لجريدة عمان:
2024-09-08@05:21:30 GMT

فرنسا وبريطانيا تتبادلان المواقع

تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT

جيديون راكمان

ترجمة: قاسم مكي

في الانتخابات الأخيرة، بريطانيا وفرنسا تبادلتا مواقعا سياسية متعارضة. فبعد ثلاثة أيام من انتخاب بريطانيا لحكومة وَسَطية وبراجماتية بأغلبية ضخمة ذهبت فرنسا إلى الاتجاه المعاكس. فقد جاءت نتيجة انتخاباتها التشريعية بانسداد برلماني مع تقدم لأقصى اليمين وأقصى اليسار.

في بريطانيا ربما انتهت أخيرا فترة الفوضى السياسية التي بدأت بالتصويت على البريكست (الخروج من الاتحاد الأوروبي) في عام 2016.

وفي فرنسا من المحتمل أن فترة مديدة من عدم الاستقرار السياسي قد بدأت لتوِّها.

فلا يمكن أن يُخفي الارتياحُ من الأداء الأسوأ من المتوقع لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في الجولة الثانية من التصويت حقيقةَ أن الوسطية في السياسة الفرنسية تنحسر وتتقلص معها أيضا سلطة الرئيس ايمانويل ماكرون.

كان الهدوء في لندن ليلة الانتخابات البريطانية الماضي يتباين بشدة مع أجواء باريس المحمومة مساء انتخاباتها البرلمانية.

من المؤسف أن الدورتين السياسيتين في فرنسا وبريطانيا غير مُتَّسقتَين. فعلى الرغم من التنافس الفطري بينهما من المعقول أن تتعاونا. إنهما جارتان وتتزاملان في اتباع النظام الديمقراطي ومتماثلتان في عدد سكانهما. كما تحتفظ كل منهما ببعض رموز مكانة القوة العظمي كالأسلحة النووية والعضوية الدائمة في مجلس الأمن رغم أنهما لم تعد لديهما القوة الاقتصادية التي تدعم تلك المكانة.

لقد حاولت كل من فرنسا وبريطانيا لعب دور قيادي في الجهود الدولية لمعالجة التغير المناخي. وكلتاهما تعاملتا بجدية بالغة مع تهديد روسيا وتدعمان أوكرانيا بقوة. وفي العقود الأخيرة ظلت فرنسا وبريطانيا أيضا القوتين العسكريتين الرئيسيتين في أوروبا على الرغم من أن إعادة التسلح الألماني قد يغير ذلك بمرور الزمن.

لكن قدرة بريطانيا على فرض نفوذها في تقرير مستقبل أوروبا حدَّ منها خروجها من الاتحاد الأوروبي والذي وضعها خارج الهياكل السياسية المفتاحية للقارة وخلَّف وراءه إرثا من عدم الثقة.

في غياب بريطانيا انتهز ماكرون الفرصة لوضع رؤية طموحة لمستقبل أوروبا. لكن قدرة الرئيس الفرنسي على ادعاء القيادة الفكرية لأوروبا من المرجح أن تختفي الآن جنبا إلى جنب مع اختفاء تفويضه السياسي الداخلي (بعد الانتخابات البرلمانية الفرنسية).

مع ذلك، التحديات العالمية التي واجهتها بريطانيا وفرنسا وأوروبا يُرجَّح أن تزداد حدتها خلال العام القادم. هنالك حاليا انسداد في حرب أوكرانيا ويشتد التوتر حول اختراق روسي محتمل. وإذا تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة للمرة الثانية سيشكل ذلك مخاطر واضحة لحلف الناتو ونظام التجارة العالمية. هذا بدوره سيعرِّض للخطر ازدهار وأمن أوروبا في المستقبل.

نظريا، سيكون الرد الواضح لهذه المهددات المشتركة بالنسبة لفرنسا وبريطانيا العمل معا بقدر أكبر والسعي للمزيد من التعاون الأوروبي للتقليل من ضعف القارة أمام عالم أكثر خطورة.

في الواقع، ستجعل التحولات السياسية الأخيرة في كل من فرنسا وبريطانيا ذلك النوع من التعاون أشد صعوبة. فإذا عكست السياسة الخارجية الفرنسية أولويات التطرف السياسي سيوجد ذلك صداما واضحا مع آراء حكومة ستارمر في بريطانيا.

اليسار المتطرف واليمين المتطرف في فرنسا كلاهما أكثر تعاطفا وبقدر كبير مع روسيا من ماكرون أو ستارمر. ومن الواضح أن مقاربة ستارمر للسياسة الخارجية والمتأثرة بالاعتبارات المناخية تتناغم مع السياسات الحالية للائتلاف الحاكم في ألمانيا والذي يقوده الديمقراطي الاشتراكي أولاف شولتز. وفي الواقع في ثاني يوم له في الوزارة سافر ديفيد لامي وزير الخارجية البريطاني الجديد إلى برلين حيث استُقبل بحفاوة يُقابَل بها عادة وزير خارجية فرنسا.

ستارمر ووزير خارجيته لامي سياسيان منحازان بطبعهما إلى أوروبا ويلزمهما الآن التعامل مع حقيقة أن بريطانيا لم تعد عضوا في الاتحاد الأوروبي. وهذا وضع تعهدت الحكومة العمالية بعدم التراجع عنه.

هدفهما بدلا عن ذلك التفاوض حول اتفاقية أمنية جديدة مع الاتحاد لكن بتعريف أوسعَ جدّا للأمن بحيث يمكن أن يشمل نطاقا عريضا من القضايا مثل الطاقة والمناخ والمعادن بالغة الأهمية.

ذلك بدوره ربما يصبح الوسيلة التي يمكن بها فتح الباب لمزيد من التعاون مع الاتحاد الأوروبي في كل شيء وبدون المَسِّ بالقضايا الحساسة والبالغة الأهمية لعضوية بريطانيا في السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي لبلدان الاتحاد الأوروبي.

قوبلت أفكار حزب العمال حول تعاون أوثق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بترحيب شديد أثناء زيارات لامي إلى ألمانيا وبولندا والسويد. لكن رد فعل فرنسا تجاه مقترح الحزب بعقد اتفاقية أمنية جديدة يظل حيويا. أثناء المفاوضات المطوَّلة حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان دور الحكومة الفرنسية حاسما في الصمود أمام محاولات من بريطانيا لانتقاء العناصر الأكثر جاذبية لعضوية الاتحاد الأوروبي وفي ذات الوقت تجنب التزاماتها.

من المؤسف أن فرنسا توشك على الانشغال بنفسها. وقد تمرُّ شهور عديدة قبل أن تصبح لديها حكومة قادرة على تقديم ردود متماسكة على الأسئلة الأوروبية. تلك ستكون مشكلة ليس فقط لبريطانيا ولكن للاتحاد الأوروبي بأجمعه.

بعثت انتخابات فرنسا أيضا برسالة مثيرة حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية فحواها «لا تثقوا باستطلاعات الرأي العام». فكل الاستطلاعات المحترمة أشارت إلى أن اليمين سيخرج من الانتخابات بأكبر كتلة في البرلمان الفرنسي. لكن ما حدث أن حزب لوبان «التجمع الوطني» جاء في المركز الثالث. وقد يكون تقدم ترامب المطرد ولو بهامش ضيق في استطلاعات الآراء أقل موثوقية مما يبدو.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی فرنسا وبریطانیا

إقرأ أيضاً:

قرار عاجل من «الاتحاد الأوروبي» لـ أوكرانيا (تفاصيل)

رفع الاتحاد الأوروبي مستوى تمويله الإنساني لدعم الأوكرانيين بمقدار إضافي قدره 40 مليون يورو قبيل قدوم فصل الشتاء، وذلك في ظل الهجمات المستمرة على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا.

وأكدت دائرة العمل الخارجي التابعة للاتحاد الأوروبي- في بيان صحفي اليوم - تخصيص 35 مليون يورو من هذا التمويل للمشاريع الإنسانية داخل أوكرانيا، بينما ستوجه 5 ملايين يورو لدعم اللاجئين الأوكرانيين والمجتمعات المضيفة لهم في مولدوفا.

وتركز هذه الأموال بشكل رئيسي على مساعدة أوكرانيا في الاستعداد لشهور الشتاء القارسة، ويهدف الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع شركائه، إلى إصلاح المباني المتضررة، وضمان توفير الكهرباء والتدفئة، وتقديم المأوى لأولئك الأكثر احتياجًا.

وفي مولدوفا، يستهدف التمويل الجديد توفير الحماية والخدمات الأساسية لأكثر اللاجئين ضعفًا، وتعزيز الاستعداد لمزيد من تدفقات اللاجئين.

ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي يشارك فيه مفوض إدارة الأزمات، يانيز لينارتشيك، في المنتدى الإقليمي لحماية المدنيين في ليتوانيا، حيث يركز المنتدى على تعبئة المزيد من الدعم لأوكرانيا قبيل فصل الشتاء المقبل.

وخلال زيارته، سيلتقي لينارتشيك بوزيرة الداخلية الليتوانية، أغني بيلوتايت، لمناقشة الخطوات التالية في هذا الصدد.

مقالات مشابهة

  • «اتحاد الكرة» يحذر من مجهولين الهوية يقومون ببيع تذاكر لحضور مباراة الكويت والعراق
  • توني بلير ينتقد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ويحملها نتيجة الهجرة
  • بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد البريكست.. تحديات اقتصادية وضبابية سياسية
  • قرار عاجل من «الاتحاد الأوروبي» لـ أوكرانيا (تفاصيل)
  • رسميا.. بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يوقعون أول اتفاقية للذكاء الاصطناعي
  • الاتحاد الأوروبي: #السودان يواجه أكبر كارثة نزوح في العالم
  • الاتحاد الأوروبي: السودان يواجه أكبر كارثة نزوح في العالم
  • الاتحاد الأوروبي يندد بقرارات السلطات الانتخابية التونسية.. إجراءات مناهضة للديمقراطية
  • أمريكا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي توقع أول معاهدة دولية للذكاء الاصطناعي
  • تضم أميركا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.. توقيع أول معاهدة دولية للذكاء الاصطناعي