كتب / محمد الساعد
ندرك بأن الكيان الإسرائيلي قائم على القتل والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان، إلا أن الاغتيال يظل هو أحد أساليب إسرائيل المفضلة، ولعل قيام جهاز الموساد باغتيال مخططي عملية ميونخ التي نفذتها منظمة أيلول الأسود الإرهابية وهي إحدى التنظيمات الفلسطينية المتطرفة، إثر قيام التنظيم باحتجاز وقتل مشاركين عالميين من ضمنهم لاعبون إسرائيليون في أولمبياد ميونخ 1972، دليل واضح على ذلك.
لقد صفّت إسرائيل القائمة المتهمة بالتخطيط وتنفيذ العملية بأكملها بالرغم من أن بعضاً منهم هربوا أو اختفوا أو حتى عاشوا في دول أوروبية، مع ذلك لاحقهم الموساد وصفّاهم بدم بارد.
نعم لقد استغرق الوصول لبعضهم سنوات، لكن الإصرار على التصفية حدث، ومن دون أن تعلن إسرائيل مسؤوليتها.
بعد السابع من أكتوبر عملت إسرائيل على خطين متوازيين؛ الأول: عمليات حربية على الأرض في غزة وجنوب لبنان، هدفت لتدمير البنية المدنية والعسكرية الحاضنة لحماس وحزب الله، والخط والثاني: العمل الاستخباراتي لملاحقة وقتل الصف الأول والثاني وحتى الثالث من قيادات حزب الله وحماس.
ملفت جداً انكشاف حزب الله أمام الآلة الاستخباراتية الإسرائيلية بشكل فاضح، فعلى مدى سنوات كان الحزب يفاخر بصلابة بنيته الأمنية وتفاني كوادره، وأنه حاضن شعبي ممتد في طائفته وبين حلفائه، قائم على الولاء والعقيدة التي لا تتزحزح.
لكن العدد المتنامي الذي اغتالته إسرائيل في غضون الأشهر الماضية يعطي مؤشراً خطيراً عن تآكل الولاء وتملل القواعد، فضلاً عن خيانات بين قيادات نافذة لديها معلومات أمنية حسّاسة، وكأن الصورة التي رسمها حزب الله عن هيبة الحزب تقزمت وتلاشت، فوجبات الاغتيال اليومية تضع الحزب في موقف ضعيف ومخزٍ حتى بمعايير الحروب.
السؤال المثير هو كيف استطاعت إسرائيل اختراق منظومة الحزب من أعلى الهرم إلى أسفله بشكل يومي ودون أخطاء تذكر، بل إن إسرائيل تلمّح لقدرتها على الوصول لحسن نصر الله نفسه، إضافة إلى كيف استطاعت حماية مصادرها، نحن نتحدث عن عشرة أشهر تقريباً من عمليات يومية تلاحق فيها الآلة العسكرية الإسرائيلية قيادات حزب الله في بيوتهم الأمنية وسياراتهم ودراجاتهم النارية، بل حتى وهم يركبون البغال للتمويه تم اصطيادهم.
الجواب بلا شك: هو ترهل الإدارة الحزبية والأمنية وتململ الكوادر من استنفار ومزايدات زادت على ثلاثين عاماً بلا نتيجة، غير التكسّب وبيع الشعارات على الحواضن الفقيرة التي لا تأكل سوى الأمنيات المستحيلة، ولا تشرب غير الوعود الكاذبة.
لطالما فاخر الحزب الإرهابي بنفسه وفعاليته وولاء مريديه، إلا أنه سقط في أول تجربة حقيقية لا تقوم على حرب العصابات، بل تعمّدت إسرائيل حرمان الحزب من المبادرة عبر تصفية قياداته وملاحقتهم وتحويل حياتهم إلى هروب طويل، فلا بيت آمناً ولا سيارة ولا مزرعة كلها أصبحت أهدافاً تقتنصها الطائرات والمسيّرات الإسرائيلية، لكن ذلك لا يمكن أن يتم بدون دعم معلومات كبير على الأرض يقوم به جيش من العملاء الذين كفروا بالحزب وعقيدته وولائه العابر.
إن بنك المعلومات الإسرائيلي مليء بالأسماء ولم تتم تغذيته يوم السابع من أكتوبر، بل إن الاختراق وجمع المعلومات الدقيقة حدث على مدى سنوات، لقد تركت تل أبيب للحزب التغني بالشعارات والخطب الجماهيرية المصورة التي يلقيها حسن نصر الله التي لا يتعدى تأثيرها شاشات التلفزيونات، وتفرغت لتصوير ومراقبة الكوادر حتى في غرف نومهم، وما ظنه الحزب انتصاراً في 2006، كان خديعة إسرائيلية كبرى، لقد وصل فشل الحزب لدرجة لا يمكن تصديقها، ليس في حماية كوادره الذين يتم اقتناصهم كالذباب، بل وحتى عجزه عن القبض عن أي خلية تجسسية تغسل العار الذي لحقه طوال عشرة أشهر.
نقلاً عن عكاظ.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
نائب من حزب الله يهاجم الدولة اللبنانية: لم تتعب من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة
قال عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب اللبناني عن حزب الله حسن فضل الله أن الدولة "إلى الآن لم تتمكن من أن تعالج أياً من القضايا المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي على بلدنا"، معتبراً أنه من المفيد للمسؤولين أن يسمعوا رأي الناس وموقفهم على الأرض لدى زيارتهم للجنوب.
وتساءل فضل الله، خلال إحياء حفل تكريمي لأحد الشهداء الذين سقطوا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان: "أما آن الأوان لهذه الدولة بكل أركانها أن تشعر بالتعب جرّاء الاعتداءات الإسرائيلية التي تمتد من الحدود في الجنوب إلى أقصى الحدود في البقاع؟ ألم يشعروا أنّ هناك انتقاصاً للسيادة والكرامة والوطنية؟"، بحسب صحيفة "الأخبار اللبنانية".
كما أوضح أن حزب لله إلى الآن يعطي الفرصة "للدولة لتقوم بواجباتها ومن مسؤولية المتصدين للمواقع الرئيسية فيها أن يثبتوا للشعب اللبناني وللعالم بأنهم دولة، وأول إثبات هو إخراج الاحتلال ومنع الاعتداءات وإعادة الأسرى وإعادة الإعمار وحفظ السيادة..."، مؤكداً أن "مقياس الوطنية والانتماء إلى لبنان هو بمقدار ما يكون هذا الانتماء إلى القضية المقدسة التي اسمها قضية الجنوب".
وختم فضل الله مشدداً أن "الجنوب يرحّب بكل مسؤول يأتي لتفقد هذه القرى والبلدات، ومن المفيد لهم أن يسمعوا رأي الناس وموقف الناس (...) فمن الممكن أن يعيدوا النظر بتوجهاتهم وقراراتهم ومواقفهم وفي السياسة التي عليهم أن يعتمدوها".
وكان رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام زار عدة بلدات في الجنوب وعاين التدمير الهائل الذي خلفه العدوان هناك.
والتقى سلام بالمواطنين في بلدة الخيام الذين أكدوا على تمسكهم بتحرير أرض الجنوب بالكامل، وتمسكهم بخيار المقاومة وتحرير الأرض من أي ظهور للجيش الإسرائيلي.
فيما أكد سلام أن "الجيش اللبناني يقوم بواجباته على أكمل وجه، وهو الوحيد المخول بحماية الوطن والدفاع عنه".
والتقى سلام كذلك وفدا من أهالي بلدة الضهيرة الحدودية، الذين نفذوا وقفة احتجاجية أمام الثكنة استنكاراً للممارسات الإسرائيلية ضد المواطنين الراغبين في العودة إلى بلدتهم.