كتب داوود رمال في "الأنباء الكويتية":   قال وطني مسيحي ان "الصراع المسيحي ـ المسيحي الذي برز بقوة بعد غياب الإطار الجامع للقوى الأساسية نتيجة نتائج وتداعيات الحرب الاهلية، وعدم تقدم القيادات الجديدة إلى بلورة إطار جديد، هو الذي أثر في شكل مباشر على الدور المسيحي في القرار الوطني، وهذا الصراع هو نتيجة عدم وجود جبهة تجمعهم، كما كان الحال أيام الجبهة اللبنانية".



وأكد المرجع انه "لا خلاف بين القوى المسيحية الرئيسية (لاسيما القوات والتيار والكتائب والمردة) حول النظرة المبدئية للقضايا الوطنية، الا ان المعضلة تكمن في انهم لا يلتقون وفق إطار معين، وهذا يشكل ضعفا في الموقف المسيحي، يؤدي إلى تشتت وتضييع القدرة على التأثير الفاعل".

ودعا المرجع إلى "العودة لإحياء جبهة لبنانية للمسيحيين، تضم قيادات الأحزاب الأساسية، وحتى الشخصيات المؤثرة، يتفاهمون داخلها على القضايا الاستراتيجية، ويترك لكل حزب او تيار خياراته التكتيكية مثل التحالفات النيابية والعلاقات مع القوى الحزبية السياسية الاخرى، كون هذا النموذج نجح أيام القادة التاريخيين أمثال كميل شمعون وبيار الجميل وسليمان فرنجية وريمون اده".

وفي رده على سؤال حول أسباب دعوته إلى ولادة جبهة لبنانية جديدة تضم القادة المسيحيين، أشار إلى ان "السبب الجوهري يكمن في ان الدور المسيحي مهمش راهنا، بدليل ان التفاوض حول القضايا الوطنية يحصل مع الجبهة اللبنانية الإسلامية، وان كانت هذه الجبهة غير معلنة، بينما تشتت القوى المسيحية جعل دورها يتراجع، والاهتمام الدولي يضعف تجاهها".

ولفت المرجع إلى انه "يجب عدم توقع ان يبادر الآخر لتقديم هدايا مجانية لهذه القوى، بينما المطلوب ان تسارع إلى التلاقي وتحصين الموقف وانتزاع الدور المتوازن في القرار وفق الدستور والقانون، وهذا الأمر يجب ان يكون أولوية مسيحية انطلاقا من كون الحضور المسيحي أساسا في الحفاظ على لبنان بتركيبته الفريدة".

وناشد المرجع "القيادات المسيحية الأساسية للمبادرة إلى طي صفحة الماضي البعيد والقريب، وأعتقد ان احدا ما يجب ان يفك العقدة ويكسر الحلقة المفرغة، وربما اللقاء بين الرئيس العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، يكون الجسر الممهد للوصول إلى موقف او إطار مسيحي يستعيد الشراكة في القرار الوطني".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

استعراض كتاب “المبشرون الأميركيون وفشل تحويل الشرق الأوسط إلى المسيحية”

استعراض كتاب "المبشرون الأميركيون وفشل تحويل الشرق الأوسط إلى المسيحية"
هيذر شاركي
ترجمة بدر الدين حامد الهاشمي
تقديم: هذه ترجمة لاستعراض قصير بقلم هيذر شاركي (1) لكتاب أسامة مقدسي المعنون:
Artillery of Heaven: American Missionaries and the Failed Conversion of the Middle East”، مدفعية الجَنَّة: المبشرون الأميركيون وفشل تحويل الشرق الأوسط إلى المسيحية"، الذي صدر في عام 2008م عن دار نشر جامعة كورنيل. نُشِرَ هذا الاستعراض عام 2008م في العدد الثالث من المجلد رقم 62 لمجلة الشرق الأوسط (Middle East Journal)، صفحات 536 – 538.
وأسامة مقدسي – بحسب ما جاء في موسوعة الويكيبديا - هو "مؤرخ فلسطيني - أمريكي، متخصص في تاريخ الشرق الأوسط الحديث. وهو يعمل أستاذاً لمادة التاريخ في جامعة كاليفورنيا ببيركلي، ومستشاراً لرئيسها. تركز أبحاث مقدسي على التاريخ الثقافي والسياسي للشرق الأوسط، مع التركيز على الهوية والطائفية والقومية والحداثة" (2).
وكانت هيذر شاركي قد ذكرت في مقال لها بعنوان:" مسيحيون في أوساط المسلمين: الجمعية الكنيسة التبشيرية في السودان الشمالي"، أن جمعية الكنيسة التبشيرية (CMS) التي حلت بالخرطوم بعد عام واحد فقط من دخول الاستعمار البريطاني – المصري للسودان (أي في عام 1899م)، لم تفلح إلا في تَنْصِير فرد مسلم واحد فقط بعد ستين عاما من العمل التبشيري الدَؤوب.
المترجم
******* ******** **********
يحقق كتاب أسامة مقدسي، المكتوب بأسلوب جزل وأنيق، هدفين كبيرين: أولاً، بينما يبحث هذا الكتاب في أمر أنْشِطَة ومواجهات المبشرين الأميركيين وعلاقاتهم التفاعلية بالأراضي العثمانية العربية في سنوات القرن التاسع عشر، فإنه يقدم نموذجاً لنوع جديد من التاريخ العابر للحدود الوطنية، والذي يلقي الضوء على المشاركة الأميركية في العالم. وثانياً، وفي وقت تم فيه "ترسيم جزء كبير من الماضي العربي بشكل فعال ... باعتباره أرضاً ليست ملكاً لأحد" بسبب الخشية من "السرديات الانقسامية" التي قد يستحضرها الماضي (ص 219) فإن الكتاب يمعن النظر في التاريخ الخام لـ "العالم المتعدد الأديان" في الأراضي العثمانية التي غدت الآن لبنان.
إن التجارب المأساوية لأسعد الشدياق (1798 – 1830م) (3) تربط أجزاء هذه الكتاب بعضها ببعض. والشدياق هو أول من تحول من الكاثوليكية المارونية إلى البروتستانتية الإنجيلية في جبل لبنان، وقد تُوُفِّيَ وحيداً في محبسه من فرط تعذيب السلطات الكنسية المارونية له التي كانت تخشى من أن يهدد ارتداده عن تقاليد الكنيسة المارونية (وبالتالي تراتبيات السلطة الاجتماعية) النظام الاجتماعي بالبلاد. لقد كانت وفاته شاهداً على عجز السلطات المارونية عن التسامح مع المعارضة. غير أن موته ألقى الضوء أيضاً على جهل المبشرين الأميركيين، الذين عملوا على تحويله لمذهبهم دون أن تكون لديهم القدرة على حمايته، "والذين تجاهلوا بعضاً من أكثر الشروط الأساسية للتقدير الديني" (صفحة 88) إبان وجودهم وتجوالهم في المنطقة.
وبصورة من الصور، تدلنا حياة أسعد الشدياق على أنها كانت تتوقع قيام "عصر عثماني أكثر حداثة لم يأت بعد"، وهو عصر يدعو لنوع جديد من حرية الضمير"، وكذلك يحث على بعث روح ومقدرة جديدة على "الاحتجاج العلني، وتفضيل قيمة التجربة الشخصية على التجربة المجتمعية أو الرتبة" (ص 137).
وكان أسامة مقدسي يذهب إلى أن سياسات ومبادرات البعثة الأمريكية في جبل لبنان بعد عام 1822م كانت قد تطورت من خلال تجارب ومواقف أمريكية خاصة للغاية تم تأسيها على ما وقع من مواجهات مع الأمريكيين الأصليين – والتي شملت في الغالب عمليات تهجير ومذابح. ويؤمن مقدسي أيضاً بأن الجهود التبشيرية في جبل لبنان كانت قد شكلت "صداماً أساسياً بين الأمريكيين والعرب"، وهو صدام كان أساسه هو سوء فهم الأمريكيين للتسلسل الهرمي العثماني، حيث كانت الطبقة الاجتماعية والنسب أكثر أهمية في الغالب وفي الممارسة العملية من مجرد الانتماء الديني. وظلت البعثات التبشيرية الأميركية تؤمن بأن المجتمعات العثمانية والإسلامية هي مجتمعات عنيفة، ومقسمة "بناءً على الانتماء الديني والعرقي، وليس بمقدورها تحديث نفسها بنفسها" (صفحة 170)، وبأن الولايات المتحدة تمثل "أرض الحرية الخالية من المشاكل" (صفحة 178). وفي الواقع كان قد بدا للإنجيليين الأمريكيين في جبل لبنان "أن أمامهم إمكانية تغيير العالم. وكانت فكرة "تغيير العالم" جلية بصورة كبيرة في أعمال البعثة التبشيرية في الفترة التي أعقبت الحرب، وهي فكرة نشأت من تجربة تغيير أمريكا، ولكن بصورة مَنْقُوصة" (صفحة 31).
وعلى الرغم من أن أسعد الشدياق قد أُظْهِرَ في كل أجزاء هذا الكتاب بحسبانه شخصية تبعث على الحزن والأسى، إلا أن هناك شخصية أخرى ظهرت في نهاية الكتاب وهي شخصية متفائلة وملهمة، ألا وهي شخصية بطرس البستاني (1819 – 1883م)، الذي يُعْتَبَرُ واحداً من رواد النهضة العربية الثقافية، ومؤلف أول موسوعة عربية (2). وأنشأ البستاني –من دون أي عون من الإرساليات الأمريكية - مدرسة في بيروت كانت تستقبل الطلاب المسلمين والدروز والمسيحيين من كل الطوائف. وكانت تلك المدرسة تحرص على أن يتلقى كل طالب فيها قدراً من التعليم الديني بحسب ملته. لقد كان النابلسي يدين بالبروتستانتية الإِنْجِيلِيّة، ولكنه لم يسع لفرض معتقده الديني على الآخرين، بل كان يرى أن "التعدد الديني (في المجتمعات) لا ينبغي أن يُعد مهدداً ينبغي احتواءه والسيطرة عليه، بل قد يغدو هو الأساس لنوع من التعايش السلمي الليبرالي يُفصل فيه بين الدولة والكنيسة (صفحة 205). ووصف مؤلف الكتاب البستاني بأنه " مثال على الوطنية العربية المَسْكُونِيّة (ecumenical nationalism، أي الجامعة لكل كنائس الطوائف المسيحية)" (صفحة 207).
ولم تكن مأساوية ذلك التاريخ هي نتاج فقط لما كابده أسعد الشدياق في محبسه الانفرادي. فعلى الجانب الأمريكي، نبعت مأساوية ذلك التاريخ من "المُفَارَقَة في أعمال الإرسالية الأمريكية". فهناك من المبشرين رجل مثل كوتون ماثر Cotton Mather (5) الذي كان "يرغب في إنقاذ / هداية الهنود (أي السكان الأصليين. المترجم)، على الرغم من أنه كان في ذات الوقت يمقتهم" (صفحة 29). وكان كثير من الأمريكيين في جبل لبنان في سنوات القرن التاسع عشر يرغبون في إنقاذ الشعب العثماني، ولكنهم كانوا لا يكنون لهم ولعاداتهم سوى الاحتقار سراً. ومن جانب العثمانيين ومن خلفهم (في حكم لبنان) اِنبَثَقَت مأساوية ذلك التاريخ من تصاعد ثقافة الطائفية المحلية الخاصة، التي عززها المبشرون الأميركيون بدورهم في الحياة السياسية في المنطقة إبان القرن التاسع عشر. ويلاحظ مؤلف هذا الكتاب أن المبشرين الأميركيين في رسائلهم ومجلاتهم ومذكراتهم الشخصية "كتبوا بشكل روتيني عن "الكاثوليكي"، أو "التركي"، أو "اليوناني"، أو "اليهودي"، وكأن مثل تلك الهويات الدينية ثابتة، ولكن كذلك كما لو كانت هي علامات / واسمات markers أكثر "واقعية" من تلك التي تميز الفروقات الاجتماعية بين العالي والمنخفض، وبين أشراف القوم وعوامهم" (صفحة 90). وغدت العلامات الدينية أكثر أهمية سياسية من أي وقت مضى بعد الحرب الأهلية التي شبت بين أتباع الطائفة المارونية والدروز في عام 1860م، تلك الحرب التي مثلت "صراعاً لتعزيز السيطرة الطائفية على أرض لم تُحكم قط على أساس طائفي من قبل" (صفحة 143).
وفي هذا التاريخ الأوسع للطائفية في لبنان لا يلقي هذا الكتاب باللوم (أو يسعى لتبرئة) طرف دون آخر. ولا يحاول تشويه سمعة الإرساليات الأمريكية والحط من قدرها بوصفها أنها كانت تمثل "مؤسسات إمبريالية ثقافية"؛ بل سعى هذا الكتاب الضليع أن يُرَى الأمريكيين والعرب وغيرهم بأننا "كلنا – في النهاية – يمكن أن نُعد من المشاركين (أو المتورطين) في تاريخ بعضنا البعض" (صفحة 220).
******** ********** ********
إحالات مرجعية
1/ وردت سيرة هيذر شاركي ومقالها المذكور في هذا الرابط: https://shorturl.at/G82jw
2/ لقراءة ما ورد في الويكيبديا عن أسامة المقدسي يمكن النظر في هذا الرابط: https://shorturl.at/ukHht
3/ أسعد الشدياق هو رجل دين وداعية مسيحي بروتستانتي لبناني، سُجِنَ في دير قنوبين بسبب اتصاله بالمبشرين الأمريكان والإنجليز في أوائل القرن التاسع عشر وهجره لمذهب الكنيسة المارونية واعتناقه المذهب البروتستانتي حتى مات.
4/ تجد في هذا الرابط معلومات عن الأديب الموسوعي بطرس البستاني https://shorturl.at/AWJzU .
5/ في هذا الرابط تجد تعريفا بكوتون ماثر في الموسوعة البريطانية https://shorturl.at/0hTP1

 

alibadreldin@hotmail.com

   

مقالات مشابهة

  • فرحة الميلاد تعم الكنائس.. كيف احتفلت الطوائف المسيحية بالعيد؟
  • بهاء الحريري: الشراكة الاسلامية - المسيحية عامل أساسي لحكم متوازن
  • في ذكرى الاستقلال.. البعثة الأممية تحث على إحياء العملية السياسية
  • محافظ نينوى يوجه بتعطيل الدوام الرسمي يومين لأبناء المكون المسيحي
  • الأنبا باسيليوس يلتقي مجلس إدارة مكتب التعليم المسيحي بالإيبارشية
  • الحرس الثوري: دعم جبهة المقاومة اللبنانية ومواصلة تعزيز القوة العسكرية الإيرانية
  • جعجع وباسيل: تنافس على المرجعية المسيحية رئاسياً
  • جبهة مناهضة التطبيع تحتج أمام البرلمان للمطالبة بوقفه الفوري مع إسرائيل
  • تحالف الفتح عن حل الحشد الشعبي: هذا الحلم لم ولن يتحقق
  • استعراض كتاب “المبشرون الأميركيون وفشل تحويل الشرق الأوسط إلى المسيحية”