الجزيرة:
2025-03-17@13:08:01 GMT

هل ينزع طوفان الأقصى خاتم الألماس عن يد إسرائيل؟

تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT

هل ينزع طوفان الأقصى خاتم الألماس عن يد إسرائيل؟

ارتبط الاقتصاد الإسرائيلي بالألماس منذ ما قبل القرن الـ19، وظلّ الألماس أحد الأعمدة الرئيسية لاقتصاد الحركة الصهيونية وإسرائيل، ومكوّنا رئيسيا في هوية اقتصادهما وتوسيع وتعزيز شبكة علاقاتهما، إذ تعدّ إسرائيل الآن من أهم مراكز تصنيع وتجارة الألماس عالميا، ويمر منها نصف هذه التجارة في العالم.

وفي العام 2022 كان الألماس السلعة الإسرائيلية الأكثر استيرادا والأكثر تصديرا، فما قصّة هذه العلاقة؟ وهل ينجح طوفان الأقصى في التأثير على هذا القطاع الذي حافظ على قوّته واستقراره لعقود ونجا من تبعات جائحة كوفيد-19 وآثار الحرب الروسية الأوكرانيّة في تقطع سلاسل الإمداد واضطراب السوق العالمي؟

عصا الألماس الصهيونية

تعود جذور علاقة اليهودي الأوروبي (الصهيوني الإسرائيلي لاحقا) بالألماس إلى القرون الوسطى، ولم تكن علاقة اختيارية، بل أُجبر عليها نتيجة حظره من العمل في مختلف المهن والحرف والأعمال، وهو حظر لم يشمل قطاع الألماس.

ومن خلال هذه العلاقة، نجح يهود أوروبا في مراكمة الثروات وتضخيم مركزهم المالي حينها، وزاد نشاطهم في الألماس بعد انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897، وساهمت تجارته بشكل رئيسي في تمويل المنظمة الصهيونية ومخططاتها وأنشطتها.

ونتيجة لحملات ضغط استمرت سنوات بقيادة أهارون زفي موتز، نجح اليهود عام 1936 في إقناع سلطات الانتداب البريطاني بفلسطين في رفع كافة القيود والجمارك عن الألماس، مما مهّد الطريق أمام ازدهار هذا القطاع على أرض فلسطين، فبات أحد الأعمدة الرئيسية لقيام دولة إسرائيل عام 1948 وقوّتها الاقتصادية لاحقا.

وفي سنة 1937، مباشرة بعد رفع القيود والجمارك، بدأ يوسف نادل باستيراد الألماس نصف النهائي عن طريق البريد من بلجيكا، وأسس سام معاد مشغلًا لصقل الألماس في تل أبيب، وشيّد كلّ من زفي روزنبرغ وآشر داسكل أوّل مصنع للألماس في "بيتح تكفا"، وتأسس "نادي الألماس" في غرفة بمنزل عكيفا آري فايس.

ودأبت الصهيونية منذ تأسيسها على استخدام سياسات العصا والجزرة لدفع اليهود إلى الهجرة والاستيطان في فلسطين، وفي كثير من الأحيان كانت النازية عصًا توظفها الصهيونية وتدعمها لأجل ذلك، وفي بعض الأحيان كانت هذه العصا مرصّعة بالألماس.

ففي الحرب العالمية الثانية اعتمد التصنيع العسكري في ألمانيا النازية بشكل رئيسي على الألماس الذي يوفّر حوافّ حادة وصلبة لازمة لتصنيع الأسلحة المتطورة ومحركات الطائرات والطوربيدات والدبابات والرادارات والإلكترونيات والمدافع، وكان الحفاظ على إمداد الألماس من أهم أهداف أدولف هتلر اللوجيستية.

وساهمت الصهيونية من خلال كبرى شركات الألماس الاحتكارية في الحفاظ على إمداده لألمانيا.

دأبت الحركة الصهيونية على تعزيز موقعها في صناعة الألماس (رويترز) خاتم مرصّع بالدم

استمرت العلاقة المركّبة والمثيرة للجدل بين شركة دي بيرز الاحتكارية وإسرائيل إلى اللحظة الحالية، إذ تشتري دي بيرز من شركات إسرائيلية الخدمات والاستشارات الأمنية لتأمين مناجم الألماس التابعة لها وخاصة في جنوب أفريقيا وبوتسوانا.

ولا تقتصر علاقة إسرائيل بالألماس الأفريقي على تقديم الخدمات الأمنية لشركة دي بيرز، فمنذ اكتشاف مناجم الألماس الأفريقية دأبت شركات الألماس الإسرائيلية على تعزيز احتكاراتها وهيمنتها عليها، ويهمين أباطرة الألماس الإسرائيليون على المناجم في الكونغو والكاميرون وسيراليون وأنغولا وليبيريا وساحل العاج وغينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى وتنزانيا وجنوب السودان.

وشغّلت الشركات الإسرائيلية العمالة الأفريقية في ظروف قريبة من السخرة والعبودية، وانتهكت القوانين الدولية والإنسانية، واستخدمت سياسة الألماس مقابل السلاح في علاقتها مع الأنظمة الفاسدة والعصابات المسلحة الأفريقية، لهذا لا تعكس المؤشرات التجارية والاقتصادية الكميّة حقيقة وحجم تجارة الألماس الإسرائيلية.

ولأجل استدامة الطلب الأفريقي على السلاح، سعت الشركات الصهيونية إلى تأجيج الصراعات والاقتتالات الداخلية وافتعال الحروب الأهلية مثل الحرب الأهلية في الكونغو والحرب الأهلية في سيراليون، ودعمت أنظمة الحكم الأفريقية الفاسدة المعادية لشعوبها، وموّلت نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

الهند وإسرائيل

والألماس أوّل سلعة تم تبادلها بين الهند وإسرائيل، وتُشكّل تجارته الآن نصف حجم التجارة البينية، ويمثّل حجر الأساس لتطوّر العلاقة بين البلدين التي بدأت بالعداء حين كانت الهند بزعامة حزب المؤتمر معادية للصهيونية وداعمة لحركات التحرر ولقضية الفلسطينيين، وانتهت بتورط الهند في الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

وتضم بورصة الألماس الإسرائيلية في رامات غان نحو 30 شركة هندية، ويعيش في محيطها حوالي 80 شخصا يمثلون معظم العائلات الهندية التي تعمل بالألماس، ومنحتهم دولة الاحتلال مكانة خاصّة. فمنذ عام 2018 حصلوا على إقامات دائمة لهم ولعائلاتهم، ومُنحوا امتيازا لتمديد تأشيرات السفر مرة كل 3 سنوات بدل مرة كل سنتين، وتضم رامات غان فرعا لبنك الدولة الهندي "إس بي آي"، وهو البنك الأجنبي الوحيد الموجود فيها.

وشهدت العلاقة بين البلدين التي بدأت بالألماس، تطورًا مستمرا خاصة بعد سيطرة حزب "بهاراتيا جاناتا" اليميني الفاشي ذي التوجهات الاقتصادية الليبرالية المتطرفة، لتشمل علاقات اقتصادية وتجارية ودبلوماسية وأمنية وعسكرية وشراكات على مستوى الابتكار وريادة الأعمال.

يضاف إلى ذلك المشاريع الجيوسياسية الإقليمية والدولية مثل مشروع "الممر الاقتصادي الهندي الشرق أوسطي الأوروبي" الذي يقع ميناء حيفا في مركزه، وساهمت الهند مؤخرا في تطوير مسيّرات "هيرميس 900" وغيرها من الأسحلة الإسرائيلية، مما يجعلها متورطة في جريمة الإبادة الجماعية في غزة.

قبل الطوفان وبعده

واجهت تجارة الألماس عالميًا في السنوات الأخيرة صدمتين، الأولى في فترة جائحة كوفيد-19 وأثرها في تعطل التجارة الدولية والانخفاض الحاد في الطلب، والثانية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وما سببته من انقطاع سلاسل الإمداد بما فيها سلاسل إمداد الألماس.

غير أنّ تجارة الألماس الإسرائيلية استطاعت الخروج من هذه الصدمات من دون أضرار تذكر. لكنْ مع اندلاع عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وما تبعه من جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، تلقى قطاع الألماس في إسرائيل -أحد أعمدة الاقتصاد الإسرائيلي والصهيونية تاريخيا- صدمة قوية.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي (شهر بعد الطوفان) انخفضت واردات إسرائيل من الألماس الخام إلى الربع، وانخفضت صادراتها بمعدل 68.16% مقارنة مع نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وذلك للأسباب التالية:

تعطّل سلاسل الإمداد عقب تعطل ممرات التجارة البحرية السابقة عبر باب المندب، وارتفاع الكلفة والآجال الزمنية للشحن والنقل للطرق البديلة. عزلة إسرائيل دوليا وجماهيريا، ويمكن تتبع وقياس ذلك على المستوى الرسمي من مواقف وتصريحات الدول والمؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ونتائج التصويت على قرار العضوية الدائمة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وعلى المستوى الجماهيري من حجم واتساع الاحتجاجات والمظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية واتساع رقعة الانتفاضة الطلابية. تضرر صورة إسرائيل أمام العالم كدولة قوية وعقلانية وأخلاقية وظهورها بوصفها دولة فشلت في التحدي العسكري والأمني والاستخباراتي أمام طوفان الأقصى والجبهات المساندة، وبوصفها دولة غير عقلانية وفاقدة للتوازن الإستراتيجي والخطوات المحسوبة، ودولة غير أخلاقية وعنصرية وتمارس الإبادة الجماعية، مما سيزيد من عزلتها الدولية ويؤثر سلبًا في قدرتها على جذب الاستثمارات الخارجية وبناء الشراكات التجارية، هذا إن لم تتحوّل إلى بيئة اقتصادية طاردة للاستثمار. الأزمة الاقتصادية التي ضربت كافة قطاعات الاقتصاد في إسرائيل نتيجة التكاليف المباشرة وغير المباشرة للحرب، وآثارها في مختلف المؤشرات الاقتصادية، وانعكاس ذلك على انخفاض التصنيف الائتماني العالمي لإسرائيل. تأثير طوفان الأقصى في تعطيل مخططات جيوإستراتيجية واسعة مثل مشروع الممر الهندي الشرق أوسطي الأوروبي.

مع اندلاع عملية طوفان الأقصى تلقى قطاع الألماس في إسرائيل -أحد أعمدة الاقتصاد الإسرائيلي والصهيونية تاريخيا- صدمة قوية

ولن تنتهي الآثار الاقتصادية للأسباب المذكورة في المنظور القريب، بل تتخذ طبيعة إستراتيجية بعيدة المدى، الأمر الذي يضع العديد من المخاطر العالية أمام قطاع الألماس الإسرائيلي، الذي يعتمد في معظمه على العلاقة مع الهند والدول الأفريقية المحتضنة لمناجم الألماس، ومن أهم هذه المخاطر:

تقلّص حجم تجارة الألماس البينية مع الهند، خاصة وأنّ بعض شركات الألماس الهندية شرعت في بداية العام الجاري (2024) في تصميم إستراتيجيات تسويقية لا توجد إسرائيل في مركزها. منع الشركات الإسرائيلية من العمل في بعض الدول الأفريقية بعد القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، وبعد قرار 5 دول أفريقية في الثامن من مايو/أيار الجاري وقف شحن البضائع إلى إسرائيل، في سياق صحوة أفريقية متصاعدة منذ سنين نحو استعادة السيادة على الموارد والتخلّص من تركة الاستعمار.

وفي ضوء السياقات والمخاطر المعروضة يكتسب هذا السؤال معقوليته ومشروعيته: هل ينجح الطوفان في نزع خاتم الألماس عن اليد الصهيونية؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإبادة الجماعیة تجارة الألماس طوفان الأقصى الألماس ا

إقرأ أيضاً:

حماس تعتبر أن "الكرة في ملعب إسرائيل" بشأن الهدنة في غزة

أكدت حركة حماس الفلسطينية، السبت، أن « الكرة في ملعب إسرائيل » حاليا، بعد عرضها إطلاق سراح جندي إسرائيلي-أمريكي محتجز لديها إضافة إلى جثامين أربعة من مزدوجي الجنسية، في إطار المفاوضات حول استمرار الهدنة في قطاع غزة. ونددت الولايات المتحدة وإسرائيل بعرض حماس.

وقال المتحدث باسم الحركة عبد اللطيف القانوع لوكالة فرانس برس « الكرة حاليا في ملعب الاحتلال الإسرائيلي »، مضيفا « نريد تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وإلزام الاحتلال بتنفيذ بنود الاتفاق ».

بعد نحو 15 شهرا على اندلاع الحرب في قطاع غزة عقب هجوم حماس غير المسبوق على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بدأ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي تطبيق وقف لإطلاق النار بين إسرائيل والحركة الفلسطينية تم التوصل إليه بوساطة أمريكية وقطرية ومصرية.

وامتدت المرحلة الأولى من الاتفاق ستة أسابيع، وأتاحت عودة 33 من الرهائن الذين خطفوا بمعظمهم في يوم الهجوم، الى إسرائيل بينهم ثمانية قتلى، فيما أفرجت إسرائيل عن نحو 1800 معتقل فلسطيني كانوا في سجونها.

وسمحت إسرائيل أيضا بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر، قبل أن تعلق دخولها في الثاني من آذار/مارس.

وقال قيادي في حماس لوكالة فرانس برس مشترطا عدم الكشف عن اسمه، إن مقترح الإفراج عن الجندي يأتي ضمن « صفقة استثنائية »، مشيرا إلى أنه في المقابل، تطلق إسرائيل سراح عدد من المعتقلين الفلسطينيين لديها.

إلا أنه أوضح أن الاقتراح مشروط بأن تبدأ « بالتزامن مفاوضات تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار » و »الفتح الفوري لجميع المعابر الحدودية والسماح بدخول جميع الاحتياجات الإنسانية إلى قطاع غزة ».

كما تشترط الحركة، وفق القيادي، انسحابا إسرائيليا من ممر فيلادلفيا الحدودي مع مصر، مشيرا إلى أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار كانت نصت على ذلك.

وينص مقترح حماس على أن « تنتهي مفاوضات المرحلة الثانية خلال 50 يوما (بعد بدئها) بضمانة الوسطاء ».

وتتواصل في الدوحة منذ أيام مفاوضات يفترض أن تتناول المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار.

واتهمت إسرائيل حركة حماس بـ »التعنت وممارسة حرب نفسية ».

وجاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو « بينما قبلت إسرائيل مقترح (الموفد الأمريكي ستيف) ويتكوف، تتمسك حماس برفضه ولم تتزحزح قيد أنملة ». واتهم حماس بمواصلة اللجوء إلى « التلاعب والحرب النفسية ».

كما اتهم البيت الأبيض حماس، الجمعة، بتقديم مطالب « غير عملية بتاتا » والمماطلة.

وأعلنت إسرائيل في مارس أن ويتكوف تقدم بخطة لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى منتصف أبريل، على أن يتم خلال هذا الوقت إطلاق سراح « نصف الرهائن الأحياء والأموات » المتبقين في قطاع غزة في اليوم الأول من دخول الهدنة الجديدة حيز التنفيذ، ثم يتم إطلاق سراح بقية الرهائن الأحياء والأموات « إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن وقف دائم لإطلاق النار »، وفق ما ذكر في حينه بيان صادر عن مكتب نتانياهو.

(وكالات)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمات دلالية إسرائيل حماس عدوان غزة

مقالات مشابهة

  • مخلفات الإبادة الإسرائيلية.. قنابل موقوتة تهدد حياة الفلسطينيين
  • زلزال طوفان الأقصى يواصل الإطاحة بكبار قادة الاحتلال
  • رئيس الشاباك يكشف أسباب إقالته وعلاقة طوفان الأقصى بالقرار
  • هاليفي: حماس نجحت في خداع إسرائيل قبل عملية طوفان الأقصى
  • صحيفة: حماس فاجأت إسرائيل والوسطاء بشرط جديد في مفاوضات غزة
  • حماس تعتبر أن "الكرة في ملعب إسرائيل" بشأن الهدنة في غزة
  • اللحظات الأولى للمجزرة الإسرائيلية في بيت لاهيا.. وحماس تدين (فيديو)
  • هل ينجح مقترح "تضييق الفجوات" في كسر "الغطرسة" الإسرائيلية وإنقاذ "صفقة غزة"؟!
  • عروس للمرة الرابعة؟.. كيم كارداشيان تحيّر الجمهور بشأن خطوبتها
  • عاجل | مجلة إيبوك الإسرائيلية عن تقديرات أمنية: نظام الشرع قد يغض الطرف عن عمليات ضد إسرائيل من داخل سوريا