“أوكسفام” : عدد الموتى جوعا في غزة سيكون أكبر من ضحايا الحرب
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
#سواليف
قالت الناطقة الرسمية باسم مؤسسة #أوكسفام العالمية، هديل القزاز، إن “تفشي #المجاعة الكاملة في قطاع #غزة أمر مرعب ومخيف للغاية؛ فالمجاعة تبدأ بشكل تدريجي، وستكون تداعياتها خطيرة جدا، وعندما يصل الشخص أو المجتمع إلى حافة اللاعودة سوف تتزايد أعداد #الوفيات بدرجة كبيرة”.
وأضافت القزاز: “نحن نسمع الآن عن حالات وفاة بسبب الجوع، وهناك ما يقل عن لا يقل عن 30 حالة تم توثيقها بشكل رسمي إلى الآن، لكني أتوقع أن العدد أكبر من ذلك بكثير، وللأسف عندما تصل حالة #المجاعة إلى درجة معينة سوف نجد أعدادا كبيرة تموت جوعا يوميا بنسبة لا تقل ربما عن عدد الذين يموتون بسبب القصف و #الحرب المباشرة”.
وأوضحت أن “جميع الدلائل تقول بأننا على حافة المجاعة في غزة، وأنه لم تُتخذ أي حلول جذرية لإنهاء هذه الحالة؛ فما زالت المعابر مُغلقة، والقتال مستمر، ولا توجد أي هدن إنسانية، وما نراه هو فصل شبه كامل لشمال القطاع عن جنوبه، والمؤشرات التي تنذر بمجاعة تزداد سوءا يوما بعد يوم، لكن ما الفائدة من الإعلان عن مجاعة بعد فوات الأوان”.
مقالات ذات صلةولفتت القزاز إلى أن “التدمير الحاصل لمصادر المياه في غزة لا يمكن أن يكون تدميرا عشوائيا؛ فهناك تدمير متعمد لمحطات تحلية مياه البحر، ومحطات تنقية الصرف الصحي، ومحطات تنقية المياه العادية؛ لأن الاحتلال يعرف إحداثيات تلك المحطات وغيرها من الأماكن”.
ورأت القزاز أن “الحل الوحيد والأساسي هو فتح المعابر، وإدخال المساعدات، ووقف إطلاق النار، حتى تستطيع المؤسسات الإنسانية التحرك بحرية، وبإمكانيات كاملة، أما تقطير دخول بعض المساعدات بين فترة وأخرى حتى يبقى المجتمع الغزي على حافة المجاعة فهذا أمر غير مجدٍ ومجرد مسكنات مفعولها لا يدوم طويلا على الإطلاق”.
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع “عربي21”:
ما أبرز النتائج التي انتهى إليها تقريركم الأخير “جرائم حرب الماء” في غزة؟
أهم النتائج هي الشح الشديد في نصيب الفرد الواحد من المياه في قطاع غزة؛ فلا يحصل الشخص إلا على 5 لترات فقط لجميع استخدامات الحياة (الشرب، وغسل الملابس، والاستحمام، وغير ذلك)، وهذه الكمية أقل من ثلث الكمية الموصى بها في أوقات الطوارئ؛ فمنظمة الصحة العالمية أوصت بـ 15 لتر يوميا، أما نصيب الفرد في غزة فلا يتجاوز 4.7 لتر، وهي نسبة ضئيلة جدا لا تكاد تكفي الاحتياجات على الإطلاق، ونقول إنه يجب توفير المياه الآمنة للشرب، وتوفير المساعدات وخدمات الصرف الصحي خاصة في مناطق النزوح والأماكن المكتظة بالسكان حاليا.
مَن هي الفئات الأكثر تضررا بأزمة المياه في غزة؟
الجميع متضرر من نقص المياه؛ فالماء يحتاجه كل فرد، وعنصر لازم للحياة، لكن الأكثر تضررا هم الأطفال، والنساء المرضعات، والمرضى بأمراض مزمنة مثل الفشل الكلوي وغيره.
ويجب التنويه أن الأمر ليس متعلقا فقط بكمية المياه، وإنما بكل ما يتعلق بإدارة المياه، مثل الصرف الصحي وغيره، وهو موضوع يؤثر على كل فرد في قطاع غزة.
هل رصدتم حالات وفاة جراء أزمة المياه في غزة؟
بالطبع هناك وفيات بسبب المياه، ولكن ليس نتيجة الكمية الضئيلة، وإنما بسبب أمراض مرتبطة بتلوث المياه، مثل أمراض التهاب الكبد الوبائي، وهناك تقارير تؤكد انتشار شلل الأطفال، وانتشار اليرقان (الصفراء)، وانتشار الكوليرا في بعض الأماكن، وكلها أمراض تؤدي للوفاة، وسببها تلوث المياه.
وحتى الكمية القليلة التي تصل للفرد ليست مياه نظيفة أو نقية تصلح للاستخدام الآدمي، وإنما ملوثة، وبعضها يؤدي لحالات شديدة من الإسهال، والكوليرا وغيرها.
هل كان هناك تدمير مُتعمد من قِبل الاحتلال الإسرائيلي لمصادر المياه في غزة؟
نعم، هناك تدمير ممنهج لمصادر المياه، والدليل: في مدينة غزة تم تدمير 100% من المنشآت الخاصة بإدارة المياه كالصرف الصحي وغيرها، وتكرر التدمير لمنشآت المياه في مدينة خان يونس، وإجمالي ما تم تدميره من منشآت خاصة بالمياه في أنحاء قطاع غزة حوالي 88% تقريبا.
التدمير الحاصل لا يمكن أن يكون تدميرا عشوائيا؛ فهناك تدمير لمحطات تحلية مياه البحر، ومحطات تنقية الصرف الصحي، ومحطات تنقية المياه العادية، تدميرا متعمدا؛ لأن الاحتلال يعرف إحداثيات تلك المحطات وغيرها من الأماكن.
وهناك شهادة سمعتها من الزميل المسؤول عن مصلحة المياه في قطاع غزة قال فيها: إن مصلحة المياه أبلغت سلطات الاحتلال بإحداثيات محطات المياه، وأماكن مختبرات تحليل المياه، إلا أن الاحتلال قصف هذه المقرات، مما أدى لاستشهاد 5 من زملائه، وهو ما يؤكد أن الاحتلال كان يعلم أماكن تواجد الطاقم المسؤول عن تنقية المياه في القطاع، ورغم ذلك تعمد استهدافهم.
هل هناك تعاون بين أوكسفام والمنظمات المحلية لتحسين الوضع المائي في غزة؟
نعم، نحن نتعاون مع شركاء لنا على الأرض يعملون على توفير المياه النظيفة والآمنة لتوصيلها للنازحين في مناطق المواصي، ومدارس الإيواء.
كما تقوم مؤسسة أوكسفام بالتعاون مع الشركاء لتوزيع المياه النظيفة من خلال خزانات متنقلة، أو عن طريق إنشاء محطات تنقية مياه تخدم مراكز إيواء محددة، لكن عملنا مرهون بدخول المواد اللازمة لتنقية المياه عبر المعابر الإسرائيلية، وهو أمر ليس بأيدينا ولا نضمنه دائما، لذا نعتقد أننا نقوم بأقل بكثير مما يمكننا عمله في الواقع.
مع استمرار الحرب هناك صعوبة كبيرة في عمل الطواقم من مهندسي المياه، ومهندسي محطات الصرف الصحي، ومهندسي الكهرباء، الذين يمكنهم تقديم الكثير لإنقاذ القطاع، لكنهم يحتاجون لظروف آمنة للعمل، بالإضافة لحاجتنا لدخول مواد أساسية عبر المعابر بطريقة غير مقيدة على الإطلاق؛ فنحتاج مثلا للمواد التي تستخدم في تحلية المياه، وتنقيتها، ونقلها، وتوصيلها للمنازل.
هل تتلقى أوكسفام الدعم الكافي من المجتمع الدولي لتنفيذ مشاريعها في غزة؟
لا أعتقد أن المشكلة مرتبطة بالدعم أو التمويل المالي؛ فهناك العديد من المؤسسات التي ترغب في المساعدة، لكن المعضلة الأساسية هي استمرار الحرب وعدم توقفها، لذا نحن نطالب بتوقف الحرب فورا حتى نستعمل الإمكانيات المالية المتوفرة الآن، ومن ثم نطلب المزيد.
أعتقد أن هناك رغبة دولية لمساعدة أهالي غزة في محنتهم الكبيرة، ولكن في ظل الظروف الأمنية الصعبة لا يمكن المساعدة، ونحتاج لوقف الحرب فورا.
هل دور أوكسفام في غزة اختلف أو تغير اليوم بعد مرور نحو 10 أشهر على الحرب؟
نحن مستمرون في تقديم بعض المساعدات الممكنة كالمواد الغذائية، والحقائب النسائية، والمساعدات النقدية، وما إلى ذلك، لكن بالرغم من كل هذه التدخلات ما تقوم به أوكسفام، وفي ظل الاحتياجات الهائلة جدا، هو أمر غير كافٍ على الإطلاق، بل محدود جدا ولا يرقى إلى الاحتياجات اللازمة؛ فأهل غزة بحاجة للمزيد والمزيد من المساعدات الإنسانية الملحة.
في الواقع، الاحتياجات أكبر من إمكانيات أوكسفام، وأكبر من جميع المؤسسات الإنسانية مجتمعة؛ لأننا نتحدث عن شعب كامل يُعاني من الجوع، والمرض، والحصار، ونقص المياه، وانعدام الكثير من الخدمات. إنها معاناة شديدة للغاية وغير إنسانية على الإطلاق، وهي أزمة غير مسبوقة بالمرة كما يؤكد زملاؤنا الذين عملوا في كثير من التدخلات الإنسانية الأخرى حول العالم حيث يقولون لنا إن ما يجري في قطاع غزة لم يحدث في أي مكان آخر ولم نشهده في أي حروب أو صراعات أخرى؛ فالناس في غزة يعيشون في وضع كارثي أو ما فوق الكارثي.
ومكاتبنا منتشرة في 60 دولة حول العالم، ولنا زملاء وزميلات يحرصون على وصول تقاريرنا لصانعي القرار والسياسات والبرلمانيين ووسائل الإعلام الدولية بشكل مستمر وبطريقة متواصلة. نحن، وآخرون، نقوم بعمل حثيث، وجهود مكثفة، وحملات للضغط والمناصرة، على مدى العشرة أشهر الماضية، من أجل محاولة تحسين الأوضاع ووقف الحرب في غزة.
أيهما أكثر خطورة على أهل غزة.. سلاح التجويع أم سلاح العطش؟
كلاهما سيء؛ فمن لم يمت بالجوع سيموت من العطش، والعطش أصعب؛ فالمدة الزمنية التي يمكن أن يتحملها الإنسان بدون مياه لا تتجاوز 3 أيام، وأيضا الأمراض المنقولة عبر المياه الملوثة أخطر، ويمكن أن تؤدي إلى وفاة سريعة، وكذلك التجويع يستهلك جسد الإنسان من الداخل، وبالتالي كلاهما سلاح خطير لا يجب استخدامه حتى في حالة الحرب.
هل رصدتم استخدام الماء كسلاح حرب في الحروب والصراعات الأخرى على غرار ما تفعله إسرائيل حاليا في غزة؟
لا أعتقد أن هناك من استخدم الحصار الشامل والإغلاق الكامل الذي يشمل قطع الكهرباء، والماء، وسبل الغذاء، والدواء، عن أكثر من مليوني إنسان في أي مكان في العالم كما حدث في قطاع غزة؛ ففي النزاعات الأخرى في العالم عادة ما تكون هناك هدن إنسانية، وفتح ممرات ومعابر آمنة للمدنيين الذين يرغبون في مغادرة أماكن القتال.
قطاع غزة بالأساس كان بمثابة سجنا كبيرا قبل الحرب بسبب الحصار الخانق، لكن هذا “السجن” أُغلقت جميع أبوابه ومُنع عنه كل مقومات الحياة في الوقت الراهن، لذا فهو أمر غير مسبوق.
منذ التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 هناك إغلاق كامل للقطاع، ولا يدخل إلا أقل القليل الذي لا يضمن حياة إلا بعض الناس.
كيف تأثر الوضع الغذائي في غزة بأزمة المياه؟
التأثر كبير جدا؛ فالكثير من الوجبات التي يمكن طهيها تحتاج للماء؛ فأغلب المواد الغذائية التي تدخل القطاع هي مواد جافة تحتاج للماء مثل المعكرونة، والعدس، وكذلك لإعداد عجين الخبز وغيره، فإن لم يتوفر الماء فلن يتمكن الناس من الأكل، بالإضافة إلى أن الطهي بمياه ملوثة يُشكّل خطورة كبيرة على حياة الناس.
وإجمالا، إسرائيل تستخدم “التجويع” كـ “سلاح حرب”؛ فإذا أرادت تخفيف حصار التجويع لمنع شبح المجاعة أو العكس تفعل ذلك بكل سهولة؛ فالاحتلال هو الذي يستخدم هذا السلاح، وهو الوحيد القادر على منع المجاعة في قطاع غزة، لأنه يتحكم في دخول أو منع البضائع والمواد الغذائية، وبالتالي الاحتلال يستخدم التجويع كسلاح حرب وأداة ابتزاز من أجل خنق المدنيين الذين ليس لهم أي علاقة أو أي تدخل فيما يحدث لهم، وهذا ما نرفضه تماما، وهناك مؤسسات إنسانية كبرى أعلنت احتجاجها جراء ذلك، وبعضها أوقف عملياته لفترة معينة، ويجب فعل كل شيء ممكن من أجل محاولة إنقاذ أهل غزة من شبح المجاعة الذي بات يطاردهم بشكل مخيف.
ونحن نرى أن الحلول المؤقتة التي طُرحت على مدار شهور ماضية هي غير كافية على الإطلاق، سواء كان ذلك من خلال الإنزالات الجوية أو الرصيف العائم وغيرها. هذه كلها مجرد ضمادة صغيرة لجرح نازف وخطير، وكل ثلاثة شهور خلال فترة التدخل الإنساني يحدث تقييم لتقدير إذا ما كان الناس وصلوا إلى مرحلة المجاعة أم لا.
هل نحن على أعتاب مجاعة في غزة؟
جميع الدلائل تقول بأننا على حافة المجاعة، وأنه لم تُتخذ أي حلول جذرية لإنهاء هذه الحالة؛ فما زالت المعابر مُغلقة، والقتال مستمر، ولا توجد أي هدن إنسانية، وما نراه هو فصل شبه كامل لشمال القطاع عن جنوبه، لذا فالمواد التي تدخل من الشمال لا تصل إلى الجنوب، والمواد التي تدخل من الجنوب لا تصل إلى الشمال، والمعابر مفتوحة جزئيا ويمكن إغلاقها في أي لحظة، لذا فالمؤشرات التي تنذر بمجاعة تزداد سوءا يوما بعد يوم، لكن ما الفائدة من الإعلان عن مجاعة بعد فوات الأوان، لذلك يجب اتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة لإدخال المساعدات لقطاع غزة.
وماذا لو حدثت المجاعة الكاملة في قطاع غزة؟
هذا أمر مرعب ومخيف للغاية؛ فالمجاعة تبدأ بشكل تدريجي، وستكون تداعياتها خطيرة جدا، وعندما يصل الشخص أو المجتمع إلى حافة اللاعودة سوف تتزايد أعداد الوفيات بدرجة كبيرة. نحن نسمع الآن عن حالات وفاة بسبب الجوع، وهناك ما يقل عن لا يقل عن 30 حالة تم توثيقها بشكل رسمي إلى الآن، لكني أتوقع أن العدد أكبر من ذلك بكثير، وللأسف عندما تصل حالة المجاعة إلى درجة معينة سوف نجد أعدادا كبيرة تموت جوعا يوميا بنسبة لا تقل ربما عن عدد الذين يموتون بسبب القصف والحرب المباشرة.
كيف يمكن حل أزمة المياه من جذورها في غزة والضفة؟
الوضع المائي في الضفة لا يقل سوءا عن الوضع في غزة؛ فهناك حصار مائي شديد؛ فقد قام الاحتلال بتقليل كمية المياه التي تدخل الضفة بنسبة 40% من الحصة التي كانت تدخل من قبل، وهناك الكثير من الإجراءات التي تجعل مشكلة شح المياه في الضفة معضلة كبيرة.
ولحل مشكلة المياه في قطاع غزة يجب السماح بعودة حصة القطاع من المياه الذي يتلقاها من شركة المياه الرئيسية في إسرائيل (شركة مكروت) وتعود المياه لتدفقها العادي؛ فما يصل الآن للقطاع أقل من 22% من الكمية التي بمكن ضخها لقطاع غزة.
ثانيا إدخال جميع المواد اللازمة لإصلاح الخطوط التالفة لإعادة بناء محطات التحلية والتنقية، ومحطات تصفية مياه الصرف الصحي، وإصلاح كافة الأنابيب التي دُمّرت بشكل تام مع تدمير الأحياء والطرق والبنية التحتية المختلفة، وهذا يتطلب إدخال المساعدات بشكل غير مقيد؛ فالقطاع بحاجة لمواد خاصة بتنقية ومعالجة المياه، وبحاجة لأنابيب مياه جديدة، وكلها مواد تدخل ضمن تحفظات الاحتلال على المواد التي تدخل في قائمة ما تعرف بـ “الاستخدام المزدوج”.
بدون فتح المجال واسعا لإدخال المواد التي تساعد على إنقاذ قطاع المياه، ستستمر هذه الأزمة بحدة، وستؤدي لكثير من الوفيات في المستقبل.
ما مستقبل المياه الصالحة للشرب في قطاع غزة والضفة خلال مرحلة ما بعد انتهاء العدوان؟
المياه موضوع شائك جدا ليس فقط في فلسطين، ولكن في جميع أنحاء المنطقة؛ فهناك شح في المياه، وصعوبة في توفير المياه الصالحة للشرب؛ فالمياه العابرة للحدود بين الأراضي المحتلة هي مياه مشتركة، لذلك تم وضع قضية المياه ضمن قضايا الحل النهائي.
حصة الفرد الفلسطيني بشكل عام لم تكن تتجاوز في اليوم 80 لترا من الماء قبل الحرب، في حين أن الإسرائيلي يحصل على 245 لترا يوميا، أي أضعاف ما يحصل عليه الفلسطيني.
عدالة توزيع المياه قضية شائكة، واستراتيجية، ولا تعني فقط مياه الشرب، والطبخ، والاستحمام، ولكن مرتبطة أيضا بالزراعة، وتربية المواشي، ومقومات الحياة الأخرى للفلسطينيين، وهي ضمانة من ضمانات بقاء الفلسطينيين على أرضهم.
ما الحل الأنجع لوقف حالة التدهور الإنساني المتفاقمة في غزة؟
الحل الوحيد والأساسي هو فتح المعابر، وإدخال المساعدات، ووقف إطلاق النار، حتى تستطيع المؤسسات الإنسانية التحرك بحرية، وبإمكانيات كاملة، ومن أجل ضمان أمن المؤسسات الإنسانية والعاملين فيها، أما تقطير دخول بعض المساعدات بين فترة وأخرى حتى يبقى المجتمع الغزي على حافة المجاعة فهذا أمر غير مجدٍ ومجرد مسكنات مفعولها لا يدوم طويلا على الإطلاق، ونأمل أن نرى قريبا وقفا لإطلاق النار؛ لأنه هو الحل الوحيد الممكن ولا يوجد حل غيره.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف أوكسفام المجاعة غزة الوفيات المجاعة الحرب المؤسسات الإنسانیة على حافة المجاعة المیاه فی غزة تنقیة المیاه الصرف الصحی على الإطلاق أن الاحتلال محطات تنقیة المواد التی فی قطاع غزة هناک تدمیر التی تدخل أمر غیر أکبر من یمکن أن یقل عن من أجل
إقرأ أيضاً:
فضيحة “الدرونز” التي كشفت مشاركة فرنسا في إبادة غزة
#سواليف
في ليلة 17 يوليو/تموز 2014، كانت عائلة شحيبر التي تنحدر من #غزة على موعد مع حادث أليم ومُعتاد في #فلسطين المحتلة، حيث قصف #جيش_الاحتلال منزلهم. أما الهدف الإستراتيجي، فتمثل في قتل عدة أطفال: أفنان (8 سنوات)، ووسيم (9 سنوات)، وجهاد (10 سنوات)، الذين استُشهِدوا وهم يُطعِمون الحَمام على سطح المنزل، فيما تسبب القصف في استشهاد طفلين آخرين.
بعد القصف مباشرة، بدأت منظمتان حقوقيتان هما “الميزان” الفلسطينية و”بتسيليم” الإسرائيلية في البحث عن السبب الحقيقي وراء الاستهداف، لكنها خلصت إلى عدم وجود أي هدف عسكري في منزل شحيبر حسب ما أكدته الأمم المتحدة نفسها بعد ذلك في تقرير نشرته في يونيو/حزيران 2015.
هناك سؤال ثانٍ كان يؤرق المحققين المستقلين حيال #السلاح الذي استُخدِم في القصف، وما أثار الاهتمام في أثناء تنقيب المحققين هو أسطوانة سوداء حملت نقوشا مسحها الانفجار جزئيا وعليها كُتب “أوروفارد ـ باريس ـ فرنسا”.
مقالات ذات صلةبسبب هذا الاكتشاف رفعت أسرة شحيبر دعوى في فرنسا ضد شركة “إكسيليا”، بسبب تواطؤها المحتمل في جريمة حرب اقترفتها إسرائيل في عملية “الجرف الصامد”. تقول هذه الأسطوانة الكثير عن الدعم العسكري والتقني الفرنسي لصالح جيش الاحتلال، وأحدث فصل فيه ما كشف عنه موقع “ديسكلوز” في تحقيق يورط فرنسا في #جرائم_إسرائيل في حق أهل غزة أثناء #حرب_الإبادة الدائرة حاليا.
رمادية فرنسية
قبل انطلاق الحرب على غزة يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت فرنسا رسميا وإعلاميا أيضا تصرح بالدعم الكامل لجيش الاحتلال للرد على ما حدث في السابع من أكتوبر. لكن إسرائيل حولت هذا الزخم الغربي من التعاطف إلى الإقدام على #جرائم حرب يصعب إخفاؤها.
بدأ التوجس يجد طريقه إلى أروقة الداعمين الغربيين، خصوصا مع ارتفاع الأصوات الرافضة للإبادة في الرأي العام الغربي، ومحاولاته الضغط على صناع القرار لوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل.
في فرنسا، سبق أن وجَّه 115 برلمانيا في أبريل/نيسان من عام 2024 رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مطالبين إياه بإيقاف مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، لأن أي تحرك عكس ذلك يعني ضلوع باريس في الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
قبل ذلك بأيام، كان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد أصدر قراره بحظر تصدير الأسلحة إلى دولة الاحتلال، وصوَّتت 28 دولة لصالح هذا القرار، فيما اعترضت 6 دول على رأسها الولايات المتحدة وألمانيا، أما فرنسا فوجدت لنفسها مكانا مريحا في المنطقة الرمادية التي جلست فيها 13 دولة من الممتنعين عن التصويت.
يتسق موقف فرنسا من هذا القرار الأممي مع موقفها العام حيال حرب غزة، وملف تزويد إسرائيل بالأسلحة، أو ببعض القطع التي تستعملها تل أبيب في صناعة أسلحتها التي توجهها في الغالب نحو الفلسطينيين العُزّل.
منذ بداية الحرب على غزة، سلكت فرنسا مسلكا يرقص على جميع الحبال، فهي لم تعلن قطع أي تعامل عسكري مع دولة الاحتلال، لكنها في الوقت نفسه نزلت بهذا التعاون إلى أقل درجة ممكنة، بحيث تحافظ على خيط رفيع يربطها بتل أبيب، مع بذل كل الجهد المطلوب للمحافظة على هذا الخيط من الانقطاع.
موضوعيا، لا تُمثِّل تجارة الأسلحة بين فرنسا وإسرائيل إلا 0.2% فقط من 27 مليار يورو من صادرات باريس إلى دول العالم التي يمكنها استعمالها عسكريا أو في مجالات تقنية أخرى وتكون غالبا مجرد قطع غيار، حسب تصريح سيباستيان ليكورنو، وزير القوات المسلحة الفرنسي.
لا تمانع فرنسا من تبادل المساعدة مع الإسرائيليين فيما يخص بيع الأسلحة، لكن المساعدة تخضع لحسابات أخرى أفصحت عنها مصادر لصحيفة “لوموند” أثناء التحقيق الذي نشرته الجريدة الفرنسية عام 2021 حول برنامج “بيغاسوس” للتجسُّس، حيث يقول المصدر: “نحن قريبون من الإسرائيليين بمسافة تسمح لنا أن نعرف ماذا يفعلون، لكن في الوقت ذاته، لدى فرنسا رغبة واضحة في عدم مساعدة إسرائيل في أي عمليات تقوم بها في غزة، لذلك لا نريد أخذ أي مجازفة في إرسال بعض الأسلحة التي قد تُستعمل في ذلك”.
أسلحة فرنسا.. للدفاع فقط
في تقرير لها في 28 أبريل/نيسان الماضي، أفادت صحيفة “لوموند” أن فرنسا حتى قبيل الحرب الأخيرة على غزة كانت تزود إسرائيل بقطع ضرورية لصنع القذائف المدفعية، لكن في أكتوبر/تشرين الأول 2023، قررت باريس وقف العقود الخاصة بهذه القطع.
وتشير تقارير البرلمان الفرنسي الصادرة عام 2023 إلى أن فرنسا أرسلت إلى إسرائيل عددا من المعدات الخاصة بتدريع السيارات والمراقبة عبر الأقمار الصناعية.
بعيدا عن المعلومات التي جاءت في وسائل الإعلام الفرنسية، ثمَّة أخبار أخرى أكثر لفتًا للأنظار، منها التحقيق الاستقصائي الذي نشره موقع “ديسكلوز” الفرنسي في مارس/آذار 2024، وقال إن باريس سمحت في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023 بإرسال شحنة تضم ما لا يقل عن 100 ألف خرطوشة (ما يغلّف الطلقة)، انطلقت من مرسيليا عبر شركة “أورولينكس” الفرنسية المتخصصة في صناعة المُعدات العسكرية.
يشير التحقيق إلى أن حجم الشحنة وصل إلى 800 كيلوغرام من الذخائر أُرسِلَت إلى شركة “آي إم آي سيستمز” الإسرائيلية، المُزوِّد الحصري للجيش الإسرائيلي لهذا النوع من الذخائر، ويتعارض هذا التمويل المباشر مع تأكيد باريس عبر قياداتها السياسية أن الأسلحة والمعدات الدفاعية فقط هي ما تصل إلى تل أبيب.
فضيحة المُسيَّرات
مع جولة خفيفة في مواقع التواصل الاجتماعي للعالقين في غزة، نجد أن صوت الخلفية المشترك بين الفيديوهات يغلب عليه ضجيج الطائرات المُسيَّرة، أو ما ُسميه أهل غزة بـ “الزنّانات”.
شكَّلت حرب غزة فرصة لإسرائيل لتفعيل الكتيبة 166 التي تحمل اسم “سرب الطيور النارية”، بحسب ما نشر موقع “إسرائيل ديفِنس”، والهدف من هذه الطائرات هو مراقبة غزة، ثم تنفيذ الضربات. وضمن هذا السرب هناك الطائرة “هيرميس 900” التي يصل طولها إلى نحو 15 مترا، وهي قادرة على الطيران لمدة 30 ساعة متواصلة، وعلى ارتفاع 9000 متر.
لا يحتاج الضباط الذين يوجِّهون هذه الطائرات إلا إلى غرفة تحكم تبعد مئات الكيلومترات عن مسرح العمليات، ثم تنفيذ الضربات مستفيدين من الدقة الكبيرة التي توفرها هذه الطائرات الحديثة، حيث بإمكانها مثلا الإجهاز على سائق سيارة على بُعد 5 أو 10 أمتار دون إصابة أي راكب آخر في السيارة نفسها، رغم أن الاستعمال الإسرائيلي لهذه الأسلحة لا يهتم كثيرا بالقتلى المدنيين.
في تحقيق جديد حول صفقات السلاح بين فرنسا وإسرائيل، نشر موقع التحقيقات الفرنسي “ديسكلوز” وثائق تُثبت تورط شركة “تاليس” الفرنسية، التي تمتلك الدولة 26% من أسهمها، في تسليم إسرائيل مجموعة معدات إلكترونية تساعد في جمع قطع طائرة “هيرميس 900″، من بينها قطعة “TSC 4000 IFF”، وهي تساعد هذه المُسيَّرات على تجنُّب الصواريخ والمُسيَّرات “الصديقة” التي قد تعترض طريقها، حتى لا تسقط الصواريخ الموجهة نحو الفلسطينيين على الإسرائيليين أنفسهم.
يشير التحقيق إلى أن 8 قطع من هذه الأجهزة أُرسِلَت فعلا إلى إسرائيل بين ديسمبر/كانون الأول 2023 ومايو/أيار 2024، أي بعد أشهر من انطلاق العمليات الإسرائيلية في غزة.
ويسلط التحقيق الضوء على إشكالية مراقبة العقود السرية التي تعقدها الجهات العليا الفرنسية مع بعض الدول ومن بينها إسرائيل، وذلك رغم خروج وزير الدفاع الفرنسي يوم 20 فبراير/شباط 2024 أمام البرلمان مؤكدا أن جميع القطع التي تُرسَل إلى إسرائيل عبارة عن معدات يُتأكَّد من نوع الآليات التي تُستَعمل فيها.
يعود هذا التعاقد السري بين فرنسا وإسرائيل إلى 2 مارس/آذار 2023، حين اشترت شركة “إيلبيت سيستيمز” الإسرائيلية المصنعة لطائرات “هيرميس 900” ثماني قطع إلكترونية بمبلغ 55 ألف يورو للقطعة الواحدة من جهات فرنسية (440 ألف يورو إجمالا). وصل الطلب بعد أسابيع من انطلاق الرد الناري على هجمات 7 أكتوبر، في الوقت الذي كانت تحذر فيه الأمم المتحدة من أن النيران الإسرائيلية غالبا ما تطول النساء والأطفال الرضع.
ورغم ذلك، يقول موقع “ديسكلوز” إن وزارة الدفاع الفرنسية لم تحترم الاتفاقيات التي وقَّعت عليها بعدم بيع أسلحة لجهات تستهدف المدنيين، بل واصلت دعم تحركات حكومة نتنياهو في تدمير قطاع غزة.
كانت فرنسا قد واجهت في وقت سابق دعوة من 11 منظمة حقوقية تتزعمها منظمة العفو الدولية “أمنستي” بسبب إرسالها أسلحة إلى تل أبيب، مع العلم أن الأخيرة لا تجرب أسلحتها ولا الأسلحة التي تحصل عليها من حلفائها إلا في مواجهة الفلسطينيين.
سكوربيون
تجمع فرنسا وإسرائيل علاقة تسليح وتكنولوجيا وطيدة، ويكشف تحقيق مهم لموقع “أوريان 21” عن العلاقة بين جيش الاحتلال وجهاز الدفاع الفرنسي، وعن الغموض الكبير الذي يكتنف هذه العلاقة، التي تشهد تعاونا بين الفرنسيين والإسرائيليين على حروب المستقبل التي سيكون أبطالها الروبوتات والطائرات المُسيَّرة.
تمتاز العلاقات بين فرنسا وإسرائيل بنوع من الودية، وإن كانت قد تعكرت في الفترة الأخيرة، بيد أن الأمر ليس بذلك الوضوح أو الشفافية فيما يتعلق بالجانب العسكري، لأن العلاقة تتأرجح بين الود والمنافسة، بل تصل أحيانا إلى الاختراق. لا يحب الفرنسيون الطريقة التي يتعامل بها الإسرائيليون في مجال الصناعات العسكرية، فهم يكسرون الأثمان بهدف الاستيلاء على أسواق السلاح.
وليس هذا فحسب، بل أصبح جيش الاحتلال منذ سنوات يتوجه إلى أهم الأسواق التقليدية التي كانت فرنسا تتمتع بالأفضلية المطلقة فيها لينافسها هناك، وهي سوق أفريقيا.
منذ اتفاق أوسلو، استثمرت إسرائيل كثيرا في القارة السمراء، خصوصا في مجال حماية الأنظمة القائمة. وفي السياق نفسه، حافظ الإسرائيليون رغم ذلك على نوع من التعاون مع الفرنسيين كما حدث في الكاميرون، حيث دعموا الجيش الكاميروني للقتال ضد جماعة “بوكو حرام”، وأقدم مرتزقة إسرائيليون على تأطير كتيبة التدخل السريع، التي تعمل تحت قيادة الرئاسة مباشرة، وجهز الإسرائيليون كتيبة التدخل السريع ببنادق كانت حتى الأمس القريب لا تأتي إلا من الصناعة الفرنسية.
تجاوز تأثير السلاح الإسرائيلي رعايا فرنسا السابقين من الأفارقة إلى فرنسا نفسها. وصحيح أن جيش الاحتلال منذ بدء عدوانه الغاشم على غزة قد استعان بكل مَن له إبرة يمكنها أن تغطي حاجتها العسكرية لإبادة غزة وسكانها، إلا أن الإسرائيليين في الظروف العادية يؤثّرون بالفعل في مجال التسليح والدفاع الفرنسي، مع أن العكس ليس صحيحا بالضرورة.
ففي خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كانت فرنسا هي التي تبيع الأسلحة لجيش الاحتلال، أما اليوم، فأضحت تل أبيب تبيع لباريس، إذ استوردت فرنسا أنظمة المراقبة الإلكترونية والمُسيَّرات، وحتى الجنود الآليين. ولا يُخفي الفرنسيون انبهارهم بالتكنولوجيا الإسرائيلية، وبالقليل من البحث، يمكننا الوصول إلى بعض نتائج هذا التعاون الخفي، أما الفاكهة المسمومة الأكثر نضجا هي “برنامج سكوربيون”.
لا يعلم الفرنسيون الكثير عن برنامج خفي يسمى “تآزر الاتصال المعزز بتعدد الاستخدامات وتثمين المعلومات”، المعروف اختصارا بـ”سكوربيون”، وهو برنامج “ذكي” سيدخل في قلب إستراتيجية القوات البرية الفرنسية للعقدين المقبلين.
أهم نقطة في برنامج “سكوربيون” هي تطوير قيادة رقمية واحدة تعتمد على وصلة مشتركة، تسمح للجنود المختلفين والأدوات العسكرية المنتشرة، وبالخصوص المُسيَّرات والروبوتات، بالاتصال في وقت واحد لاستباق أي ردود فعل يقوم بها العدو المفترض.
لذا، سيتمكن الجندي الفرنسي من الحصول على جميع هذه المعلومات عبر مواقع “جي بي إس” خاصة بالبرنامج، الذي عملت عليه شركة “إلبيت” الإسرائيلية، من أجل حرب “بدون ضوضاء”، وبحيث يُتيح هذا النظام الاستباقي لفرنسا أن تتجنَّب مقتل العديد من جنودها عبر قراءة التحركات الاستباقية لعدوها.
عمل جيش الاحتلال على تطوير تقنياته عبر تجريبها في غزة وفوق جثث أهلها، ولذلك تمكن من التقدم في نقاط ثلاث: أولها محو أصوات محركات المُسيَّرات، وثانيها تصغير حجمها وتطويرها بحيث يماثل حجمها حجم الحشرات، وأخيرا القضاء على أي آثار رقمية لها مع تحديد إشارات العدو.
كل هذا وأكثر يوجد في برنامج “سكوربيون” الذي لا تقتصر أهميته في الصناعة الفرنسية على الاستخدام، بل تتجاوزه إلى التصدير، حيث أبدت بعض الدول، ومنها دول عربية، حماسها الشديد للحصول عليه، وهو برنامج وصل بالطبع، قبل كل هؤلاء المشترين، إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وبذلك يبدو الموقف “المحايد” الذي تحاول القيادة السياسية في فرنسا اتخاذه من حرب الإبادة الحالية، موقفا لا تعضده مواقف الجانب العسكري، الذي بات بصورة أو بأخرى جزءا من هذه الحرب، وجزءا من آلة القتل التي تحرق وتدمر يوميا كل ما تطاله دون رادع.