مسقط- العُمانية

تسعى مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم- التي يشرف عليها مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم بديوان البلاط السلطاني- إلى تكوين جيل قرآني حامل لكتاب الله وداعِ إلى الخير وعنصر فاعل في إصلاح المجتمع والأمة، وإيجاد قارئين مجيدين للقرآن مُتقنين لأدائه، إلى جانب دورها في تعزيز حضور سلطنة عُمان في المسابقات القرآنية الدولية.

وقال راشد بن حميد الدغيشي مدير دائرة الشؤون الثقافية بمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم ورئيس لجنة التصفيات الأولية والنهائية للمسابقة، إن مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم تسهم في تعزيز المبادئ والقيم العُمانية الأصيلة من خلال حث كافة أفراد المجتمع على العناية بالقرآن الكريم، وترسخ القيم الإسلامية والأخلاقية في نفوس أبناء المجتمع العُماني، ما يعزز حفظ الهوية العُمانية المبنية على التراحم والتآلف.

وأضاف أن المسابقة تسهم في توطيد مبادئ الدين الحنيف والأخلاق الفاضلة في الأسرة العُمانية؛ كونها أساس المجتمع والنواة الأولى للتربية، إضافة إلى رعاية الشباب والنشء من خلال تحفيزهم على حفظ القرآن الكريم وتعلم أحكامه، وتكريم المتنافسين في هذا الميدان، ما يسهم في بناء شخصية متزنة ومستقرة.

وأشار إلى أنه لضمان أن تكون مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم حاضنة لترسيخ التربية الصالحة للمشاركين، فهي تقام سنويًّا ومتاحة لجميع الفئات العمرية ذكورًا وإناثًا، كما أن توزيع مراكز المسابقة يسهل لجميع المواطنين المشاركة فيها أينما كانوا، مبيناً أن تحديد مستويات مختلفة للمسابقة يسهم في ضمان تكافؤ فرص التنافس.

وأوضح أن هناك تنسيقًا مستمرًا بين الجهات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بمسابقة القرآن الكريم، في كل ما من شأنه رعاية المتسابقين وتأهيلهم بالمهارات اللازمة ما يُمكنهم من التنافس محليًّا ودوليًّا، كما يتم التنسيق مع وسائل الإعلام لإبراز المسابقة وتعزيز الاهتمام بكتاب الله وتعاليمه.

وأكد الدغيشي أنَّه لضمان أن تكون معايير التقييم والاختيار عادلة ومتوازنة، فقد تمَّ وضع معايير موضوعية تشمل الحفظ والتجويد والتلاوة الصحيحة، وتشكيل لجان تحكيم مختصة تضم ذوي الخبرة لضمان التقييم العادل والشامل، كما أنه يتم التقييم على مرحلتين وهما التصفيات الأولية ويخضع لها جميع المتقدمين، والتصفيات النهائية للمتأهلين الحائزين على مراكز متقدمة في التصفيات الأولية.

وشهدت المسابقة تطويرًا منذ بدايتها حتى اليوم، من خلال زيادة عدد المراكز في مختلف ولايات ومحافظات سلطنة عُمان وتصميم مستويات تتناسب مع الأعمار المحددة واستقطاب الكفاءات في لجان التحكيم وزيادة عدد المحكمين وإدخال التحكيم الإلكتروني وتطويره باستمرار والبث المباشر لمرحلة التحكيم النهائي في تلفزيون سلطنة عُمان ومشروع تسجيل قراءات الفائزين بالمراكز الأولى بالمسابقة.

وحول آلية التحكيم، أوضح الدكتور سعيد بن حميد الضوياني، تخصصي مسابقات دينية بالمركز ونائب رئيس لجنة التصفيات الأولية والنهائية للمسابقة، أن طريقة تحكيم المسابقة تشهد تقييمًا وتطويرًا مستمرّين كل عام؛ لضمان الجودة والشفافية، مبينًا أن هناك جوائز للمراكز الثلاثة الأولى في كل مستوى، إلى جانب جوائز تشجيعية للحاصلين على مراكز متقدمة في جميع المستويات، كما خصصت جوائز لأكبر وأصغر متسابق، والأسرة القرآنية، والمتسابقين من ذوي الإعاقة.

وذكر أنه تم إدخال النظام الإلكتروني للمسابقة في الدورة الحادية والعشرين عام ٢٠١١م، وجاء ذلك ترجمة لما توليه حكومة سلطنة عُمان من اهتمام كبير ببرنامج التحول الرقمي كونه من متطلبات العصر الحديث لتسهيل العمليات والإجراءات للمستفيدين في كافة المجالات، حيث أضاف النظام الإلكتروني مزيدًا من الدقة والشفافية في عملية التحكيم، كما سهل ذلك إنشاء موقع إلكتروني لجمع بيانات المشاركين بطريقة أسهل ما أدى إلى ارتفاع أعداد المتقدمين للمسابقة.

وأضاف أن النظام الإلكتروني ينقسم إلى نظام التسجيل وجمع بيانات المشاركين وبرنامج التحكيم الإلكتروني وتقييم المتسابقين حيث يسعى المركز إلى تطوير النظام الإلكتروني بحيث يكون مبنيًا على لغة برمجية حديثة معززة بتقنيات الحماية من الاختراق والتلف مع إضفاء مزايا أخرى يفتقدها النظام المستخدم حاليًّا كربط موقع التسجيل ببرنامج التحكيم إلكترونيًّا.

وأوضح الضوياني أنه تم تضمين التخزين السحابي لقواعد البيانات للحفاظ عليها وحمايتها ما يسهل عملية الوصول إليها في أي وقت عند الحاجة، كما قام المركز مؤخرًا بالتواصل مع شرطة عُمان السلطانية للنظر في إمكانية ربط عملية التسجيل في المسابقة بنظام الأحوال المدنية بسلطنة عُمان، حيث سيسهل ذلك جمع البيانات الصحيحة للمتسابق وسيختصر الجهد والوقت للمتسابق في الاكتفاء في اختيار المستوى الذي يود المشاركة به دون الحاجة إلى إدخال بيانات شخصية.

وقد بدأت النسخة الأولى من مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم عام 1991م، وهي مخصصة للعُمانيين فقط، وبدأت بمركزي مسقط وصلالة، ثم توسعت إلى 25 مركزًا، وهي: نزوى، وسمائل، وإبراء، وصحار، وشناص، والرستاق، والسويق، وبهلاء، ودبا، ومدحاء، وخصب، وصور، وجعلان بني بوحسن، وقريات، والعامرات، وصلالة، وثمريت، وعبري، والبريمي، وبركاء، وسناو، والدقم، والخوض، والخوير، والسجن المركزي.

وتشتمل المسابقة على 7 مستويات: الأول حفظ القرآن الكريم كاملًا، والثاني حفظ 24 جزءًا متتاليًا، والثالث حفظ 18 جزءًا متتاليًا، والرابع حفظ 12 جزءًا متتاليًا، والخامس حفظ 6 أجزاء متتالية، والمستوى السادس حفظ 4 أجزاء متتالية، والسابع حفظ جزأين متتاليين.

ومن المتطلبات العامة لجميع المستويات: الالتزام بأحكام التجويد، والحفظ برواية حفص عن عاصم، والالتزام بالعمر في المستوى المشروط بمرحلة عمرية معينة، وعلى من حصل على أحد المراكز الثلاثة الأولى من أي مستوى أن يشارك في مستوى أعلى منه للعام الذي يليه.

وبلغ عدد المشاركين في المسابقة خلال الأعوام من 2013م إلى 2023م (عدا عامي 2022م و2021م؛ لتوقف المسابقة بسبب جائحة كورونا) 16 ألفًا و118 مشاركًا ومشاركة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دعا للمساواة في الميراث..كيف رد علماء الأزهر على سعد الدين الهلالي؟

القاهرة- أثار تصريح أطلقه أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، سعد الدين الهلالي، حول إمكانية المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، موجة غضب واستنكار واسعة في الأوساط الدينية، باعتبار أن ما قاله يتنافى مع نصوص القرآن الكريم و"تعدٍّ على ثوابت الدين".

وكان الهلالي قد صرح أن المساواة بين الذكور والإناث في الميراث "ليست محرمة بنص صريح" في القرآن أو السنة، مشيرا إلى إمكانية ذلك حال تساوي درجة القرابة كالحال بين الأخ والأخت، واستشهد بتجارب دول أخرى مثل تركيا، إضافة لقانون المعاشات في مصر الذي يساوي بين الجنسين.

أستاذ الفقه المقارن بالأزهر الدكتور أحمد كريمة قال إن نصوص الميراث واضحة وصريحة (مواقع التواصل) أحكام قطعية

وشنَّ أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أحمد كريمة، هجوما حادا على الهلالي، معتبرا تصريحاته "تجاوزا غير مقبول للحدود". وقال للجزيرة نت إن "نصوص القرآن الكريم واضحة وصريحة في تنظيم الميراث، ولا تقبل النقاش أو الاجتهاد، لأنها تمثل أحكاما قطعية لا مجال فيها للرأي".

وأضاف أن "مثل هذه القضايا ليست مسألة خاضعة للاستفتاء الشعبي، فالورث ليس قرارا ديمقراطيا يُتخذ وفق رغبات الناس، وإنما فريضة من الله، لا يجوز أن نتعامل معه وكأنه ماسورة مياه نركبها أو نغير اتجاهها حسب الحاجة".

إعلان

وشدد كريمة على أن "الانتقائية في الاستدلال والتدليس من خلال تأويل النصوص لتبرير الحرام أو تطبيع المنكرات، هي جرائم فكرية ومعرفية يجب محاسبة مرتكبيها".

من جهته، أعرب المشرف على الرواق الأزهري، الدكتور عبد المنعم فؤاد، عن استيائه من تصريحات الهلالي، قائلا إنه "يختبئ خلف صفة أستاذ جامعي في الأزهر لتمرير أفكار تخالف الشريعة". وأن "الأزهر سبق أن أعلن انحراف هذا الفكر، وتصريحات الهلالي ليست سوى محاولة لتفريغ الدين من مضمونه".

وتساءل في تصريح للجزيرة نت "هل يجوز أن نستفتي الناس على الصلاة؟" واستدرك مجيبا "فكيف نطلب استفتاء الشعب في قضايا حددها الشرع؟".

وتابع يقول "لا شيء في الدين يعجبه -في إشارة للهلالي- لا فريضة الحج، ولا نظام الميراث، بل سبق وصرّح بأن الراقصة قد تُعد شهيدة، ومثل هذه التصريحات تدفع الناس إلى الإلحاد والكفر، لأنها تشوه صورة الدين وتخلق البلبلة في المفاهيم".

وأكد فؤاد أن الميراث هو الموضوع الوحيد في القرآن الذي فُصِّل بدقة، مشيرا إلى أن "النص القرآني واضح ولا يقبل الاجتهاد، ومن يزعم خلاف ذلك فإنه يتعدى على حق من حقوق الله عز وجل".

مطالب علمانية

وفي السياق، اعتبر أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر فرع أسيوط، مختار مرزوق، أن ما طرحه الهلالي يعكس ما وصفه بـ"الأجندة العلمانية" في العالم العربي.

وقال مرزوق في حديثه للجزيرة نت "تصريح الدكتور الهلالي نموذج واضح لما يطالب به العلمانيون، الذين يسعون إلى تبديل أحكام شرعية قطعية، رغم أن علم الميراث يُعرف بعلم الفرائض، أي أنه فُرض من الله عز وجل وليس مجالًا للاجتهاد أو التغيير".

وأضاف "المرأة في الإسلام لا تأخذ نصف ما يأخذه الرجل دائما، فهناك حالات تأخذ فيها مثله، بل وأحيانا تأخذ أكثر منه، وهذا معروف لكل من درس علم الفرائض بالأزهر أو في كليات الحقوق".

إعلان

وأشار مرزوق إلى أن الفكر العلماني الذي يتبناه البعض أثمر عن "أقوال خطيرة"، مثل اعتبار الصلاة مجرد علاقة روحية بين العبد وربه، أو أن الخمر ليست حراما، والصيام ليس فرضا، وقال "هذه الطروحات ليست معزولة، وإنما تتكامل في إطار مشروع تفكيكي للدين".

وأكد أن الأزهر ودار الإفتاء والهيئات الشرعية في مصر تصدت لهذه الطروحات، وأن "بعض العلماء طالبوا الهلالي بالتوبة علنا من هذه الأفكار التي تُعد خروجا صريحا عن الشريعة الإسلامية" حسب قوله.

التفاف على الشرع

وفيما يتعلق بظاهرة قيام بعض الأهالي بكتابة أملاكهم لأبنائهم أثناء حياتهم لتفادي توزيع الإرث وفقا لأحكام الشرع، قال مرزوق إنه "لا يشجع ذلك مطلقا"، مبينا أنه ومن الناحية الشرعية قد يُحرم ورثة آخرون مستقبلا مثل الأبناء من زوجة ثانية أو حتى الأحفاد، و"هذا يُعد تعديا صريحا على العدالة الإلهية في التوزيع".

وتابع "أحيانا يقع الشخص الذي كتب أملاكه في مأزق حين يحتاج المال لإجراء عملية أو تغطية نفقات، فيضطر إلى طلب العون من أبنائه الذين صاروا مالكين شرعيين، هذا الأمر يُفقده الكرامة، ويخلق مشكلات لا تُحمد عقباها".

وأوضح مرزوق أن كثيرين يُقدمون على هذه الخطوة بدافع "حرمان أشقاء الأب أو الورثة الشرعيين من نصيبهم"، معتبرا ذلك تهربا من تطبيق شرع الله، ومخالفا للأمانة التي كُلِّف بها الإنسان في ماله وأهله.

ويرى المراقبون أن التصريحات التي أطلقها الهلالي أعادت إلى الواجهة الجدل الدائم حول حدود الاجتهاد الديني، والفصل بين حرية الرأي والخروج عن النصوص القطعية.

مقالات مشابهة

  • “حفريات القرآن الكريم”.. اقتراح بتأسيس علم جديد في مصر
  • تواصل البطولة الكروية بجامعة السلطان قابوس للمؤسسات
  • دعاء تحصين المنزل.. من القرآن الكريم والسنة المطهرة
  • تكريم الفائزين في مسابقة القرآن الكريم بالسويق
  • فيديو.. 45 مشاركًا في تصفيات مسابقة محافظ الأحساء لحفظ القرآن
  • خطيب حوثي يكذب علنًا ويزعم أن رسول الله ''لم يُحِط بعلم القرآن الكريم'' !
  • 20 مدرسة في ختام مسابقة المدارس للسلة الثلاثية
  • دعا للمساواة في الميراث..كيف رد علماء الأزهر على سعد الدين الهلالي؟
  • اختتام مسابقة وزارة التعليم للقرآن الكريم للعام 1446هـ
  • رئيس منطقة مطروح الأزهرية يتفقد مقر رواق الطفل للقرآن الكريم