رفضت هيئة تنظيم البث في فرنسا تجديد ترخيص قناة ترفيهية يملكها الملياردير اليميني الأصولي الكاثوليكي فانسون بولوري، وهي المرة الأولى التي تفعل فيها ذلك بالنسبة لمحطة تلفزيونية مجانية. وتعرضت قناة C8 لغرامات قدرها 7.6 مليون يورو لانتهاكها معايير البث، لأسباب من بينها الترويج لنظريات المؤامرة والأخبار المزيفة، فضلا عن عدم احترام التعددية.

ومعظم هذه الغرامات مرتبطة بحصة Touche pas a mon poste (لا تلمس قناتي التلفزيونية!) التي يقدمها المذيع الفرنسي والكوميدي السابق (اليهودي التونسي الأصل) سيريل حنونة، والمتهم بالترويج لليمين المتطرف. ولم يكن مفاجئا أن سارعت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان لانتقاد قرار الهيئة.

على الرغم من تجريد C8 من ترخيصها، فقد تم تجديد تراخيص القنوات الأخرى المملوكة لبولوري، وخاصة قناةCNews   (سي نيوز) التي تقدم على أنها إخبارية رغم أنها تطغى عليها النقاشات في اتجاه إيديولوجي يميني يعزف على وتر معاداة الهجرة باستهداف عنصري، إسلاموفوبي.

وقدر برزت "سي نيوز" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 كواحدة من الأذرع الإعلامية الفرنسية، التي تمارس أسوأ أنواع الدعاية الصهيونية لتبرير العدوان الإسرائيلي على غزة.

ولم يكن ذلك مفاجئا من القناة التي تبث لسنوات سمومها العنصرية والإسلاموفوبية. والمفارقة أن القناة التي ظلت تزعم الدفاع عن "اللائكية" (العلمانية الفرنسية) من التهديد الإسلامي، تبث على المباشر الصلوات المسيحية الكاثوليكية، وبرامج دينية مسيحية على هوى مالكها الكاثوليكي المتدين بولوري.

من مفارقات بالوري في دعمه لخطاب اليمين المتطرف العنصري الإسلاموفوبي هو رعايته لإيريك زمور المترشح الفاشل للانتخابات الرئاسية الفرنسية العنصري الصهيوني المتطرف إيريك زمور، حيث ظلت قناة "سي نيوز" وهي تقوم بتلميعه رغم فشله السياسي المتكرر له ولحزبه وآخرها الانتخابات البرلمانية الفرنسية، وقبلها انتخابات البرلمان الأوروبي.

واللافت أن "زمور" يعني بالأمازيغية "زيتونة"، وأصل عائلته من يهود الجزائر، وقد هاجرت إلى فرنسا في نهاية الخمسينات فقط (حيث ولد هناك)، بينما يزايد على معاداة المهاجرين والعرب المسلمين بالذات. وقد انتقد المؤرخ اليهودي الفرنسي (الذي ولد في الجزائر) بن جامين سطورا، مزايدات زمور، الذي وصفه بأنه "يهودي عربي"، عكس ما يدعي أي من اليهود الذين عاشوا في المنطقة العربية، وكثير منهم لجأوا خاصة للمنطقة المغاربية من إسبانيا بعد انهيار حكم المسلمين في الأندلس (الذي عاشوا فيه برفاه وخدموا حتى كوزراء فيه)، وذلك فرارا من البطش المسيحي الكاثوليكي لمحاكم التفتيش خلال ما سميت بحروب الاسترداد المسيحية الرهيبة، والمفارقة أن إيريك زمور، أطلق اسم "الاسترداد" على حزبه، بكل ما لذلك من إحالة ومن تأثير لراعيه بولوري.

من مفارقات بالوري في دعمه لخطاب اليمين المتطرف العنصري الإسلاموفوبي هو رعايته لإيريك زمور المترشح الفاشل للانتخابات الرئاسية الفرنسية العنصري الصهيوني المتطرف إيريك زمور، حيث ظلت قناة "سي نيوز" وهي تقوم بتلميعه رغم فشله السياسي المتكرر له ولحزبه وآخرها الانتخابات البرلمانية الفرنسية، وقبلها انتخابات البرلمان الأوروبي. والمفارقة أن زمور اليهودي يزايد بالدفاع عن هوية فرنسا باعتبارها مسيحية كاثوليكية أولا، مع الحديث عن تهديد المهاجرين المسلمين لـ"اللائكية" (العلمانية الفرنسية)، والدفاع عن طرح اليمين الفرنسي المتطرف المعادي تاريخيا لليهود، والعميل للاحتلال النازي لفرنسا، والمتواطئ معه في إبادة والتنكيل باليهود في فرنسا (أثناء الحرب العالمية الثانية)، وحتى الجزائر المستعمرة آنذاك. بينما ساهم مسجد باريس، الذي يشرف عليه جزائريون مثلا في إنقاذ وحماية العديد من اليهود، بإعطائهم وثائق تقول إنهم مسلمون وليسوا يهودا! وكذلك الشأن في الجزائر، عندما تضامن وساعد المسلمون المضطهدون فيها، اليهود الذين كانوا يتعرضون لـ "انتقام" شديد من قبل حكومة "فيشي" الفرنسية العميلة للنازيين حينها، بلغ حد نزع الجنسية الفرنسية منهم، ومنعهم من الدراسة والعمل.

ورغم هذه الوقائع التاريخية حاول زمور، عبر "سي نيوز" وغيرها من الأذرع الإعلامية التابعة لبولوري تزوير التاريخ بالزعم كذبا أن رئيس الحكومة الفرنسية العميلة النازية لألمانيا "فليب بيتان" أنقذ آلاف اليهود الفرنسيين من المحرقة النازية في ألمانيا!

ورغم أن بولوري، البالغ من العمر 72 عاما، أعلن قبل عامين تقاعده وتسليم إدارة أعماله لأولاده (3 أبناء وبنت)، لكنه ظل يفرض سلطته وتوجهاته الإيديولوجية على وسائل الإعلام الكثيرة المكتوبة (مثل صحيفة جورنال دو ديمانش الأسبوعية) والمسموعة (مثل إذاعة أوروبا 1) والمرئية التي يسيطر عليها.

وإلى جانب إمبراطوريته الإعلامية يسيطر على جزء كبير من دور النشر، بينها دار "فايار" التابعة للمجموعة الكبيرة "هاشيت". وفي ديسمبر الماضي أوقفت "فايار" نشر كتاب التطهير العراقي لفلسطين" للمؤرخ الإسرائيلي المعادي للصهيونية إيلان بابيه، التي نفذت طبعاته، في موقف واضح داعم للكيان الصهيوني من بولوري.

وينحدر فانسون (المولود عام 1952) من عائلة بولوري البورجوازية من منطقة "بروتوني". وهو ابن رجل الصناعة ميشيل بولوريه ومونيك فولوت، ابنة الطيار والصناعي هنري فولوت ونيكول غولدشميت، سليلة عائلة غولدشميت اليهودية.

وقد دخل فانسون بولوري، عالم الأعمال وهو في الـ18 من العمر في قطاع البنوك، ودرس القانون حتى الحصول على درجة الدكتوراه من جامعة باريس ـ نانتير.

وفي بداية ثمانينات القرن الماضي استلم شركة الورق العائلية التي كانت تعاني واستطاع انقاذها وتوسيع أعماله وتنويعها والتوجه للاستثمار في عدد من الدول الإفريقية، التي استفاد كثيرا منها وعلاقاته مع حكامها الفاسدين. وقد اتهم بولوري بالتربح على حساب استغلال العمال الأفارقة، وبينهم أطفال.

وبعد تزايد ثروته وتوسع أعماله اقتحم بولوري قطاع الإعلام واستطاع في قترة قصيرة السيطرة على حصة معتبرة منه، وهو يفرض بصماته الإيديولوجية الآن بوضوح على المشهد الإعلامي الفرنسي.

والمفارقة أن بولوري الذي يدعي الدفاع عن القيم المسيحية، كان قد انفصل من زوجته وأمه صوفي فوسوريه في نوفمبر 2004. وقد أقام علاقة مع فلورنس فوسوريه، إحدى أخوات صوفي. ثم عاش بولوري في عيش مشترك (بدون زواج رسمي أو ديني) مع الممثلة والروائية أناييس جانيريت قبل الانفصال.

وكانت مجلة "فوربس" صنفت بولوري في المرتبة 189 ضمن أثرياء العالم والثامن في فرنسا بثروة تبلغ 9 مليارات دولار.

*كاتب جزائري مقيم في لندن

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فرنسا اليميني فرنسا اعلام رأي يمين تأثيرات مقالات مقالات مقالات رياضة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سی نیوز

إقرأ أيضاً:

سعودي لديه إقامة دائمة.. تفاصيل جديدة حول هجوم سوق عيد الميلاد في ألمانيا

برلين - رويترز
قالت الشرطة الألمانية اليوم الأحد إن المشتبه به في هجوم دهس بسيارة استهدف سوقا لهدايا عيد الميلاد في ألمانيا وأسفر عن مقتل خمسة على الأقل وإصابة العشرات يواجه اتهامات بالقتل والشروع في القتل، بعد تمديد احتجازه احتياطيا.

وذكرت الشرطة في مدينة ماجديبورج بوسط ألمانيا، حيث وقع الهجوم يوم الجمعة، أن مناوشات وقعت خلال مظاهرة لليمين المتطرف شارك فيها نحو 2100 مساء أمس السبت بينما شارك سكان آخرون في فعاليات لتكريم وتأبين القتلى.

والمشتبه به هو سعودي يبلغ من العمر 50 عاما يعيش في ألمانيا منذ ما يقرب من 20 عاما.

وأمر قاض بالحبس الاحتياطي للمشتبه به لحين المحاكمة بعد أن وجه إليه الادعاء اتهامات بقتل خمسة أشخاص وعدة تهم بالشروع في القتل والإيذاء الجسدي الخطير، وفقا لبيان للشرطة.

وذكر بيان الشرطة أن القتلى هم طفل في التاسعة من عمره وأربع نساء أعمارهن 52 و45 و75 و67 عاما.

ولم تكشف السلطات الألمانية عن اسم المشتبه به الذي لديه إقامة دائمة في ألمانيا ولا تكشف التقارير الإعلامية عن اسمه بالكامل تماشيا مع قوانين الخصوصية المحلية.

ووقعت مناوشات خلال الاحتجاج الذي شارك فيه نحو 2100 مساء أمس السبت، بعد يوم من الهجوم. ووصف يمينيون التجمع عبر تطبيق تيليجرام بأنه "مظاهرة ضد الإرهاب".

وشوهد المحتجون يرتدون أقنعة سوداء ويحملون لافتة كبيرة عليها كلمة "إعادة المهاجرين"، وهو مصطلح شائع بين أنصار اليمين المتطرف الذين يسعون إلى تطبيق ترحيل جماعي للمهاجرين والأشخاص الذين يعتبرونهم عرقيا من غير الألمان.

ولا يزال الدافع وراء هجوم مساء يوم الجمعة غير معروف. ويبحث المحققون في انتقادات من المشتبه به لمعاملة السلطات الألمانية للاجئين سعوديين، من بين أمور أخرى. والمشتبه به منتقد للإسلام وعبر من قبل عن دعمه لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف عبر منصة إكس للتواصل الاجتماعي.

مقالات مشابهة

  • أمين دُور وهيئات الإفتاء: الذكاء الاصطناعي فرصة ‏لتعزيز الوسطية ومواجهة الفكر المتطرف
  • المشير “حفتر” يلتقي المبعوث الفرنسي إلى ليبيا “بول سولير”
  • المعارضة الفرنسية تنتقد التشكيل الحكومي الجديد
  • الإليزيه يعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة «فرانسوا بايرو»
  • بعد أشهر من الأزمات والضغوط..إعلان الحكومة الفرنسية الجديدة
  • تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بعد أيام من الترقب
  • دقيقة صمت في فرنسا حدادا على ضحايا إعصار شيدو الذي ضرب أرخبيل مايوت
  • سعودي لديه إقامة دائمة.. تفاصيل جديدة حول هجوم سوق عيد الميلاد في ألمانيا
  • فرنسا تدين بشدة الهجوم الذي استهدف سوق عيد الميلاد في ماجديبورج بألمانيا
  • مصدر سعودي: المملكة حذرت السلطات الألمانية من مرتكب حادث الدهس