موقفي من الانتخابات الرئاسية التونسية
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
أولا ـ محددات الموقف
1 ـ إن تونس ازداد تدهور حالها على جميع الأصعدة كما لم يحدث لها في أي وقت مضى .
2 ـإأن السبب المباشر من ضمن الأسباب الأخرى لهذا الانهيار القياسي هو وجود قيس سعيد في قرطاج وهو الشخص الذي لا تؤهله في الأصل لا القدرات الذهنية ولا العملية ولا السياسية (كما شرحناه حتى قبل انتخابه في 2019) لقيادة أي بلاد فضلا عن البلاد التونسية بمميزاتها وبأوضاعها الصعبة والحرجة.
3 ـ إن القوى الصلبة والقوى الأخرى التي رافقت قيس سعيد منذ انقلابه في 25 تموز / يوليو 2021 لا يمكنها منطقيا وعمليا في 2024 مواصلة مسايرته في تفكيك الدولة وتقسيم الجسم الوطني، فهي على تنوعها تظل قوى تونسية لا تتساوق طموحاتها مع تصرفات قيس سعيد حتى بدالة الربح والخسارة.
4 ـ إان قيس سعيد تراجعت شعبيته بشكل لافت إلى حد الانهيار بالمقارنة مع 2019 حتى في الدورة الأولى، إذ لم يعد يناصره الا شريحة محبطة معروفة بمحدودية الوعي وخواء الخطاب وضعف السردية لا يملك المرء إلا الإشفاق على الجزء المغرر به منها والحسرة على الجزء المخدوع فيها.
إن وضعية البلاد وعوائق المسار الانتخابي بلغت درجة من الخطورة تخرجنا من موقع الرفاه للاختيار المريح للرئيس القادم و قد تضع بعضنا في حالة الاكراه لاختيار أي مرشح يكون أقل تعاسة من قيس سعيد.5 ـ إن إنقاذ الدولة والمجتمع التونسي من هذا البلاء الجاثم أصبح متاحا إلى حد ما في سياق راهن مفاده أن التخلص من قوس قيس سعيد هو في حقيقته مهمة وطنية حارقة وهو فرض عين محمول على كل تونسية وتونسي مهما كانت قناعاته وتوجهاته.
6 ـ إن صندوق الاقتراع على الرغم مما أحاط به الانقلابي من إجراءات تعسفية لصالحه يظل في الوضع الشعبي الراهن فرصة قد تكون متاحة للتخلص من البلاء المحيق بالبلاد والعباد خاصة أنه السبيل الباقي للمواطنين قبل اضطرارهم لاحقا إلى التمرد على الطغيان والتصدي للخراب.
7 ـ إن الخروقات القانونية الفادحة و العبثيةالمتصلة بالانتخابات الرئاسية (سبق لي التعرض لها في مقال سابق) و التي قد تكون متعمدة يمكن أن توقف المسار الانتخابي في أية مرحلة و ذلك بقرار قضائي اداري و تؤجله إلى وقت آخر محفوف بالمخاطر بما يحرم التونسيون من إمكانيات التغيير العاجل بواسطة الصندوق.
8 ـ إن وضعية البلاد وعوائق المسار الانتخابي بلغت درجة من الخطورة تخرجنا من موقع الرفاه للاختيار المريح للرئيس القادم و قد تضع بعضنا في حالة الاكراه لاختيار أي مرشح يكون أقل تعاسة من قيس سعيد.
ثانيا ـ المطلوب وطنيا:
1 ـ إن الخطوة الحاسمة لإنقاذ البلاد هي التخلص بواسطة الصندوق من قيس سعيد بوصفه العائق الأول لفتح الأفق الوطني. و ن ثمة فإن شعار هذه الانتخابات هو "لا تصويت لقيس سعيد" إذ يجب وضع سدود انتخابية لفوزه المستبعد أصلا.
2 ـ أمام العوائق الموضوعة تعسفا لقبول الترشح فإنه من المهم الآن أن نتفاعل مع هذه الشروط إيجابا بمساعدة المترشحين الجديين على تجاوز عائق التزكيات والتفاعل سلبا بخوض معارك قضائية ونضالية للضغط من أجل تسهيل الشروط الأخرى.
3 ـ عند إعلان هيئة بوعسكر على المقبولين للترشح في بداية آب / أغسطس 2024 فإن:
ـ الاحتمال الأول هو قبول عدد معقول من المترشحين ممن يمثلون في تنوعهم اتجاهات الرأي العام . وفي هذه الصورة علينا كقوى ديمقراطية التفاوض مع هذا المترشح أو ذاك للالتفاف حوله مقابل التزامات محددة .
ـ الاحتمال الثاني: في صورة قبول الهيئة لمترشحين غير جديين سواءا في مواجهة أو مع قيس سعيد فإن مرحلة نضالية سيحين وقتها بدءا من مقاطعة نشيطة للانتخابات وصولا إلى أشكال نضالية أخرى متاحة.
4 ـ في صورة الاحتمال الأول أعلاه يتعين علينا تعبئة الشعب للمشاركة في الحملة الانتخابية وخاصة في التصويت يوم الاقتراع بما يفرض عمليا دورة ثانية لان عدم المشاركة الواسعة ستكون حتما لفائدة العشرة في المائة التابعة لقيس سعيد و التي ستنزل لا محالة بثقلها و أكبر .
5 ـ في الدورة الثانية وإن فشل قيس سعيد في الوصول إليها فللشعب كامل الحرية في اختيار رئيسه أما في صورة وجود قيس سعيد في الدورة الثانية فيجب مضاعفة العمل والتعبئة من أجل إسقاطه بإسناد منافسه مهما كان بكل قوة حتى إن كان هذا الأخير محل جدل من هذا الطرف أو ذاك. إذ لا ننسى أن المرحلة الحالية هي الإنقاذ وإطفاء الحريق وسد الشريان النازف بإسقاط قيس سعيد قبل رفاهة التصويت على من يراه هذا الطرف أو ذاك قريبا منه أو بعيدا.
ثالثا ـ المخاوف المشروعة.
1 ـ القول إن قيس سعيد كما صرح به لن يسلم السلطة حتى إن خسر الانتخابات.. نحن لا نستبعد هكذا احتمال فالرجل أثبت سابقا أنه قصووي وغير مهتم بالآخرين وبمصلحة الوطن.. إن أقدم على ذلك فهو لن يمر مهما كان الوضع وسيسقط قسرا ونتمنى أن يكون ذلك بأقل الخسائر .
وما زلت أعتقد أن قيس سعيد وقبل لجوئه لهكذا مغامرة فإنه سيسعى لطرق باب إلغاء الانتخابات بقرار قضائي بالاستناد على الخروقات الفادحة التي ارتكبها هو نفسه في النصوص الخاصة بالانتخابات.
إن الخطوة الحاسمة لإنقاذ البلاد هي التخلص بواسطة الصندوق من قيس سعيد بوصفه العائق الأول لفتح الأفق الوطني. و ن ثمة فإن شعار هذه الانتخابات هو "لا تصويت لقيس سعيد" إذ يجب وضع سدود انتخابية لفوزه المستبعد أصلا .2 ـ القول إن المشاركة في الانتخابات هي خيار يضفي الشرعية على الانقلاب ويكسبه شرعية جديدة وإن المقاطعة هي السبيل الوحيد للتخلص من هذا الكابوس الوطني . مثل هذا القول له حجية والمقاطعة النشيطة مازالت قائمة إذا توفرت شروطها السابق ذكرها والمتمثلة في مخرجات هيئة بوعسكر في 6 أغسطس / آب وإعلانها عن الترشحات المقبولة، أما التلبس بخيار المقاطعة في كل الأحوال فأراه هدرا لفرصة متاحة لا يخدم إلا الانقلابي.
3 ـ القول إنه من غير المعقول إعادة تجربة 2019 مع قيس سعيد بالتصويت لمترشح لا يوثق فيه . ولهؤلاء أقول إن الوطن في قاعة الإنعاش وإن الحريق يشتد فيه ببقاء قيس سعيد وإنه ليس لهذا الشعب اليوم خيار آخر غير الإطاحة به في أقرب الأوقات فكل يوم يبقى فيه في قرطاج يلحق الضرر الفادح بتونس، ومن ثمة فإننا نتمنى أن يكون عدد المقبول ترشحاتهم كثر ليتسنى الاختيار لكن ومهما كان الحال فإننا سنجد من ضمنهم رجل دولة سوي يتعامل مع الشعب وقواه الحية بمعايير السياسة بما يفتح الأفق الوطني نحو تطوره الطبيعي نحو النمو والحرية والكرامة الوطنية.. وغير ذلك فهو استمرار السد التاريخي المتمثل في قيس سعيد .
أستاذ جامعي ومحامي ووزير تونسي سابق
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس الانتخابات الرأي تونس انتخابات رئاسة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من قیس سعید
إقرأ أيضاً:
البلاغي المغربي سعيد العوادي يكشف عوالم جديدة لحضور الطعام بالأدب العربي
مراكش- بين الإفادة والإمتاع يكشف البلاغي المغربي سعيد العوادي لقارئه عوالم جديدة لحضور الطعام في المنتج الأدبي العربي، بدأها في كتاب "الطعام والكلام: حفريات بلاغية ثقافية في التراث العربي" وتابعها في كتاب "مطبخ الرواية: الطعام الروائي من المشهدية إلى التضفير".
ويدرك المتتبع أن العوادي يروم إعادة كتابة تاريخ الرواية العربية، وهو يبحث في مصادر متنوعة، ويدون ملاحظاته على هاش الصفحات قبل أن يترسخ في قناعاته أن وجود الطعام في الحبكة ليس اعتباطيا، بل هو جزء من حكاية لا يمكن الاستغناء عنه، تضمر أو تظهر صورا شتى لعلاقات إنسانية متسمة مرة بالإخضاع المخفي وراء الكرم ومرات بالخنوع والقسوة والدهاء والمكر.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تشريح الانهيار العربي والشخصي في تجربة مسرحيّ التسييس سعد الله ونوسlist 2 of 2روائية "تقسيم الهند" البريطانية.. وفاة الكاتبة الباكستانية بابسي سيدواend of listويقول الكاتب للجزيرة وهو يسترجع اللحظات الأولى لملاحظاته البلاغية "إن الآفاق التي فتحها البحث في كتاب (الطعام والكلام) لم تنحصر في حدود الخطابات التراثية، وإنما امتدت إلى ملامسة الخطابات الحديثة".
العوادي: وجود الطعام في الحبكة ليس اعتباطيا بل هو جزء من حكاية لا يمكن الاستغناء عنه (الجزيرة)وبذلك ظهر أمامه خطاب الرواية الذي طالما استوقفته فيه مقاطع الطعام المتنوعة، فكان يكتفي بالتعجب من دقة وصف الروائيين، قبل أن ينبِّهه الكتاب إلى ما يحمله فعل الأكل والشرب من مضمرات ثقافية وروابط اجتماعية.
ويضيف "هكذا، عُدْتُ إلى كثير من تلك المقاطع في روايات عربية متنوعة، بوعي جديد يتجاوز حدود الانبهار الوصفي التصويري إلى الرؤية البلاغية الثقافية التي تربط مشاهد الطعام بالعناصر السردية المختلفة من جهة، وبرهانات الرواية وتشابكها مع أسئلة الهوية والغيرية من جهة أخرى".
وبدت للكاتب جلسة الإفطار في رواية "بين القصرين" لنجيب محفوظ درسا في الإخضاع، حيث يتخذه البطل أحمد عبد الجواد مسرحا لتخويف الأبناء والزوجة وتثبيت القوانين الصارمة، مثلما يشير إلى ذلك السارد "الجلسة على قصر مدتها شديدة الوطأة على نفسه بما يلتزمون فيها من أدب عسكري". كما بدا أكل الأب داعما لذلك التخويف والسلطوية "كان يلتهم طعامه في وفرة وعجلة، وكأن فكيه شطرا آلة قاطعة تعمل في سرعة وبلا توقف".
إعلانكما ظهر للكاتب الضيافة العربية الكريمة الباذخة التي قام بها توفيق الصادقي للعائلة الفرنسية التي جاءت إلى المغرب من أجل خطبة ابنته لابنها ميشيل في رواية "بعيدا من الضوضاء، قريبا من السكات" للروائي المغربي محمد برادة، مما يعد شكلا من أشكال الإحراج للآخر ودعوة مبطّنة لإيقاف مشروع الزواج، كما يستشف من العبارة العامية المونولوجية لتوفيق "غادي نوريهم شكون هي عائلة الأستاذ الصادقي واش تتسوى (سأريهم قيمة عائلة الأستاذ الصادقي) وكيف هي أصول الضيافة والكرم في المغرب".
ووفق هذا الأفق القرائي الجديد، أنجز كتاب "مطبخ الرواية" منطلقا من المرجعيات التراثية والغربية للسرد الطعامي، متوقفا عند 9 روايات تنتمي إلى جغرافيات عربية مختلفة، متتبعا فيها العلاقات التي يربطها الطعام بالرواية شكلا ورؤية.
جلسة الإفطار في الرواية تمثل درسا في الإخضاع وتدعم شعوري التخويف والسلطوية (الجزيرة) مشروع بحثييضيف الأكاديمي العوادي أن الكتابين يندرجان في إطار مشروع بحثي يهدف إلى تتبع تشكل الطعام في الخطابات المختلفة التراثية والحداثية، منتقلا من نظرة التهميش إلى نظرة التأسيس التي ترى الطعام جسرا للتبادلات الاجتماعية والإنسانية.
ويتناول كتاب "مطبخ الرواية" مدونة روائية تنتمي إلى جغرافيات عربية متنوعة، مقترحا تأريخا طريفا يتخذ من الطعام أداة لكتابة تاريخ جديد للرواية العربية، حيث يميز داخلها بين مسار يحضر فيه الطعام بشكل هامشي تخلل لبعض المقاطع الوصفية، ومسار آخر يبرز فيه الطعام بروزا مركزيا على مستويات الحبكة والشخصيات والأحداث والأمكنة والرهانات.
كما أن كتاب "الطعام والكلام" يبرز وجود من الصلات الموثوقة بينهما، مما يتجاوز الصوت إلى المعنى اللغوي والدلالة الحضارية، فليس من التوافق الساذج أن تلتقي اللفظة واللقمة في فم الإنسان، فتلفظ الأولى إلى الخارج، وتلقم الثانية لتستقر في الداخل.
إعلانوتلك العلاقة -كما يشرح الكاتب- خلافية يحيا بها الكائن الإنساني، فالطعام حصنه المادي ضد الجوع والمرض، والكلام حصنه المعنوي ضد الوحدة والخواء. وعندما يلتقي الطعام بالكلام، يتحقق الدفء الإنساني بمعانيه المختلفة في الحضارات البشرية المتعددة.
بلاغة الكلام ومدار الطعامحين يكتب الكاتب باستنارة ذهن ورهف إحساس، يستنبط معاني جديدة لنصوص لا تكن بادية للعيان من أول وهلة.
ويقول الباحث والناقد المغربي محمد زهير للجزيرة نت إن كتاب "الطعام والكلام" يكشف عن علاقات تبادلية، ينهل كل واحد من الآخر في مجال البلاغة والثقافة والحياة.
ويضيف "الكتاب محفل بلاغي ثقافي لاستقصاء تلك العلاقة المتجذرة في أرصدة التراث العربي، بما يدل على الفاعلية المبدعة لدى الإنسان، وهو يجرد من مختلف الأطعمة علامات وصورا وأدلة، وينشئ من تفاعلات موائد الطعام ومحافله سرديات تحفل بها مدونات التراث، دالة على قيم وأنظار وسلوكيات ثقافية واجتماعية كان الطعام مدارها، وكان الكلام بلاغتها وجسر تداولها".
بينما يصف الأكاديمي المغربي عبد الفتاح شهيد -للجزيرة نت- حكاية الكتاب بالجميلة والمشوّقة، وهي تنبني على أطباق تنبعث منها روائح الطعام ونشاوى الكلام، ويظهر من خلالها شغف الكتابة بعد هضم الثقافة العربية والإحاطة بجوانبها، بدءا بالقرآن الكريم، مرورا بالشعر والنثر ووصولا إلى أبعاد الثقافة العربية الكبرى عبر تاريخها الطويل.
رؤية فلسفيةمن يتأمل مقاربة موضوع الطعام فلسفيا تنتهض له شواهد دالة على الحضور الفلسفي في الكتاب. ومن بين ما يمكن الاستدلال به، تلاحظ الأكاديمية المغربية سالمة الراجي -في حديث للجزيرة نت- أن المقابلة بين الوجود الدنيوي والوجود الأخروي في رصد حقل الطعام تتجاوز رصد الحقول المعجمية على مستوى البلاغة إلى ما يُضفِيه الوجودان من دلالات فلسفية على الطعام ما كان لها أن تظهر خارجهما.
إعلانوتضيف -في مثال آخر- أن هذا التوظيف الفلسفي في بعده الديني لمفهوم المثالية والسرمدية ينطلق في الكتاب من رصد الأبعاد الدلالية للطعام في مختلف مواردها في القرآن ليبنِيَ بعد ذلك مُقتضَى فلسفيّا، حيث يقول الكاتب "ينبني خطاب (الطعام القرآني) في الجنة على التنعّم في بعديه السرمدي والمثالي، وتشهد على ذلك آيات كثر".
في حين يبرز الناقد الثقافي عبد الرزاق المصباحي للجزيرة نت أن الكتاب يجمع بين منظورين نقديين، يدمجهما على نحو هادئ وضمنيّ، ودون تكلف نظري، هما البلاغة التي ينتمي إليها أكاديميا، وبين القراءة الثقافية الحرة، التي يستعين بها لكشف الأنساق الثقافية الظاهرة في خطاب الطعام، حين يربطه بالصراع الثقافي.
هذا الكتاب يتخذ من مقوم الطعام أداة لكتابة تاريخ جديد للرواية العربية (الجزيرة) تفكيكبين الاعتماد على نظرية مسعفة للفهم، واستقراء للنصوص، تبرز بعض خصوصيات الكاتب لاكتشاف جديد للعلاقات بين الطعام والكلام.
وتشرح الباحثة الراجي أن النظرية المعجمية أول ما يُستعان بها لفهم هذه العلاقات باعتبارها تبحث في مدلولات الكلمات واستدعاء معانيها من مختلف سياقات التداول، كما يمكن تجاوز ذلك إلى استدعاء النظرية البلاغية بمختلف أصنافها التداولية وغيرها باعتبارها ترصد مختلف ما للكلمة من الأبعاد والمصادقات التي تساعد على إدراك مستويات التركيب بين المفهومين.
بينما يؤكد الباحث المصباحي أن الكاتب يستقرئ عددا كبيرا من النصوص في المدونة الشعرية، والتي تبني قوتها الحجاجية على جعل الزوجة/المرأة عنصرا مانعا لقيمة الكرم، كما يقف متأملا خطاب التطفيل (من الطفيلي على الطعام) الذي ينقله من صورته الكاريكاتيرية والهزلية إلى التأسيس لخطاب مضاد للمؤسسة التي تعتمد توزيعاً غير عادل للثروات.
في حين يبرز الباحث شهيد أن الكاتب يشير الى أن الطعام موضوع شعري أثير، وممارسة ثقافية متجذرة، كما يطرح أسئلة إشكالية في الثقافة الشعرية العربية يثير بها إشكالات مهمة في شعرية الأغراض وخلخلة سلطة المدح.
إعلانإذ يقول العوادي "وعلى هذا الاعتبار، عُرضت موائد الطعام في خطاب الشعر عرضا يبدأ من الوصف الخارجي الدقيق المخصِّب للخيال الأدبي إلى التعبير الرمزي الذي يجعلها شريكة في التعبير عن المواقف من الذوات والحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية".
وختاما، يفتح العوادي لقارئه شهية النظر في التراث العربي، ولم يكن من باب الصدفة أو المجاملة أن يصدر كاتب "الطعام أفقا للقراءة" -لمجموعة من الباحثين- عبارة عن أعمال مهداة الى الكاتب، باعتباره يمثل الجيل الثاني في البحث البلاغي بالمغرب.