واشنطن– قبل 100 يوم من الاقتراع العام في الولايات المتحدة، يترقب الأميركيون بقلق، ومعهم بقية شعوب العالم بفضول، نتائج الانتخابات الأميركية الرئاسية تحديدا، ولا سيما بعدما انتهى إليه السباق في الأيام الأخيرة من مواجهة غير متوقعة بين الرئيس السابق دونالد ترامب وكامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي جو بايدن.

"أميركا أولا" و"لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" و"ضرورة بناء أسوار وحواجز لمنع الهجرة"؛ شعارات لم يتخلّ عنها ترامب في حملته لاستعادة البيت الأبيض، وهو ما يجعل دول العالم تنظر بترقب وقلق إلى نتائج الانتخابات الأميركية.

وخلال حضور الجزيرة نت أعمال مؤتمر الحزب الجمهوري في ميلواكي مؤخرا، رصدت وجود آلاف من الصحافيين ومئات من الدبلوماسيين الأجانب الذين سعوا للتعرف عن قرب على دوائر ترامب المؤثرة وأجندته الخارجية، خاصة مع استمرار خطابه المعادي لحلف شمال الأطلسي، وتعهده بوقف الحرب في أوكرانيا على الفور، وعدم تغير نبرته تجاه تصاعد التحدي الصيني أو معضلة كوريا الشمالية.

نتنياهو التقى هاريس في البيت الأبيض عقب إلقائه خطابا في الكونغرس (رويترز) الشرق الأوسط ينتظر

قبل 100 يوم من موعد الانتخابات، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعا في فلوريدا مع ترامب، وقبل ذلك التقى في واشنطن مع هاريس عقب خطابه أمام الكونغرس.

ولا يزال ترامب يدّعي أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس لم تكن لتحدث في ظل رئاسته، وأنه إذا أعيد انتخابه فإنه سيضمن السلام في الشرق الأوسط والعالم، بينما لم يوضح بالتفصيل كيف سيحقق ذلك.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، حاول ترامب، بينما كان يروّج لاجتماعه مع نتنياهو، تحقيق التوازن، ونشر على منصة "تروث" رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتمنى له التوفيق بعد محاولة الاغتيال في بنسلفانيا. ورد ترامب بشكره، وكتب "نتطلع إلى رؤية نتنياهو يوم الجمعة، وأكثر من ذلك لتحقيق السلام في الشرق الأوسط".

من جانبها، تعمل هاريس على تجنّب ربطها بموقف إدارة بايدن الداعم بالكامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما نتج عنه من غضب واسع بين تيارات الحزب الديمقراطية التقدمية والشبابية. وقالت هاريس عقب لقائها بنتنياهو "دعونا ننجز الصفقة حتى نتمكن من التوصل إلى وقف لإطلاق النار لإنهاء الحرب. دعونا نعيد الرهائن إلى الوطن، ودعونا نقدم الإغاثة للشعب الفلسطيني التي تشتد الحاجة إليها".

وخاطبت هاريس الجماعات التي تدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ودفعت من أجل حل الدولتين قائلة "أراكم، أسمعكم"، ودفع ذلك ترامب إلى مهاجمتها واصفا إياها بأنها "لا تحترم إسرائيل".

دفعة قوية

منح استبدال المرشح بايدن بالمرشحة هاريس الديمقراطيين دفعة قوية ظهرت آثارها سريعا في حجم التدفقات المالية من كبار المانحين وصغارهم ممن شككوا بقدرات بايدن، وامتنع بعضهم في العديد من الحالات عن تمويل حملته الرئاسية. وأصبح الرئيس السابق باراك أوباما وزوجته السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما، وهما أكثر الديمقراطيين شعبية بين ناخبي الحزب، آخر القادة الداعمين لترشح هاريس.

ووجد استطلاع جديد أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" أن 49% من الناخبين المسجلين يؤيدون ترامب، مقابل 47% يؤيدون هاريس. ومثّل ذلك خبرا جيدا للديمقراطيين حيث تقلص الفارق بشكل كبير بعدما كان ترامب يتفوق على بايدن بفارق 6 نقاط على المستوى الوطني.

في الوقت ذاته، وجدت استطلاعات جديدة لشبكة "فوكس الإخبارية" في أشد 3 ولايات تأرجحا، هي ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، تعادل هاريس مع ترامب بعدما كان يكتسح بايدن قبل أسبوع واحد في استطلاعات تلك الولايات.

ولم يدفع ذلك إلى طمأنة المعسكر الديمقراطي لإدراك قيادات الحزب أن ذلك يعكس حماسة مؤقتة وتقليدية ترتبط بلحظة تغيير مرشح الحزب، خاصة مع رفض تيارات وقيادات مختلفة داخل الحزب استمرار بايدن مرشحا.

كذلك لم يصل التحسن في نتائج الاستطلاعات إلى سباقات مجلسي الكونغرس حيث يتوقع أن تؤول أغلبية مجلس الشيوخ إلى الجمهوريين، مع عدم استبعاد استمرار سيطرتهم على أغلبية مجلس النواب في الوقت ذاته.

وحقق الرئيس السابق ترامب ما يشبه المكانة الأسطورية خلال أيام مؤتمر الحزب الجمهوري أسهمت فيها نجاته من محاولة اغتيال قبل انعقاد المؤتمر بيومين. وبعدما كان الانقسام والترنح يعصف بالحزب الديمقراطي، توحد الحزب سريعا خلف ترشح كامالا هاريس بدلا من جو بايدن.

وانقلب السباق إلى البيت الأبيض فجأة رأسا على عقب، وخلال أيام قليلة أصبح سباقا تقليديا بين مرشحين استثنائيين ينالان دعما واسعا من حزبيهما بعدما ثارت شكوك واسعة في الوصول إلى هذا الوضع قبل أسابيع قليلة فقط.

ترامب حقق ما يشبه المكانة الأسطورية خلال مؤتمر الحزب الجمهوري بميلواكي بعد نجاته من محاولة اغتيال (الفرنسية) رفض الهزيمة

قبل 100 يوم من انتخابات 2024، لا يزال الرئيس السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب يرفض التعهد بقبول نتائج الانتخابات في حال هزيمته. ولم يرد ترامب على سؤال عن استعداده للاعتراف بالهزيمة، وهو ما يستدعى أحداث انتخابات 2020 التي خسرها ورفض الاعتراف بهزيمته فيها، وسط اقتحام آلاف من أنصاره لمبنى الكابيتول في محاولة لوقف التصديق على نتائج الانتخابات.

وفي الوقت الذي لم يعرف فيه تاريخ الانتخابات الأميركية الممتد على مدى 250 عاما رفضا لنتائج الانتخابات، يحبس الأميركيون أنفاسهم للمرة الثانية خلال أقل من 4 سنوات مع غياب تعهد ترامب بقبول نتائج الانتخابات.

وتحدث ترامب أمس أمام حشد من الحاضرين في فعالية انتخابية نظمتها منظمة مسيحية محافظة بولاية فلوريدا، وقال إن الناخبين المسيحيين "لن يضطروا إلى التصويت بعد الآن" إذا تم انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني. وناشد ترامب المسيحيين إنقاذ أميركا من خلال التصويت "هذه المرة فقط"، حتى يتمكن من الفوز في الانتخابات الرئاسية بأغلبية ساحقة "أكبر من أن تُزوّر".

وفي الوقت الذي عكست فيه أحداث 6 يناير/كانون الثاني 2021 بامتياز عمق الاستقطاب السياسي والاجتماعي وحجمه داخل الولايات المتحدة، لم تنجح السنوات القليلة الماضية إلا في زيادة حدّة هذه الانقسامات خاصة مع استمرار إيمان عشرات الملايين من أنصار ترامب بأن الانتخابات سُرقت منه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات نتائج الانتخابات الرئیس السابق الشرق الأوسط فی الوقت

إقرأ أيضاً:

خبير فرنسي: نظام عالمي جديد ينطلق من الشرق الأوسط ويقصي أوروبا

في مقاله المنشور بصحيفة لوموند يستعرض المؤرخ والأكاديمي والخبير السياسي الفرنسي جان بيير فيليو تغيرات المشهد الدولي من قلب العاصمة الأوكرانية كييف، وكيف يتقرر مصير أوكرانيا في المملكة العربية السعودية وبغياب الأوروبيين.

ويشير الكاتب -في عموده بالصحيفة- إلى أن السعودية أصبحت مركزا دبلوماسيا في الأزمة الأوكرانية بعد أن اختارت الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب تجديد الحوار على مستوى رفيع مع روسيا بقيادة فلاديمير بوتين دون مشاركة أوكرانيا ولا الاتحاد الأوروبي، وبعد أن أجبرت واشنطن كييف على قبول وقف إطلاق نار مؤقت بشروط ملزمة تجعلها في موقف ضعف واضح أمام روسيا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أربعون يوما في الغابة.. القصة الحقيقية لأطفال كولومبيا الأربعةlist 2 of 2هل يهدد ترامب مستقبل تحالف "العيون الخمس" الاستخباراتي؟end of list

ويرد المؤرخ الفرنسي هذا الدور المركزي الذي تمتعت به المملكة العربية السعودية إلى استثماراتها الضخمة في الولايات المتحدة وشراكتها الإستراتيجية مع بوتين في إدارة سوق النفط العالمية، وذلك ما وصفه الكاتب بـ"المنطق التبادلي" الذي جعل أوكرانيا مجرد ورقة مساومة بين القوى الكبرى.

وفي هذا السياق، يشير الكاتب إلى تصاعد التوتر بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والإدارة الأميركية على خلفية الضغط المتزايد على كييف، مما اضطرها إلى تقديم تنازلات كبيرة، مثل السماح لأميركا باستغلال مواردها المعدنية مقابل استعادة الدعم العسكري والمخابراتي الذي علقته واشنطن.

إعلان

بالمقابل، استخدمت روسيا هذا الموقف للتفاوض على شروط هدنة "مؤقتة" اعتبرها فيليو أقرب إلى استراحة لالتقاط الأنفاس وتجميع القوات الروسية، مقارنا الوضع في أوكرانيا مع تجارب له في غزة، إذ تشير الحالة إلى صعوبة الانتقال من هدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار.

تشكيلة دولية جديدة

ويذكّر الكاتب بالهدنة التي أعلنت بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطر يوم 25 يناير/كانون الثاني الماضي، لكن إسرائيل استمرت في فرض حصار خانق على القطاع بدعم من واشنطن، مما أدى إلى شلل الجهود الإنسانية، في مؤشر يدل على التعامل مع النزاعات الإقليمية باعتبارها مجرد "إدارة أزمات" قصيرة الأمد، على حد تعبيره.

ويرى فيليو أن الاتحاد الأوروبي مستبعد بشكل واضح من هذه الديناميكيات الدولية الجديدة بعد أن أصبحت العلاقات الشرق أوسطية الروسية الأميركية هي المحرك الرئيسي لإعادة تشكيل النظام الدولي.

وفي هذا الصدد، يشير إلى مساعي المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف لبناء قنوات تفاوض تشمل موسكو والرياض، بما يهيئ الأرضية لقمة مرتقبة بين ترامب وبوتين في السعودية.

ويخلص الكاتب إلى أنه يتم الآن إرساء تشكيلة دولية جديدة تنتشر من الشرق الأوسط إلى مختلف أنحاء القارة الأوروبية، ويستبعد منها الاتحاد الأوروبي بالكامل، مما قد يمهد لكارثة إنسانية وسياسية "كبيرة"، إذ حذر الرئيس الأميركي من احتمال وقوع "مجزرة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية".

ويختم فيليو مقاله برؤية سوداوية للواقع العالمي، إذ تحولت النزاعات الكبرى إلى صفقات تديرها القوى الكبرى في الشرق الأوسط، في حين تُترك الدول الصغيرة مثل أوكرانيا لمواجهة مصيرها وحدها، وهو ما يشير إلى نظام عالمي جديد يتجاوز الحدود الجغرافية مقصيا الأطراف الأوروبية، مما يعكس هشاشة الوضع الدولي وتزايد عدم التوازن في العلاقات العالمية، حسب رأيه.

إعلان

مقالات مشابهة

  • خبير فرنسي: نظام عالمي جديد ينطلق من الشرق الأوسط ويقصي أوروبا
  • سيارات لبنان تُعاني.. ماذا ينتظر أسعارها قريباً؟
  • الأول بعد الأسد .. ماذا ينتظر السوريون من مؤتمر بروكسل للمانحين؟
  • أسعار النفط ترتفع مع بدء “اكبر عملية عسكرية في الشرق الأوسط منذ مجيء ترامب”
  • ترامب يصدر تفويض للقادة العسكريين بتنفيذ ضربات في الشرق الأوسط
  • قيادة الشرق الأوسط بعيدًا عن أمريكا
  • ترامب يخول القادة العسكريين في الشرق الأوسط بتوجيه الضربات بلا إذن منه
  • الجامعة العربية: روسيا داعمة لحل الأزمة الليبية
  • جنون وتدخل صارخ.. طلبات غريبة لإدارة ترامب من جامعة كولومبيا
  • مارك كارني يؤدي اليمين رئيسًا لوزراء كندا وسط حرب تجارية مع واشنطن