لجريدة عمان:
2025-01-19@20:54:03 GMT

التخصص الجامعي بين الميولات والفرص

تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT

توافدت إليَّ أسئلة ملخصها في سؤال كبير: ما أفضل التخصصات الجامعية التي ينبغي أن يختارها الطالب، والتي تقترن بفرص مهنية عالية في المستقبل؟ وأمامي الآن -لحظة كتابة هذا المقال- خبرٌ نُشرَ بتاريخ 23/ 7/ 2024م في موقع القناة الإذاعية «هلا أف أم» الذي نقل عن مركز القبول الموحّد التابع لوزارة التعليم والبحث العلمي والابتكار أن «العدد الإجمالي للمقاعد الدراسية بمؤسسات التعليم العالي الحكومية والبعثات الداخلية، والمنح المقدّمة من القطاع الخاص للدراسة في مؤسسات التعليم العالي الخاصة، والبعثات الخارجية ومنح الدول الشقيقة للعام الأكاديمي 2025/2024 (32625) مقعدًا دراسيًا».

لست بصدد مناقشة آلية توزيع المقاعد الدراسية وأعدادها الممنوحة من قبل الجهات المعنية التي أرى أن أهل الاختصاص في مركز القبول الموحّد يدركون نسب هذه المقاعد وتناسبها، ولكنني سأحاول أن أجيب عن سؤال يَرِدُ كثيرا على لسان الطالب المقبل على هذه المقاعد والمنح الدراسية متعلق بالتخصص المناسب الذي يمكن اختياره في منصة القبول الموحّد الذي حُددَ تاريخ 4/ 8/ 2024 آخر يوم لتعديل الرغبات. هناك وجهان في موضوع التخصص الجامعي؛ إذ يعكس الوجه الأول ميولات الطالب واهتماماته المعرفية التي تنطلق من مكنونات الشغف الشخصي والقدرات المعرفية، ويتعلق الوجه الثاني بالفرص المستقبلية الأكثر حظًا للمهن، والتي يتعيّن بواسطتها تحديد التخصصات الأكثر قبولا في المستقبل، ووجدت أن الوجه الثاني أكثر اهتماما من قبل الطالب وولي أمره، وهذا عائد إلى الثقافة المجتمعية السائدة التي تركّز على المهن والتخصصات من حيث قبولها المجتمعي ورواجها في سوق العمل دون الضرورة إلى تقديم الميولات الشخصية على الفرص الوظيفية أو البحث عن أرضية تجمع بينهما؛ فمن الجلّي أن معظم مخرجات دبلوم التعليم العام -وما يعادله- تركّز على الوجه الثاني اتّباعا للثقافة السائدة التي لا نقطع بسلبيتها المطلقة؛ فثمّة موجهات تؤيد هذه الثقافة تنطلق من مفاهيم بَدَهِيّة منها احتياجات سوق العمل الفعلية، ومستجدات الحركة التقنية في العالم، والتغيّرات المُحدَثة بفعل التحولات الرقمية التي تدفع برقمنة المجتمعات؛ فتبحث عن الكوادر البشرية المتخصصة في القطاع الرقمي، وهذا ما يمكن أن نجعله مبررًا لوجود هذه الثقافة التي تُؤْثِرُ التركيزَ على الفرص واحتياجات سوق العمل على الميولات الفردية للتخصصات. لا يمكن بأيّ حال أن نفرضَ واقعًا مغايرًا للتوجهات الجمعية التي يتفق معظم أفراد المجتمع على قبولها وممارستها؛ فهناك مبررات مثل التي سقتها في السطور الآنفة، ولكن من منطلقات الرأي أجد أن التوازن مطلوب في صناعة التخصصات وصناعة المهن؛ فنحن بحاجة إلى متخصصين في كل المجالات الإنسانية والعلمية، وعندما نقول كلمة «متخصصين»؛ فنقصد بها المتخصص المتميّز في تخصصه الذي يفني جهده في بلوغ أفضل المراحل المعرفية في هذا التخصص ليكون مرجعا يعتمد على توصياته ويستفاد من خبراته، ويبدأ هذا -في غالبه- بوجود الميولات المبنية على الشغف في دراسة هذا التخصص الذي يضمن نجاحا مدهشا يحقق بواسطته بناء قاعدة تخصصية صُلبة، ولكن -من زاوية أخرى- نرى أن هناك معوقات يمكن أن تعوق وجود هذا التوجه تتمثل في الثقافة السائدة التي أشرنا إليها سابقا؛ إذ أنها تقلص فرص تنوع التخصصات وتحقيق التوازن المطلوب؛ فنرى -مثلا- في حاضرنا أن سوق العمل يركّز على التخصصات الرقمية التي تمثل الذكاء الاصطناعي، وعلم البيانات، والأمن السيبراني وغيرها من التخصصات، وهذا ما يضع بعض الطلبة أمام خيارات صعبة خصوصًا أولئك الذين يميلون إلى التخصصات الإنسانية مثل علوم اللغة والنفس والاجتماع، والإدارة، وبجانب التخصصات العلمية غير الرقمية، والتي لا ينبغي أن تتراجع حتى في ظل الزحف الرقمي؛ فوجود هذه التخصصات بجانب الهيمنة الرقمية أمر حتمي، ولا أجد صداما بينهما، ولهذا من المهم أن نلفت الانتباه إلى أن وجودنا في العصر الرقمي لا يعني انتهاء العلوم الأخرى وتخصصاتها؛ فنحن مع حاجتنا الماسّة إلى المتخصص في علم البيانات وتحليلها وعلوم الذكاء الاصطناعي وبناء خوارزمياتها؛ فنحن أيضًا لا نستغني عن الطبيب والمهندس والتربوي واللغوي وعالِم النفس وعالِم الاجتماع بل والمتخصص في علوم الحيوان والحشرات، ونصيحتي للطالب المقبل على اختيار التخصص المناسب أن يراعي قبل ذي بدء ميولاته الداخلية التي يمكن أن تضمن له النجاح في التخصص والمواصلة فيه، وما يتعلق بالرؤية المستقبلية للمهن؛ فستكون -بلا شك- الوفرة للتخصصات الرقمية التي ستدخل جميع قطاعات حياتنا ومهنها بما فيها القطاعات الإنسانية مثل اللغة وعلم النفس والتعليم والإدارة والطب، ويدعونا هذا إلى صناعة توازن جديد يجمع بين الميولات والفرص؛ فالميولات أولوية، وبنجاح أصحابها تتوفر الفرص وتتنوع، ومن المهم أيضًا أن ندرك أن التخصصات الرقمية لا يمكن أن تكون الصوت الأعلى مهما علا شأنها وذاع صيتها؛ فهي تخصصات في غالب حالها معنية بدعم قطاعات حياتنا ومفاصلها، ولا تعمل -في كثير حالاتها- بشكل مستقل، ولهذا من السهل أن نقول إن الطبيب المتخصص في الطب والمبدع فيه بحاجة إلى ثقافة رقمية تعينه في مواصلة نجاحه التخصصي دون الحاجة إلى التخصص في المجال الرقمي.دعوتنا عبر هذا المقال إلى جميع أفراد المجتمع وأولهم طلبة الدبلوم العام وما يعادله في إيجاد صورة أكثر إيجابية عن موضوع التخصصات وعلاقتها بالمهن المستقبلية، وهنا أؤكد أننا بحاجة إلى تنوّع في التخصصات نضمن بواسطتها توفّر كوادر وطنية في جميع القطاعات، وينبغي أن يكون تركيزنا على صناعة المتخصص قبل صناعة أصحاب المهن؛ فالمتخصص الناجح قادر على صناعة المهن التي بدورها تترجم حركة المجتمعات وحاجاتها، أترك المجال مفتوحًا للجميع؛ فما عرضته لا يخرج عن حيّز الرأي الشخصي الذي يعكس ما أؤمن بأهميته وأهمية تحققه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سوق العمل یمکن أن

إقرأ أيضاً:

1.2 مليار دولار حجم قطاع الإعلانات الرقمية في الإمارات 2025

يصل حجم قطاع الإعلانات الرقمية في دولة الإمارات نموًا ملحوظًا إلى 1.219 مليار دولار خلال 2025، مما يعكس الزيادة الكبيرة في استثمارات الشركات في هذا القطاع الحيوي ونمو عدد مستخدمي منصات الفيديو الرقمية في الدولة سنوياً.
وأظهر تقرير حديث أعده مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” ومقره أبوظبي، أبرز العوامل المؤثرة في هذا النمو والتي تتركز في التحول الرقمي في الإمارات وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار، مما يسهم في زيادة الطلب على الإعلانات الرقمية. ووفقا لتوقعات “Statista”، من المتوقع أن يستمر الإنفاق الإعلاني في سوق الإعلان في الإمارات في الارتفاع بشكل مستمر بين عامي 2024 و2030 بنسبة 37.5%).
زيادة الإنفاق
وأكد تقرير “إنترريجونال” على أن زيادة استخدام منصات التواصل الاجتماعي مثل: تيك توك ويوتيوب، سيرفع من الإنفاق على الإعلانات الرقمية الموجهة عبر هذه المنصات بالإضافة إلى زيادة الإنفاق على الحملات الإعلانية الرقمية للوصول إلى جمهور أوسع، مما يعزز من نمو هذا القطاع.
زيادة المستخدمين
وأوضح التقرير أن الإنفاق سيرتفع كذلك مع زيادة مستخدمي منصات الفيديو الرقمي في الإمارات ، حيث بلغ عدد مستخدمي تطبيق “تيك توك” (TikTok) الصيني في الإمارات 10.73 مليون مستخدم ويوتيوب 8.82 مليون وفيسبوك (Facebook) 7.10 مليون مستخدم و”إنستغرام” (Instagram) الـ 7 ملايين شخص فيما بلغ عدد مستخدمي تطبيق “سناب شات” (Snapchat) 4.95 مليون مستخدم 2024، وفقًا لتقرير “وسائل التواصل الاجتماعي في الإمارات 2024” ما يظهر التفضيل الواضح لتطبيقات مشاركة الفيديو وتأثيرها على قطاعات كبيرة من سكان الدولة كما يشير إلى فرص كبيرة في هذا القطاع.
إيرادات سوق الوسائط
ووفقًا لتوقعات “Statista”، من المتوقع أن تصل إيرادات سوق الوسائط الرقمية في الإمارات إلى 856.40 مليون دولار خلال 2025، بمعدل نمو سنوي مركب 4.56% للفترة من 2025 إلى 2027، ليصل حجم السوق إلى 936.30 مليون دولار العام 2027.
وأفادت “Grand View Research” بأن سوق إنشاء المحتوى الرقمي في الإمارات بلغ 735.0 مليون دولار العام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 1,678.4 مليون دولار العام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 12.5% من 2024 إلى 2030.

نمو ملحوظ
وقال “إنترريجونال” : تشير البيانات المتاحة إلى أن سوق الوسائط الرقمية في دولة الإمارات يشهد نموًا ملحوظًا كبيراً حيث تشهد دولة الإمارات انتشارًا واسعًا لتطبيقات الفيديو الرقمية، المخصصة لمشاركة المحتوى فيما باتت دبي عاصمة عالمية لتطوير تطبيقات المحتوى الرقمي بسبب البنية التحتية التقنية المتقدمة المدعومة بشبكات الاتصال المتطورة، بما في ذلك شبكات الجيل الخامس (5G) عالية السرعة ومراكز البيانات العالمية والسياسات والتشريعات الداعمة للابتكار وقوانين التكنولوجيا المرنة والمبادرات الحكومية لتحفيز التطور الرقمي.
“تيك توك” ظاهرة عالمية
وأضاف “إنترريجونال” أن تطبيق “تيك توك” وحده والذي يدخل قرار حظره في الولايات المتحدة الأمريكية اليوم 19 يناير، بات ظاهرة عالمية تؤثر بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتجاوز عدد مستخدمي التطبيق أكثر من مليار مستخدم على مستوى العالم، مما يجعله واحدًا من أكبر منصات التواصل الاجتماعي في العالم والذي ساعد في تشكيل ملامح الإعلان والتسويق الرقمي والترفيه رغم التحديات المتعلقة بالأمن والخصوصية.
وأشار “إنترريجونال” إلى “تيك توك” بات منصة تعزز من قدرة المستخدمين على إنشاء محتوى قصير يتناسب مع الاهتمام المتزايد بمحتوى الفيديو السريع والمباشر كما يوفر فرصًا كبيرة للمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي لتوسيع قاعدة متابعيهم وبناء علاقات تجارية.
وأوضح “إنترريجونال” أن أهمية تطبيق “تيك توك” قد برزت في أمريكا من خلال جذب الجيل الجديد حيث بالتطبيق المفضل لدى الأجيال الشابة، حيث يهيمن على استخدامهم للهواتف المحمولة ويعتبر حوالي 60% من مستخدمي تيك توك من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا كما أصبح أداة تستخدمها الشركات الكبرى للوصول إلى الجمهور.


مقالات مشابهة

  • 4 أساسية.. وزير التعليم: رغبة الطلاب تحدد مواد التخصص في نظام البكالوريا
  • ما الذي يمكن أن تغيره انتصارات سوريا وغزة في المشهد المصري؟
  • أطلقها قبل حفل تنصيبه.. ما هي عملة ترامب الرقمية الجديدة؟
  • ما الذي يمكن أن تغيره انتصارات سوريا وغزة بالمشهد المصري؟
  • جريمة في الحرم الجامعي
  • المفتي السابق يوجه رسالة للشباب: خذوا العلم من أصحاب التخصص
  • ترامب يطلق عملته الرقمية الخاصة
  • 1.2 مليار دولار حجم قطاع الإعلانات الرقمية في الإمارات 2025
  • تميّز أكاديمي لطلبة بكالوريوس علم التجميل في عمان الأهلية وتوجّه لإستحداث برنامج للماجستير
  • مكتب نتنياهو يحدد اليوم الذي يمكن فيه إطلاق سراح رهائن حماس إذا وافق مجلس الوزراء على اتفاق غزة