الفخ ..مجرد توقيع الجيش على إتفاق للوقف الشامل والدائم لإطلاق النار سيعني أنه قبل بشرعية موازية هي قوات الدعم السريع
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
■ ينبغي التنبه للفخ الكامن في الدعوة الأمريكية لمحادثات جنيف في ١٤ أغسطس والذي لم ينتبه له كثير من الداعين للتفاوض بحسن نية.
■ فهذه الدعوة هي لمحادثات (وقف إطلاق نار شامل) وليست محادثات سلام. محادثات وقف إطلاق النار لا يمكن أن يتم فيها مناقشة قضايا أخرى تخص تحقيق السلام مثل قضايا محاسبة من أجرم من قوات الدعم السريع أو ضرورة خضوعها للدولة أو إعادة المنهوبات أو أي إجراءات أخرى.
■ لذلك قال بيان الخارجية الأمريكية بوضوح أنها دعوة مقدمة للجيش (وليس الحكومة السودانية ) وللدعم السريع باعتبارهما طرفان متحاربان متساويان في الشرعية على أساس أنهما قوتين عسكريتين تتبعان للدولة السودانية. كما ذكر البيان بصريح العبارة الهدف من المحادثات ومخرجاتها وقال بوضوح إنها لا تهدف إلي مناقشة القضايا السياسية الأشمل وهذا يعني أنها لا يمكن أن تناقش وضعية الدعم السريع في الدولة أو ضرورة او إمكانية دمجه فهذه قضية سياسية وليست عسكرية كما يظن البعض.
■ الفخ هنا أن مجرد توقيع الجيش على إتفاق للوقف الشامل والدائم لإطلاق النار فإن هذا سيعني وعلى الفور أنه قبل بشرعية موازية هي قوات الدعم السريع وأنها قوة نظامية توازيه في الشرعية وسيتم التعامل معها على هذا الأساس من المجتمع الدولي في كل ما يتعلق بالأمور الإنسانية ومستقبلا في المسار السياسي. ولشرح هذه النقطة فإن أي مسهّل أو وسيط في محادثات لوقف إطلاق نار أو وقف العدائيات يبدأ بتعريف القوى المتصارعة ومعرفة طبيعتها وأهدافها من الحرب حتى يتسنى له صياغة إتفاق مقبول. وبالتالي فإن أي اتفاق لوقف (دائم) لإطلاق النار يبدأ بتعريف طبيعة الجيش والدعم السريع وأماكن تواجدهما على الأرض وطبيعتهما العسكرية وكيفية حفاظهما على النظام والانضباط اثناء توقف إطلاق النار.
■ فعقد اتفاقيات لوقف إطلاق النار بين دول متحاربة عبر الحدود يختلف مثلا عن وقف إطلاق النار بين قوات حكومية وحركات مسلحة ويختلف عن وقف إطلاق نار بين قوتين عسكريتين تتبعان للدولة. في حالة السودان تنظر الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة للطرفين باعتبارهما طرفان متساويان في شرعية حمل السلاح باعتبارهما قوتان نظاميتان. وهذا يعني أيضا أن أي حكومة يعترف بها المجتمع الدولي بعد هذا الإتفاق إما ان تكون حكومة يعترف بها الطرفان ( الجيش والدعم السريع ) أو حكومة محايدة بينهما يقوم المجتمع الدولي بالإشراف على تشكيلها.
■ ليس هناك جيش في العالم أو أي قوة عسكرية تذهب للتوقيع على وقف دائم لإطلاق النار دون أن تحقق الحد الأدنى من أهدافها العسكرية وهو أن يكون العدو، على الأقل، في موضع ضعف عسكري وتراجع، إن لم ينكسر تماما وينهار، لأن الوقف الدائم لإطلاق النار يعني ببساطة نهاية الحرب و أن كل طرف حينها سيحصد ثمرة إنجازاته العسكرية على الأرض، فالقوة المتقدمة ميدانيا تكسب عند الوقف الدائم لإطلاق النار وهي قاعدة يعرفها العسكريون بالبداهة.
■ الدعم السريع هدفه الاستراتيجي الآن هو إيقاف الحرب على الوضعية الحالية في الميدان، وهي وضعية حقق فيها تقدما ميدانيا كبيرا، وبالتالي توقف القتال على الوضع الحالي انتصار له يتيح له توفيق اوضاعه وانتظار المرحلة القادمة التي يحول فيها المكاسب العسكرية إلي مكاسب سياسية دائمة.
■ وقف القتال على الوضعية الحالية لن يحقق للمواطنين أي مكاسب لأنه يقنن وضعية الدعم السريع في أماكن وجوده بل ويحميه من هجمات الطيران والعمليات العسكرية في حين أن ترتيبات وقف إطلاق النار لا تملك أي آليات لحماية المدنيين من الأعمال (غير القتالية) مثل السلب والنهب والقتل والإغتصاب، فإن قصارى ترتيبات وقف إطلاق النار المعروفة عالميا هي الفصل بين المتحاربين وتعيين خطوط تماس حرة وطرق معينة تسلكها قوافل المساعدات. أما ما ظلت تقوم به قوات الدعم السريع من جرائم مستمرة في حق المواطنين فكلها ليست أعمال حربية تقع تحت تنظيم إتفاق وقف إطلاق النار بل اعمال اجرامية تقع تحت طائلة القانون الجنائي. صحيح انه يمكن النص على قيام الشرطة بأعمالها بعد وقف إطلاق النار ولكننا جميعا نعرف ان قوات الدعم السريع هي بنفسها من تقوم بالجرائم لا مجرمون مدنيون وبالتالي فان مقدرة الشرطة على حفظ أمن المواطن في أماكن سيطرتها لا يعول عليها البتة إذ يعتمد على رغبة قوات الدعم السريع في لجم أفرادها وهي رغبة منعدمة كما أن هذه القوات نفسها تحولت لعصابات متفرقة كل منها يتبع لقائد قبلي وبالتالي التعويل على مقدرتها على وقف الجرائم تجاه المواطنين هو محض تضليل.
■ حث الجيش أو الحكومة على الذهاب إلى جنيف والتوقيع على وقف إطلاق النار يعني القبول بالدعم السريع كطرف منتصر في الحرب…ليس هناك أدنى شك.
تحياتي للاهل
عميد معاش محمد الحسن بلية اونور
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع وقف إطلاق النار لإطلاق النار
إقرأ أيضاً:
الجيش يهاجم الدعم السريع بعدة جبهات ويسعى للسيطرة على مركز الخرطوم
يواصل الجيش السوداني معاركه مع قوات الدعم السريع في عدة جبهات متفرقة حيث يسعى للسيطرة على مركز العاصمة الخرطوم، كما كثف هجماته الجوية على معاقل الدعم في الفاشر ويسعى للسيطرة على طرق رئيسية بولاية شمال كردفان، بعد أن حقق تقدما بولاية النيل الأبيض حيث توفي 100 شخص هناك بسبب وباء الكوليرا.
وتستمر المعارك بوتيرة متصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ يسعى الجيش عبر محور وسط الخرطوم إلى السيطرة على مركز العاصمة، بما في ذلك القصر الرئاسي، ومرافق حكومية سيادية.
وفي ولاية شمال كردفان تدور مواجهات بين الجانبين ويسعى الجيش من خلالها للسيطرة على طرق رئيسية.
وجنوبا، تتواصل المعارك أيضا بولايتي النيل الأبيض والنيل الأزرق حيث أعلن الجيش سيطرته على مدن وبلدات تقع على الشريط الحدودي بين السودان وجنوب السودان.
وفي ولاية شمال دارفور، استهدفت قوات الدعم السريع بالمسيّرات مواقع بمدينة المالحة شمالي الولاية اليوم الأحد.
وفيما يتعلق بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، قال الإعلام العسكري في بيان له "إن الطيران الحربي للجيش السوداني نفذ غارات جوية دقيقة، مستهدفا تجمعات العدو ـفي إشارة لقوات الدعم السريعـ بالمحور الشمالي الغربي مساء أمس مما كبّدهم خسائر كبيرة في العتاد والأرواح".
إعلانوأضاف البيان أن مدينة الفاشر تشهد حالة من الاستقرار الأمني وأن القوات المسلحة تواصل تقدمها بثبات في جميع المحاور، وسط انهيار واضح في صفوف العدو وأن المعركة مستمرة حتى تحقيق النصر الكامل واستعادة أمن واستقرار البلاد وفقا للبيان".
وفي وقت سابق، قالت وكالة الأنباء السودانية "سونا" إن مدرعات الفرقة السادسة مشاة بالفاشر "نفذت عملية عسكرية محكمة في المحور الشمالي الشرقي للمدينة، أسفرت عن تدمير عربة جرار محملة بالأسلحة والذخائر تابعة لمليشيا آل دقلو المتمردة، إضافة إلى تدمير 3 عربات لاندكروزر كانت تتولى حراستها، دون نجاة أي من العناصر التي كانت على متنها".
كما نقلت عن الفرقة السادسة مشاة قولها إن "الضربات المدفعية الثقيلة مستمرة بمعدل 4 حصص يوميا، بالتزامن مع حملات التمشيط والرمايات الدقيقة، مما أجبر عناصر المليشيا على الانسحاب الواسع من المدينة، بينما فر بعضهم سيرا على الأقدام نحو المناطق النائية".
وخلال هجمات قوات الدعم السريع في الولاية في 16 فبراير/شباط الماضي، أصابت قوات الدعم السريع محطة توليد الطاقة في ربك، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع وتعطيل محطات المياه.
وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود وفاة نحو من 100 شخص بسبب وباء الكوليرا في غضون أسبوعين منذ بدء تفشي الوباء المنقول بالمياه في ولاية النيل الأبيض.
وقالت المنظمة، الخميس الماضي، إن 2700 شخص أصيبوا بالمرض منذ 20 فبراير/شباط، كما لقي 92 آخرون حتفهم.
وقالت المنظمة إن أهالي المنطقة اضطروا إلى الاعتماد بشكل أساسي على المياه التي يتم الحصول عليها من عربات تجرها الحمير، لأن مضخات المياه لم تعد تعمل.
وقالت مارتا كازورلا، منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود في السودان "إن الهجمات على البنية التحتية الحيوية لها آثار ضارة طويلة الأمد على صحة المجتمعات الضعيفة".
إعلانوبلغ تفشي الكوليرا في الولاية ذروته بين 20 و24 فبراير/شباط الماضي، عندما هرع المرضى وأسرهم إلى مستشفى كوستي التعليمي، مما أدى إلى إرهاق المنشأة بما يتجاوز قدرتها.
ووفقا لمنظمة أطباء بلا حدود، كان معظم المرضى يعانون من الجفاف الشديد، وقدمت المنظمة 25 طنا من المواد اللوجستية مثل الأَسِرة والخيام إلى كوستي للمساعدة في استيعاب المزيد من مرضى الكوليرا.
كما استجابت وزارة الصحة بولاية النيل الأبيض لتفشي المرض من خلال توفير إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة للمجتمع وحظر استخدام عربات الحمير لنقل المياه. كما أدار مسؤولو الصحة حملة تطعيم عندما بدأ تفشي المرض.
وقالت وزارة الصحة السودانية يوم الثلاثاء الماضي إن هناك 57 ألفا و135 حالة إصابة بالكوليرا، بما في ذلك 1506 حالات وفاة، في 12 ولاية من أصل 18 ولاية في السودان.
وأعلنت وزارة الصحة رسميا تفشي الكوليرا في 12 أغسطس/آب من العام الماضي بعد الإبلاغ عن موجة جديدة من الحالات بدءًا من 22 يوليو/تموز من العام نفسه.
وانزلق السودان إلى الحرب منذ ما يقرب من عامين عندما تصاعدت التوترات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وقتلت الحرب في السودان ما لا يقل عن 20 ألف شخص، كما دفعت الحرب أكثر من 14 مليون شخص إلى النزوح من منازلهم، ودفعت أجزاء من البلاد إلى المجاعة، وتسببت في تفشي الأمراض.