من لا يقرأ التاريخ لن يفهم الحاضر.. في سيرة أبولكيلك
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
قبل ثلاثمائة عام بالضبط من الآن 1724 م تولي بادي أبو شلوخ الحكم كآخر الملوك الأقوياء في دولة الفونج ، حيث استطاع توحيد الدولة السنارية بعدما استعاد السيطرة علي مملكة المسبعات في كردفان وتغلب علي ملك الحبشة أياسوس ، وأخمد التمردات الداخلية ضد حكمه وامتدت فترة حكمه ل 38 عاما ..
نتيجة لحملاته التوسعية شرقا وغربا ، وإخماد التمردات الداخلية أصيب الجيش النظامي في الدولة بالإرهاق ، وتمت هزيمته أكثر من مرة في كردفان ، كان من بين صفوف الجيش شاب من الهمج إسمه محمد أبولكيلك عرف إبان إنتصار الحبشة بشجاعته الفائقة ، إستطاع ( لملمة ) الجيش المهزوم والمبعثر في كردفان والعودة به إلي سنار .
لما رأي بادي أبوشلوخ أن قادة جيشه قد سئموا من الحروب المتواصلة أنس لشجاعة أبولكيلك ، وحداثة سنه ، ( وتحلله من تراتبية وبروتوكولات الجيش النظامي ) فكلفه بقيادة بتأسيس فرقة من عشيرته الهمج لإخضاع مملكة المسبعات في كردفان ..
هناك ظهرت مقدراته القتالية ، فهزم المسبعات واستعاد كردفان لصالح الفونج ، يقول سبولدنق في كتابه عصر البطولة في سنار ( كان أبولكيلك شخصية ملحمية ) ويصف مشهد إنتصاره في كردفان ( … واشتهر فضله علي سائر الحراب ، وانطبعت عليه قلوب العساكر وألفته النفوس ، وخضعت له كل الرؤوس )
إستقر أبو لكيلك في كردفان حارسا لسلطان الفونج هناك وكان لا يأتي للعاصمة سنار إلا نادرا …
في هذه الأثناء ولما طال ببادي أبوشلوخ المكوث في الحكم نقم عليه خاصته ومقربوه من البلاط ، فأسروا في أنفسهم عزله ، وتشاوروا فيما بينهم ، ويصف لنا سبولدنق رأيهم بعد المشاورات ( من منظور رجال الطبقة العليا في المجتمع أن الشاب أبولكيلك بدا لهم أداة مطاوعة ، ففي جانب كانت هناك شجاعته وكفاءته وشهرته الأسطورية وسط الجنود ، ومن جانب آخر له معيقات تمنعه من القيام بالشؤون العامة ، ليس فقط من ناحية حسبه المتواضع ولكنه أيضا كان يعاني من عيب في النطق والتمتمة في الكلام )
( مني أنا : يعني دايرين يتموا بيهو الشغل بس )
جلسوا بين يديه في كردفان وعرضوا له الأمر ، وافقهم بشرط عدم تعريض حياة الملك للخطر ، وشرط آخر وهو إحضار أحد ( فكياء الفلاتة ) الذي كان مسجونا ( الفقيه حجازي أبوزيد ) ليطب لهم الملك حتي لا يشعر بشئ ، وهو ماحدث
إنصرف القوم مطمئنين ، غير أن الشاب أبولكيلك فتح قناة تواصل من خلفهم مع ناصر ابن الملك واتفق معه علي ( تقاسم السلطة ) ، زحف جيش أبولكيلك وحاصر العاصمة ( إعتصام بي لغة أيامنا هذه ) بعد أيام تنازل الملك أبوشلوخ وتم نفيه لكسلا ، حيث قتل لاحقا …
خلال ثلاثة أشهر قام أبولكيلك بعزل كل رجال البلاط ( المتآمرين ) ومعهم حكام الأقاليم ونصب نفسه وزيرا تحت سلطة الملك ناصر الإسمية ، والذي تم قتله أيضا لما حاول التواصل مع أعداء أبي لكيلك للثأر لوالده أبوشلوخ …
دانت السيطرة للشيخ محمد أبولكيلك وورثته من بعده ، وكان ذلك بداية لتفكك الدولة السنارية التي وقعت فريسة سهلة في يد جيوش محمد علي الغازية 1821 ..
هذا كتاب التاريخ المفتوح يسخر من أولئك الذين لا يقرأونه للإعتبار ..
ياسر يوسف
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی کردفان
إقرأ أيضاً:
الملك يحيي ليلة القدر ويسلم جوائز لحفظة القرآن والقيمين الدينيين
ترأس أمير المؤمنين الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأمير مولاي رشيد، والأمير مولاي أحمد والأمير مولاي اسماعيل، مساء اليوم الخميس 26 رمضان الأبرك 1446 ه، الموافق لـ 27 مارس 2025 م، بالقصر الملكي بالرباط، حفلا دينيا إحياء لليلة القدر المباركة.
وبعد صلاتي العشاء والتراويح، تم ختم صحيح البخاري من طرف السيد لحسن إد سعيد عضو المجلس العلمي الأعلى بعد سرد « حديث الختم » من طرف عبد الرزاق تورابي، عضو المجلس العلمي المحلي للرباط.
إثر ذلك رتلت القارئة مريم عصيم (12 سنة من مدينة سيدي بنور)، الفائزة بالرتبة الأولى لجائزة محمد السادس الوطنية في حفظ القرآن الكريم وتجويده وترتيله، آيات بينات من الذكر الحكيم، ثم تقدمت للسلام على الملك وتسلمت الجائزة من يديه.
بعد ذلك، سلم الملك جائزة محمد السادس لـ « أهل القرآن » وجائزة محمد السادس لـ « أهل الحديث »، للفائزين بهما على التوالي، السيد محمد إدريسي الطاهري من مدينة أكادير، والسيد مصطفى أزرياح من مدينة تطوان.
كما سلم الملك، جائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية بفروعها الثلاثة للسادة عبد السلام خيالي من مدينة قلعة السراغنة (جائزة منهجية التلقين)، وعبد الله ريس من مدينة تيزنيت (جائزة المردودية)، ومحمد مزوز من مدينة طنجة (جائزة التسيير).
إثر ذلك، سلم الملك، جائزة محمد السادس للأذان والتهليل بفرعيها، على التوالي، للسيدين أيوب النادي من مدينة طنجة (الجائزة التقديرية)، وعبد القادر بن الرابح من مدينة واد زم (الجائزة التكريمية).
وبمناسبة هذا الحفل الديني المهيب، رفعت أكف الضراعة إلى المولى عز وجل بأن يحفظ أمير المؤمنين، وينصره نصرا مبينا، يعز به الإسلام والمسلمين، وبأن يتوج بالنجاح أعماله ويحقق مطامحه وآماله، ويبارك خطوات ، وبأن يقر عينه بولي عهده ويشد أزر جلالته بشقيقه الأمير مولاي رشيد وبباقي أفراد الأسرة الملكية .
كما توجه الحاضرون بالدعاء إلى العلي جلت قدرته بأن يمطر شآبيب رحمته ورضوانه على فقيدي العروبة والإسلام محمد الخامس والحسن الثاني ويكرم مثواهما ويطيب ثراهما.
حضر هذا الحفل الديني، على الخصوص، رئيس الحكومة ورئيسا مجلسي النواب والمستشارين، ومستشارو الملك، وأعضاء الحكومة، وممثلون عن السلك الديبلوماسي للدول الإسلامية المعتمدون بالمغرب، وكبار ضباط القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، وكذا شخصيات أخرى مدنية وعسكرية.