«وإن عادت الأماكن؛ فمن يعيد الأصدقاء؟!»
لكل منا ذكريات خاصة به، مضت وانتهت ولكنها لا تزال تنبض بالحياة، قد تكون جميلة، وقد تكون مؤلمة، ونتذكرها من حين إلى آخر، وتحيى فينا مشاعر كادت أن تنسى، مشاعر ارتبطت بأشخاص منهم من كان فى حياتنا ومنهم من لا يزال يؤنسها؛ ذكريات ومشاعر ارتبطت بوجود الأصدقاء.
والصديق الحقيقى هو الشخص الذى يتقبل صديقه كما هو، ويسانده فى تحسين نفسه وتطوير ذاته، ويحاول دعمه فى اتّخاذ القرارات الصحيحة، ويحاول تجنّب تعرّضه لأى أذى سواء أكان جسديًا أم نفسيًا أم عاطفيًا، ويكون بجانبه دومًا فى وقت حاجته، كما أنّ الصديق الحقيقى يتحلّى بالصدق مع أصدقائه؛ لتكون علاقتهم منفتحة يميّزها الثقة المطلقة؛ حيث يمكنهم مشاركة بعضهم خيبات أملهم وإنجازاتهم وأسرارهم والدخول فى نقاشات حول موضوعات حساسة دون قلق.
فليس كل من يتعرف عليه الإنسان يعد صديقًا، فقد تقابل فى حياتك كثيرًا من الأشخاص يمكن عدهم زملاء عمل أو دراسة، ولكن يظل الصديق هو الأقرب، وهو محل الثقة، وهو الشخص الذى يمكن الاعتماد عليه فى المواقف جميعًا. وتظهر الصداقة الحقيقية فى الشدائد والمحن، ويظهر الصديق الحقيقى فى هذه الأوقات العصيبة يعاون صديقه ويؤازره ولا يتخلى عنه، وقد يكون لدى الفرد دائرة كبيرة من الأصدقاء فى المدرسة أو الكلية أو العمل، لكنه يعلم أنه لا يمكن الاعتماد إلا على شخص واحد أو شخصين فقط يشاركانه صداقة حقيقية، فوجود صديق حقيقى يجعل الحياة أسهل بحيث يتمكن الفرد من أن يكون على طبيعته تمامًا دون خوف من حكم الطرف الآخر عليه، فهو يتقبله، ويجعله يشعر بالحب والقبول، ومتى لم تجد هذا الشخص فمن الأفضل لك أن تبتعد.
وتتميّز الصداقة الحقيقة بعدة صفات تجعل من الشخص صديقًا حقيقيًا مقرّبًا، كتقديم الدعم والتشجيع فى كل ما يحاول الشخص الوصول إليه، والمسامحة على الأخطاء دون أن يكّلف الخطأ انهيار الصداقة، ومعرفة العادات الشخصية، وحفظ الأسرار، والبقاء على التواصل بشكل مستمر.
ومن هنا جاءت فكرة الاحتفال باليوم العالميّ للصّداقة فى ٣٠ يوليو من كل عام؛ إذ يتمّ الاِحتِفال فيه بالصّداقة بوصفها من المشاعر النّبِيلة والقيمة فى حياة البشر فى جمِيع أنحاء العالم، وقد أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى العام ٢٠١١، واضعةً فى اعتبارها أن الصّداقة بين الشُّعُوب والبُلدان والثقافات والأفراد يمكن أن تصبح عاملًا ملهمًا لجهود السلام، وتشكل فرصةً لبناء الجسور بين المُجتمعات، ومُواجهة أى صور نمطيّة مغلُوطة وتحديها، والمُحافظة على الروابط الإنسانِيّة، واِحترام التنوُّع الثقافيّ.
وفى النهاية، فقد ميز أرسطو بين ثلاثة أنواع للصداقة، هي: الأولى: مبنية على المصلحة والفائدة، والثانية: على المتعة والمرح، لكن مصيرهما الزوال، لأن الملذات والمصالح قصيرة الأمد، وتجمع الصالحين والطالحين برفاقهم، والثالثة: أساسها المحبة وطيبة القلب، وهذه تجمع النبلاء فقط؛ «فلتكن نبيلًا» فى صداقتك.
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب–جامعة المنصورة
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جامعة المنصورة د أحمد عثمان ك ن نبيل ا
إقرأ أيضاً:
لماذا قد تكون النقود أفضل صديق لميزانيتك؟ دراسة جديدة تكشف الأسرار!
تركيا الآن
في عالم يتجه بسرعة نحو التحول الرقمي، قدمت دراسة حديثة من جامعة سري البريطانية تحليلًا يكشف أن التعامل بالنقد لا يؤثر فقط على مقدار ما ننفقه، بل يعزز أيضًا شعورًا عميقًا بالملكية النفسية يصعب تكراره مع المدفوعات الرقمية.
النقد..تجربة حسية تعزز الوعي المالي
أظهرت الدراسة، المنشورة في مجلة “كواليتيتف ماركيت ريسيرتش”، أن التعامل مع النقود المادية، بدءًا من لمسها وشمها، يؤدي إلى ارتباط عاطفي أكبر وبصيرة أعمق بقيمة المال. بينما المدفوعات الرقمية، رغم شدة سهولتها، تجعل من الأموال شيئًا “غير مرئي”، مما يؤدي إلى سلوكيات إنفاق غير مدروسة.
الدكتور جاشيم خان، المؤلف الرئيسي للدراسة، يوضح: “إن حاسة اللمس ورائحة النقود وتجربة عدّها تجعلنا ندرك بشكل أعمق ما يعنيه إنفاق المال. فكلما أنفقنا النقود، نشعر وكأننا نفقد جزءًا من أنفسنا”. وهذا الارتباط العاطفي، كما يذكر، ينقص في التعاملات الرقمية.
مقارنة بين الثقافات
وقد أجريت الدراسة في سياقات ثقافية متنوعة؛ حيث تبيّن في الصين أن 50% من المعاملات تتم عبر التطبيقات الرقمية، ما أدى إلى شعور المشاركين بأن أموالهم لا تعود إليهم، حيث وصف أحدهم المال الرقمي بأنه “لا يشبه إنفاق أموالك الخاصة”. بينما في نيوزيلندا، أظهرت النتائج أن التخلي عن النقود يعزز شعورًا بالخسارة، مع مشاعر من الحزن والذنب.
ما الذي يعنيه ذلك؟
هذه الدراسة تعزز فكرة أن النقد ليس مجرد أداة للدفع، بل هو مصدّر لقيمة نفسية قوية. الارتباط الحسي بالنقود يمكن أن يعمل كحاجز ضد الإنفاق العفوي، فعندما نكون أكثر وعيًا بماذا ننفق، نكون أكثر حكمًا في اختياراتنا المالية.