أن هناك شكوكًا جدية بين بعض جنود الاحتياط، مما يثير القلق من انخفاض عدد الملتحقين بالخدمة إذا تم استدعاء تعبئة جماهيرية أخرى.

ودعت الصحيفة رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد إلى معالجة هذه الشكوك والمخاوف، مشيرة إلى أنه "يفضل أن يتم ذلك عاجلًا لا آجلا". 

كما حثت على عدم الانخداع بالثناء الذي يتلقاه زامير في وسائل الإعلام بعد إجراء تدريبات مفاجئة على بعض الوحدات العسكرية على الحدود في أسبوعه الأول كرئيس للأركان.

وأضافت الصحيفة: "ما دامت الحرب لم تنته، وما دام المحتجزون لم يتم إعادتهم، وما دام السكان لم يعودوا سالمين إلى منازلهم على حدود غزة ولبنان، فلا يوجد سبب يدعو الجيش إلى الفخر". كما أشارت إلى أن الشكوك تتزايد بشأن ما إذا كان تغيير القيادة العليا للجيش الإسرائيلي يعكس محاولة مفرطة لكسب ود اليمين.

وأوضحت "هاآرتس" أن رئيس الأركان السابق، هرتسي هاليفي، ومن حوله تعرضوا لانتقادات حادة من رئيس الوزراء نتنياهو وحاشيته، الذين وصموا هؤلاء القادة بأعداء الدولة، وذلك بسبب رفضهم الاستجابة لضغوط اليمين للتعامل بقسوة مع جنود الاحتياط الذين احتجوا على الإصلاح القضائي.

 وتدهورت العلاقات بشكل كامل بعد أحداث 7 أكتوبر، حيث حرص نتنياهو وحاشيته، رغم المسؤولية الواضحة للسلطات المعنية، على توجيه اللوم إلى هؤلاء القادة، في محاولة فاشلة لتبرئة أنفسهم.

ردود فعل متباينة على فوز اليمين المتطرف في ألمانيا.. وترامب يباركاليمين المتطرف يحقق "نتيجة تاريخية" في الانتخابات الألمانية | تقرير

وأختتمت الصحيفة بالقول إن العلاقات الناشئة بين هيئة الأركان العامة الجديدة وصناع القرار السياسي تختلف تماما عما كانت عليه في السابق، مشيرة إلى أن هيئة الأركان الإسرائيلية، بدلا من التمسك بموقفها المستقل والتأكيد على مهنيتها، تتبنى التوجهات المتطرفة لليمين الإسرائيلي.

مرصد الأزهر: تصاعد اليمين المتطرف في ألمانيا ينذر بمخاطر على المهاجرين والتعايش السلميملئوا الفراغ باليمين المتطرف.. أول تعليق من أردوغان على نتائج الانتخابات في ألمانيا

مقالات مشابهة

  • كيف يتلاعب نتنياهو بوقف إطلاق النار؟
  • خبير: نتنياهو وطواقم اليمين المتطرف لا يرغبون في أن تنتهي الحرب
  • لهذه الأسباب نتنياهو خائف
  • عائلات الأسرى تتهم نتنياهو بإشعال الحرب / فيديو
  • انفجار صاروخ من مخلفات الحرب .. الدفاع المدني السوري يكشف سبب انفجار اللاذقية
  • 10 معوقات تمنع حزب الله من العودة إلى الحرب!
  • لماذا لن يعود نتنياهو لقرار الحرب؟
  • الرئيس السيسي يؤدي ركعتي السنة فور وصوله مسجد المشير لأداء صلاة الجمعة.. فيديو
  • الرئيس السيسي يؤدي صلاة الجمعة بمسجد المشير طنطاوي احتفالات بيوم الشهيد.. فيديو
  • باحث سياسي: نتنياهو في حالة تخبط ويسعى للحفاظ على ائتلافه الحكومي