يمن مونيتور/العربي الجديد

يمرّ اليمنيون بأسوأ فترة منذ نحو تسع سنوات، حيث تعصف بالبلاد سلسلة متصاعدة من الأزمات، أشدها الأزمة المالية التي تأتي بالتزامن مع صراع مصرفي محتدم يتوقع كثيرون أن يلقي بتبعات جسيمة على الاقتصاد الوطني المنهار، وبرامج التشغيل ومكافحة انتشار البطالة.

وتبرز البطالة مشكلةً كبيرةً تفوق القدرة على مواجهتها والتعامل معها مع تمددها وارتفاع مستويات تفشيها بنسب قياسية، إذ تقدّر تقارير اقتصادية تساوي مستويات الفقر والبطالة في اليمن، حيث تتجاوز معدلاتهما أكثر من 80 في المائة، وهي نسبة قريبة من تقديرات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في عدن التي أعلنت منتصف يوليو/ تموز 2024 ارتفاعاً قياسياً لمعدل البطالة بين الشباب في اليمن خلال السنوات العشر الأخيرة، أي سنوات الحرب، إلى نحو 60 في المائة من 14 في المائة قبل الحرب.

في حين يرجّح الخبير الاقتصادي والمالي أحمد شماخ، في تصريح لـ”العربي الجديد” أن النسبة قد تتجاوز 88 في المائة بعد انتقال البلاد من مرحلة الحديث عن الفقر والبطالة إلى الحديث عن الجوع وإحصاء أرقامه ومعدلاته.

ويفيد البنك الدولي في أحدث تقرير للمرصد الاقتصادي لليمن في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي في اليمن بنسبة 1 في المائة في عام 2024، بعد أن شهد انكماشاً بنسبة 2 في المائة في عام 2023 ونمواً متواضعاً بواقع 1.5 في المائة في عام 2022، ما يؤثر تالياً في ارتفاع البطالة.

ويقول شماخ إن الأزمات الأخيرة المتتالية أثرت كثيراً في التشغيل وخلق فرص العمل، بينما يوضح أن التأثير الأكبر يرجع إلى الحرب والحصار والصراع الاقتصادي وانعكاس ذلك على الأنشطة الاقتصادية وسوق العمل، إذ انهارت كثير من خطوط الإنتاج بالتزامن مع تراجع القوة الشرائية بنسبة يقدرها بأكثر من 60 في المائة.

ويرى أن ذلك أثر في الكثير من البيوت التجارية والمصانع والأعمال والقطاعات والأنشطة الاقتصادية والتجارية، وتوقف الكثير من الأعمال والاستثمارات وهجرة رؤوس الأموال.

نائب رئيس الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة صنعاء محمد محمد صلاح يؤكد لـ”العربي الجديد” أنّ مكافحة تفشي البطالة تحتاج إلى جهود واسعة ومتكاتفة لتوفير بيئة أعمال منافسة تستند إلى القطاع الخاص الذي يحتاج بدوره إلى تسهيلات ومزايا تسهم في تنشيط حركة السوق، كالتمويلات الميسرة وحل مشكلة السيولة، الأمر الذي سيمكن القطاع الخاص من توفير فرص عمل، ولو بصفة موسمية لطالبي التوظيف. كذلك، هناك حاجة إلى تعزيز دور وفعالية أنشطة السوق واستدامتها لخلق المزيد من الفرص للأيادي العاملة وجذب الاستثمارات والرأسمال الوطني من الخارج، خصوصاً أن القطاع الخاص أثبت نجاحه، ويُعَدّ الآن المشغل الأول للاقتصاد الوطني واستيعاب العمالة.

في هذا السياق، أدى التدهور الاقتصادي إلى تعرّض الأسر اليمنية لضغوط هائلة، وخصوصاً الشباب، بسبب الحاجة المالية، ودفعتهم تلك الضغوط إلى البحث عن أي فرص متوافرة للحصول على الدخل، وتتضمن على سبيل المثال الانضمام إلى الجماعات المسلحة، والانخراط في مختلف الأنشطة غير المشروعة أو غير الرسمية.

ويكشف البنك الدولي في تقرير صادر العام الماضي أن الجماعات المسلحة في اليمن تقدم رواتب منتظمة أكثر من الوظائف الحكومية المدنية أو الشركات الخاصة؛ مدللاً على ذلك بعدم دفع الحوثيين رواتب موظفي الخدمة المدنية في مناطقهم بانتظام، وأحياناً لا يدفعونها على الإطلاق، لكنهم يدفعون رواتب مقاتليهم بانتظام، فضلاً عن حوافز إضافية، كتزويد أسر مقاتليهم بأسطوانات الغاز بالسعر الرسمي، وهو أقلّ من سعر السوق.

كذلك تلقت القوات المناهضة للحوثيين في محافظات اليمن الوسطى والجنوبية والشرقية درجات متفاوتة من الدعم الأجنبي في أثناء النزاع، الأمر الذي وفر حوافز إضافية لحمل السلاح، إذ قدمت المجموعات المدعومة من الإمارات رواتب منتظمة أعلى خلال الفترة من 2016 إلى 2020، لكن هذا الأمر تغير بعدها مع تخفيض الإمارات مشاركتها في الصراع.

بدوره، يشير سمير مثنى، وهو خبير توظيف متخصص في أنظمة العمل، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى نقطة مهمة في هذا الخصوص تتمثل بانحسار أعمال كثير من مؤسسات ومكاتب التوظيف في اليمن التي كانت تنتشر في المدن الرئيسية وكانت بمثابة بورصة لفرص العمل، فضلاً عن وظيفتها باعتبارها مكاتب وسيطة بين طالبي العمل والجهات المشغلة والباحثة عن عمال.

ويشدد الخبير الاقتصادي شماخ على أهمية أن تكون هناك استراتيجيات حقيقية لزيادة التمويلات للمشاريع كثيفة العمالة لامتصاص البطالة، وهو ما يتطلب تشجيع الاستثمارات الوطنية والتوقف عن السياسات التي تساهم في هجرة رؤوس الأموال. ويلفت إلى نقطة مهمة في هذا الخصوص، وهي ضرورة الوصول إلى قطاع مصرفي متماسك وقوي يدعم تقديم القروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتكاملها مع الكبيرة، وتشجيع الصناعات الحرفية، وتسهيل عمل مؤسسات التمويل لدعم هذه المشاريع التي توفر فرص العمل للشباب.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: البطالة الحرب السلام اليمن العربی الجدید فی المائة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

وزير الاستثمار يترأس الوفد المصري باجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالدورة العادية (114) لجامعة الدول العربية

عقدت اجتماعات الدورة (114) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية برئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بمشاركة وفود الدول العربية الأعضاء والمنظمات العربية المتخصصة بمقر جامعة الدول العربية خلال الفترة من 1 حتى 5 سبتمبر 2024.

حيث تم عقد اجتماعات اللجنة الاجتماعية واللجنة الاقتصادية على مستوى الخبراء والفنيين، وكذا اجتماعات كبار المسؤولين والتي تم من خلالها اعتماد البنود المتوافق عليها واستكمال المناقشات حول بعض بنود جدول أعمال المجلس.

وقد ترأس المهندس / حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية الوفد المصري خلال فعاليات الاجتماع الوزاري الذي تم خلاله اعتماد مشاريع القرارات التي تمت مناقشتها خلال الاجتماعات التحضيرية، بمشاركة قطاع الاتفاقيات والتجارة الخارجية كونه نقطة الاتصال الرسمية المصرية في المجلس، التي من شأنها تعزيز التكامل الاقتصادي والاجتماعي.

وأكد الوزير - في كلمته - أهمية التمسك بالرؤي الجديدة في العمل العربي المشترك، والتي تسهم في تحقيق أهداف القمم العربية وتكريس فكر ونهج جديد للتعاون العربي يسعى لتطوير آليات العمل التنموي المشترك، ويضع إقليمنا العربي في مكانة متقدمة على المستوى العالمي وخاصة في ظل التغيرات والتحديات التي تواجهها الأقطار العربية.

وأشار الخطيب إلى أهمية البنود التنموية الاقتصادية والاجتماعية، والتي تمت مناقشتها خلال الاجتماعات التحضيرية لا سيما فيما يتعلق بالملف الاقتصادي والاجتماعي للقمة العربية القادمة في جمهورية العراق، لافتا إلى الموضوعات الاجتماعية الهامة التي تم عرضها خلال اجتماع المجلس، وفي مقدمتها دعم الأوضاع الاجتماعية في دولة فلسطين، ودور الدعم الاجتماعي في تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص في التعلم وتعليم الكبار، والثقافة والمستقبل الأخضر، والموضوع الخاص بالدواء العربي والمقدم من جمهورية مصر العربية حيث تمت الموافقة على إنشاء الوكالة العربية للدواء (وعد) ويكون مقرها جمهورية مصر العربية، وكذا موضوعات الشباب وكبار السن، والنهوض باللغة العربية، ومبادرة تحدي القراءة العربي، والتعاون العربي في المجالات الاجتماعية والتنموية، وما صدر عن المجالس الوزارية العربية المتخصصة واللجان.

ونوه الوزير إلى الموضوعات الاقتصادية الهامة التي بحثها المجلس بما في ذلك دعم الاقتصاد الفلسطيني، وتطورات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وإقامة الاتحاد الجمركي العربي، وكذلك أهمية العمل على تشجيع الاستثمار في الدول العربية من خلال العمل على الانتهاء من اتفاقية الاستثمار العربية، وضرورة العمل على تطوير أداء المنظمات العربية المتخصصة للقيام بالدور المنوط بها، وهذا فضلاً عن أهمية الأمن الغذائي العربي واستدامته، وبالإضافة إلى الترحيب بالمبادرات التي تهم الدول الأعضاء في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية.

وعلى هامش أعمال الاجتماع عقد المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية لقاء ثنائياً مع السيد / أمين سلام - وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني حيث تطرق اللقاء إلى مناقشة سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين كما تمت متابعة أهم التطورات الثنائية التجارية والاستثمارية كذلك متابعة الموضوعات ذات الاهتمام المشترك والتنسيق المشترك لتنمية التبادل التجاري بين البلدين وسبل تعزيز الصادرات إلى دول العالم بالاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة المنضمة إليها كل من مصر ولبنان.

مقالات مشابهة

  • النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات
  • وزير الخارجية: نبحث مع الإمارات الأزمات في اليمن ومنطقة القرن الأفريقي
  • رواتب مميزة.. 37 صورة بتفاصيل 2500 فرصة عمل جديدة بـ 15 محافظة
  • الاقتصاد الأمريكي يضيف وظائف أقل من التوقعات في أغسطس
  • وزير الاستثمار يترأس الوفد المصري باجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالدورة العادية (114) لجامعة الدول العربية
  • فرص عمل جديدة في فنادق ومنتجعات جنوب سيناء.. رواتب مجزية
  • محافظ الجيزة: تحديث آليات التشغيل والعمل داخل المدفن الصحي بشبرامنت
  • طيف سامي في كردستان غدا.. هذه هي الملفات التي ستناقشها
  • ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض فرص العمل المتاحة في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها
  • انخفاض طلبات إعانة البطالة الأسبوعية في أميركا