الوطن:
2024-09-08@05:20:45 GMT

أشرف غريب يكتب: سِحر كاظم الساهر على شاطئ المتوسط

تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT

أشرف غريب يكتب: سِحر كاظم الساهر على شاطئ المتوسط

بعد انقضاء ثلث أيام مهرجان العلمين ولياليه يثبت هذا المهرجان فى دورته الثانية أنه وُلد عملاقاً ليس بحاجة إلى سنوات فطام يتعلم فيها المشى والاعتماد على قدراته، فالقفزات الهائلة التى حققها فى تلك الأيام القليلة تؤكد أن القائمين عليه قد وفروا له كل أسباب الجاذبية والنجاح والتميز.

ليس فقط سحر المكان بما يتيحه الموقع الجغرافى الفريد للمدينة الوليدة على شاطئ البحر المتوسط، ولا تنوع الأنشطة ما بين غنائية ومسرحية وإعلامية وثقافية ورياضية وترفيهية، وإنما إضافة إلى ذلك براعة اختيار العناصر المشاركة فى تلك الأنشطة والفعاليات، فإذا كان جدول حفلات المهرجان قد احتضن أصواتاً مثل الكينج محمد منير والهضبة عمرو دياب ونجم الجيل تامر حسنى وأمير الغناء هانى شاكر والنجمة ماجدة الرومى، وغيرهم، فإنه أعاد إلى الجمهور المصرى سحر القيصر كاظم الساهر الذى تراجعت كثيراً مشاركاته فى الحفلات العامة فى مصر لأسباب غير مفهومة.

حتى إنه لم يطالع جمهوره بمصر سوى مرتين فقط طوال الخمسة عشر عاماً الأخيرة قبل أن تعيده الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية هذا الصيف إلى جمهوره فى مصر مرة أخرى على هذا النحو من الحيوية والبريق فى حفل عام ضخم ومميز من خلال الدورة الثانية لمهرجان العلمين، فإذا بذلك الحنين المتبادل بين كاظم وجمهوره يخلق حالة من الدفء انعكست على مشاعر الحاضرين، وأضفت سحراً إضافياً خاصاً على ذلك الحفل تحديداً.

ويدهشنى كاظم الساهر كثيراً بأنه لم يتغير منذ استماعى له للمرة الأولى فى زيارته الافتتاحية لمصر مطلع التسعينات من القرن الماضى فى الحفل الذى احتضنه مسرح مركز القاهرة الدولى للمؤتمرات بمدينة نصر، قرابة خمسة وثلاثين عاماً ولا يزال ابن العراق محافظاً على هويته الموسيقية وشخصيته الفنية التى لا يحيد عنها مهما اختلفت أسماء من يكتبون له ما دام على إصراره بالاستئثار بالتلحين لنفسه، وأذكر أننى سألته قبل أكثر من عشرين عاماً وقت أن كانت تجمعنا جلساتنا مع صديقنا المشترك ذلك العراقى الموهوب الآخر عازف العود الفذ نصير شمة:

- لماذا لا تترك صوتك لملحنين آخرين سواك؟

- ولماذا أتركه لغيرى وأنا الأقدر على التعبير عما أحس به؟

- ربما يمنحونك ذائقة موسيقية مختلفة تطيل من عمرك الفنى، وتعطيك مزيداً من الجماهيرية على اختلاف أطيافها، لا سيما مع تتابع الموجات الموسيقية التى عرفتها الأذن العربية مؤخراً، هكذا فعلت سيدة الغناء العربى أم كلثوم -مثلاً- من أول ألحان الشيخ أبوالعلا محمد وأحمد صبرى النجريدى والقصبجى وحتى سيد مكاوى والموجى وبليغ حمدى.

- صدقنى أنا أتفهَّم ذلك تماماً، ولا تغيب عنى أيضاً تجربة عبدالحليم حافظ خريج معهد الموسيقى والقادر على التلحين لنفسه، ومع هذا أعطى صوته للموجى والطويل وبليغ ومنير مراد وقبلهم الأستاذ محمد عبدالوهاب، لكننى أشعر أننى الأكثر جدارة بالتلحين لنفسى، وآمل ألا يشعر جمهورى يوماً بالملل إذا وقعت فى فخ التكرار، فحينها سوف أترك صوتى لغيرى من الملحنين.

- لكنك أعدت غناء أغنية الموسيقار محمد عبدالوهاب «قللى عملك إيه قلبى» فى أداء رائع أبرز قدرات أخرى فى صوتك.

- إنه الأستاذ عبدالوهاب يا صديقى، أو قُل إنه الاستثناء الذى يؤكد القاعدة، فأنا ما زلت عند رأيى، فهو صوتى وأنا كفيل به، وحبى لعبدالوهاب هو الذى دفعنى لغناء تلك الأغنية التى أعشقها.

تذكرت هذا الحوار قبل سنوات حينما بدأ كاظم يعطى صوته على استحياء لملحنين آخرين أمثال فايز السعيد ومحمد شفيق، أو يستعين ببعض من الفولكلور العراقى مع تطويره بما يلائم العصر، لكنها ظلت تجارب عابرة لم تشكل حتى الآن تياراً فى مسيرة قيصر الغناء كما يحب أن يلقبه عشاقه.

ورغم أننى ما زلت عند رأيى الذى صارحته به قبل عقدين من الزمان بضرورة أن يترك الآخرين يلحنون له بحثاً عن التنوع والتجديد، فإن استقبال جمهور العلمين له فى حفل الأسبوع الماضى قد أكد أن ابن مدينة الموصل لا يزال محافظاً على حرارة الوصال مع جمهوره، سواء بذكريات أغنياته القديمة الراسخة فى الوجدان، أو بأغنياته الجديدة التى أثبت من خلالها أنه لا يزال سائراً على الدرب ولن يحيد عن قناعاته الفنية.

والذى أعلمه تماماً عن شخصية كاظم الساهر، صاحب السبعة والستين عاماً وإحساس الشباب المتدفق، أن تلك المظلة الدافئة من المشاعر بينه وبين جمهوره فى مصر بعد هذا الغياب والتى وفرتها له الشركة المتحدة من خلال مهرجان العلمين الجديدة سوف تمنحه دوافع إضافية كى لا يطيل الغيبة مرة أخرى، فقد أكد لقاء الساهر بجمهوره على حنين كل طرف إلى الآخر، وهذا كفيل بأن يجعله أكثر حرصاً فى قادم الأيام والسنين على إعادة إحياء حفلاته فى مصر على نطاق واسع على غرار ما حدث فى العلمين وبعيداً حتى عن مسرح دار الأوبرا المصرية وجمهور الصفوة.

فشكرا جزيلاً للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على حُسن اختيار كاظم الساهر بكل ما يحمله من رهافة الحس، وسحر ذكريات جيل التسعينات وما بعده، وأهلاً بمزيد من النجاحات فيما تبقى من أيام مهرجان العلمين فى دورته الثانية والممتدة حتى الثلاثين من أغسطس المقبل.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: العالم علمين وزارة الثقافة الشركة المتحدة کاظم الساهر فى مصر

إقرأ أيضاً:

خالد ناجح يكتب: كلام مصري

اخترت أن يكون عنوان مقالى بجريدة الوطن بعد دعوة كريمة تلقيتها من الصديق مصطفى عمار، رئيس التحرير، للكتابة عن درة تاج الصحف المصرية وإحدى أدواتها وقوتها الناعمة ودورها وسياستها التحريرية الوطنية الخالصة لوجه الله والوطن.

الآن وقبل كل شىء نحتاج لـ«كلام مصرى» نابع من الوجدان المصرى، ويعبر عن هويتنا وثقافتنا المصرية بكل تشعبها وتشابكها مع محيطها وإقليمها وقارتها، كلام يوحدنا ويجمعنا على حب الوطن، ففى ظل التحديات المتعددة التى تواجهها مصر اليوم، تتجلى أهمية «الكلمة المصرية» كرمز للصمود والإرادة. الكلمة لم تكن يوماً مجرد وسيلة للتعبير.

بل كانت دائماً أداة للمقاومة والتغيير، بدءاً من الأيام الأولى للنضال ضد الاحتلال الأجنبى وحتى اللحظات الحاسمة فى تاريخنا ناضل الشعب بـ«كلامه المصرى» من خلال النكتة والإفيه على المحتل الإنجليزى ووصولاً للإخوان، كانت النكتة سلاحه الفتاك للتحرر من احتلال العقول بيد أهل الشر وجعل بعضاً من المحسوبين عليها يكونون أداة لتخريبها وتدميرها ذاتياً، ولا أدل من ذلك عندما أطلق عليهم «الخرفان» فكان للكلام المصرى تأثير أقوى من أى سلاح.

دائماً ما تكون لشعب المحروسة «كلمته المصرية»، التى تحمل فى طياتها تاريخاً طويلاً من التضحيات والإنجازات.

لقد شهدت مصر عبر تاريخها العديد من اللحظات الفارقة التى لعبت فيها الكلمة دوراً حاسماً. ففى ثورة 1919، كانت هتافات «يحيا الهلال مع الصليب» ليست مجرد شعارات، بل كانت كلمات ولدت شعوراً وطنياً عاماً وحد الصفوف وأشعل جذوة التحرير.

وفى حرب أكتوبر 1973، كانت كلمات النصر هى التى دفعت الجنود إلى الأمام، محققين نصراً عسكرياً وسياسياً غير مسبوق.

وكانت «كلمة مصرية» تجسدت فى ٣٠ يونيو و٣ يوليو تخلصت من حكم عام أسود فى تاريخنا الوطنى، وبالكلمة المصرية والهتافات خرج المصريون ليقولوا كلمتهم وقد كانت الكلمة المصرية التى حققت النصر. 

الآن «الكلمة المصرية» ليست مجرد إرث من الماضى، بل هى حاجة ملحة فى مواجهة التحديات المعاصرة. فى زمن حروب الجيل الرابع والخامس ومواجهة الشائعات لتقى مصر شر مخططات حيكت لها من قبل أهل الشر ودعم الظلاميين.

نعم مصر تحتاج إلى كلمة توحد الجهود وتعزز من روح التعاون بين مختلف فئات المجتمع. فبدون وحدة الصف لن تستطيع مصر مواجهة هذه التحديات بفاعلية، وهذا ما يحذر منه الرئيس عبدالفتاح السيسى دائماً، ويوجهنا بوحدة الصف حتى نستطيع مجابهة التحديات.

الآن أصبحت كلمة مصر على الساحة الدولية مسموعة ولها ثقلها وتأثيرها، فمصر ليست مجرد دولة فى منطقة الشرق الأوسط، بل هى قلب العالم العربى وأفريقيا. 

قراراتها وكلماتها تؤثر فى مصائر دول وشعوب أخرى. لذا يجب أن تكون الكلمة المصرية فى هذا السياق كلمة توازن بين المصالح الوطنية والاستراتيجية الإقليمية، كلمة تعزز من مكانة مصر كقوة إقليمية مؤثرة.

وأخيراً «الكلام المصرى» ليس مسئولية السياسيين أو الإعلاميين فقط، بل هو مسئولية كل مواطن مصرى. كل فرد فى المجتمع له دور فى صياغة الكلمة التى تعبر عن آماله وطموحاته. علينا جميعاً أن نكون واعين بأن كل كلمة ننطق بها يمكن أن تكون لها تبعات كبيرة، سواء فى تعزيز الوحدة الوطنية أو فى تفتيت المجتمع فهى سلاحنا الأقوى. 

هى التى تكتب تاريخنا وتحدد مستقبلنا. فلنجعلها كلمة تبنى ولا تهدم، كلمة توحد ولا تفرق، كلمة تعكس نبل وأصالة الشعب المصرى.

مقالات مشابهة

  • خالد ناجح يكتب: كلام مصري
  • أشرف غريب يكتب: في مئوية ميلاد فؤاد المهندس
  • الديون الخارجية تتطلب استراتيجية فعالة تبنى على إعادة الهيكلة والخفض التدريجى
  • رسائل مزعجة ومشهد دراماتيكى فى إسرائيل
  • أمريكا.. الصديق الخائن
  • الدكتور محمد كمال يكتب: الاستثمار في رأس المال البشري
  • عبدالفتاح علي يكتب: 11 سنة ومصر جزيرة جهنم
  • نجيب محفوظ.. ذلك المقاوم الأكبر
  • جرائمهم تفضحهم رغم حبكتها
  • 7 نوفمبر.. كاظم الساهر يحيي حفلا غنائيا في قطر