إعلان بكين..طريق إلى السلام العالمي
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
قيصر نواب
ترجمة: بدر بن خميس الظفري
في إنجاز تاريخي للدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط، قامت بكين بدورٍ محوري في تسهيل المصالحة بين 17 فصيلا فلسطينيًا، بلغ ذروته في اتفاق تاريخي وُقّع في العاصمة بكين في 23 يوليو 2024. وتمثل هذه المصالحة خطوة مهمة نحو الوحدة والسلام في منطقةٍ عانت طويلا من الصراع والانقسام.
إعلان بكين، الذي وقعه ممثلون من شتى الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك الحركتان الرئيستان حماس وفتح، يعدّ خطوة مهمة نحو معالجة الانقسامات القائمة في السياسة الفلسطينية منذ فترة طويلة. إن هذا الاتفاق هو أكثر من مجرد إنجاز سياسي؛ فهو يجسد نموذجًا محتملا لحل النزاعات، وإجراء المصالحات على نطاق عالمي.
وقد حظيت جهود المصالحة الأخيرة، التي قادها وزير الخارجية الصيني وانج يي، بإشادة واسعة النطاق، والذي شدد على الأهمية التاريخية لهذا الاتفاق، مؤكدا على أن الوحدة الفلسطينية أمر حيوي لتحقيق التحرير الوطني. وتشمل البنود الرئيسة لمحادثات بكين التأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وتشكيل حكومة مؤقتة تركز على إعادة إعمار قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وتشكل هذه المصالحة تطورا مهما لعدة أسباب. أولاً، معالجة الانقسام الداخلي للسياسة الفلسطينية، والذي كان بمثابة عائق كبير أمام تحقيق موقف موحد في المفاوضات الدولية. ومن خلال تعزيز الوحدة بين الفصائل، يعزز إعلان بكين الصوت الفلسطيني على الساحة العالمية، ويقوي موقفه في السعي إلى إقامة دولة مستقلة.
ثانيا، انسجام الاتفاق مع الجهود الدولية الواسعة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. إن تشكيل حكومة مؤقتة والدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقا لقرارات الأمم المتحدة يعكسان الالتزام بحل الدولتين، وهو هدف طويل الأمد للمجتمع الدولي.
إن مشاركة الصين بالتوسط في هذه الاتفاقية يسلط الضوء على دورها المتنامي وسيطا عالميا وداعيا للسلام، وهو امتداد للإنجازات الدبلوماسية السابقة التي حققتها الصين، مثل وساطتها بين المملكة العربية السعودية وإيران. كما تؤكد هذه المبادرات التزام الصين بتعزيز التعايش المتناغم، والتصدي للتحديات العالمية من خلال الدبلوماسية والحوار.
وقد أكد وزير الخارجية الصيني وانج يي أن نهج الصين تجاه القضية الفلسطينية يعتمد على مبادئ الإنصاف والعدالة، دون السعي لتحقيق مصالح أنانية. وقد حظي هذا الموقف بالإشادة من مختلف الجهات، بما في ذلك الفصائل الفلسطينية والمراقبون الدوليون. وَوُصِفت محادثات المصالحة، التي استضافتها بكين، بأنها علامة فارقة للوحدة الداخلية الفلسطينية وانتصار دبلوماسي كبير للصين.
إنّ إعلان بكين يمثل وضعا مربحا للجانبين، حيث تستفيد جميع الأطراف المعنية من هيكل حكم فلسطيني أكثر توحدا واستقرارا. وبالنسبة للصين، فإنها تعمل على ترسيخ مكانتها باعتبارها لاعبا رئيسيا في دبلوماسية الشرق الأوسط وتعزيز التزامها بالسلام والاستقرار العالميين.
إن نجاح محادثات المصالحة في بكين يتوافق مع الأهداف الأوسع للتعايش المتناغم والتنمية المستدامة. ومن خلال تسهيل الحوار والتعاون بين الفصائل الفلسطينية، أثبتت الصين أنه حتى الصراعات الراسخة يمكن معالجتها من خلال الجهود المتضافرة والتفاهم المتبادل.
إن تشكيل حكومة مؤقتة والتركيز على إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب في غزة يشكلان خُطْوَتـيـْنِ أساسيتين نحو إعادة بناء المنطقة وتطويرها. ولا يعالج هذا النهج الاحتياجات الفورية فحسب، بل يُرسي أيضا الأساس للاستقرار والازدهار على المدى الطويل. إن التركيز على تحقيق وقف إطلاق النار وتعزيز إعادة الإعمار يتماشى مع التطلعات العالمية للتنمية المستدامة والسلام.
علاوة على ذلك، يؤكد إعلان بكين على الالتزام بتوفير الكرامة والعدالة في العالم. ومن خلال دعم المصالحة الفلسطينية والدعوة إلى إقامة دولة مستقلة، تسهم الصين في تحقيق الهدف الأوسع المتمثل في إنشاء نظام عالمي يقوم على احترام السيادة الوطنية وحقوق الإنسان.
إن الدور الذي تلعبه الصين في المصالحة الفلسطينية له آثار كبيرة على السلام والاستقرار العالميين، وهو ما يسلط الضوء على نفوذها المتنامي وقيادتها العالمية المسؤولة. ويتوافق هذا الجهد مع إستراتيجية الصين الأوسع لتعزيز السلام من خلال مبادرات مثل مبادرة الحزام والطريق، والمشاركة النشطة في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة.
ومن خلال تعزيز محادثات السلام والمصالحة، تسهم الصين في توفير بيئة عالمية أكثر استقرارا وسلاما، وتجسد مفهوم بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية. إن مبادئ الإنصاف والعدالة والاحترام المتبادل التي تدعو إليها الصين تشكل أهمية بالغة لحل الصراعات وتعزيز السلام المستدام على مستوى العالم. إن تعزيز الصين للحوار والتفاهم هو بمثابة نموذج لمعالجة الصراعات الأخرى، مما يساعد على إيجاد عالم تتعايش فيه الثقافات والأمم المتنوعة في وئام.
ويعدّ إعلان بكين إنجازا كبيرا، ولكن التحديات لا تزال قائمة، فالتاريخ الطويل للفصائل الفلسطينية والصراع المستمر في غزة يشكلان عقبات فورية، فإعادة بناء غزة وتأمين وقف دائم لإطلاق النار هما من المهام الرئيسة للحكومة المؤقتة. ويتطلب السياق الجيوسياسي الواسع، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، دعم أصحاب المصلحة الرئيسيين.
وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن إعلان بكين يقدم إطارا جيدا للعمل، مع توفر الفرص للمجتمع الدولي، بما في ذلك الصين، لتقديم الدعم الأساسي من خلال المساعدات الدبلوماسية والمالية والإنسانية.
إن نجاح الصين في تسهيل المصالحة الفلسطينية يعدّ شهادة على قوة الدبلوماسية في حل الصراعات العالمية المعقدة. ويمثل إعلان بكين خطوة مهمة نحو تحقيق الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، وهو أمر بالغ الأهمية لتعزيز تطلعاتها الوطنية والمساهمة في الاستقرار الإقليمي.
إنّ هذا الإنجاز ليس انتصارا للصين فحسب، بل هو أيضا منارة أمل للسلام والرخاء العالميين. وهو يؤكد على إمكانية التعايش المتناغم والتنمية المستدامة عندما تجتمع الدول معًا لمواجهة التحديات المشتركة من خلال الحوار والتعاون. وبينما يتطلع المجتمع الدولي إلى معالجة صراعات أخرى وتعزيز الاستقرار العالمي، فإن محادثات المصالحة في بكين تقدم مثالا قيّما للكيفية التي يمكن بها للجهود الجماعية أن تمهد الطريق لعالم أكثر سلاما وازدهارا.
ومن خلال تعزيز الوحدة وتعزيز السلام، تسهم الصين في إيجاد عالم يمكن فيه لجميع الدول أن تتعايش في وئام، وتتمتع بنتائج السلام والرخاء والكرامة والتنمية المستدامة. وهذه الرؤية في مستقبل مشترك للبشرية هي الرؤية التي ينبغي للمجتمع الدولي أن يسعى جاهدا إلى تحقيقها، بالبناء على النجاحات التي حققتها مبادرات مثل إعلان بيجين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: والتنمیة المستدامة الفصائل الفلسطینیة إعلان بکین بما فی ذلک ومن خلال الصین فی من خلال
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي: السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية
قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إننا: نحتفل فى هذا اليوم المجيد، بالذكرى الثالثة والأربعين لتحرير سيناء .. تلك البقعة الطاهرة من أرض مصر، التى طالما كانت هدفا للطامعين، وظلت على مدار التاريخ، عنوانا للصمود والفداء .. سيناء؛ التى نقشت فى وجدان المصريين، حقيقة راسخة لا تقبل المساومة.. بأنها جزء لا يتجزأ من أرض الكنانة محفوظة بإرادة شعبها وجسارة جيشها، وعزيمة أبنائها الذين سطروا أروع البطولات، حفاظا على ترابها المقدس.
وأضاف الرئيس السيسي: لقد كان الدفاع عن سيناء، وحماية كل شبر من أرض الوطن، عهدا لا رجعة فيه، ومبدأ ثابتا فى عقيدة المصريين جميعا، يترسخ فى وجدان الأمة جيلا بعد جيل، ضمن أسس أمننا القومى.. التى لا تقبل المساومة أو التفريط.
وإننا إذ نستحضر اليوم هذه الذكرى الخالدة، فإننا نرفع الهامات، إجلالا للقوات المسلحة المصرية، التى قدمت الشهداء، دفاعا عن الأرض والعرض، مسطرة فى صفحات التاريخ، ملحمة خالدة من البذل والتضحية .. جنبا إلى جنب مع رجال الشرطة المدنية، الذين خاضوا معركة شرسة، لاجتثاث الإرهاب من أرض سيناء الغالية.
كما نذكر بكل فخر، الدبلوماسية المصرية وفريق العمل الوطنى، فقد أثبتوا أن الحقوق تنتزع بالإرادة والعلم والصبر، وخاضوا معركة قانونية رائدة،
أكدوا بموجبها السيادة المصرية على طابا.. عبر تحكيم دولى .. فكان ذلك نموذجا ساطعا.. فى سجل الانتصارات الوطنية.
شعب مصر الكريم،
لقد أثبتم، برؤيتكم الواعية، وإدراككم العميق لحجم التحديات،
التى تواجه مصر والمنطقة، أنكم جبهة داخلية متماسكة،
عصية على التلاعب والتأثير .. وأن الوطن فى أيديكم، وبوعيكم وفطنتكم، محفوظ إلى يوم الدين.
وفى ظل ما تشهده المنطقة، من تحديات غير مسبوقة، تستمر الحرب فى قطاع غزة، لتدمر الأخضر واليابس، وتسقط عشرات الآلاف من الضحايا، فى مأساة إنسانية مشينة.. ستظل محفورة فى التاريخ.
ومنذ اللحظة الأولى، كان موقف مصر جليا لا لبس فيه، مطالبا بوقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن والمحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية بكميات كافية، ورافضا بكل حزم، لأى تهجير للفلسطينيين خارج أرضهم.
إن مصر تقف - كما عهدها التاريخ - سدا منيعا، أمام محاولات تصفية
القضية الفلسطينية .. وتؤكد أن إعادة إعمار قطاع غزة، يجب أن تتم وفقا
للخطة العربية الإسلامية، دون أى شكل من أشكال التهجير، حفاظا على
الحقوق المشروعة للفلسطينيين، وصونا لأمننا القومى.
إننا نؤكد مجددا، أن السلام العادل والشامل، لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وفقا لمقررات الشرعية الدولية .. فذلك وحده، هو الضمان الحقيقى، لإنهاء دوائر العنف والانتقام، والتوصل إلى السلام الدائم ..
والتاريخ يشهد، أن السلام بين مصر وإسرائيل، الذى تحقق بوساطة أمريكية،
هو نموذج يحتذى به، لإنهاء الصراعات والنزعات الانتقامية، وترسيخ السلام والاستقرار.
واليوم، نقول بصوت واحد: "إن السلام العادل، هو الخيار الذى ينبغى أن يسعى إليه الجميع" .. ونتطلع فى هذا الصدد، إلى قيام المجتمع الدولى، وعلى رأسه الولايات المتحدة، والرئيس ترامب تحديدا، بالدور المتوقع منه فى هذا الصدد.
الإخوة والأخوات،
وكما كان تحرير سيناء واجبا مقدسا، فإن السعى الحثيث لتحقيق التنمية
فى مصر، هو واجب مقدس أيضا ..وإننا اليوم، نشهد جهودا غير مسبوقة،
تمتد عبر كل ربوع مصر، لتحقيق نهضة شاملة، وبناء مصر الحديثة.. بالشكل الذى تستحقه.
وفى الختام، حرى بنا الوقوف وقفة إجلال وإكبار، أمام شهدائنا الأبرار،
الذين ضحوا بأرواحهم، فداء للوطن،ودفاعا عن المواطنين.
وستبقى مصر بوحدة شعبها، وبسالة جيشها ورعاية ربها، رافعة الرأس.. عزيزة النفس.. شديدة البأس، ترعى الحق وترفض الظلم.
كل عام وأنتم بخير..
ومصر فى أمان ورفعة وتقدم.
ودائما وأبدا:
"تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر"
﴿والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته﴾