رغيف الغلابة أولويات الجمهورية الجديدة
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
فى ظل الجمهورية الجديدة، التى بدأت شرارتها مع ثورة الثلاثين من يونيو بقوة الدفع الحقيقية، والانطلاق نحو مستقبل أفضل يستفيد من تجارب الماضى وخبراته.
وأطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى بهدف تطور التنمية البشرية، كى يتمتع المواطن بكرامته، ويُنقل من حياة متدهورة إلى عيش حياة كريمة من صحة، وسكن، وغيرُه. ولذلك من أبسط حقوق المواطن الحصول على رغيف الخبز الذى أصبح يسبب العديد من الأزمات سواء للمواطن أو الحكومة التى تحاول بشتى الطرق توفيره للمواطن.
نحن لا ننكر أن الزيادة السكانية مستمرة وتقضى على أية كميات من القمح، بالإضافة إلى الأشقاء واللاجئين العرب والأجانب المتواجدين داخل البلاد والذين بلغ عددهم حوالى تسعة ملايين. فالدولة تستهلك سنويًا حوالى 8.5 مليون طن قمح، تنتج منها 3.5 مليون طن ويتم استيراد باقى الكمية من الخارج. وحتى نتمكن من تقليل الفجوة الغذائية والحد من استيراد مصر للقمح، لا بد من إيجاد حلول سريعة ألا وهى زراعة مساحات واسعة من القمح والمحاصيل الزراعية التى تصدرها مصر. إلى جانب التوسع فى إقامة الصوامع لزيادة القدرات التخزينية وتقليل الفاقد، بما يسهم فى تأمين المخزون الاستراتيجى من القمح فى ظل ما يشهده العالم من أزمات انعكست سلبًا على عمليات الإمداد والتوريد.
والمعروف أن منطقة توشكى تتمتع بظروف مناخية وتربة مناسبة لزراعة القمح، وقد حققت مصر بالفعل خلال السنوات الماضية قفزات كبيرة فى مجال زراعة القمح فى توشكى، حتى وصلت المساحات المنزرعة إلى 500 ألف فدان خلال هذا العام. وعلى الدولة أن تزيد من البقعة الزراعية للقمح أكثر من ذلك حتى نصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتى ونقضى تمامًا على المعاناة التى يعانيها المواطنون حتى يتمكنوا من الوصول لرغيف الخبز.
تعتبر الفجوة الغذائية من القمح التحدى الأكبر الذى يواجه المجتمع المصرى خلال السنوات القادمة نظرًا للعبء الواقع على ميزانية الدولة نتيجة لعملية استيراد القمح، خاصة أن القمح يستحوذ على النصيب الأكبر من قيمة مخصصات الدعم، حيث يقدر الدعم المقدم لرغيف الخبز بحوالى 10.8 مليار جنيه سنويًا فى المتوسط وذلك لضمان وصول رغيف الخبز بسعر مناسب إلى المستهلكين.
ومن المؤكد أن الاكتفاء الذاتى للقمح يكون تأثيره كبيرًا على اقتصاد الدولة لأنه يوفر ملايين الدولارات التى تهدرها الدولة فى الاستيراد. ويعتبر القمح من أهم السلع الغذائية التى يعتمد عليها غالبية السكان فى مصر يوميًا للحصول على الطاقة الحرارية والبروتين، وهو المحصول الغـذائى الإستراتيجى الأول فى الأمن الغذائى المصرى. ولذلك لا بد من الاهتمام بصورة كبيرة بزراعته بكميات تغطى احتياجات الشعب منه.
فتأسيس الجمهورية الجديدة ما هو إلا رؤية قائد ومسيرة وطن وجهد مؤسسات وأفراد صوب بنيان يليق بمصر دولة وقيادة وشعبًا. والقائد هنا الرئيس عبدالفتاح السيسى قام بدوره المنوط به وخطط لهذه الجمهورية تخطيطًا مميزًا، ووضع أهداف واستراتيجية لإقامة ونجاح هذه الجمهورية. وهناك أدوار ومهام كثيرة من المفروض أن تقوم بها الحكومة ومؤسسات الدولة والأشخاص إلى أن نصل بالبلاد إلى الرقى والازدهار.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الرئيس عبدالفتاح السيسي الأمن الغذائي المصري إطلالة سامية فاروق الجمهورية الجديدة من القمح
إقرأ أيضاً:
محمد مغربي يكتب: تداعيات «DeepSeek».. انقلاب في عالم الذكاء الاصطناعي
تحدثنا فى مقال سابق عن «DeepSeek»، مطور الذكاء الاصطناعى الذى أعلنت الصين عنه ليكون على غرار ChatGPT، كما أوضحنا الفرق بين النموذجين ونقاط ضعف وقوة كل نموذج؛ لتكون أمام المستخدم خريطة متكاملة يمكن من خلالها الاختيار حسب ما يناسب احتياجاته وما يريده.
لكن ما لم يكن فى الحسبان أن يُحدث «DeepSeek» ما يشبه انقلاباً فى عالم الذكاء الاصطناعى، انقلاباً ليس له علاقة بالمستخدمين والتقنيات وما إلى ذلك، بل فيما يتعلق بالصناعة نفسها ومستقبلها ومدى تنافس الشركات العملاقة التى اشتدت بمجرد أن نزلت الصين الحلبة، ومن خلال التصريحات التى صدرت خلال الأسبوع الماضى يمكن القول إن هناك حرباً شرسة قد بدأت ولن تنتهى سريعاً.
بالطبع كان يوم 28 يناير الماضى يشبه زلزالاً هزّ بقوة عروش وادى السيلكون، ففيه تم طرح «DeepSeek» لأول مرة رسمياً، ووصل الإقبال عليه لدرجة أثرت على اتصاله بالإنترنت، أما الأخطر فإن صعود أسهم التطبيق الصينى أفقد أغنى 500 شخص فى العالم ما يقارب 108 مليارات دولار، وكان أبرز الخاسرين لارى إليسون، مالك «أوراكل» العالمية، الذى فقد 22.6 مليار دولار، كما خسر جينسن هوانج، مؤسس مشارك فى «إنفيديا»، 20% من ثروته، بينما كان نصيب مايكل ديل، صاحب «ديل»، 13 مليار دولار.
تأثير «DeepSeek»، كما أوضحت صحيفة الـ«واشنطن بوست»، وصل إلى أنه حطم استراتيجية وادى السيلكون التى تنص على أن الإنفاق الضخم والتمويل الكبير للذكاء الاصطناعى هو ما يضمن الريادة الأمريكية لهذا القطاع، بينما تكلف التطبيق الصينى 5.6 مليون دولار بحسب البيانات الرسمية، واستطاع أن يصل إلى مختلف أنحاء العالم وأن يحقق أرقاماً ضخمة مقارنة بغيره من التطبيقات.
وللتوضيح أكثر، يمكن اعتبار سنة 2024 سنة محورية بالنسبة للذكاء الاصطناعى بسبب تضخم حجم الاستثمارات الذى وصل إلى 400 مليار دولار، فبعد أن نجحت «OpenAI»، من خلال ChatGPT، فى تحقيق أرباح بلغت مليون دولار يومياً، أطلقت «جوجل» نموذجها Gemini 2.0 للمنافسة، وكذلك سارت على نفس الطريق شركات «أمازون وأبل وميتا» سواء بنماذج جديدة على غرار ChatGPT أو بتمويل أبحاث للتطوير، وبحسب مجلة «ذى إيكونوميست»، فمن المتوقع أن يبلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعى 1.3 تريليون دولار فى 2032.
أمام تلك الاستثمارات الضخمة لم تقف شركات الذكاء الاصطناعى العملاقة مكتوفة الأيدى وهى ترى البساط ينسحب من تحت أقدامها ليذهب إلى الجانب الصينى، بل سرعان ما حاولت إنقاذ ما يُمكن إنقاذه؛ وكانت البداية من عند مارك زوكربيرج، الذى أعلن أن نموذجه «Meta AI» سيكون هو الرائد فى العالم خلال العام الجارى، بل وأطلق نموذجه مجاناً فى الشرق الأوسط وأفريقيا منذ أيام قليلة، وبالتزامن مع ذلك أعلنت شركة «على بابا» العملاقة أنها ستطرح مطور ذكاء اصطناعى خاصاً بها خلال الفترة المقبلة لتشتعل حلبة المنافسة أكثر.
أما «OpenAI»، وهى الشركة الأبرز فى هذا المجال وتعقد شراكة منذ عام 2019 مع «مايكروسوفت»، فقررت أن تضرب «تحت الحزام» حين اتهمت «DeepSeek» بأنه قد يكون سرق بيانات من «OpenAI»، مؤكدة أنها ستحقق فى هذا الملف الشائك، وزاد من هذا التعقيد تصريح «ترامب» مؤخراً بأن أمريكا يجب أن تستعيد الريادة فى مجال الذكاء الاصطناعى، مقرّاً من ناحية أخرى بأن وادى السيلكون لم يعد فى مكانته العالمية بعد الصعود الصينى.
هكذا جاءت تداعيات «DeepSeek» خلال أيام قليلة، ثروات فُقدت، وشركات تحفزت، وأخرى استعدت للضرب «تحت الحزام»، لكن الأخطر أنه مع تنفيذ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لوعوده بفرض رسوم كبيرة واستئناف الحرب الاقتصادية مع الصين، ستكون المنافسة الأشرس فى مجال الذكاء الاصطناعى، وستخرج الحرب من كونها مجرد تصريحات بين شركات متنافسة إلى معارك تكسير عظام لن ينجو منها إلا الأكثر شراسة.