انتخابات فنزويلا.. ظروف استثنائية وضبابية تلف المشهد
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
كاراكاس– من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية الفنزويلية يوم 28 يوليو/تموز الجاري في أجواء مختلفة عن الدورات السابقة، إذ يتنافس خلال هذه الدورة 12 مرشحا نالوا دعم أكثر من 30 حزبا سياسيا، وعلى رأسهم الرئيس الحالي نيكولاس مادورو الذي رشّحه حزبه الحاكم لولاية ثالثة متتالية.
وشهدت فنزويلا عام 2019 أزمة اقتصادية ضخمة، أدت لانهيار عملتها وهجرة نحو أكثر من 7 ملايين مواطن إلى دول في أميركا الوسطى والجنوبية والشمالية كذلك، بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى على البلد الذي يمتلك احتياطات هائلة من النفط والذهب.
كما شهدت هذه الانتخابات صدور قرار قضائي بعدم أهلية زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو للترشح، مما جعلها تدعم حملة المرشح إدموندو غونزاليس أوروتيا، الدبلوماسي الأسبق البالغ من العمر 74 عاما.
بماذا تختلف هذه الدورة من الانتخابات عن غيرها من الدورات، ولمن سيمنح العرب من المهاجرين أو من ذوي الأصول العربية أصواتهم؟
أبرز مرشحي المعارضة الفنزويلية إدموندو غونزاليس أوروتيا (الأناضول) انتخابات مختلفةالناشط الفلسطيني المقيم في فنزويلا معاذ موسى، يرى أن الانتخابات الحالية تختلف في السياق والشكل والمضمون عن الانتخابات السابقة لعوامل عدة، أبرزها الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي "تغيرت كثيرا منذ وصول الرئيس مادورو إلى سدة الحكم عام 2013".
ولحق ذلك التغيير -وفقا له- تغيير في المعارضة التي يقول إنها "انقسمت على نفسها بعد عدة محاولات فاشلة لتغيير نظام الحكم، سواء عبر المظاهرات التي رافقتها حملات عنف بين عامي 2016 و2019، أو عبر محاولة فرض حكومة موازية فشلت أيضاً بعد تراجع الدعم الداخلي وتغير الخارطة الداعمة سياسيا في أميركا اللاتينية تحديدا، ولاحقا بوصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى سدة الحكم".
ويتابع موسى في حديث للجزيرة نت بأن "المعارضة التي طالما توحدت في الانتخابات السابقة وأفرزت مرشحاً وحيداً، تبدو اليوم منقسمة ولها 9 مرشحين بغض النظر عن مدى نفوذ وجماهيرية كل منهم، لكن تشظي هذه المعارضة يقدم للحزب الحاكم ومرشحه مادورو أفضلية بالتأكيد".
ويشير موسى إلى أن المواطن الفنزويلي عانى على مدار السنوات الأخيرة من تبعات العقوبات الأميركية، التي لم تقتصر -برأيه- على الجوانب الاقتصادية، كتراجع مستوى الدخل وتدني مستوى الخدمات التعليمية والصحية وشبه انهيار لمنظومة الكهرباء والإنترنت والنقل، بل تعدت ذلك لتشمل الجانب الاجتماعي.
أفضلية لمادورو
وفي السياقين الإقليمي والدولي، يعتقد موسى أن الفوز يميل لصالح الرئيس مادورو، فـ"العديد من الدول في القارة أعادت فتح سفاراتها في العاصمة الفنزويلية كاراكاس، خاصة كولومبيا صاحبة التأثير الأكبر بحكم التاريخ والجغرافيا". أما بالنسبة لواشنطن، فيعتقد موسى أن هناك ما يشير إلى استعدادها استئناف الحوار بناء على تفاهمات سابقة في الدوحة أو باربادوس، مما يقلّص فرص المعارضة في الفوز مقارنة بفرص الرئيس مادورو.
بالنسبة لموسى، فإن الأمن والاستقرار من الممكن أن يتحققا في عهد مادورو إذا تم التوصل لتفاهم مع الدول الإقليمية الكبرى، ومن خلال تدفق النفط عبر الشركات الأميركية، إذ تم التصويت في البرلمان الفنزويلي على تمديد التعامل مع شركة شيفرون حتى عام 2050، الأمر الذي سيسهم، حسب تصورات الإدارة الأميركية الحالية ومراقبين، في التخفيف من عبء المهاجرين واستقرار أسواق الطاقة.
وحتى في حالة فوز ترامب ومساعديه، فهؤلاء -والكلام لموسى- غير متحمسين للعودة لاستخدام الأساليب ذاتها، وهو اعتراف ضمني بأن العقوبات أدت لتقريب فنزويلا وغيرها من الدول التي تعرّضت لها، مثل روسيا والصين وإيران.
من جانبه، يتفق الناشط المقيم في فنزويلا، جهاد يوسف، مع القول بتمتع مادورو بأفضلية على المعارضة، رغم الظروف الصعبة والاستثنائية التي تعقد فيها الانتخابات.
وفي الوقت نفسه، فالرئيس الحالي مادورو، بحسب يوسف، يحظى بدعم العديد من الأحزاب اليسارية والتقدمية، أما المعارضة فمرشحها الأبرز الدبلوماسي السابق إدموندو غونزاليس أوروتيا، لا يملك أي تجارب قيادية أو شعبية.
يعتقد مراقبون أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة وزيادة سكان الأحياء الشعبية الفقيرة ستؤثر في الانتخابات (غيتي) انتخابات معقدةبدوره، رأى الدبلوماسي الفنزويلي السابق غوستافو أسوكار ألكالا، أن للأزمة الاقتصادية دورا في توجيه صوت الناخب الفنزويلي، إضافة للأزمة الاجتماعية. ويرى ألكالا أن قوة الحركة التشافيزية ومناصري نيكولاس مادورو خلال كل السنوات الماضية سكنوا في أحياء شعبية زادت فيها نسبة الفقر وتأثرت كثيرا بالأزمة المالية، فضلا عمن غادر البلاد وهم حوالي 8 ملايين.
في المقابل، تبدو المعارضة، بحسب ألكالا، أكثر توحدا وقوة إضافة إلى استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن مرشح المعارضة إدموند غونزالس تجاوزت شعبيته شعبية مادورو، وهو أمر يحدث لأول مرة منذ 20 عاما.
وذهب ألكالا إلى أن مرشح المعارضة له فرصة للفوز، وخصوصا أنه يحظى بدعم زعيمة المعارضة ماتشادو ذات الشعبية الواسعة حاليا في فنزويلا.
تشارك أستاذة الفلسفة السياسية والعلوم الاجتماعية في جامعة سيمون بوليفار في فنزويلا ألكالا الرأي، وتعتقد أنه "رغم أن هذه الانتخابات لا تتمتع بظروف حرة تنافسية بل فرضت عليها الحكومة قيودا فإن المعارضة حاضرة فيها بقوة".
وبعكس يوسف وموسى، فهي ترى أن "المعارضة توحدت ليس على المستوى السياسي بل الانتخابي"، مضيفة أنه "في حال لم تكن نتائج الانتخابات في صالح مرشح المعارضة بسبب تشديد الوصول إلى مراكز الاقتراع، فإنه لا يمكن توقع ردة فعل أي طرف في حال فوز الطرف الآخر".
ووصفت المشهد بأنه "يتسم بالكثير من عدم اليقين"، وبرأيها فإن الأمر يتعلق بالإقبال على التصويت، فإذا أتيح للناس الوصول فإن المعارضة ستفوز.
أصوات الجالية العربية
في ظل كل ما شهدته وتشهده فنزويلا من أزمات سياسية واقتصادية، يجد المهاجر العربي نفسه في موقف يحتم عليه اتخاذ قرار بشأن الانتخاب كغيره من المواطنين الفنزويليين. يقول الناشط معاذ موسى إنه رغم وجود أعداد كبيرة من المهاجرين من ذوي الأصول العربية فإنه لا يوجد أطر قوية واضحة تجعلهم يتفقون على قرار متعلق بالانتخابات.
فالتصويت سيكون فرديا غير منظم بالنسبة لهذه الجاليات، ومتصل أكثر بالواقع المعيش في فنزويلا. وبحسب تقديره، فإن معظم أبناء الجالية لن يشاركوا بفعالية وحماسة في الانتخابات، لكن قسما مهما من أصوات العرب ستذهب لمادورو بسبب وقوفه إلى جانب القضايا العربية وليس إلى من وصفهم بـ"اليمين المتطرف".
من ناحية أخرى، يشرح يوسف أسباب عدم تأثير أصوات أبناء الجالية قائلا "إن قسما كبيرا من العرب غير مسجل في السجل الانتخابي وذلك يعود لرغبة شخصية منهم منبعها الجهل أو التقاعس".
وتوقع يوسف أن "من لديه الحق في التصويت وخصوصا الشباب والطلاب، أكثريتهم ستصوت لمرشح المعارضة، في حين سيمنح الملتزمون مع الأحزاب اليسارية أصواتهم لمادورو".
من جانبه، يقول الناشط والمهاجر اللبناني في فنزويلا، هيثم عجمي، إن "أغلب العرب سيصوتون للمعارضة الفنزويلية مع الأسف"، رغم أن "رئيسة المعارضة لم تكف ولا لحظة عن التبجح بدعمها لإسرائيل"، وذلك على أمل أن يتغير الوضع الاقتصادي في عهد المعارضة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی فنزویلا
إقرأ أيضاً:
عبير موسى تواجه عقوبة الإعدام في تونس.. ما التهم الموجه إليها؟
وجّه القضاء التونسي، إلى رئيسة "الحزب الدستوري الحر"، عبير موسي، تهمة "التّخطيط لتبديل هيئة الدولة"، وهي التي وصفها عدد من الحقوقيين في تونس، بـ"التهمة الخطيرة"، في خطوة أشعلت الجدل حول خلفيات القضية.
وتتعلق التهمة التي تم توجيهها إلى موسى، عقب إيقافها في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2023، بحادثة مثيرة في القصر الرئاسي، حيث توجهت موسى إلى "مكتب الضبط" التابع للقصر لإيداع تظلّم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، ورغم إصرارها على تقديم التظلّم، تم إيقافها من قبل السلطات الأمنية، ومن ثم تم إيداعها في السجن.
وبحسب محاميها، فقد تم إبلاغهم من قبل القضاة بتوجيه تهمة: "الاعتداء الذي يهدف إلى تغيير هيئة الدولة" وفقًا للفصل 72 من المجلة الجزائية، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى عقوبة الإعدام في أسوأ الأحوال.
إثر ذلك، تؤكد هيئة الدفاع عن موسى، أنّ: "التحقيقات الأولية أظهرت عدم وجود جريمة، وأن قرار القضاة المفاجئ بتوجيه الاتهام لها كان غير متوقع".
وخلال مؤتمر صحفي، نظمته هيئة الدفاع، طالب محامو موسى بمراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة الموجودة في مكان الحادثة، لكن طلبهم قوبل بالرفض من قبل المحكمة. الآن، تستعد هيئة الدفاع للطعن في هذا القرار، وتؤكد على أن القضية تحمل أبعادًا سياسية مشحونة.
تجدر الإشارة إلى أن موسى، التي كانت مرشحة للانتخابات الرئاسية في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وكانت من أبرز المعارضين للرئيس التونسي الحالي، قيس سعيد، إلا أن هيئة الانتخابات رفضت ملف ترشحها، ما يزيد من تعقيد القضية في ظل توترات سياسية بين الطرفين.
وتواجه موسى، أيضًا، ملاحقات في قضايا أخرى، أبرزها قضية رفعها ضدها "هيئة الانتخابات" بتهمة نشر "معلومات مضللة" بشأن الانتخابات التشريعية لعام 2022 بعد أن أقدم الرئيس سعيد على تعديل النظام السياسي في 2021.
أعلن فريق الدفاع عن رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، أن قاضي التحقيق قرر إحالتها على القضاء وفق الفصل 72 من المجلة الجزائية، الذي ينص على عقوبة الإعدام، رغم تأكيدات سابقة من عميد قضاة التحقيق وخبير إعداد التقرير التكميلي ودائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف ومحكمة التعقيب بعدم… pic.twitter.com/J63DCmOpas — شبكة عليسة (@ElyssaTunisia) November 20, 2024