تفاصيل تهز الوجدان من غزة .. كيف كانت الليلة التي فقدت فيها عائلتك؟
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
يمانيون – متابعات
لم تكن ليالي الإبادة التي يعيشها مليونا فلسطيني في قطاع غزة حدثاً عابراً، فتفاصيلها المروعة ستترك ندبات على ذاكرة الضحايا الناجين
وفي لحظة فارقة، قلبت حياتهم رأساً على عقب، وجدوا أنفسهم وسط دوامة “عقدة الناجي الوحيد” وسؤال النفس المشبع بالألم، لماذا لم أكن معهم؟
في غزة.. هناك من القصص التي في تفاصيلها ما يهز الوجدان والضمير الانساني، تفاصيل وثقها العشرات من المواطنين الفلسطينيين، شاهدتهم في الرد على سؤال طرحته الصحيفة الفلسطينية “وعد أبو زاهر”، على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، “كيف كانت تلك الليلة التي فقدت فيها عائلتك، أين كنت؟
تقول “أسماء” التي تقيم في الأردن: “كانت ليلة غريبة انقطع فيها الاتصال للمرة الثالثة، وبدون شعور كان لساني يردد، اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه.
استيقظت “أسماء” على اتصال غير معتاد من ابن عمها في الضفة، قالت: “طلبت منه التحدث بسرعة إن كان هناك شيء فطلب مني الهدوء، فكررت طلبي مراراً أن يحكي.. أخبرني أنهم قصفوا بيت أخي، سألته مين استشهد؟ ضل ساكتاً، سألته طيب مين عايش ضل ساكتاً.. كلهم استشهدوا؟
وتمضي بالقول: “أخذ ابن عمي في البكاء، وأنا كان ردي الحمد لله، لأنه ماما هيك كانت بدها يا يعيشوا كلهم يا يموتوا كلهم.. واستشهدوا كلهم سوى، ماما، بابا، إخواني الاثنين، ونسوانهم وبناتهم، وخواتي، وزوج أختي وابنها”، كلهم استشهدوا”.
لماذا نحن على قيد الحياة
أما “منار مروان” التي تعيش في غزة، فكتبت: “كنا تحت الأنقاض، ولفظ زوجي أنفاسه الأخيرة بجانبي، واستشُهد، وأنا ما زلت أنادي عليه، وأمد يدي له كي يسمعني.. لم تكن ليلة، بل كانت كابوساً سيلاحقني إلى أن ألتقي به”.
ووثقت أسماء نعيم ما حدث في تلك الليلة بالقول:”كنا ١٩ شخصاً في البيت، أنا وأخواتي وأبناؤنا ١٢ شخصاً في غرفة صغيرة، كلنا نيام، كل واحد بجانب الآخر، سماح وطفلتها لارا، شيماء وابنها تيسير، بجانبها بتول، ومقابلها باقي أخواتي، وبقرب الحائط أنا وبناتي ليا وريما في حضني”.
وتخبر أن ليلة الفقد تلك كان قد مر على حرب الإبادة أكثر من ستة شهور “أرى ليلة القصف كل ليلة، أراها في عيناي كلما أغلقتهما، أرى الظلام الحالك، وركام البيت وأكوام الحجارة، أرى اشتعال النار رغم امتلاء عيناي بالتراب والغبار. أرى ابنتاي، ليا وريما، ممددتين أمامي وأنا عاجزة، لا أتحرك ولا أستطيع الوصول إليهن”.
وتزيد بالقول: “أدركت أننا الهدف، أسمع دقات قلبي، يكاد ينفجر، أصرخ بلا وعي، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله. صرخت وفمي مليئاً بالتراب، صرخت حتى انهارت قواي، لم أعلم ما أفعل غير أن أكررها، علها تكون آخر كلماتي، وتعود طائرة فتلحقني بمن سبقنا عاجلاً”.
أدركت أسماء لحظتها أنها في أصعب اختبار لم يمنعها من الشعور بالذنب، تقول: “بدأت وسط هذه النيران والركام أحدث نفسي بأني ما زلت في الدنيا الدنيّة، لماذا؟ لماذا أنا على قيد الحياة؟ لماذا لم تختارني؟ لماذا رأيت الموت ولم يكتب لي الشهادة معهم؟ هل أنا لوحدي؟ أين هم؟ أين البقية؟ كيف سأخبر أمي؟ ثم يأتيك خبرهم واحداً تلو الآخر، تكاد تسمع، تكسر جدار قلبك مع ذكرهم كل اسم فكانت القاصمة، لم تنجُ ابنتي ليا، لم نجد شيماء، وعرفنا تيسيراً من البنطلون الأزرق”.
أما “آلا محمود” فكتب: “كنت أرضع صغيرتي التي لم تتجاوز ٥ أيام، تحدثت معه عبر الهاتف، وكان آخر ما قاله لي: لا تخافي، دير بالك على سارة. بعد ساعات خرج إلى بيت عمه، ومن عادتي قبل أن تغفو عيني أقرأ الأخبار”.
وتابعت: “قرأت قصف البيت وكذبت عيني، ثم صرخت خوفاً، لم أنم ليلتها، شعرت بحرارة عالية، وشعرت بنخزة في قلبي، لم يستطيعوا إخراجه من تحت الأنقاض، ناجيت الله ليل نهار أن يخرج حياً، لكن قدر الله نافذ، استطاعوا إخراجه ودفنه بعد ثلاثة أيام من استشهاده”.
وتمضي بالقول: “من يومها أصبحت أتفاجأ بدموع من عيوني بسبب وبدون سبب، لازلت أشعر أنه على قيد الحياة وأتعامل مع ذلك، حتى أنني عندما أذكر اسمه يصعب على قول -رحمه الله- أدعو له ما كنت أحب أن ادعوه له بالدنيا.. الله يرضى عنك!
أموات أم أحياء؟
ويروى ثائر أبو وردة حكايته قائلاً: “شاهدته على تلك الليلة التي فقد فيها والديه، وجرح فيها شقيقه عائد: “كانت ليلة قاسية، ظللت معهم عبر مجموعة “الواتساب” حتى الفجر، تلقينا من أبي دعاء، ووصية لنا بأن نكون رحماء على بعضنا كرجال، وأخواتنا على وجه الخصوص”.
ويضيف: “جميعنا استغرب من هذه الرسالة.. كان أخي يرسل لي عن شدة القصف، وعن ثباتهم، ويطلب مني النوم وعدم القلق عليهم.. غفت عيني ساعتين حتى جاء الخبر الذي زلزل روحي، وغير حياتي كالصاعقة الساعة السابعة والنصف”.
ويتابع: “جرح عائد بما يقدر بخمسين غرزة، وأكثر من رأسه حتى قدميه، وقد ظل نصف ساعة ينزف بعد استشهادهم لا يعلم شيئاً غير أنه أزاح نفسه فوقهم عسى أن يأتي صاروخ آخر، ويستشهد معهم، لكنه لم يأتِ، فقررت الزحف حتى استطاع الاتصال بأحد”.
أما بشأن ما هز كيان ثائر فكان ما حدثه به شقيقه الذي له من اسمه نصيب، فيمضي بالقول: “عائد مكث في مشفى الشفاء بين الحياة والموت، فبينما طلب منه التمريض التحمل بعدما آووني إلى عمود لعدم وجود أسرة كافية، وهناك غبت عن الوعي وبدأت رحلة عجيبة”.
يحدث عائد شقيقه: “فتحت لي طاقة من نور، وهاتف يحدثني لا أراه يقول لي يا عائد أمرنا أن نفصل روحك عن جسدك الآن، ونأخذك إلى الملأ الأعلى في عليين على البراق”.
ويضيف: “استوقفت أخي وسألته إن كان قد رأى البراق حقاً، فقال نعم، مخلوق ما بين الحصان والحمار، وزدت عليه والهاتف، فقال لي: لا”.
ويكمل عائد لشقيقه ما حدث معه: “بدأنا نمشي في ممرات نورانية، حتى وصلنا إلى مكان لا يمكن وصفه، ووجدت معي أناس كثيرون يطلعون معي أغلبهم أطفال ويكبرون تكبيرات العيد، صدق وعده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده”.
يتابع عائد: “بدأ الهاتف يحدثني ويقول لي يا عائد أترى ما هناك، هذه السرر المرفوعة، وتلك الأكواب الموضوعة، وهناك غرفة والدك ووالدتك وغرفتك إن صبرت، وغرفة فلان وغرفة فلان لكنه لن ينالها حتى يسدد الدين الذي عليه”.
ويؤكد عائد لشقيقه: “أنا وشخص آخر فقط نعرف أن عليه دين، فقلت للهاتف أنا سأبقى هنا وسأرد دينه فرد عليّ لا عائد أنت ستعود للدنيا، أتينا بك هنا لنطمئنك، لك عمر ويجب أن تقضيه”.
ويقول عائد: “عندما أنزلوني وأرجعوا روحي لي شعرت وكأن جسدي ضرب في جدار بسرعة ٥٠٠ ألف كيلو، شيء قاسي وصعب رجوع الروح، وفتحت عيني وإذ بالناس تصورني”.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
لماذا جعل الله نصيب الذكر مثل حظ الأنثيين في الميراث؟.. الإفتاء تحسم الجدل
أكد الدكتور علي فخر، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن الميراث في الشريعة الإسلامية ليس قائمًا على مبدأ المساواة بين الذكر والأنثى، بل على مبدأ العدالة التي تأخذ في اعتبارها المسئوليات والواجبات الشرعية، جاء ذلك في رده على تساؤل حول الفروقات في الميراث بين الولد والبنت، وهل يكون ذلك ظلمًا للبنت.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث تتحقق فقط في أربع مسائل شرعية فقط، وهي حالات معينة تتعلق بالأبناء والبنات، والأنساب من الأجداد والجدات، أما في باقي الحالات، فقد تكون الأنثى قد ترث مثل الرجل أو أكثر من الرجل، أو لا ترث أحيانًا حسب الحالة.
وقال: "الشرع الشريف عندما قسم الميراث، راعى مسئوليات الذكر والأنثى، فعلى سبيل المثال، الرجل عليه مسئوليات مالية أكبر، مثل نفقته على الزوجة والأبناء، بينما لا تُطالَب الأنثى بهذه المسئوليات، ولهذا كانت حصته في الميراث أكبر في بعض الحالات".
واستشهد بمثال توضيحي: "إذا كان لديَّ ولد وبنت، وأعطيت البنت 50 جنيهًا لتصرف على نفسها، بينما أعطيت الولد 100 جنيه لأنه مسئول عن أخته وينبغي أن ينفق عليها، فإن ذلك لا يعد ظلمًا، بل هو عدالة، لأن الشرع أوجب على الولد مسئوليات مالية أكبر".
وأكد الدكتور علي فخر أن العدالة الشرعية تقتضي أن يحصل الذكر على نصيب أكبر من الميراث في بعض الحالات، بسبب تكاليف الحياة التي يتوجب عليه تحملها، بينما تظل الأنثى غير مكلفة بهذه الأعباء، وهذا هو الفرق بين المساواة والعدالة في النظر إلى الميراث في الإسلام.
جدل بسبب المطالبة بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأةيذكر أن الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أثار جدلاً فقهياً بفتواه التي رأى فيها أنه لا يوجد نص قرآني يمنع المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث.
وقال سعد الدين الهلالي، خلال حوار تلفزيوني، إن وظيفته هي البيان والتوضيح، مُستشهدًا بقول الله تعالى: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»، موضحًا أن الآية القرآنية التي تأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتبين للناس ما نزل إليهم.
واعتبر سعد الدين الهلالي، أن القرار في نهاية المطاف هو قرار شعبي وليس قراره أو قرار أي فرد آخر، مشيرًا إلى أن المطالبة بالمساواة في الميراث ليست ممنوعة بنص صريح في القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية الشريفة، خاصة بين المتساوين في درجة القرابة كالأخ والأخت.
وتابع: إن هذه المساواة قد تحققت بالفعل في تركيا منذ عام 1937، كما أنها موجودة جزئيًا في مصر في توريث المعاش بموجب القانون 148 لسنة 2019، حيث يتم توريثه للذكور والإناث على حد سواء، مشيرًا إلى الممارسات الواقعية في بعض الأسر المتراحمة التي تتقاسم التركة بالتساوي بالتراضي.
وفي تفسيره للآية القرآنية «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ»، طرح الدكتور سعد الدين الهلالي، معنيين مُحتملين: الأول هو وصية الله بتمييز الذكر، والثاني هو وصية الله بعدم حرمان الأنثى من نصيبها ولو كان سهمًا واحدًا من سهمين.
وطالب الدكتور سعد الدين الهلالي، بفهم النص القرآني على أنه قد يوصي بالضعيف (المرأة) لضمان عدم حرمانها من الميراث.
وأفاد الدكتور سعد الدين الهلالي، بأن ظاهر الآية لم يتم العمل به بشكل كامل حتى نهايتها، مُستشهدًا بسياق الآية حول نصيب النساء فوق اثنتين ونصيب الأم في حالة عدم وجود ولد للمتوفى، وكيف أن الفقهاء اختلفوا في تفسيرها وتطبيقها، بما في ذلك اختلاف الصحابة في عصر عمر بن الخطاب حول نصيب الأم.