???? *خلال الحرب الحالية نشطت العديد من المبادرات الرامية إلى وقف الحرب وإنهائها، وتوزعت تلك المساعي على منبر جدة الذي رعته أمريكا والسعودية، ومنبر دول الجوار الذي اجترحته مصر، علاوةً على عدة مبادرات من الاتحاد الإفريقي والإيقاد، ومنبر المنامة الذي تم فيه تفاوض مباشر وسري بين الجيش ممثلاً في الفريق أول شمس الدين الكباشي، والدعم السريع ممثلاً في عبد الرحيم دقلو، وصولاً إلى مساعي الرئيس اليوغندي يوري موسفيني الذي حاول الجمع بين البرهان وقائد التمرد وفشل‼️*

???? *لم تفلح كل تلك المبادرات في تحقيق أي اختراق يذكر لوقف الحرب، ما خلا منبر جدة الذي نجح في إبرام اتفاقين بين الجيش والمتمردين في 11 و21 مايو 2023، واستند الاتفاقان إلى نصوص حاكمة وملزمة من القانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف 1949 وبروتوكولاتها الإضافية التي تتضمن أهم القواعد التي تحمي من لا يشاركون في القتال (المدنيون والطواقم الطبية وعمال الإغاثة) وتحد من وحشية الحرب.

*

???? *تمثلت أهم بنود الاتفاقين في التمييز بين المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، والامتناع عن أي هجوم من شأنه أن يتسبب في أضرار مدنية، واتخاذ الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين وعدم استخدامهم دروعاً بشرية.*

???? *الثابت أن الولايات المتحدة الأمريكية نفضت يدها عن ذلك المنبر فجأة، وأدارت له ظهرها ولم تمارس أي ضغوط على متمردي الدعم السريع لإلزامهم بتنفيذ ما توافقوا عليه مع الجيش، عندما رفضوا إخلاء الأعيان المدنية (ووصفها معلوم للكافة)، بل صعدوا (عقب التوقيع) من هجماتهم على المدن والقرى والأعيان المدنية، وتمادوا في قتل وتجويع وتهجير المدنيين ونهب ممتلكاتهم (الفاشر وسنار والدندر والسوكي ومدن وقرى ولاية الجزيرة مثالاً).*

???? *هناك عدة أسئلة تطرح نفسها بقوة في مواجهة الدعوة التي قدمتها الخارجية الأمريكية للجيش ومتمردي الدعم السريع، أولها لماذا أغلقت أمريكا منبر جدة، مع نجاحه في إحداث الاختراق التفاوضي الوحيد في الحرب الحالية⁉️*
???? *ما الدافع لفتح منبر تفاوضي جديد بلاعبين جدد وأجندة جديدة⁉️*

???? *كيف ولماذا تقصر الخارجية الأمريكية التفاوض على الجيش، بتجاوز غير مفهوم الدوافع للحكومة السودانية المعترف بها دولياً⁉️*

???? *المفهوم والثابت أن أي التزامات تتمخض عن التفاوض الجديد في منبر جنيف سيقع غالب عبء تنفيذها على جهات حكومية لا صلة مباشرة لها بالجيش.. مثل إصدار التأشيرات لموظفي الإغاثة، وترتيبات استقبال العون الإنساني وتوزيع المساعدات، وحماية الفرق العاملة على إيصال تلك المساعدات للمحتاجين إليها، والترتيبات المتعلقة بتشغيل المستشفيات والمرافق الصحية لتلقيص معاناة المدنيين من احتلال متمردي الدعم السريع لغالبها مما أدى إلى خروجها عن نطاق الخدمة‼️*

???? *لماذا تجاهلت أمريكا دعوة حركات الكفاح المسلح (القوات المشتركة) التي أصبحت طرفاً أساسياً في الحرب الحالية بدخولها ميادين القتال بجانب الجيش، سعياً منها لحماية منسوبيها والمناطق التي ينتمون إليها بعد أن نكل بها متمردو الدعم السريع وفعلوا بأهلها الأفاعيل⁉️*

???? *غني عن القول أن الموقف المعلن للحكومة السودانية ينص بوضوح على التمسك بتنفيذ مخرجات جدة، وعدم السماح للمتمردين بالتنصل منها بأي نهج، وضرورة وضع خارطة طريق واضحة المعالم لأي تفاوض جديد، بتوضيح شروط وآليات وضمانات التنفيذ، كي لا يصيبها ما حاق بمخرجات منبر جدة، التي تحولت إلى هباء منثور ووريقات تتقاذفها الرياح.*

???? *فوق ذلك يجب على الحكومة الأمريكية أن توضح سبب قصرها للمشاركة على الإمارات ومصر (بصفة مراقب).. على أي أساس ولماذا يقتصر أداء ذلك الدور على دولتين اثنتين فقط⁉️*
???? *في المجمل تبدو الدعوة لفتح منبر تفاوضي جديد يُحاط بحديث مبهم ومعمم عن استناده إلى مخرجات منبر جدةً فخاً كبيراً للحكومة السودانية، المطالبة بالتمسك بشرعيتها وحقها القانوني في أن تفاوض بالإنابة عن جيشها وشعبها، ولا تكرر خطأ قصر التفاوض على وفد من الجيش، وأن تشترط أحد أمرين، أولهما أن يعود التفاوض إلى جدة لتضمن بناء القادم على السابق، أو توسيع منبر جنيف ليشمل وسطاء ومراقبين آخرين، مثل الصين وروسيا وقطر وتركيا لضمان توازن المنبر وحياده وقوة تأثيره، بدلاً من الزج بطرف متورط في العدوان على الشعب السوداني بصفة مراقب، وإشراك الاتحاد الإفريقي الذي شهدت ردهاته تآمراً مفضوحاً وانحيازاً كريهاً على السودان منذ بداية الحرب.*

???? *سيضمن القبول بالدعوة الفضفاضة لوقف العدائيات استمرار سيطرة متمردي الدعم السريع على المدن والقرى وكل الأعيان المدنية التي احتلوها عقب توقيعهم على اتفاقي جدة، وسيمنحهم فرصةً لاحقة للتفاوض لتحقيق مكاسب سياسية لقوة مسلحة تمردت على الدولة السودانية ولم تستند إلى أي مشروع سياسي واضح المعالم، لأنها ليست حزباً
سياسياً ولا تمثل تحالفاً مدنياً يمتلك شرعية السعي للوصول إلى السلطة.*
???? *الدعوة إلى التفاوض بالنهج الذي طرحته أمريكا تستهدف:*
_*شرعنة وجود الدعم السريع في الساحة السياسية السودانية*
_*وتمكينه من الاحتفاظ بالمواقع التي ينتشر فيها*
_*وتخليص الإمارات من الورطة الكبيرة التي زجت بنفسها فيها،*

_*ومحاولة إثناء السودان عن تصعيد شكواه ضدها ومنع عرضها على الجمعية العمومية للأمم المتحدة، بوجود تقرير رسمي من لجنة خبراء الأمم المتحدة يؤكد تورط الإمارات في الحرب السودانية بتوريد السلاح والعتاد الحربي للمتمردين*
_*ومنع السودان من تصعيد الشكاوى إلى منابر دولية أخرى، مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.*

???? *دعوة معيبة لمنبر مفخخ وغير متوازن، يجب على قيادة الدولة السودانية أن تنتبه لها جيداً، وأن لا تخضع للضغوط التي تستهدف إجبارها على القبول بتفاوض جديد يتم على أسس غير واضحة، وعليها أن تتعامل مع هذه الدعوة بوعي وحكمة وحزم، كي لا تتورط فيها بلا هدى، فتثير حفيظة شعبها عليها وتهز تماسك جيشها الرافض لأي تساهل أو تنازلات مع متمردين متوحشين، ارتكبوا كل موبقات الدنيا في حق السودان وجيشه وشعبه ومقدراته كافة.*

???? *التفاوض (وسيلة) وليس غاية في حد ذاته، والمنبر المقترح في جنيف سيضم أمريكا والسعودية والإمارات (الرباعية ناقص بريطانيا)، وقد رأينا حصاد عواسة الرباعية في الشأن السوداني بالاتفاق الإطاري الذي مثّل وصفة كاملة الدسم للحرب، وبالتالي فإن تكرار الوصفة نفسها بنفس طَبّاخيها سيمثل تجريباً للمجرب، ومن جرَّب المجرَّب حاقت به الندامة‼️*

د. مزمل أبو القاسم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع منبر جدة

إقرأ أيضاً:

سؤال للذين يرددون نغمة تشكيل حكومة مدنية في مناطق سيطرة الدعم السريع:

سؤال للذين يرددون نغمة تشكيل حكومة مدنية في مناطق سيطرة الدعم السريع:
من اين ستأتي القوى المدنية بشرطة وجيش ليكونوا ادواتها لاحتكار العنف وفرض النظام والقانون والقبض على المجرمين والاشتباك عسكريا مع القوات العسكرية التابعة للدعم السريع التي تهاجم المدن والقرى وتمارس الانتهاكات؟
اي حكومة تتشكل في مناطق سيطرة الدعم السريع هي حكومة عسكرية تحت بوت الدعم السريع ! لانها ببساطة ستعتمد عليه كليا في اهم وظيفة للحكومة اي احتكار العنف واستخدامه لفرض النظام وفض النزاعات! ومؤكد الدعم السريع لن يأتمر بامرها بل هي التي ستأتمر بامره لانها ستعيش في ظل قوته العسكرية وفي ظل سيطرته على الموارد!
مثل هذه الحكومة لا يمكن وصفها مطلقا بالمدنية
وهذا الاتجاه معناه الشروع عمليا في تقسيم السودان !
الاتجاه الصحيح للقوى المدنية الديمقراطية هو نزع الشرعية السياسية من طرفي الحرب، والتعامل مع سلطة بورتكيزان كامر واقع فاقد للشرعية والتعامل مع اي حكومة موازية يشكلها الدعم السريع كسلطة امر واقع لا علاقة لها بالحكم المدني، الحرص على وحدة السودان يقتضي السعي لايقاف الحرب ثم وضع اساس ديمقراطي للشرعية السياسية ، هذا هو الاتجاه الذي يجب ضبط بوصلة الديمقراطيين نحوه ، ربما تتوقف الحرب وتسيطر على البلاد حكومة عسكرية بطلاء مدني ، بمعنى افندية يستوزرون والسلطة الحقيقية في ايدي العسكر، في هذه الحالة مكان اصحاب الالتزام الديمقراطي هو المعارضة مهما كلفت.
السلطة ليست ضرورة حياة سياسية!
ضرورة الحياة السياسية هي الاتساق مع المبادئ.
هذه الحرب سواء استمرت طويلا او توقفت على تسوية بين طرفيها او انتهت بانتصار احدهما او بتقسيم البلاد ، يجب ان تكون العروة الوثقى في الصف المدني الديمقراطي هي الرفض المغلظ لهيمنة اي بوت عسكري!
جميعهم يتحكمون في مصائرنا بسلاحنا المدفوع ثمنه من ثروتنا القومية خصما على غذائنا ودوائنا!
السلاح الذي كان يجب ان يحمينا يقتلنا في معركة صراع السلطة وغنائمها !!
حتما سنسترد سلاحنا من ايديهم جميعا( لا استثني احدا)
ولا بد من صنعاء وان طال السفر!  

مقالات مشابهة

  • الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب: يوم اعتقالي حاول الدعم السريع اغتيال البرهان
  • تجدد الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وتحذيرات للمواطنين
  • تجدد المواجهات بين الجيش والدعم السريع في الأُبيض غربي السودان
  • نزوح كثيف من الخرطوم بسبب تبادل القصف بين الجيش والدعم السريع
  • اشتباكات عنيفة بالخرطوم بين الجيش والدعم السريع
  • البرهان: دول غير رشيدة تساعد الدعم السريع وتحيك مؤامرة ضد البلاد
  • موقفنا كقوى ديمقراطية بين القوات المسلحة والدعم السريع ومغالطات إعلان جدة
  • أمام حشد دولي في الصين .. البرهان يطالب بتصنيف قوات الدعم السريع مجموعة إرهابية
  • البرهان: نطالب بتصنيف الدعم السريع "مجموعة إرهابية"  
  • سؤال للذين يرددون نغمة تشكيل حكومة مدنية في مناطق سيطرة الدعم السريع: