الدعم السريع تفرض رسومًا مليارية على سكان جزيرة توتي مقابل المغادرة
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
كشف مواطنون عن مغادرتهم بعد دفع رسوم بلغت قيمتها مليار جنيه سوداني (416 دولارا) فرضتها قوات الدعم السريع الموجودة في الجزيرة
التغيير: توتي
كشف تقرير نشرته “الجزيرة نت” اليوم السبت، عن فرض قوات الدعم السريع رسومًا مليارية على سكان جزيرة توتي وسط العاصمة الخرطوم، في سبيل السماح لهم بالمغادرة.
وبحسب التقرير، كشف مواطنون من جزيرة توتي عن مغادرتهم الجزيرة بعد دفع رسوم بلغت قيمتها مليار جنيه سوداني (416 دولارا) فرضتها قوات الدعم السريع الموجودة في الجزيرة.
وأكد المواطنون، وفقا للتقرير، أنه لا يمكن مغادرة جزيرة توتي دون دفع رسوم مالية لقوات الدعم السريع التي عينت من منسوبيها من يعرف بـ”العُمدة”، الذي يصدر تصاريح المرور للخروج من الجزيرة، بعد دفع مبلغ مليار جنيه للأسرة، بجانب رسوم بوابة، رسوم عبور ورسوم تُدفع عند كل ارتكاز للدعم السريع.
وقال مواطنون لـ”الجزيرة نت” إن المبالغ المالية التي تفرضها وات الدعم السريع على الأسر للسماح لهم بمغادرة توتي تتراوح ما بين 800 ألف جنيه (333 دولارا) إلى مليار جنيه (نحو 416 دولارا)، ويصل إجمالي التكلفة إلى ملياري جنيه (نحو ألف دولار) بإضافة رسوم العبور والارتكازات التابعة للدعم السريع حتى آخر نقطة ارتكاز.
وقال أحد مواطني توتي من الذين غادروا الجزيرة “خرجنا في ظل ظروف لا يمكن وصفها، إذ تقوم قوات الدعم السريع بالكثير من الانتهاكات من نهب واعتقالات وقتل”.
وأضاف: لا توجد -حاليا- إحصائية دقيقة لعدد الوفيات نتيجة الحصار المضروب على الجزيرة، في حين قدر عدد الوفيات نتيجة الأمراض ونقص الأدوية بأكثر من 100 حالة وفاة.
من جهته، قال ممثل سكان توتي، مضوي مختار، إن الأسر غادرت بسبب معاناتها في الحصول على الطعام والشراب والعلاج بعد توقف محطة مياه المقرن وشح المواد الغذائية في التكايا.
حصار توتي
تقع جزيرة توتي وسط العاصمة الخرطوم، عند التقاء النيلين الأبيض والأزرق في منطقة المقرن، يحدها جنوبًا القصر الجمهوري، وشرقًا القيادة العامة للجيش، ما جعلها وسط مناطق الاشتباك بين الجيش والدعم السريع.
وتبلغ مساحتها 990 فدانا، وعدد سكانها 25 ألف نسمة، بينما قدر عدد الباقين بالجزيرة حاليًا بحوالي 10% من سكانها. ومنذُ الشهور الأولى للحرب التي اندلعت منتصف أبريل يعاني سكان توتي من آثار حصار الدعم السريع.
ونددت منظمات ولجان مقاومة بحصار الدعم السريع لسكان الجزيرة، حيثُ أغلقت الدعم السريع جسر توتي الرابط الوحيد للجزيرة بالعاصمة وقيدت حركة مرور المواطنين، والسلع الاستهلاكية والدواء وسط مخاطر من التنقل عبر مراكب النقل النهري التي كان يستخدمها سكان توتي قبل تشييد الجسر في 2008.
وللمرة الأولى منذ تأسيس الجزيرة يتم دفن الموتى في مزارع وحدائق الجزيرة التي لا توجد بها مدافن لصغر مساحتها، وكان سكان الجزيرة يلجؤون سابقًا إلى استخدام المراكب النهرية لنقل الجثامين ودفنها في مقابر بمدينة بحري قبل أن تمنعهم قوات الدعم السريع من ذلك.
وشهد منتصف يوليو خرجت 185 أسرة من جزيرة توتي إلى مدينة أم درمان. وقال والى الخرطوم أحمد عثمان حمزة، إن احتجاز الدعم السريع للمواطنين فاقم من حرب المدن التي يخوضها الجيش السوداني.
وأدى القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والذي اندلع في أبريل 2023، إلى قتل آلاف الأشخاص ونزوح الملايين، وفقًا للأمم المتحدة.
الوسومالدعم السريع السودان جزيرة توتي
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الدعم السريع السودان جزيرة توتي
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع يدمر حاضر السودانيين وقادة الجيش والإسلاميون يدمرون مستقبلهم
منذ ١٧ شهراً، يعيش السودان في صراع مستمر، حيث يجد السودانيون والسودانيات أنفسهم في مواجهة تدمير آني لحاضرهم ومستقبلهم بواسطة أولئك المناط بهم حماية مصالحهم ومن يدعون ذلك.
قوات الدعم السريع والحرب على حاضر السودان
تُعتبر قوات الدعم السريع رمزاً للدمار وعدم الاستقرار في حياة السودانيين. نشأت هذه القوات في إطار نظام الإسلاميين كقوة غير نظامية لها نفوذ واسع، وبدأت عملياتها بتدخلات مدمرة في دارفور، وامتدت تأثيراتها لاحقاً إلى مناطق أخرى، مخلفةً وراءها آثاراً كارثية على حياة الناس ومؤسسات الدولة والمجتمع.
لم تقتصر هجمات قوات الدعم السريع على الاشتباكات المسلحة فقط، بل طالت أيضاً حياة المدنيين وممتلكاتهم، والأنظمة الاجتماعية، والخدمات الأساسية، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية وتشتيت السكان ونهب الموارد. وفي ظل سيطرتهم، أصبح من الصعب على المواطنين العيش بأمان أو السعي لكسب العيش، فقد قتلت الناس وهتكت عروضهم ونهبت أموالهم ودمرت سبل حياة الناس بالكامل. هذا الدمار الذي يطال الحاضر لن يختفي بسهولة، إذ أن آثاره الاجتماعية والنفسية والاقتصادية ستستمر لتؤثر على الأجيال القادمة، تاركةً وراءها جروحاً يصعب التئامها.
قيادة الجيش والإسلاميون وظلالهم على مستقبل السودان
بينما تدمر قوات الدعم السريع الحاضر، يُعَرِّض قادة الجيش والإسلاميون مستقبل السودانيين للخطر. فبدلاً عن بناء جيش وطني موحد، تعتمد قيادة القوات المسلحة والإسلاميون على تعزيز شبكات من الميليشيات القبلية والمناطقية كقوة موازية للدعم السريع، وبعض هذه المليشيات لها امتدادات قبلية مع دول جارة. المفارقة هنا أن هذا النهج ذاته تسبب في معضلة الدعم السريع، الذي يتمتع بعلاقات خارجية مستقلة وموارد مالية وقوانين خاصة.
تشكل هذه التحالفات بين قيادة الجيش والاسلاميين والميليشيات الجديدة هذه والقديمة تهديداً للاستقرار الوطني. فعندما تعتمد المؤسسة العسكرية الأولى في البلاد على الميليشيات، فإن ذلك يقضي على أي فرصة لبناء دولة قوية متماسكة. والأدهى من ذلك، يساهم هذا الأسلوب في تحويل السودان إلى مجتمع مليء بالانقسامات والصراعات الداخلية.
ومن منظور سياسي، فإن استراتيجيات قادة الجيش والإسلاميين تلقي بظلالها على الحكم في البلاد، إذ يركزون على تأمين سلطتهم من خلال تقوية نفوذ الميليشيات بدلاً من السعي لتأسيس نظام ديمقراطي أو حتى نظام عسكري متماسك داخلياً. نتيجةً لذلك، يصبح الانتقال إلى الاستقرار في السودان أكثر صعوبة، ويظل السودان محصوراً في دائرة مغلقة من الانقسامات، مما يعطل أي محاولة جادة لإقامة دولة قائمة على الوحدة وذات استقرار نسبي.
تأثيرات مزدوجة على المجتمع السوداني
وفي ظل هذا الواقع، يجد المواطنون السودانيون أنفسهم في وضع مأساوي. بينما تسلب قوات الدعم السريع الاستقرار من الحاضر، تضمن قيادة الجيش والإسلاميون مستقبلاً مليئاً بالتشظي والانقسامات. هذا الصراع المتبادل يهدد المجتمع السوداني بأكمله، ويمنع أي تقدم حقيقي نحو بناء دولة تحترم مواطنيها وتسعى لتحقيق تطلعاتهم. وبدلاً من أن يكون الجيل الجديد حاملاً لراية النهوض بالوطن، يجد نفسه ضحية لصراع لم يختاره، مما يدفعه إلى الهجرة أو الانخراط في نزاعات لا دخل له فيها. في ظل هذا الوضع، يتم تهميش قطاعات التعليم والرعاية الصحية والتنمية الاقتصادية، فتُترك الأجيال القادمة دون أي أساس قوي لبناء سودان مستقر وربما لا وجود للسودان الذي نعرفه حاليا.
ما يواجهه السودان اليوم هو أزمة وجودية تتطلب تدخلات حاسمة من أجل إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس قومية موحدة، بعيداً عن النزعات القبلية والتحالفات المؤقتة. الحلول قد تكون بعيدة المنال حالياً، لكنها تبدأ بوعي المجتمع السوداني بمخاطر هذه السياسات والسعي للوحدة الوطنية، إضافة إلى ضغط المجتمع الدولي لدعم السودان في سعيه لتحقيق السلام والاستقرار.
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد