لماذا جاءت ردود الفعل باهتة على قصف إسرائيل ميناء الحديدة؟
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
رغم أن الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة يعتبر عدواناً سافراً على بلد عربي، إلا أن ردود الفعل العربية لم تكن بحجم هذا الاعتداء وتأثيره على الأزمة الإنسانية التي يعاني منها اليمنيون بسبب الحرب الدائرة منذ 10 سنوات، فما هو سبب خفوت أصوات الإدانة لهذا الهجوم الإسرائيلي الأول من نوعه على اليمن؟
مراقبون كثر أرجعوا خفوت إدانة الدول العربية للهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة إلى طبيعة المليشيا الحوثية النزاعة إلى إشعال الحروب ومهاجمة كل من يعارض هذه النزعة واتهامه بالعمالة والخيانة، إضافة لربط الحوثيين مصير الجزء الذي يسيطرون عليه من الأراضي اليمنية بالصراع الإيراني الإسرائيلي وخروجها عن إطار الموقف العربي في صراعه التاريخي مع العدو الإسرائيلي.
من بين الدول العربية، لم تعلق غير السعودية ومصر على هذا العدوان في اليوم التالي مباشرة، بينما التزمت بقية الدول الصمت، بما فيها سلطنة عمان- حليفة مليشيا الحوثي، حيث جاءت الإدانة العمانية متأخرة على الهجوم بأيام على بيان مفتي السلطنة.
وكان اللافت في هذا الحدث هو بيان الإدانة الصادر عن الحكومة اليمنية الشرعية، والبيانات الأخرى التي أصدرتها القوى السياسية المناهضة للمليشيا الحوثية كل على حدة. وهي بيانات تدين العدوان الإسرائيلي على اليمن بشكل واضح، ومع ذلك شكك زعيم المليشيا الحوثية عبدالملك الحوثي في جدية هذه البيانات وفي مصداقية الحكومة والأطراف الوطنية المناوئة لجماعته.
بيان الحكومة الشرعية كان واضحا وحادا و"بأشد العبارات" في إدانة "عدوان الكيان الصهيوني وانتهاكه لسيادة الأراضي اليمنية، في مخالفة صريحة لكافة القوانين والأعراف الدولية.
وحمل المصدر "الكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات جراء غاراته الجوية، بما في ذلك تعميق الأزمة الإنسانية التي فاقمتها المليشيا الحوثية بهجماتها الإرهابية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، فضلاً عن تقوية موقف هذه المليشيا، وسردياتها الدعائية المضللة".
وفي حين جددت الحكومة تحذيرها للمليشيا الحوثية من استمرار رهن مصير اليمن وشعبه والزج بهم في معاركها العبثية خدمة لمصالح النظام الإيراني ومشروعه التوسعي في المنطقة، حذرت أيضا النظام الإيراني، والكيان الصهيوني من أي محاولة لتحويل الأراضي اليمنية إلى ساحة لحروبهما العبثية، ومشاريعهما التخريبية في المنطقة.
وفي دليل واضح على جدية الحكومة وسلوكها المسؤول، دعا المصدر الحكومي المليشيا الحوثية إلى الاستماع لصوت العقل، والاستجابة لإرادة الشعب اليمني وتطلعاته، وتغليب مصالحه الوطنية على أي مصالح وأجندة أخرى، وعدم استجلاب التدخلات العسكرية الخارجية. كما دعاها إلى الانخراط الجاد في عملية السلام، ووقف كافة أشكال العنف والتصعيد العسكري.
وأكد المصدر تجديد موقف الحكومة اليمنية "الثابت والداعم للشعب الفلسطيني"، ودعوتها في هذا الخصوص المجتمع الدولي إلى "اتخاذ كافة الخطوات اللازمة لوقف العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وتحقيق تطلعاته في الأمن والاستقرار والحياة الكريمة، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".
ومن منطلق مسؤول أيضاً، قالت وزارة الخارجية السعودية في اليوم التالي للهجوم الإسرائيلي على الحديدة، إنها تتابع بقلق بالغ تطورات التصعيد العسكري في اليمن، بعد الهجمات الإسرائيلية التي شهدتها محافظة الحديدة مساء السبت.
وأضافت، في بيان نشرته عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس"، إن تلك الهجمات "تضاعف من حدة التوتر الحالي في المنطقة، وتضر بالجهود المستمرة لإنهاء الحرب على غزة"، داعية "كافة الأطراف للتحلي بأقصى درجات ضبط النفس والنأي بالمنطقة وشعوبها عن مخاطر الحروب، وأن يضطلع المجتمع الدولي والأطراف المؤثرة والفاعلة بأدوارهم ومسؤولياتهم لإنهاء الصراعات في المنطقة"، بحسب البيان.
كما قالت الخارجية السعودية، إنها "تؤكد على استمرار جهود المملكة العربية السعودية لإنهاء الحرب على غزة، ودعمها المستمر لجهود السلام في اليمن لتجنيب شعبها الشقيق المزيد من المعاناة، وتحقيق الأمن والسلم في المنطقة".
في نفس اليوم وذات السياق، ذكر بيان لوزارة الخارجية المصرية، أن القاهرة "تتابع بقلق بالغ العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي اليمنية، وتطالب بضبط النفس والتهدئة وإنهاء الحرب على قطاع غزة".
وشددت مصر على أهمية تكاتف الجهود الدولية من أجل صون أمن واستقرار المنطقة، محذرةً مما سبق وأن أشارت إليه من مخاطر توسيع رقعة الصراع في المنطقة على إثر تطورات أزمة قطاع غزة، وبما سيدفع الإقليم بأسره إلى دائرة مفرغة من الصراعات وعدم الاستقرار.
ودعت كافة الأطراف لضبط النفس والتهدئة، وتجنب الانزلاق لفوضى إقليمية، مطالبة كافة الفاعلين على المستويين الإقليمي والدولي للاضطلاع بمسئولياتهم من أجل إنهاء الحرب الإسرائيلية في غزة باعتبارها السبب الرئيس في ارتفاع حدة التوتر والتصعيد الإقليمي الحالي. كما أعادت "التأكيد على موقفها الراسخ والداعي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والسماح بنفاذ المساعدات الإنسانية بدون أي عوائق إلى القطاع، وذلك على ضوء أن تلك هي الخطوة الرئيسية والضرورية لاحتواء التوتر، والركيزة الأساسية لإقرار التهدئة الشاملة في المنطقة، وحفظ الأمن والاستقرار الإقليمى". وخلال الأسبوع الماضي القليل فقط من الدول العربية علقت على الهجوم الإسرائيلي على الحديدة، مبدية خشيتها وتحذيرها من تصعيد المواجهة العسكرية بين إيران ووكلائها في المنطقة وبين إسرائيل.
لكن زعيم المليشيا الحوثية لم تعجبه هذه الإدانات للعدوان الإسرائيلي على اليمن، وقال في خطاب له في اليوم التالي تعليقاً على الهجوم، إن بعض بيانات الإدانة للهجوم الإسرائيلي على الحديدة تتضمن تعبيراً "بطريقة مؤدبة"، لكن في نفس الوقت "يعقبها تعبير عن عداء شديد، وحقد، وتكرار نفس المنطق الإسرائيلي" في توصيف موقف جماعته من الحرب الإسرائيلية على غزة.
ويشير تعليق عبدالملك الحوثي على بيانات الإدانة إلى نزعة الاستكبار والاستعلاء لديه وقيادات جماعته، وذلك من خلال وصفه الجزء الذي أعجبه من البيانات بـ"الطريقة المؤدبة" وكأنه يتعامل مع برقيات رفعها له أنصاره! كما وجّه اتهامات الخيانة والنفاق لمن وصفهم بـ"عملاء أمريكا وإسرائيل" لمجرد أنهم لم يدينوا الهجوم الإسرائيلي الذي توقعته جميع الدول وجميع المراقبين والنشطاء بعد مهاجمة المليشيا تل أبيب بطائرة مسيرة.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الهجوم الإسرائیلی الملیشیا الحوثیة الأراضی الیمنیة الإسرائیلی على فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
بن مبارك يقود إجتماعاً مشتركاً بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة يخرج بنتائج هامة واستراتيجية
أقر اجتماع مشترك بين الحكومة اليمنية ترأسه رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك في العاصمة المؤقتة عدن
والأمم المتحدة " تشكيل لجنة تنسيق دائمة مشتركة تهدف إلى وضع إطار استراتيجي للتعاون بين الطرفين، بما يضمن توافق تدخلات الأمم المتحدة مع أولويات الحكومة اليمنية.
كما تم التأكيد على أهمية مراقبة الأداء العام، وتعزيز الارتباط بالعمليات التنموية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، مع التركيز على التحول من المساعدات الإنسانية إلى التعافي والتنمية المستدامة لخدمة مصالح الشعب اليمني.
كما شهد اللقاء نقاشات مكثفة حول نتائج التنمية لعام 2024 وأولويات العام 2025، بهدف تنسيق الجهود بين الحكومة وفريق الأمم المتحدة القطري لمواجهة التحديات التمويلية المتوقعة وتعزيز التكامل في تنفيذ المشاريع التنموية.
وتم خلال الاجتماع اعتماد الشروط المرجعية لعمل اللجنة المشتركة لضمان مواءمة الاستراتيجيات الوطنية مع الأطر التنموية التي تتبناها الأمم المتحدة.
وفي كلمته، نقل رئيس الوزراء تحيات رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي وأعضاء المجلس للحاضرين، مشيراً إلى أهمية هذا الاجتماع كونه الأول من نوعه الذي يجمع الحكومة اليمنية ومنظمات الأمم المتحدة في عدن منذ الانقلاب الحوثي، والذي كان له تأثير سلبي على كافة جوانب الحياة في اليمن.
واعتبر رئيس الوزراء اللقاء فرصة لإعادة ضبط المسار وضمان توافق جهود المانحين مع الأولويات الوطنية وخطة الحكومة للتعافي الاقتصادي للعامين 2025-2026، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
كما عبر الدكتور أحمد عوض بن مبارك عن تقديره لجهود الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في التخفيف من الأزمة الإنسانية في اليمن، مثمناً العمل الذي قام به العاملون في المجال الإنساني رغم التحديات، خاصة في المناطق التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي.
وأشار إلى الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها المليشيات، بما في ذلك اعتقال وتعذيب العاملين في المنظمات الإنسانية وإصدار أحكام بالإعدام ضد بعضهم، وهو ما دفع الحكومة إلى تكثيف جهودها لمتابعة هذه القضية دولياً.
وأكد رئيس الوزراء مجدداً على ضرورة نقل مقرات منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى عدن، مشدداً على التزام الحكومة بتوفير الدعم اللازم لضمان انتقال سلس وآمن، مع ضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية لجميع اليمنيين دون تمييز.
كما أشار إلى أهمية التحول من العمل الإغاثي إلى المشاريع التنموية، لافتاً إلى أن الحكومة قد أنجزت خطة قصيرة المدى لتعزيز التعافي الاقتصادي وتسعى إلى حشد الدعم الدولي لتنفيذها.
وأوضح أن تدخلات المانحين عبر وكالات الأمم المتحدة تمثل فرصة لدعم جهود الحكومة في تحسين الوضع الاقتصادي، من خلال توجيه المشاريع نحو القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، مؤكداً التزام الحكومة بتوفير بيئة آمنة تسهم في تسريع العمل الإنساني والتنموي.
وفي ختام الاجتماع، شدد رئيس الوزراء على ضرورة استمرار الحوار والتنسيق بين الحكومة ومنظمات الأمم المتحدة لضمان تحقيق نتائج ملموسة، معتبراً أن هذا اللقاء يشكل بداية لسلسلة من الاجتماعات الدورية لتعزيز التعاون المشترك، بما يحقق الأثر المنشود على الأرض.