الانتخابات الأمريكية.. الأبعاد والسيناريوهات
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
أثار انسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن من السباق الانتخابي العديد من التساؤلات حول السيناريوهات المصاحبة لهذا التغير الدراماتيكي سواء على الصعيد الداخلي أو علي صعيد السياسية الخارجية، حيث أضاف انسحاب بايدن مزيدا من عدم اليقين بالعالم في حين يواجه قادة الغرب حربين في أوكرانيا وغزة، وصعود اليمين المتطرف في أوروبا.
الوضع الداخلي الأمريكي ودلالات سير السباق الانتخابي بعدما أعلنت كاملا هاريس عن خوضها الانتخابات الامريكية بشكل رسمي، وذلك بعد أن حظيت على تأييد الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي يعد من أكثر الشخصيات الديمقراطية نفوذاً في الحزب، وهو ما سيضفي مزيدا من الزخم لحملة هاريس الرئاسية.
ولا شكّ أن هذا التأييد سيحشد كثيراً من الناخبين لصالحها وبالتالي تشهد الولايات المتحدة الأمريكية وضعا استثنائيا على صعيد سيناريو الانتخابات الرئاسية، فهناك العديد من التطورات الدراماتيكية التي تحدث في السباق الانتخابي الأمريكي وتؤدي إلى حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين والجمهور أيضًا، وهو ما يفسر غياب توقعات لنمو الناتج المحلي الإجمالي أو معدلات التضخم أو السياسة النقدية التي سوف يتم تبنيها حتي نهاية العام الجاري.
ومن ثم ، عند استقراء المشهد الانتخابي الأمريكي حاليًا؛ لتقييم السيناريوهات المطروحة بالانتخابات الأمريكية يتبين انه حتى الآن لا يرجح أية من استطلاعات الراي الصادرة سيناريو بعينه، فعلى سبيل المثال، قبل هاريس، قدر nate silver فرص فوز ترامب بـ 75%، بينما قدر (decision HQ) سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب بنسبة 65% وسيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ بنسبة 82%. وترتبط الاحتمالات الثلاثة ارتباطا وثيقا، وقد تحسنت توقعات الجمهوريين منذ المناظرة. على الجانب الآخر، ووفقاُ استطلاع إبسوس (ipsos) في 23 يوليو 2024، لأول مرة تنجح هاريس في تخطي ترامب بفارق نقطتين وذلك بعد إعلان بايدن انسحابه من السباق الرئاسي، حيث سجلت هاريس (44%) بينما حقق ترامب (42%) .
النتائج المحتملة:
١. فوز دونالد ترامب:
تاريخياً، يعد الحزب الجمهوري الداعم لقطاع الأعمال والتصنيع، ويعزز دور رجال الأعمال والقطاع الخاص، في مقابل تقليل التدخلات الحكومية، ولكن مع ظهور التوترات الجيوسياسية تغير هذا الاتجاه.
فعلي الرغم من مفارقات عدة ابرزها دفع الحزب الجمهوري مرشح قد خفق في انتخابات السابقة، إلا أن ترامب قد غيُر من مقاربته الانتخابية، بأسلوب يعزز من نفوذ الحزب الجمهوري، فقد اظهر استعداده لتجنب نمط حملته التقليدية لصالح نهج يتمحور حول الهدوء والثبات والتعاطف، الأ انه في نفس الوقت سيحاول اضعاف هاريس من خلال تسليط الضوء علي ضعفها كنائب رئيس ؛ مع تحميلها مسئولية إخفاقات إدارة بايدن، لا سيما ما يتعلق بالأمن على طول الحدود الأمريكية الجنوبية، التى شهدت عمليات عبور غير قانونية.
وعلى مستوى استمرار السياسات الداخلية المحافظة والموقف المناهض للهجرة، فلا شك أن قضية المهاجرين ستهيمن علي أجندة مسارات التحرك لدي المرشح الجمهوري، كما تشغل حيزاً كبيراً لدى صناع السياسة الامريكية، إلي جانب الاهتمام بالملف الضريبي سواء انخفض أو زاد في بعض القطاعات والشركات.، علاوة علي تعريفات جديدة على التجارة الصينية، مع تركيز الرسوم على القطاعات الإستراتيجية.
وبالتالي ستنال الخطة الاقتصادية التي سيفصح عنها قريباً ترامب في صالح الشركات العملاقة قبول لدي المستثمرين لوقت محدود في ظل اتجاه الركود الذي تتوقعه الأغلبية، وهو الاتجاه الذي لن تستطيع الإدارة الأميركية الجديدة تجنبه.
٢. تفوق هاريس:
وعلي الجانب الآخر، فقد يرجعنا هذا المشهد إلي عام 1968 حيث انسحب جونسون في ظل أوضاع داخلية حرجة من حيث تفاقم الصراع العنصري في الولايات المتحدة، وانقسام البلاد بسبب الحرب في فيتنام وقد قام حينها بدعم المرشح الديمقراطي حينها، لانتهاج سياساته والقيام بتنفيذ اجندته سواء علي صعيد الداخلي او تعاطيه مع المتغيرات الخارجية حينها، الا انه قد فاز المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون.
وبالتالي، هناك مخاوف عدة من خسارة الحزب الديمقراطي ليس فقط في لانتخابات الرئاسية، خاصة ان هاريس لم تتمتع بشعبية كبيرة فكان اختيارها من قبل الرئيس بايدن لاعتبارات انتخابية بحتة لمغازلة الملونون، ناهيك عن نقاط الضعف التي تعاني منها عائلة هاريس، والتي كانت ابرز الاسباب وراء تردد بعض الديمقراطيين لترشيحها. وبالنظر انه بالتوازي مع انتخابات الرئاسة الامريكية تجُري انتخابات تلت مجلس الشيوخ والكونجرس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، والمتوقع ان تستمر هذه السيطرة، فانه هناك تخوفات متصاعدة لدي الحزب الديمقراطي من خسارة مجلس الشيوخ في ظل هذا المشهد الضبابي.
الا انه ومن الجدير بالذكر ان قرار الرئيس جو بايدن بالانسحاب من الانتخابات لا يضمن أي تغييرات فورية في سيناريوهات الانتخابات ولا السياسات المتوقعة التي سيتبعها الديمقراطيون إذا فازوا في نوفمبر، فمن منظورالاجندة الانتخابية لهاريس، ليس من المتوقع أن يختلف برنامج هاريس كثيرًا عن برنامج بايدن. ومع ذلك، تشير التقديرات أن ترشيح هاريس يمكن قد جعل هذه الانتخابات أكثر تنافسية
ومع قراءة المشهد الديمقراطي، الا انه لا يزال لدى نائب الرئيس فرصة، في الأيام المقبلة، لترك انطباع جديد لدى الجمهور الأمريكي في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في أواخر أغسطس خلال إبعاد نفسها عن إخفاقات إدارة بايدن في بعض القضايا.
على الرغم من اهتمام الحزب الديمقراطي بموضوع الإجهاض، فإن سجل السيدة هاريس كنائبة للرئيس كان مختلطًا، كما كان هناك عدد من الأخطاء بما في ذلك المقابلة مع شبكة إن بي سي نيوز في يونيو 2021 والتي أضرت بمكانتها وعرضتها لهجمات المحافظين.
وعلى صعيد ملف التعاطي مع الجانب الصيني واحتمال نشوب حرب تجارية جديدة، فمن غير المرجح أن تختلف سياسات كامالا هاريس عن تلك التي أعلنها "جو بايدن"، وبالتالي، في حال فوز كامالا، قد يتجنب الاقتصاد العالمي اندلاع حرب تجارية جديدة بين الولايات المتحدة والصين بسبب مرونة سياسات الجانب الديمقراطي في التعامل مع التهديد الصيني عما هو متوقع في حال فوز المرشح "دونالد ترامب".
اما علي صعيد سوق النفط العالمية والاتفاق النووي الإيراني. وقد تكون سياسات كامالا هاريس مشابهة لتلك التي اتبعها جو بايدن فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، فمن المرجح أنه في حال فوز كامالا ستستمر المفاوضات مع الجانب الإيراني لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، ومن ثم ستعود صادرات النفط الإيرانية وسوف ينخفض سعر النفط الإيراني. النفط في السوق العالمية، خاصة في ظل رئاسة إيران الحالية، الرئيس مسعود بزشكيان الذي تعهد بالعمل على رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على صادرات النفط الإيرانية.
السيناريو الأكثر ترجيحًا بناء على الظروف الحالية، والتي قد تتغير مع تطور الوضع السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة.، هو فوز ترامب لعدة أسباب، اهمها قاعدته القوية من المؤيدين الجمهوريين، اعتزام الحزب الجمهوري على الحفاظ على السلطة وتعزيز نفوذه بالنظر إلى أن حملة ترامب سوف تنخرط في صراعات مع الولايات الزرقاء حول السياسات البيئية، بما في ذلك كاليفورنيا في وضع قواعد الانبعاثات الخاصة بها وستبقي الولايات المتأرجحة نقطة حاسمة في هذه الانتخابات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الحزب الجمهوری جو بایدن
إقرأ أيضاً:
نائب أمريكي: بايدن وترامب فشلا في وقف سعي إيران نحو الأسلحة النووية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال النائب الأمريكي براد شيرمان، أحد أبرز الأصوات الديمقراطية في الكونغرس الأمريكي المعارضة لإيران، إن الرئيسين الأمريكيين جو بايدن ودونالد ترامب فشلا في إيقاف تقدم إيران نحو امتلاك الأسلحة النووية.
ويشغل شيرمان، الذي يمثل منطقة مالبو وبيل إير في لوس أنجلوس، منصب عضو في مجلس النواب الأمريكي منذ 28 عامًا، وكان جزءًا من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب لسنوات عديدة. وقد اختلف شيرمان مع كل من الرئيسين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في سياستهما تجاه إيران.
ويعد شيرمان من المنتقدين البارزين لحكام إيران الإسلاميين، حيث يدعم التشريعات التي تنتقد معاملتهم للشعب الإيراني وتزيد من فرض العقوبات.
كان شيرمان من القلة القليلة من الديمقراطيين الذين صوتوا ضد خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) في عام 2015، وهي الاتفاقية التي تهدف إلى الحد من البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات.
وقال شيرمان: "كان يجب أن يكون هناك اتفاق أفضل". وأشار إلى أن "إدارة ترامب، رغم الضغط الكبير الذي مارسته على النظام، لم تقلل من البرنامج النووي، كما أن بايدن أيضًا لم ينجح في إبطاء هذا البرنامج".
وأشار إلى أنه يفهم خيبة أمل بعض الديمقراطيين الأمريكيين من أصل إيراني الذين صوتوا لصالح ترامب في الانتخابات الماضية بسبب استراتيجيته "الضغط الأقصى" على إيران، لكنه قال إن خطاب الرئيس المنتخب لم يحقق نتائج ملموسة أيضًا. وأضاف: "أعرف أن معارضي النظام يعجبون بتصريحات ترامب الحازمة والعاطفية ضد النظام، وبالتأكيد يظهر ترامب عاطفة أكبر ضد النظام من بايدن، لكن لم يوقف أي منهما عمل أجهزة الطرد المركزي. ولم يوقف أي منهما قتل أي شخص يجرؤ على رفع صوته".
وفي وقت لاحق، أصدرت مجموعة E3، وهي ائتلاف دبلوماسي يضم ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، بيانًا الثلاثاء يعبر عن قلقها من زيادة تخصيب اليورانيوم في إيران، ودعت طهران إلى التراجع عن تقدمها النووي.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته، أنتوني بلينكن، خلال حديثه في مجلس العلاقات الخارجية الأربعاء، إن النظام الإيراني قد يفكر في تطوير سلاح نووي بعد الانتكاسات التي تعرض لها في المنطقة، مشيرًا إلى قدرة إسرائيل على تدمير الوكلاء العسكريين لإيران في هجوم مباشر في أكتوبر.
وقال بلينكن: "أعتقد أن هناك فرصة للتفاوض"، مشيرًا إلى أن "السلاح النووي ليس أمرًا حتميًا".
لكن شيرمان اعتبر أن وجهة النظر التقليدية للحزب الديمقراطي، التي تعتمد على إظهار ضبط النفس في المفاوضات مع إيران، هي خطأ كبير. وقال: "هناك من في إدارة بايدن يعتقدون أنه من خلال القيام بالقليل، ومن خلال بعض التريث، سيتمكنون من التفاوض. لا، هذا نظام إذا كنت ستتفاوض معه، يجب أن تفعل ذلك من موقع قوة".
عقوبات أشد
وفيما يتعلق بالعقوبات، طالب شيرمان بفرض عقوبات أكثر صرامة على الصادرات الإيرانية. وقال: "لدينا الآن عقوبات أشد على الصادرات الروسية مقارنة بالعقوبات المفروضة على إيران".
وشدد شيرمان على ضرورة أن تضاعف أمريكا جهودها للحد من البرنامج النووي الإيراني، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تمول مجموعات الديمقراطية السرية التي تقاوم النظام الديني الإيراني، لكنه امتنع عن الخوض في التفاصيل.
وأضاف: "لقد دعمت بالتأكيد كل ما فعلناه لدعم القوى الديمقراطية، وبعض ذلك مصنف".
وبينما يدعم شيرمان نهج "التفاوض من موقع قوة" الذي يتبناه الرئيس المنتخب دونالد ترامب، فإنه يعتقد أن النظام الإيراني مصمم على بناء قنبلة نووية. وقال: "طالما أن هناك جمهورية إسلامية في إيران، فإنها ستكون دولة تسعى لامتلاك الأسلحة النووية".