لم يستبدل دروز الجولان المحراث بالبندقية
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
يعد كتاب قيس فرو "الدروز في زمن الغفلة: من المحراث الفلسطيني إلى البندقية الإسرائيلية" مرجعًا مهمًا لفهم التحولات في مواقف الدروز داخل الأراضي المحتلة. ومع ذلك، لا ينطبق هذا التوصيف على العديد من الدروز، خاصة دروز الجولان السوري المحتل، الذين حافظوا على هويتهم وانتمائهم السوري، رافضين الضغوط الإسرائيلية للاندماج.
بالأمس سقوط الصاروخ على مجدل شمس في الجولان المحتل حيث أودى بحياة 10 أشخاص، بينهم أطفال. اعتبر ذلك الحدث الأبرز على الجبهة الشمالية منذ عدة شهور. في الواقع ، استغلّت إسرائيل هذا الحدث على عدة أشكال منها:
1 ـ التصريحات الرسمية والإعلامية:
سارعت إسرائيل إلى التعبير عن تضامنها مع الضحايا من خلال التغريدات والتصريحات الرسمية الصادرة عن كبار المسؤولين في الحكومة والجيش. تمثل هذه التصريحات جزءًا من استراتيجية علاقات عامة تهدف إلى تعزيز صورة إسرائيل كدولة متعاطفة مع الأقليات، خاصة في المناطق المتنازع عليها مثل الجولان.
تعتبر حادثة سقوط الصاروخ على مجدل شمس نقطة تحول في الحرب الدائرة رحاها اليوم، حيث تلقي الضوء على التعقيدات الجيوسياسية في المنطقة. تسعى إسرائيل لاستغلال الحادثة لتعزيز مواقفها السياسية على الصعيد الداخلي والعلاقات الأمنية مع حزب الله، لكن هذا التصعيد يكشف أيضًا عن صمود دروز الجولان ورفضهم لاستبدال المحراث بالبندقية، متمسكين بهويتهم السورية في وجه التحديات والضغوط.تضمنت الرسائل الإعلامية تعبيرات عن الحزن والأسى على الضحايا، مع تأكيد على "الالتزام بحماية جميع المواطنين" بغض النظر عن خلفيتهم العرقية أو الدينية. تم توجيه هذه الرسائل إلى المجتمع الدولي والرأي العام المحلي بهدف كسب التعاطف وتبرير أي إجراءات مستقبلية.
2 ـ الدعوات إلى ضرب حزب الله:
استخدم الحدث كمبرر لتعزيز الدعوات لاتخاذ موقف أكثر صرامة ضد حزب الله، حيث ألقى المراسلون العسكريون والمحللون السياسيون اللوم على الحزب دون تقديم أدلة قاطعة. وقد أدى ذلك إلى زيادة الدعوات في وسائل الإعلام وفي أوساط صنع القرار لتبني استراتيجيات أمنية أكثر تشددًا تجاه التهديدات على الحدود الشمالية.
سلط المحللون الضوء على الخطر الذي يشكله حزب الله على أمن إسرائيل، مستغلين الحادثة لتصوير الحزب كتهديد مباشر ومتعمد للمدنيين، مما يبرر اتخاذ إجراءات عسكرية. كما دعت بعض الأوساط السياسية إلى تصعيد العمليات العسكرية ضد مواقع حزب الله ولبنان، مدعية أن الرد الحازم ضروري لردع أي هجمات مستقبلية.
3 ـ زيارات رفيعة المستوى لمجدل شمس:
شهدت مجدل شمس زيارات من مسؤولين عسكريين وسياسيين رفيعي المستوى كجزء من جهود إسرائيل لإظهار التعاطف والدعم ـ من أبرزهم رئيس هيئة الأركان الجيش "هارتسي هاليفي" ـ ولتعزيز العلاقات مع المجتمع الدرزي في الجولان.
خلال هذه الزيارات، محاولة اسرائيلية لإيهام أن الدولة لكل مواطنيها، في محاولة لتهدئة الأجواء المتوترة واحتواء أي اضطرابات قد تحدث في أوساط الدروز. كما تهدف هذه الزيارات أيضًا إلى كسب دعم المجتمع الدرزي المحلي، وإظهار أن الحكومة الإسرائيلية تولي أهمية خاصة لأمنهم، سعيًا لدمجهم بشكل أكبر في المجتمع الإسرائيلي.
4 ـ نشر صور الأشلاء في الإعلام:
استغلت وسائل الإعلام الإسرائيلية صور الحدث في حملاتها الدعائية العالمية "الهسبرا"، مسلطة الضوء على معاناة المدنيين كجزء من استراتيجيتها الإعلامية لتعزيز موقفها السياسي.
نشر الصور الصادمة لضحايا القصف والأضرار البالغة في المناطق السكنية على نطاق واسع، بهدف إثارة مشاعر التعاطف والغضب لدى الجمهور المحلي والدولي، مع العلم أن هذا لا يمكن أن يجري لو كان الحدث في تل أبيب مثلًا، وفق قوانين الرقابة العسكرية.
اضافة الى ذلك، استخدمت هذه الصور كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى كسب التأييد الدولي لإسرائيل، وتصويرها كضحية للعدوان، مما يبرر أي ردود فعل عسكرية قد تتخذها.
5 ـ عناوين الصحف الرئيسية
تصدرت صور الكارثة الصفحات الأولى للصحف الإسرائيلية، مما يعكس تنسيقًا إعلاميًا موحدًا لتوجيه الرأي العام نحو دعم الإجراءات الحكومية.
عملت وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل منسق لعرض الحدث بأسلوب موحد، حيث تم استخدام نفس الصور والعناوين لجذب انتباه القراء وتوجيه رسائل واضحة حول موقف إسرائيل من الحادثة.
بشكل عام، تساعد التغطية الإعلامية المكثفة في تشكيل الرأي العام المحلي، مما عزز من دعم السياسات الحكومية تجاه حزب الله والتهديدات الأمنية.
من غير المرجح أن يؤدي هذا الحدث إلى حرب شاملة، إلا أن احتمال حدوث تصعيد عسكري واسع مع لبنان يبقى واردًا. فمن الممكن أن توسع اسرائيل استهدافها القرى، وتركز على البنية التحتية كما جرى في اليمن مع الأخذ بعين الاعتبار البعد الجغرافي وسرعة الرد. على كل الأحوال تتجه الأنظار نحو رد الفعل الإسرائيلي المتوقع، وسط التصعيد القائم منذ 7 أكتوبر في المنطقة.في المقابل، خلال مؤتمر صحفي للناطق باسم جيش الاحتلال، وصف القتلى بأنهم "مواطنون إسرائيليون من الطائفة الدرزية". لكن حادثة غير مقصودة كشفت عن الفجوة بين الرواية الإسرائيلية والواقع، حيث نسيت قناة 12 العبرية المايكروفون مفتوحًا في الاستوديو، وسمع أحد المحللين يقول: "إنهم ليسوا مواطنين إسرائيليين". هذا التصريح العفوي سلط الضوء على التباين في الرؤى والمواقف حول الهوية والانتماء لسكان الجولان من الطائفة الدرزية.
رغم الجهل الذي يحيط بدروز الجولان من قِبَل بعض الفلسطينيين، إلا أن موقفهم واضح وصريح. منذ عام 1982، أثبت دروز الجولان تمسكهم بهويتهم السورية. في ذلك العام، أصدر أهالي الجولان من قرية مجدل شمس "الوثيقة الوطنية"، التي أكدت انتماء الجولان وسكانه لسوريا ورفض فرض الجنسية الإسرائيلية عليهم. تبع ذلك إعلان الإضراب الشامل والمفتوح الذي استمر لأكثر من 6 أشهر، والذي شمل إعادة الجنود الإسرائيليين الهويات الإسرائيلية التي أرسلوها إلى منازل السكان، بل وحتى حرقها تأكيدًا على هويتهم السورية ورفضًا لقرار ضم الجولان وتطبيق الحكم المدني الإسرائيلي فيه.
يرفض دروز الجولان التجنيد في الجيش الإسرائيلي والهوية الإسرائيلية، متمسكين بوضعهم القانوني كمقيمين غير مجنسين، يشبهون بذلك وضع المقدسيين قانونيًا أكثر من الفلسطينيين داخل الخط الأخضر. يعيشون تحت الاحتلال لكنهم يحتفظون بثقافتهم وتراثهم السوري. العديد منهم يعتبرون أنفسهم أسرى ومعتقلين في ظل الاحتلال، ويواصلون نضالهم ضد السياسات الإسرائيلية التي تهدد هويتهم وأراضيهم.
من أبرز مظاهر نضالهم الأخيرة كان رفضهم لمشاريع التوربينات الإسرائيلية التي تهدف إلى مصادرة أراضيهم الزراعية. موقفهم هذا يختلف عن موقف الطائفة الدرزية في إسرائيل، التي تتبنى موقفًا مغايرًا في الغالب.
من الناحية الميدانية، رغم أن هناك احتمالية لوجود خطأ في إطلاق الصاروخ، أو تقارير تشير إلى أن حزب الله نفى مسؤوليته، إلا أن رد إسرائيل يبدو حتميًا. استغلت إسرائيل الحدث لتعزيز موقفها السياسي والإعلامي على الصعيد العالمي، مستخدمة صور الدمار في حملتها الدعائية ضد المقاومة اللبنانية والفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية ودبلوماسية.
من غير المرجح أن يؤدي هذا الحدث إلى حرب شاملة، إلا أن احتمال حدوث تصعيد عسكري واسع مع لبنان يبقى واردًا. فمن الممكن أن توسع إسرائيل استهدافها القرى، وتركز على البنية التحتية كما جرى في اليمن مع الأخذ بعين الاعتبار البعد الجغرافي وسرعة الرد. على كل الأحوال تتجه الأنظار نحو رد الفعل الإسرائيلي المتوقع، وسط التصعيد القائم منذ 7 أكتوبر في المنطقة.
تعتبر حادثة سقوط الصاروخ على مجدل شمس نقطة تحول في الحرب الدائرة رحاها اليوم، حيث تلقي الضوء على التعقيدات الجيوسياسية في المنطقة. تسعى إسرائيل لاستغلال الحادثة لتعزيز مواقفها السياسية على الصعيد الداخلي والعلاقات الأمنية مع حزب الله، لكن هذا التصعيد يكشف أيضًا عن صمود دروز الجولان ورفضهم لاستبدال المحراث بالبندقية، متمسكين بهويتهم السورية في وجه التحديات والضغوط.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني مجدل شمس فلسطين استهداف مجدل شمس مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة الضوء على مجدل شمس حزب الله إلا أن
إقرأ أيضاً:
الحرب الإسرائيلية على لبنان تثير مخاوف من فتنة طائفية
يراقب المسيحيون في هذه القرية اللبنانية الشمالية الصغيرة الزوار غير المرغوب فيهم ليلاً، حيث يسألون السائقين المتجهين إلى أعلى التل نحو الجزء الشيعي من الحي عن غرضهم، وقاموا بتركيب كاميرات وغالباً ما يجلسون حتى الساعة الثالثة صباحاً يدخنون الشيشة ويراقبون الطريق.
دعا بطريرك الكنيسة المارونية إلى "تحرير" المدارس من النازحين
يقول فريد سمور، صاحب مطعم يبلغ من العمر 31 عاماً: "إنهم يعرفون أننا نراقبهم، قبل ذلك كنا نعيش معاً، لكن الآن لا يوجد ثقة بيننا".
وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تحقيق لها من لبنان إن خطوط الصدع الدينية في لبنان، خليط المسيحيين والشيعة والسنة المسلمين، وغيرها من الجماعات الدينية التي تشكل هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 5.5 مليون نسمة، تتوتر مع استمرار حرب إسرائيل مع حزب الله.
منزل شيعيوقبل عدة أسابيع، ضربت غارة جوية إسرائيلية منزلاً شيعياً في هذه القرية على بعد 70 ميلاً من الحدود الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل شخصين وصفهما الجيش الإسرائيلي بأنهما "إرهابيان".
وجرّت الحملة الجوية المتوسعة قرى وبلدات مثل دير بلا إلى الصراع إذا كانت تؤوي مسلمين شيعة، الذين يستمد حزب الله معظم دعمه منهم.
People in Lebanon “feel now that nowhere in their country, in their city, is safe anymore,” reports @JomanaCNN in Beirut, as Israeli drones can be heard overhead. “This fear of the unknown, they described it, the fear of a repeat, they say, of what they have seen in Gaza.” pic.twitter.com/8W97YobGXp
— Christiane Amanpour (@amanpour) October 3, 2024ويعيش المسيحيون والمسلمون الشيعة جنباً إلى جنب في تلك المنطقة، وكانوا بالفعل في حالة من التوتر قبل الغارة الجوية.
في سبتمبر (أيلول)، وبعد أيام من تفجير إسرائيل عن بُعد لآلاف أجهزة النداء واللاسلكي التي كانت في أيدي أعضاء حزب الله، وصلت مجموعة من الرجال بحثاً عن مأوى. ولاحظ السكان أن بينهم مصابين بجروح في وجوههم وأيديهم، فطلبوا منهم المغادرة خوفاً من استهداف القرية إذا كانوا مرتبطين بحزب الله.
غارات جويةوأضافت الصحيفة أن الخوف من غارات جوية مماثلة يدفع مرة أخرى إسفيناً من الشك عبر المجتمع اللبناني، الذي عانى منذ فترة طويلة من الصراع الطائفي.
ويبحث المدنيون الذين أجبروا على ترك منازلهم بالقرب من الحدود الجنوبية مع إسرائيل أو أعضاء حزب الله الهاربين من الهجمات الإسرائيلية عن الأمان في الشمال.
ولكن مع وصول الغارات الجوية الإسرائيلية إلى عمق لبنان، يخشى لبنانيون آخرون الانجرار إلى القتال إذا سمحوا لهم بدخول قراهم.
“..Kahaleh, a Christian village near Beirut, has refused to host displaced Shias after the nearby highway was hit five times by Israeli airstrikes…”
Brilliantly reported by @SuneEngel and photographed by @emanuelesatolli https://t.co/u25q1TsaHl
وكان الصراع الطائفي دائماً متأصلاً في تاريخ لبنان الحديث. فقد أسفرت الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاماً وانتهت في عام 1990 عن مقتل 150 ألف شخص. واليوم تعتمد البلاد على اتفاق تقاسم السلطة الدقيق لتحقيق التوازن بين مصالح المسيحيين والشيعة والسُنّة، أكبر المجموعات في البلاد، والتي تمثل حصصاً متساوية تقريباً من السكان.
ولكن مع نزوح مئات الآلاف من الناس، يبدو هذا التوازن غير مستقر على نحو متزايد.
"أيلول الأسود" الأكثر دموية.. تسلسل زمني لقتلى قيادات حزب الله - موقع 24منذ بدء تبادل القصف بين إسرائيل وحزب الله، بعد هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، اغتالت إسرائيل عدداً كبيراً من القادة البارزين في التنظيم اللبناني المدعوم من إيران، بما فيهم زعيم الحزب حسن نصر الله، وذلك في مدة قصيرة لم تتعد 6 أشهر.وأجبر الشيعة على الفرار من جنوب لبنان، حيث يشكلون الأغلبية، كما استهدفت القنابل الإسرائيلية معاقل حزب الله في جنوب بيروت وأماكن أخرى. ونزح نحو 1.2 مليون شخص، أي ما يقرب من ربع السكان، على مدى العام الماضي أو نحو ذلك.
أهداف محتملةويخشى سكان المناطق السنية والمسيحية أن تجعل استضافة الشيعية بلداتهم أهدافاً محتملة للضربات الإسرائيلية.
وفي مدن مثل بيروت وصيدا، يرفض بعض أصحاب العقارات تأجيرها للشيعة، مشيرين إلى مخاوف أمنية.
كما تنبع التوترات من الضائقة المالية. ويفرض النزوح الجماعي المزيد من الضغوط على المجتمعات المحلية في بلد تضرر بشدة من الأزمة الاقتصادية والشلل السياسي.
أزمات سياسية واجتماعية وأمنية تطارد حزب الله - موقع 24أفادت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن تنظيم "حزب الله" اللبناني يعيش أزمة عميقة على المستوى السياسي والاجتماعي والأمني أيضاً، مستعرضاً ما فعلته إسرائيل حتى نجحت في تقويض قاعدة الدعم الاجتماعي للتنظيم، مما ألحق الضرر بمعنويات عناصره وخلق خلافات وصدع كبير لن يعترف به حزب الله.ودعا بطريرك الكنيسة المارونية في لبنان، بشارة بطرس الراعي، إلى "تحرير" المدارس من النازحين بسبب الحرب حتى يتمكن الطلاب من العودة.
وحذر من أن الأشخاص الذين يحتلون الممتلكات والأراضي الخاصة قد يؤججون الصراع الداخلي.