زهير عثمان حمد

تحليل الأوضاع الحالية للصراع والأزمة السودانية: الخلفية وآفاق الحل

الخلفية التاريخية
عانى السودان من تاريخ طويل من الصراعات والحروب الأهلية التي أثرت بشكل كبير على استقراره السياسي والاجتماعي. بدأ الصراع الرئيسي في دارفور في 2003، وتسبب في مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين. كما شهد السودان حروبًا أهلية في جنوب السودان أدت إلى انفصاله في 2011 وتأسيس دولة جنوب السودان.



الصراع الحالي
اندلع الصراع الحالي في السودان في أبريل 2023، حيث بدأت اشتباكات بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي. هذا الصراع هو نتيجة تنافس على السلطة بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019، مما أدى إلى فترة انتقالية هشة تميزت بشراكة متوترة بين العسكريين والمدنيين.

الأبعاد الإنسانية
تسببت هذه الاشتباكات في أزمة إنسانية حادة، حيث نزح مئات الآلاف من السودانيين من منازلهم ويعاني الكثيرون من نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية. وتفاقمت الأوضاع الأمنية مما صعب إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.

الأبعاد الاقتصادية
كانت الأوضاع الاقتصادية في السودان هشة بالفعل قبل اندلاع الصراع، مع ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وتراجع العملة الوطنية. وقد أدى الصراع الحالي إلى تفاقم هذه الأزمات، مما زاد من معاناة المواطنين.

التدخلات الإقليمية والدولية
أثار الصراع قلق العديد من الدول الإقليمية والدولية. فقد تدخلت بعض الدول العربية والأفريقية في محاولة للوساطة بين الأطراف المتنازعة، بينما فرضت دول أخرى عقوبات على قادة الصراع. كما دعت الأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار وإجراء مفاوضات سلمية، لكن الجهود لم تثمر حتى الآن عن حل دائم.

المبادرات الداخلية لحل الأزمة
تسعى القوى السياسية والمدنية في السودان إلى بدء محادثات شاملة لحل الأزمة السياسية في البلاد، بهدف تحقيق الاستقرار والرخاء المعيشي للشعب السوداني. ومن بين المبادرات المقدمة:

مبادرة الأمم المتحدة: تستهدف إعادة الشراكة بين العسكريين والمدنيين، وتشكيل حكومة كفاءات مدنية.
مبادرات داخلية متنوعة: تهدف إلى تحقيق توافق سياسي وتحقيق استقرار دائم.
التحديات الرئيسية
التوازن بين العسكر والمدنيين
يشهد السودان توترًا بين المجلس العسكري والقوى المدنية حول الحكم والسلطة. المعضلة تكمن في كيفية تحقيق توازن يحقق مصالح الجميع ويحافظ على استقرار البلاد.

التحديات الاقتصادية والاجتماعية
الأزمة الاقتصادية وارتفاع التضخم والبطالة تؤثر على حياة المواطنين. الحكومة الجديدة ستواجه تحديات في تحسين الظروف المعيشية وتوفير الخدمات الأساسية.

التوافق السياسي والتحول الديمقراطي
المعضلة تكمن في كيفية تحقيق توافق سياسي يؤدي إلى انتقال ديمقراطي دائم. السؤال هو ما إذا كان يمكن تجنب تكرار الأخطاء التي أدت إلى الأزمة السابقة.

رؤية القوى المدنية في حل الأزمة
تحقيق الديمقراطية والحكم المدني
تسعى القوى المدنية إلى تحقيق نقلة نحو الديمقراطية والحكم المدني من خلال تشكيل حكومة مدنية تمثل مختلف الأطياف السياسية وتحقيق توازن بين العسكر والمدنيين.

الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية
تركز القوى المدنية على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين وتوفير الخدمات الأساسية من خلال إصلاحات اقتصادية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد.

المشاركة المجتمعية وحقوق الإنسان
تعتبر القوى المدنية منصة للمشاركة المجتمعية وتعزيز حقوق الإنسان، مما يستوجب حماية حريات المواطنين وتعزيز التعددية والمساواة.

أدوات تحقيق السلام
الحوار والتفاوض
يجب أن يكون الحوار والتفاوض الأساس لحل الأزمة، ويمكن للأطراف المتنازعة أن تجلس معًا للبحث عن حلول مشتركة والتوصل إلى اتفاق.

المبادرات الدولية والإقليمية
يمكن أن تلعب المبادرات الدولية والإقليمية دورًا في تحفيز الأطراف على التخلي عن السلاح، وتوفير منصة للحوار وتعزيز الثقة بين الأطراف.

التوعية والتحفيز الشعبي
يمكن للمجتمع المدني والجماهير أن يلعبوا دورًا في تحفيز الأطراف على تحييد السلاح من خلال التوعية والحملات العامة لتعزيز الوعي بأهمية السلام والاستقرار.

الأزمة السودانية الحالية هي نتيجة لتراكمات تاريخية وصراعات على السلطة بين العسكريين والمدنيين. لتحقيق السلام والاستقرار، يجب تبني مقاربة شاملة تشمل وقف إطلاق النار، المفاوضات السياسية، دعم المجتمع الدولي، وتركيز الجهود على إعادة الإعمار والتنمية. هذا يتطلب التزامًا جادًا من جميع الأطراف المحلية والدولية لتحقيق مستقبل أفضل للسودان وشعبه.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة

إقرأ أيضاً:

كرة القدم المصرية في مرمى الديون.. الأزمة الاقتصادية تعصف بالأندية

القاهرة- ألقت الأزمة الاقتصادية بظلالها على كرة القدم المصرية، حيث أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" (FIFA)، منتصف الأسبوع، إيقاف قيد 7 أندية بسبب وجود قضايا ضدها تتعلق بتراكم الديون عليها وتشمل مستحقات متأخرة وغرامات.

ويعمّق القرار جراح عشاق تلك الأندية التي تعاني من صعوبات جمة في البقاء في قائمة الدوري المحلي أو محاولة العودة إليه مجددا؛ بسبب عدم قدرتها على شراء وقيد لاعبين جدد سواء كانوا محليين أو دوليين.

وذكرت مواقع محلية أن الأندية هي: نادي مصر المقاصة، إيسترن كومباني، الإسماعيلي، ‏مودرن سبورت، أسوان، نجوم المستقبل والبنك الأهلي، ما يحرمها من قيد أي لاعب جديد.

في المقابل، خرج نادي الزمالك أو ما يعرف بالفارس الأبيض، أحد أكثر النوادي شعبية، ونادي المصري البورسعيدي من قائمة الحظر بعد الوصول إلى تسويات وحل القضايا العالقة وسداد المستحقات المتأخرة عليهما.

هذا الإيقاف الذي يهدد مستقبل هذه الأندية ويؤثر على نشاطها وشعبيتها، يأتي في وقت شهد فيه سعر الجنيه المصري تراجعا كبيرا مقابل الدولار بجانب ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية خلال العامين الماضيين.

علاقة الأزمة الاقتصادية بواقع الكرة

يطرح قرار الاتحاد الدولي تساؤلات عديدة حول العلاقة بين أزمة الديون التي تعاني منها الحكومة المصرية وأزمة الديون التي تعاني منها أندية كرة القدم، وكيف تؤثر هذه الأزمات مجتمعة على الاقتصاد المصري بشكل عام وعلى الرياضة المصرية بشكل خاص.

ويعد سوق الانتقالات أحد أبرز الروافد التي تمد نوادي كرة القدم حول العالم بلاعبين جدد ويشهد صفقات ضخمة تحقق عوائد مالية وفيرة للكثير من الأندية وتضمن لها المنافسة في قائمة الدوريات المحلية والقارية والدولية.

فيفا يرفع حظر القيد على نادي الزمالك المصري (الجزيرة)

بحسب موقع الاتحاد الدولي على الإنترنت "حقّقت الانتقالات الدولية رقما قياسيا جديدا بلغ 11 ألف انتقال (أكثر من 6.4 مليارات دولار) خلال فترة الانتقالات النصفية لعام 2024، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 4.9% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023".

ووصف المدرب السابق لمنتخب مصر للشباب، الكابتن محمد الصيفي، قرار الاتحاد الدولي بأنه "ضربة موجعة لتلك النوادي ويعكس تدهور الأداء الرياضي في كرة القدم بشكل عام، والتي تأثرت بشكل مباشر بتراجع قيمة الجنيه وارتفاع تكاليف التعاقد، ويؤشر على تلاشي بريق بعض الأندية المحلية نتيجة تراجع الدعم المالي والجماهيري".

لكنه أشار في حديثه، للجزيرة نت، إلى وجود بُعد آخر للأزمة، يتمثل في سوء الإدارة المالية للأندية، والصفقات الخاسرة، وعدم وجود خطط استثمارية طويلة الأجل، مشيرا إلى أن نظام الاحتراف في مصر يبقى غير ناضج.

وقال "العالم يلعب في دوري جديد ونحن ما زلنا في دوري العام الماضي ولم يحدد بعد موعد الدوري الجديد".

ودلّل الصيفي على حديثه بخروج أندية شعبية كبيرة من حسابات المنافسة على المربع الذهبي للكرة المصرية مثل نادي المقاولون العرب والإسماعيلي وغيرهما، ما يؤثر بشكل مباشر على قوة الدوري المصري ويجعل المنافسة عشوائية ومحصورة في عدد أندية أقل.

ودعا إلى ضرورة عودة الجماهير إلى الملاعب لإعادة الزخم إلى كرة القدم المصرية، ودخول رجال أعمال على خط النوادي المحلية والاستثمار فيها والحفاظ على تلك الأسماء من التلاشي.

وتعاني مصر من أزمة اقتصادية خانقة منذ فبراير/شباط 2022، وسمحت للعملة المحلية بالتراجع مجددا إلى حوالي 49 جنيها للدولار بدلا من حوالي 31 جنيها كجزء من اتفاق مع صندوق النقد الدولي في مارس/آذار الماضي.

غياب الجماهير والحرمان من الموارد

أرجع الناقد الرياضي أحمد سعد، صدور قرار من "فيفا" بحظر القيد في بعض الأندية المحلية إلى "تبعات الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تمر بها البلاد والتي انعكست على جميع القطاعات بما فيها قطاع كرة القدم، وانخفاض سعر الجنيه المصري أمام الدولار بشكل حاد خلال فترة وجيزة".

غير أن الأزمة ليست وليدة اليوم، بحسب تصريحات سعد للجزيرة نت، بل هي موجودة منذ فترة بعد حرمان خزائن الأندية من إيرادات رئيسية مثل تذاكر حضور المباريات، والإعلانات والبث التلفزيوني واستئثار الشركة المتحدة (التابعة للدولة) بكل تلك الحقوق.

أندية كرة القدم المصرية تعاني ماليا (الجزيرة)

وظهرت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بشكل لافت عام 2016 وأصبحت في وقت قصير أكبر شركة إنتاج فني وإعلامي بمصر. وتقول الشركة على موقعها الإلكتروني إنها تمتلك أكثر من 40 شركة رائدة في مختلف المجالات الإعلامية بما فيها خدمات الحقوق الرياضية وتسويقها.

وأضاف سعد أن بوادر الأزمة كانت تلوح من وقت لآخر، مشيرا إلى أن الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين (فيفبرو) أصدر بيانا العام الماضي حذر فيه اللاعبين من الانتقال إلى الأندية المصرية بسبب وجود شكاوى من عدم دفع الرواتب والسلوك التعسفي مثل، "مصادرة جوازات السفر والابتزاز والتزوير".

وأوضح الناقد الرياضي أن الأزمة الاقتصادية طالت الأندية الكبيرة بما فيها الزمالك والأهلي حيث أدى شح الدولار وخفض الجنيه إلى عدم التعاقد مع لاعبين أجانب جدد في العديد من الألعاب الأخرى لتوفير العملة الصعبة، مضيفا أن تراجع الجنيه أحدث فجوة بين ما يتقاضاه اللاعبون الأجانب وبين ما يتقاضاه المحليون الذين طالبوا بدورهم بزيادة أجورهم.

ورأى سعد أن الأزمة الاقتصادية تؤثر في أداء الأندية المصرية على المستوى المحلي والقاري والعالمي، وقال إن تأثير ذلك واضح على الجماهير ويتسبب في فقدان الثقة بالأندية.

وأضاف "نحتاج إلى تطوير نظام احتراف متكامل، وتحسين الإدارة المالية للأندية، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية الرياضية إلى جانب دعم الأندية ماليا وإداريا، وتشريع قوانين تحكم عمل الأندية، ومكافحة الفساد".

ويرى البعض أن إنقاذ الكرة المصرية يتطلب حلولا جذرية وشاملة، تبدأ بإصلاح النظام الاقتصادي وتحسين الإدارة المالية للأندية، وتكاتف الجهود بين الحكومة والاتحاد المصري لكرة القدم والقطاع الخاص لإيجاد حلول مستدامة لهذه الأزمة، حتى تستعيد الكرة المصرية مكانتها المفقودة.

مقالات مشابهة

  • قطر.. الخدمة المدنية يكشف موقف المقيمين من الدوام “المرن”
  • الأمم المتحدة توصي بحظر شامل على الأسلحة في السودان
  • “العفو الدولية” تدعو لفتح تحقيق بجرائم حرب إسرائيلية بغزة
  • كرة القدم المصرية في مرمى الديون.. الأزمة الاقتصادية تعصف بالأندية
  • روشتة إصلاحية
  • بن رحمة: “يجب المحافظة على الطاقة الإيجابية قبل التحديات القادمة”
  • عاجل - تثبيت الفائدة وتراجع التضخم.. كيف يتعامل البنك المركزي مع التحديات الاقتصادية؟
  • “الخدمة المدنية بالحكومة الليبية” تبحث التقرير السنوي لجولات التفتيش
  • فتح تحقيق بسبب شعار “نحن جنود مصطفى كمال”
  • السيسي: “تم (خلال المباحثات مع أردوغان) استعراض الأزمة في السودان، والجهود التي تبذلها مصر بالتعاون مع مختلف الأطراف لوقف إطلاق النار وتغليب الحل السياسي”