سودانايل:
2025-04-24@14:50:08 GMT

معضلة الترتيبات الأمنية

تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT

المقال الأسبوعي بصحيفة الشرق الأوسط
معضلة الترتيبات الأمنية
فيصل محمد صالح
مع اقتراب بداية عملية التفاوض بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، أيّاً كان المنبر الذي يتم التفاوض فيه، فإن قضية الترتيبات الأمنية ومستقبل الجيوش المتعددة والميليشيات والحركات المسلحة ستبقى القضية الأصعب والأكثر تعقيداً.


في بداية الثورة الشعبية التي أسقطت النظام السابق كان هناك شعار بسيط وواضح تتفق عليه القوى كلها، التي شاركت في الثورة، «العسكر للثكنات والجنجويد ينحل»، وهي دعوة واضحة لابتعاد العسكر عن العمل السياسي وعودتهم لممارسة مهامهم المحددة في الدستور والقوانين، مع الحفاظ على وحدة القوات المسلحة عبر حل «قوات الدعم السريع»، التي تتم تسميتها شعبياً «الجنجويد». وهو شعار رفضته قيادة الجيش وقيادة «الدعم السريع» أيضاً، ويا لسخرية الأقدار.
البساطة لم تكن في الشعار فقط، وإنما في إمكانية تنفيذه في ذلك الوقت، فقد كان المطروح، والممكن في الوقت نفسه تنفيذ ذلك بطريقة سلمية وبترتيبات متفق عليها، يتم عبرها حل «قوات الدعم السريع» عبر عملية الدمج والتسريح المعروفة دولياً، التي تم تنفيذها في السودان أكثر من مرة، بطرق ووسائل مختلفة. كانت التجربة الأولى التي تم تطبيقها هي عملية دمج وتسريح قوات حركة «أنيانيا» في جنوب السودان، التي كانت تحمل السلاح ضد الحكومة المركزية، وذلك بعد اتفاقية سلام أديس أبابا عام 1972. وقد تم تطبيق العملية أكثر من مرة بعد ذلك عبر اتفاقات متفرقة مع الحركات التي كانت تحمل السلاح في دارفور ومناطق أخرى.
الوضع الآن ليس كما كان، تعقدت الأمور، ومرت مياه ومياه تحت الجسر، وفوقه أيضاً، صارت هناك جيوش متعددة، وتدور حرب كبيرة، وداخلها حروب صغيرة، حدث انقسام كبير في المجتمع السوداني، وتوسّعت التدخلات الإقليمية والداخلية.
مع انخراط القوات والميليشيات المتعددة في الحرب، صارت هناك مواقف متشنجة وعدائية تجعل أطرافاً لا تقبل بأطراف أخرى، وترفض أن يتم التعامل معها بالتساوي، وحتى داخل الكتلة الواحدة فإن اختلاف التصورات قد يؤدي لتناقض في المواقف. فقد صرّح رئيس حركة «تحرير السودان» مني أركو مناوي مرة بأنهم يريدون مقعداً لهم في منبر التفاوض: «فنحن جيش وهم جيش». وربما تظهر مواقف أخرى من «كتائب الحركة الإسلامية»، المتحالفة مع الجيش، قد تصل لرفض مبدأ التفاوض. وفي داخل «قوات الدعم السريع» هناك كتلة القوات الرسمية، ثم هناك مجموعات قبلية انضمت لها خلال الحرب، ومن الممكن أيضاً أن تبرز لها مواقف تختلف مع مواقف «قوات الدعم السريع»، مثلما هو حادث الآن مع الجنرال جلحة الذي دخل في ملاسنات مع بعض قادة «الدعم السريع» قد تقود لانشقاقه.
بهذه الصورة فإن أمر ووضع قوات الجيش و«قوات الدعم السريع» وكيفية التعامل معها ضمن اتفاقات وقف إطلاق النار والاتفاق المتوقع لفصل القوات، رغم صعوبته، سيبدو ممكناً بالاسترشاد بتجارب إقليمية ودولية مماثلة، مثلما حدث في ورش الاتفاق الإطاري، التي ناقشت الإصلاح الأمني والعسكري، ووضعت أساساً يمكن استنساخه ومن ثم تعديله.
الصعوبة الحقيقية ستكون في مناقشة وضع الحركات المسلحة والميليشيات المتعددة، خصوصاً إذا قامت بفك ارتباطها بالطرف المتحالفة معه، وبالتالي يستلزم الوضع مناقشتها في جلسات منفصلة. بالنسبة إلى الحركات المسلحة التي وقّعت اتفاق جوبا للسلام في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، فإن هناك اتفاقاً موقعاً للترتيبات الأمنية ناقش بالتفصيل عملية دمج وتسريح القوات والجدول الزمني لذلك، وحتى آليات تحديد حجمها وتسليحها. لكن لم يتم تنفيذ هذا الاتفاق في حينه؛ لأن ذلك لم يكن من أولويات المكون العسكري (الجيش، والدعم السريع)، حيث كانت الأولويةُ الانقلابَ على القوى المدنية واتخاذ هذه الحركات حليفاً مرحلياً حتى انتهاء هذه المهمة. المتوقع الآن أن هذا الاتفاق القديم لم يعد صالحاً للتطبيق، وأنه يحتاج تعديلاً يستوعب التطورات الجديدة، ومن ضمن ذلك أيضاً توقعات قيادات هذه الحركة بمكافأتهم على وقوفهم مع قيادة الجيش في معاركها السياسية والعسكرية. ثم هناك أيضاً ميليشيات تكونت خلال الحرب في شرق السودان، وربما مناطق أخرى تنتظر لحظة ما للإعلان عن نفسها ومطالبها.
التجارب السودانية السابقة في تسريح ودمج القوات والميليشيات لن تكفي وحدها في معالجة الوضع المعقد وغير المسبوق الذي تعيشه الدولة السودانية حالياً، لذلك لا بد من توسيع آفاق الحوار منذ الآن، والنظر في التجارب الإقليمية والدولية، والأهم من ذلك الاستعداد لتبني رؤى جديدة تتجاوز الكليشيهات ونماذج المؤسسات القديمة التي ثبت أنها عاجزة عن التعامل مع واقع التعدد والتنوع السوداني.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع: لم نقصف أيّ مرفق خدمي من قبل ولو بالخطأ

الدعم السريع اتهمت من أسمتهم “عصابات الجيش” باستهداف المرافق الخدمية في الولايات “لابتزاز قواتها والإساءة إلى سمعتها”.

كمبالا: التغيير

نفت قوات الدعم السريع استهدافها للمنشآت المدنية في مناطق سيطرة الجيش السوداني، مشيرة إلى تقيدها بالقانون الدولي الإنساني منذ اندلاع الحرب.

وتعرضت محطات الكهرباء في مروي بشمال السودان، ومناطق أخرى، لقصف متكرر طوال الفترة الماضية، وتتهم حكومة بورتسودان الدعم السريع، باستهداف محولات تغذية الولاية الشمالية وعدد من المفاعلات، ما أدى إلى انقطاع الإمداد الكهربائي عن عدد من الولايات.

فساد الجيش

وقال مستشار قائد قوات الدعم السريع إبراهيم مخير لـ(التغيير): إن الدعم السريع لم تقصف أيّ مرافق خدمية من قبل ولو بالخطأ.

وأضاف: “نحن نعتقد أن عصابات الجيش ربما هي التي تستهدف هذه المرافق لابتزاز الدعم السريع، والإساءة إلى سمعته وتوريطه في انتهاكات ضد المدنيين، أو ربما لاستثارة مشاعر المضللين من المواطنين الذين يقطنون في مناطق سيطرة الجيش ودفعهم للاستنفار والقتال بجانبه بعدما سحق الدعم السريع غالبية جنوده وهروب الآلاف منهم من الخدمة”.

وتابع: “أو ربما لمكايدات بين ضباط الجيش، أو لتبرير صفقات الفساد وشراء قطع الغيار الغالية الثمن، أو لتبرير أو إخفاء التجاوزات المالية”.

وأشار إبراهيم مخير، إلى أن الفساد استشرى في الجيش وملايين الدولارات تهدر دون تبرير.

وقال إن الجيش يملك رصيدًا ضخمًا من استهداف البنية الأساسية في كافة أنحاء السودان من جسور ومستشفيات ومرافق خدمية مختلفة “وهو أمر يعلمه الجميع”- على حد قوله.

وأكد مستشار حميدتي، أن قوات الدعم السريع والكتائب الخدمية والهندسية بها، ومن قبل الحرب مشهود لها بالعمل على تسهيل وتقديم الخدمات للمواطنين خاصة في مناطق الكوارث التزامًا بالقانون الدولي وواجب “أبو مروة والفزع”.

وقال مجلس التنسيق الإعلامي للكهرباء في بيان الثلاثاء الماضي، إن حريق المحولات بسد مروي تسبب في إصابة الخط المغذي لولاية الخرطوم مما أدى إلى عملية إطفاء كامل في الشبكة، تأثرت به ولايات الخرطوم ونهر النيل والبحر الأحمر.

وكان قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، هدد في وقت سابق، باجتياح الشمالية ونهر النيل، بعد سيطرتها على المالحة وجبل عيسى في صحراء شمال دارفور وتقدمها إلى غرب مدينة الدبة بالولاية الشمالية.

وفي اليوم الأول للحرب، سيطرت قوات الدعم السريع على مطار مروي العسكري، وقامت بتدمير عدد من الطائرات المقاتلة، قبل أن يتمكن الجيش من استعادة السيطرة على المطار.

الوسومإبراهيم مخير الجسور الجيش الدعم السريع السودان الولاية الشمالية حميدتي عبد الرحيم دقلو محطة كهرباء مروي

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني: مقتل 60 عنصرا من "الدعم السريع" بهجوم على الفاشر  
  • الدعم السريع: لم نقصف أيّ مرفق خدمي من قبل ولو بالخطأ
  • الجيش السوداني يكذب الدعم السريع ويحذر ويكشف حقيقة فيديوهات ويعلن مقتل وإصابة 33 مواطنًا
  • الجيش السوداني يكشف عن هروب مفاجئ لقوة تتبع  لـ”الدعم السريع” من الفاشر 
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 47 مدنيا في قصف للدعم السريع استهدف الفاشر‎
  • الدعم السريع يستهدف ود الزاكي بالمدفعية الثقيلة
  • “كمين المندرابة”.. الجيش السوداني يلقي القبض على قائد بقوات الدعم السريع وضباطه وجميع قواته
  • 30 قتيلا جراء قصف قوات الدعم السريع مدينة الفاشر
  • الجيش السوداني يلقي القبض على قائد بـ”الدعم السريع” مع ضباطه وجميع قواته
  • كمين  لـ”الجيش السوداني” يسفر عن أسر قائد بارز في الدعم السريع